Ad

ملخص رواية “ألف شمس ساطعة” للكاتب خالد حسيني

“لسوف يرجع يوسف إلى كنعان، لا تحزن.

لسوف تصير العشش جنّات ورد، لا تحزن.

وإن جاء طوفان وأغرق كل ما هو حي فنوح دليلك في الطوفان، لا تحزن”

من غزليّات حافظ الشيرازي الواردة في رواية “ألف شمس ساطعة”.

نسج الكاتب خالد الحسيني أحداث الرواية في أفغانستان، ليسرد الكثير من الأحداث في التاريخ الأفغاني على مدار أربعة عقود تنتهي بسقوط طالبان وخروجها من البلاد، يصف من خلالها معاناة المرأة الأفغانية وينقل ببراعة مشاعر الأطفال والمراهقات في ظل تلك الأحداث على لسان امرأتين جمعهما القدر معًا.

كانت مريم ذات الخمس سنوات تعيش مع والدتها في كوخ صغير، أسكنهما والدها فيه بعيدًا عن زوجاته الأخريات في مكان ليس ببعيد عن مدينة هيرات حيث كانت مريم ابنه غير شرعية لجليل، كانت جميع أيامها تتشابه عدا يوم الخميس حين يزورها والدها، ليمتعها بالحكايات ويعلمها الصيد ويغدقها بحبه ويحكي لها عن هيرات مهد الحضارة الفارسية ووطن الكتاب والرسامين، كانت تثق به ثقة عمياء ولا تكترث لكلام والدتها عنه بل كانت تنتظره بفارغ الصبر وتحلم أن تذهب معه إلى السينما التي يمتلكها في هيرات.

عندما أصبح عمر مريم خمسة عشر عامًا وفي يوم ميلادها استطاعت أن تطلب من جليل أن يصطحبها معه إلى السينما، وبرغم رفض والدتها إلا أنه وعدها أن يذهبا معًا في اليوم التالي، انتظرت مريم مدة طويلة جدًا ولكنه لم يأت فقررت أن تذهب إليه بنفسها وتجاهلت توسلات والدتها وقطعت مسافة كبيرة حتى وصلت إلى بيته الفخم، ولكن لم يسمح لها بالدخول وظلت في انتظاره أمام باب المنزل ليلة كاملة، وفي الصباح أمر جليل السائق أن يصطحبها إلى منزلها وعندنا وصلت شاهدت جسد والدتها يتدلى من أعلى شجرة، لم تستطع أن تتخيل رحيل مريم عنها والآن أصبحت مريم وحيدة تمامًا فقد فقدت والدها في الليلة السابقة بعدما حدث وستلوم نفسها لسنوات طويلة لأنها تركت والدتها، ولم تجد مريم المواساة إلا من معلمها الملا فايز الله.

انتقلت مريم للعيش في منزل والدها الذي خذلها مرة أخرى عندما أجبرها على الزواج من صديقه رشيد صانع الأحذية الذي يكبرها بأعوام كثيرة، سافرت مريم مع رشيد لتعيش في كابول العاصمة في بيت صغير، كادت مريم أن تشعر ببعض الاطمئنان وخاصة عندما حملت بطفلها الأول، واهتمام رشيد الزائد بها لرغبته في ذلك الطفل، ولكن فقدت مريم الطفل وكذلك فقدت اهتمام رشيد ولم تر منه بعد ذلك سوى القسوة والضرب والإهانات لأتفه الأسباب، وذاقت مريم مرار العيش في سجنها الصغير مع رشيد.

وفي عام 1978 وبعد مقتل اليساري البارز مير أكبر خيبر، سمعت مريم لأول مرة لفظ شيوعي وشاهدت اندلاع الثورة في شوارع كابول والانقلاب ضد حكومة محمد داود خان، فانتشرت الطائرات الحربية في سماء المدينة واجتاحها دوي قصف شديد وخيوط دخان ملأت السماء، هاجمت الطائرات القصر الرئاسي وأحرقت الدبابات في محيطة فاستسلمت القوات الخاصة التابعة لداود خان وتم إعدامه في قصره الرئاسي من قبل الشيوعيين بعدما قتلوا عشرين فردًا من عائلته، وتولى الشيوعيون الحكم برئاسة نجيب الله.

وكان لمريم جارة اسمها فاريبا زوجة حكيم المدرس الوقور الذي كان يكرهه رشيد بشدة، رزقها الله طفلتها ليلى في نفس عام الثورة، ولكن لم تكن فاريبا أمًا حقيقية لليلى فقد كانت منعزلة طوال الوقت في غرفتها قلقة على والديها اللذان انضما للمجاهدين في الحرب ضد السوفييت، أما حكيم فكان الأقرب لها وقد حرص على تعليمها وذهابها إلى المدرسة لذلك كانت حياة ليلى تدور حول أبيها وصديقها طارق.

ساءت أحوال والدة ليلى بعدما علموا بوفاة أخويها أثناء الحرب، وفي نيسان عام 1988 وقع المجاهدون معاهدة سلام مع السوفييت وتقرر مغادرتهم للبلاد في كانون الثاني عام 1989 حيث تجمع الناس في شوارع كابول وكذلك ليلى وعائلتها وطارق لمشاهدة القوافل السوفييتية تغادر المدينة، ولكن لم يكن رحيل السوفييت عن البلاد نهاية النكبة ولكن كان بدايتها فلم يرض المجاهدون بحكم الشيوعيين للبلاد ونشبت الكثير من الصراعات بين النظام الحاكم والمجاهدين وفشل نجيب الله في توقيع معاهدة مع المجاهدين فاستسلم عام 1992 وتراجع عن الحكم وانتهت الحرب فعليًا ورجع المجاهدون إلى كابول.

تشكل مجلس للقادة وانتخبوا برهان الدين رباني رئيسًا والذي لم ترض له الجماعات الأخرى واعتبروا تعيينه بالواسطة والمحاباة للأقارب، تفاقمت المشاكل وقذفت الإهانات وانعقدت الاجتماعات الغاضبة، وفي الجبل عُبئت الذخيرة مجددًا بسرعة وتسلحت الجماعات المعارضة من المجاهدين، ولكن كانت الحرب مختلفة هذه المرة فقد كانت حرب بين المجاهدين بعضهم البعض يفتقدون فيها عدوًا مشتركًا، بدأت الصواريخ تمطر كابول وهرع الناس للاختباء وأصبح صوت الصفير الذي يسبق القصف عادة يومية ترعب الأهالي وتتعالى الصرخات وغيوم الدخان، تسرع الأيادي العارية في الحفر بين الأنقاض بجنون لتسحب ما تبقى من أم أو أب أو أخت.

لم يكن النوم يزور ليلى إلا بصعوبة مع كل تلك الصواريخ التي تحلق فوقها مشعة حتى أنه يمكن قراءة كتاب على ضوئها، وفي الصباح كانت أينما ذهبت ترى المجاهدين في كل مكان، كان القتال عنيفًا في كابول بين قوات الباشتون ومليشيات الهزاره، وقد سمعت ليلى أن قوات الباشتون كانت تهاجم بيوت الهازارات ويقتلون عائلات بأكملها، وأن الهزاره ينتقمون باختطاف المدنيين من الباشتون واغتصاب فتياتهم وقصف أحيائهم ويطلقون الرصاص على رؤوسهم ويعذبوهم بلا رحمة، ومنع حكيم ليلى في خضم كل تلك الأحداث من الذهاب إلى المدرسة وتولى تعليمها في المنزل، وكانت الفاجعة التي هزت ليلى هي إصابة صديقتها جيتي هي ومجموعة من الفتيات بصاروخ طائش أثناء عودتهم من المدرسة.

بدأت العائلات ترحل من أفغانستان فرارًا من الحرب الدامية التي اجتاحت البلاد، وكذلك قرر طارق صديق ليلى المقرب وحبيبها أن يرحل مع عائلته وعبثًا حاول إقناعها بالرحيل معه فلم ترد هي أن تترك عائلتها ولم تكن والدتها تريد أن تترك البلاد التي مات من أجلها أولادها، بعد رحيل طارق كانت الأيام تمر ثقيلة متشابهة على ليلى تحاول فيها إقناع والدتها بالرحيل ولكن يخيب أملها في كل مرة، حتى جاء اليوم الذي خرجت فيه ليلى عند بوابة البيت لتستتشق بعض الهواء حتى سمعت صوتًا غريبًا بالقرب من أذنها وشظايا الخشب في كل مكان وفتحة كبيرة في بوابة البيت سببها صاروخ المجاهدين الغادر.

بعد تلك الحادثة قررت فاريبا الرحيل فلم تكن مستعدة للتضحية بليلى هي الأخرى، وأثناء تجهيزاتهم للرحيل كانت ليلى تقوم بنقل بعض الصناديق خارج المنزل وفجأة سمعت صوت الصفير المرعب، نظرت إلى السماء وحمت عينيها بيد واحدة ثم سمعت صوت هدير غاصب وشيء حار يضربها من الخلف وسقطت على الأرض وكان آخر شيء رأته قبل أن تغيب عن الوعي قطعة مدماة من جسد أحمر يغلفه ضباب كثيف، استطاع رشيد إخراجها من تحت الأنقاض ونقلها إلى بيته حتى تعتني بها مريم.

عندما أفاقت ليلى كانت قد فقدت والديها وبيتها ولم يتبق لها سوى أمل إيجاد طارق، أمضت الأيام في بيت رشيد صامتة متعبة تحاول استعادة قواها للرحيل، ولكن كان لرشيد رأي آخر فقد استأجر أحدا ليخبرها أن طارق قد مات وبالتالي اختفى كل أمل لها في الحياة وعندما طلبها رشيد للزواج لم ترفض، كان رشيد يعاملها معاملة حسنة مقارنة بمعاملته لمريم حتى وضعت طفلتها الأولى والتي كرهها رشيد بشدة، فأصبحت معاملته لها أكثر قسوة وبدأ يكيل لها الإهانات والضرب.

كانت علاقة مريم وليلى متوترة في بداية الأمر ولكن سرعان ما تحسنت وأصبحتا صديقتين تعين كل منهما الأخرى على مر العيش في بيت رشيد، وفي عام 1994 تطورت الأحداث بين المجاهدين واشتد القتال وامتلأت الشوارع بالجثث وازداد القتل والنهب والاغتصاب، ومع كل تلك الأحداث وحياة رشيد التي لا تطاق قررت ليلى الرحيل مع ابنتها عزيزة ومريم، ولكن في يوم الرحيل وبعد ذهاب رشيد للعمل وانطلاقهما لموقف الباصات.

كان يجب عليهما العثور على أحد العائلات للسفر معها فقد كانت الحريات التي تمتعت بها النساء حتى عام 1992 في ظل حكم الشيوعيين قد اختفت، فمنذ سيطرة المجاهدين تغير اسم أفغانستان إلى الولاية الإسلامية الأفغانية وامتلأت المحاكم العليا برجال الدين الذين وضعوا قوانين على الشريعة الإسلامية الصارمة والتي تمنع سفر المرأة بدون قريب ذكر.

في النهاية وجدتا رجلًا تتوسمان فيه اللين وذهبتا إليه لطلب المساعدة ولكنه أبلغ قوات الأمن، ونقلتهما قوات الأمن إلى بيت رشيد الذي حبسهما لأيام دون طعام أو ماء بعد وصلة ضرب مبرح، عادت الحياة لطبيعتها في بيت رشيد ولكن كان أمل ليلى ومريم في الخروج مرة ثانية قد اختفى، وفي أيلول عام 1996 استيقظوا على صياح وصفير ومفرقعات نارية وموسيقى احتفالًا بدخول طالبان للبلاد، وكانت أول مرة تسمع مريم فيها بطالبان عام 1994 عندما استولوا على مدينة قندهار وأخبرها رشيد أنهم عصابات من شباب الباشتون الذين هربوا مع عائلاتهم إلى باكستان خلال الحرب مع السوفييت.

استولت طالبان على مدن جلال آباد وساروبي وصولا إلى كابول العاصمة، وكان لديهم شيئًا واحدًا لم يكن عند المجاهدين كانوا موحدين، خرج رشيد مع زوجاته لمشاهدة دخولهم للبلاد فشاهدوا رجلين يتدليان من بقايا بناء محطم كان أحدهما نجيب الله والآخر أخيه، قتله رجال طالبان بعدما عذبوه أربع ساعات متواصلة وربطوا ساقيه إلى شاحنة وجروه في الشوارع، وبدأ الرجال يعلنون القوانين الجديدة للبلاد من خلال إذاعتها في الراديو الذي أصبح يعرف بصوت الشريعة ومن خلال مكبرات صوت محملة على سيارات تجوب أنحاء البلاد أو قصاصات ورق مكتوبه.

وكانت تنص على وجوب صلاة المواطنين الخمس صلوات بالمسجد وإذا ضُبط أحدهم لا يصلي يجلد، على جميع الرجال تربية لحاهم بطول معين، ممنوع الغناء والرقص ولعب الشطرنج أو تربية الحيوانات، ممنوع اقتناء اللوحات المرسومة والتماثيل، وعلى غير المسلمين إجراء شعائرهم في سرية بعيدًا عن أعين المسلمين، ممنوع خروج النساء من المنزل وإذا خرجت يجيب وجود قريب ذكر ومن تسير بمفردها تجلد وتعود إلى بيتها، ممنوع على النساء التعلم والذهاب إلى المدارس.

ولم يكتفوا بذلك بل احتاجوا متحف كابول بالفؤوس وسحقوا التماثيل وأغلقوا الجامعات وحطموا شاشات التلفاز، أحرقوا الكتب جميعها ودمروا صالات السينما وحرقوا بكرات الأفلام، امتثل الجميع للأوامر ورشيد كذلك بل وكان سعيدًا بها، حتى جاء موعد ولادة ليلى لطفلها الثاني وعندما ذهبوا لمشفى السيدات الذي يكتظ بالنساء المتعبات فقد فصلوا مشافي النساء عن الرجال، كانت حالة ليلى تستدعي إجراء عملية قيصرية ولم يكن هناك مخدر في المشفى حيث كانت كل الأموال تذهب إلى مشافي الرجال واضطرت ليلى لتحمل ألم شق بطنها بدون مخدر حتى يخرج طفلها بأمان.

وفي عام 1999 أصبح عمر زلماي ابن ليلى عامان، كان يشبه والده إلى حد كبير يلاحقه أينما ذهب، وكان الوضع يتفاقم في بيت رشيد يزداد عنفه وكرهه لعزيزة وزادت الأمور سوءًا مع صعوبة الحالة المادية لرشيد وكثير من الناس في كابول بسبب الجفاف الذي ألم بالبلاد وجفاف نهر كابول، وفي عام 2000 كان الجفاف قد وصل لسنته الثالثة والأصعب، تحولت القرى إلى تجمعات من البدو تتنقل دائمًا بحثًا عن الماء والمراعي الخضراء لمواشيهم وعندما لم يجدوا نفقت الحيوانات فانتقلوا إلى كابول واستقروا على جانب تلة أرنينا في أحياء قذرة محشورين في أكواخ.

وساءت أحوال رشيد واضطروا إلى بيع كل شيء خاصة بعدما فقد رشيد محله لصنع الأحذية في حريق كبير ولم يجد عملًا بسهولة، خيم الجوع على المنزل واضطر رشيد للسرقة لإطعامهم ولم تكن أحوال الباقين في المدينة أفضل منهم، فقد سمعت مريم أن جارة لهم قد طحنت الخبز اليابس وخلطته مع سم الفئران وأطعمته لأبنائها السبعة وتركت الحصة الكبرى لنفسها.

قرر رشيد وضع عزيزة في الملجأ لتخفيف النفقات ووافقت ليلى مجبرة، ولم يكن رشيد يرافق ليلى كثيرًا لزيارة عزيزة وتضطر ليلى للخروج وحدها وتتحمل الضرب والإهانات من الرجال في الخارج، وفي يوم رافقهم رشيد وأوصلهم للبيت وذهب لعمله كبواب في الفندق، وبعدما رحل صدمت ليلى بطارق أمام بيت منزلها حكت له ليلى عن كل ما حدث معها وهي تبكي على ما أصابهما، وبعد رحيل طارق وعودة رشيد أخبره زلماي عن وجود طارق في المنزل صباح هذا اليوم، فاهتاج رشيد وانقض على ليلى وكاد يقتلها خنقًا حتى ضربته مريم بشيء صلب على رأسه عدة مرات حتى فارق الحياة.

طلبت مريم من ليلى الرحيل مع طارق والأولاد وظلت هي لتتلقى جزاء فعلتها، رحلت ليلى وتم محاكمة مريم وإعدامها رميًا بالرصاص، تزوجت ليلى من طارق وعاشا معا حياة بسيطة وهادئة بعيدًا عن كابول وظلمها، وشاهدا معًا أحداث 11 سبتمبر 2001 وانهيار البرجين الذي اهتز له العالم وشرعت القنوات الفضائية تتحدث عن أفغانستان وطالبان وأسامة بن لادن.

وفي عام 2002 أجبرت قوات الاتحاد الدولي طالبان على الانسحاب من العاصمة وأبعدتهم إلى الحدود مع باكستان وإلى الجبال، ووصلت قوات حفظ السلام إلى كابول وعين حامد كرزاي كرئيس مؤقت للبلاد، وحينئذ قررت ليلى العودة للوطن فقد كانت تريد أن تكون هناك عندما تصبح أفغانستان حرة، رجعت هي وطارق والأولاد لتجد كابول جديدة وتتنسم فيها الأمل وكانت تراودها ذكرى والديها ومريم كل يوم.

للمزيد من ملخصات الكتب

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Aya Gamal
Author: Aya Gamal

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فكر ملخصات كتب

User Avatar

Aya Gamal


عدد مقالات الكاتب : 36
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *