في يوليو 2023، أصيب عالم كرة السلة بالذهول عندما انهار النجم الصاعد بروني جيمس، نجل أسطورة لوس أنجلوس ليكرز، ليبرون جيمس، في الملعب أثناء التدريب وتم نقله إلى المستشفى. أصيب الرياضي البالغ من العمر 18 عامًا بتوقف القلب (Cardiac Arrest)، مما أدى إلى حدوث صدمة في المجتمع الرياضي. وبينما سارعت وسائل الإعلام إلى الإبلاغ عن الحادث، أشار الكثيرون إليه خطأً على أنه “احتشاء عضلة القلب” (نوبة قلبية) (Heart Attack)، مما يسلط الضوء على الخلط بين هذين المفهومين المختلفين ولكنهما مرتبطان ببعضهما البعض. إذن ما هو الفرق بين توقف القلب واحتشاء عضلة القلب؟ دعونا نتعمق في عالم أمراض القلب لاستكشاف الإجابة.
محتويات المقال :
فهم القلب
لفهم هذا الفرق، علينا أولاً أن نتعمق في كيفية عمل القلب. القلب عبارة عن مضخة عضلية تنبض حوالي 100000 مرة في اليوم، وتزود أجسامنا بالأكسجين والمواد المغذية. لكي يعمل القلب بفعالية، فإنه يحتاج إلى إمدادات الدم الخاصة به، والتي يتم توصيلها عن طريق الشرايين التاجية.
إذا أصبحت هذه الشرايين مسدودة، يمكن أن تصاب عضلة القلب أو تموت، مما يؤدي إلى احتشاء عضلة القلب. ومن ناحية أخرى، يحدث توقف القلب عندما يتوقف القلب عن النبض تمامًا، مما يعطل تدفق الدم في الجسم. في حين أن كلتا الحالتين تهددان الحياة، إلا أن لهما أسباب وأعراض ونتائج مختلفة.
فكر في القلب كآلة، حيث تعمل الشرايين التاجية كخطوط الوقود. عندما تكون خطوط الوقود مسدودة، لا يمكن للآلة أن تعمل. ومن خلال فهم آلية ضخ الدم في القلب، يمكننا أن نقدر بشكل أفضل الاختلافات بين هاتين الحالتين الحرجتين للقلب.
تاريخ موجز لصحة القلب
منذ القرن الثامن عشر، كان أطباء مثل جيوفاني باتيستا مورجاني وجون هانتر على دراية بالعلاقة بين انسداد الشرايين وأمراض القلب. ومع ذلك، لم يكتسب مفهوم تصلب الشرايين مكانة بارزة إلا في أوائل القرن العشرين.
في الخمسينيات من القرن العشرين، توصل علماء مثل لويس كاتز وأنسيل كيز إلى اكتشافات رائدة حول دور النظام الغذائي والكوليسترول في تصلب الشرايين. وأدى ذلك إلى فهم أكبر لكيفية مساهمة ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول وعوامل الخطر الأخرى في تطور الترسبات في الشرايين التاجية.
وبالتقدم سريعًا إلى الثمانينيات، تم إجراء أول إجراءات رأب الأوعية التاجية (Angioplasty)، مما يمثل نقطة تحول مهمة في علاج أمراض القلب. منذ ذلك الحين، استمرت التطورات في التكنولوجيا والأبحاث الطبية في تشكيل فهمنا لاحتشاء عضلة القلب وتوقف القلب.
الفرق بين توقف القلب واحتشاء عضلة القلب
عندما نتحدث عن توقف القلب واحتشاء عضلة القلب، فإننا نتعامل مع مفهومين مختلفين ولكن مترابطين. يحدث احتشاء عضلة القلب، عندما تتضرر عضلة القلب أو تموت بسبب نقص إمدادات الدم، وغالبًا ما يحدث ذلك بسبب انسداد الشرايين التاجية. من ناحية أخرى، يحدث توقف القلب عندما يتوقف القلب عن النبض أو الضخ بشكل فعال، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة لخلل كهربائي في القلب.
السبب الأساسي لاحتشاء عضلة القلب في حوالي 75% من الناس هو عملية تسمى تصلب الشرايين (atherosclerosis). وفي هذه الحالة تتراكم الأنسجة الدهنية والليفية في جدران الشرايين التاجية، مكونة لويحات. ويمكن أن تسد اللويحة الأوعية الدموية أو، في بعض الحالات، تؤدي إلى تكوين جلطة دموية.
ومع ذلك، الأمر المثير للاهتمام هو كيف يمكن لاحتشاء عضلة القلب أن يزيد من خطر الإصابة بتوقف القلب. عندما تتلف خلايا عضلة القلب أو تموت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعطيل الإشارات الكهربائية للقلب، مما يجعله أكثر عرضة لعدم انتظام ضربات القلب، وضربات القلب غير المنتظمة يمكن أن تؤدي إلى توقف القلب. وهذا هو السبب في أن احتشاء عضلة القلب هو السبب الأكثر شيوعًا لتوقف القلب، حيث يمثل حوالي 70٪ من جميع الحالات.
أربعة أنواع مميزة من توقف القلب نتيجة لخلل كهربائي
توقف القلب هو نتيجة لاضطرابات في ضربات القلب، مما يجعل من الصعب على القلب ضخ الدم بشكل فعال في جميع أنحاء الجسم. وعادة ما ترجع هذه الاضطرابات في ضربات القلب إلى خلل كهربائي في القلب. وهناك أربعة أنواع مميزة:
1. تسرع القلب البطيني (ventricular tachycardia): إيقاع سريع وغير طبيعي للقلب حيث يزيد معدل ضربات القلب عن 100 نبضة في الدقيقة (معدل ضربات القلب الطبيعي للبالغين أثناء الراحة يكون عادة 60-90 نبضة في الدقيقة). يمنع معدل ضربات القلب السريع هذا القلب من الامتلاء بالدم وبالتالي ضخه بشكل كافٍ
2. الرجفان البطيني (ventricular fibrillation): بدلًا من النبضات المنتظمة، يرتجف القلب أو “يرجفان”، فيشبه كيس الديدان، مما يؤدي إلى ضربات قلب غير منتظمة تزيد عن 300 نبضة في الدقيقة
3. النشاط الكهربائي عديم النبض (pulseless electrical activity): ينشأ عندما تفشل عضلة القلب في توليد قوة ضخ كافية بعد التحفيز الكهربائي، مما يؤدي إلى عدم وجود نبض
4. توقف الانقباض (asystole): هو إيقاع القلب الكلاسيكي المستقيم الذي تراه في الأفلام، والذي يشير إلى عدم وجود نشاط كهربائي في القلب.
العلامات والأعراض
نظرًا لأن توقف القلب يؤدي إلى فقدان مفاجئ لضخ القلب الفعال، فإن العلامات والأعراض الأكثر شيوعًا هي فقدان الوعي المفاجئ، وغياب النبض أو ضربات القلب، وتوقف التنفس، وشحوب الجلد أو تحوله إلى اللون الأزرق.
لكن العلامات والأعراض الشائعة لاحتشاء عضلة القلب تشمل ألم الصدر أو عدم الراحة، والذي يمكن أن يظهر في مناطق أخرى من الجسم مثل الذراعين أو الظهر أو الرقبة أو الفك أو المعدة. كما أن ضيق التنفس والغثيان والدوار والشحوب والتعرق من الأعراض الشائعة أيضًا.
الدور الحاسم للعناية الطبية الفورية في حالات طوارئ القلب
إن التدخل في الوقت المناسب يمكن أن يحسن بشكل كبير معدلات البقاء على قيد الحياة في كل من مرضى احتشاء عضلة القلب وتوقف القلب.
إذًا، ما الذي يحدث بالضبط عند الاتصال بخدمات الطوارئ الطبية؟ عند الوصول، سيقوم المسعفون عادةً بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) إذا كان الشخص لا يستجيب، يليه إزالة الرجفان باستخدام مزيل الرجفان الخارجي الآلي (AED) إذا كانت السكتة القلبية ناتجة عن عدم انتظام ضربات القلب الذي يهدد الحياة.
أظهرت الأبحاث أنه مقابل كل دقيقة تمر دون إجراء الإنعاش القلبي الرئوي وإزالة الرجفان، تنخفض فرص البقاء على قيد الحياة بنسبة 7-10%. وهذا يؤكد أهمية إجراء الإنعاش القلبي الرئوي للمارة والوصول إلى أجهزة مزيل الرجفان الخارجي الآلي في الوقت المناسب، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تحسين النتائج بشكل كبير.
وفي المستشفى، سيعمل المتخصصون الطبيون على جعل حالة المريض مستقرة، وغالبًا ما يستخدمون الأدوية لإدارة عدم انتظام ضربات القلب، وتوفير العلاج بالأكسجين، وربما إجراء رأب الأوعية الدموية في حالات الطوارئ أو تدخلات أخرى لاستعادة تدفق الدم إلى القلب.
المصدر
Cardiac Arrest And Heart Attacks Aren’t The Same. Here’s How to Tell Them Apart. | science alert
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :