Ad

منذ ما يقرب من أربعة قرون من الزمن، ذكر الطبيب الإسكتلندي وليام كولين، في سلسلة محاضراته التي ألقاها عام 1772، أنه وصف دواءًا وهميًا لمجموعة من المرضي من أجل إرضائهم وليس علاجهم، وعلى الرغم من ملاحظاته التي تشير إلى أن الأدوية الوهمية قد يبدو لها آثارًا مفيدة لبعض المرضي، إلا أن مصطلح البلاسيبو أو تأثير الدواء الوهمي لم يتم إدخاله في الطب حتى أوائل القرن العشرين.[1]

ماذا نعني بالبلاسيبو أو تأثير الدواء الوهمي؟

البلاسيبو هو عبارة عن دواءً يبدو حقيقيًا، ولكنه مصنع بحيث لا يكون له أي فائدة علاجية. في أغلب الأحوال قد يكون عبارة عن ماء أو محلول ملحي أو سكر أو حتي إجراء جراحي مزيف.[2]

كيف يعمل البلاسيبو

 لا تزال طريقة عمل البلاسيبو غير مفهومة تمامًا، ولكنها تشمل تفاعلًا عصبيًا بيولوجيًا معقدًا يتضمن كل شيء بدءًا من الزيادات في الناقلات العصبية التي تمنحك الشعور بالسعادة والرضا، كالإندورفين والدوبامين، إلى نشاط أكبر في مناطق معينة من الدماغ مرتبطة بالحالات المزاجية وردود الفعل العاطفية والوعي الذاتي .[3]

فيم يستخدم

غالبًا ما تُستخدم الأدوية الوهمية في التجارب السريرية، لاختبار فاعلية العلاجات الجديدة، وللمساعدة في فهم تأثيراتها المحتملة، سواء الفوائد الإيجابية أو الآثار الجانبية المحتملة، في معظم الحالات، لا يعرف الشخص أن العلاج الذي يتلقاه هو في الواقع دواءًا وهميًا لكن يعتقد أنه تلقي العلاج الحقيقي.[4] على سبيل المثال، يحصل الأشخاص في مجموعة واحدة على العقار الفعلي، بينما يتلقى أخرون عقارًا غير نشط أو دواءً وهميًا، لكن لا يعرف المشاركون في التجربة السريرية ما إذا كانوا يتلقون علاجًا حقيقيًا أم وهميًا. بهذه الطريقة  يمكن للباحثين قياس فاعلية الدواء من خلال مقارنة تفاعل المجموعتين. إذا كان كلاهما لديه نفس رد الفعل سواء أكان تحسنًا أم لا يعتبر الدواء غير فعال.[5]

تأثير البلاسيبو

ركزت العديد من الأبحاث في دراستها لتأثير الدواء الوهمي على العلاقة ما بين العقل والجسم، فواحدة من أكثر النظريات شيوعًا هي أن تأثير الدواء الوهمي يرجع إلى توقعات الشخص، فكلما كان شعوره أقوي، كلما زادت احتمالية تعرضه لتأثيرات إيجابية.[6]

ووفقًا للدراسة التي أجريت في كلية الطب في جامعة هارفارد لعام 2010، والتي طبقت على مجموعة من المرضي الذين يعانون من متلازمة القولون العصبي، والذين تم تقسيمهم إلى مجموعتين المجموعة الأول تلقت استشارات طبية فقط، أما المجموعة الثانية فقد تلقت نفس الاستشارات إضافة إلى أقراص وصفت بوضوح على أنها مهدئات، فقد أظهرت الدراسة أن 59% من الأشخاص الذين تلقوا الدواء الوهمي عن عمد تحسنت حالتهم بعد ثلاثة أسابيع. [7]

على الرغم من أن الباحثين يعرفون أن البلاسيبو غير حقيقي، إلا أن مجموعة من العوامل المختلفة قد تساهم في التأثير والتي منها:

1-الاستجابة الهرمونية

أحد التفسيرات المحتملة هو أن تناول الدواء الوهمي يؤدي إلى إطلاق الدماغ لمادة الإندورفين التي تعمل كمسكن للألم، حيث أن له بنية مشابهة لتلك الموجودة في المورفين والمسكنات الأفيونية الأخري.

2- التكيف

حيث أن الإرتباط ما بين محفزين ينتج عنه استجابة مكتسبة، على سبيل المثال إذا كنت تتناول حبة دواء لالتهاب المفاصل، وتم إعطائك دواءًا وهميًا يشبه تلك الحبة، فقد تعتقد أنها تعمل على تخفيف وتسكين الألم لأنه تم إيهامك بذلك.

3- التوقع

فقد وُجد أن الأشخاص الذين لديهم دوافع عالية ويتوقعون نجاح العلاج يكونون أكثر عرضة لتأثير الدواء الوهمي، فيمكن أن يؤثر حماس الطبيب الذي يصف العلاج على استجابة المريض. إذا بدا الطبيب إيجابيًا بشأن التأثيرات المحتملة للعلاج فمن المرجح أن يري المريض فوائد من تناوله.

  4- الوراثة

قد تؤثر الجينات أيضًا في كيفية استجابة الأشخاص للعلاجات الوهمية. فبعض الناس لديهم استعداد وراثي للاستجابة بشكل أكبر للأدوية الوهمية. [8]

هل للبلاسيبو آثار جانبية؟

لطالما كان البلاسيبو مصدرًا للإنبهار والإرتباك في الطب الحيوي على مدي الستين عامًا الماضية. على الرغم من تسارع وتيرة البحث العلمي خلال العقد الماضي، مع إيلاء اهتمام خاص للآليات العصبية الحيوية، إلا أن تطوير نظرية شاملة لتأثير الدواء الوهمي لم تحظي بالكثير من الإهتمام [9].

في بعض الأحيان يمكن أن يستجيب الشخص للعلاج الوهمي وقد تتحسن بعض أعراضه، إلا أن بعض الآثار الجانبية قد تحدث له نتيجة تناوله للدواء الوهمي.

على الرغم من  أن الأدوية الوهمية ليست علاجًا حقيقيًا، إلا أن بعض الدراسات أظهرت وجود العديد من الآثار الجانبية لبعض الحالات كالاكتئاب والألم واضطراب النوم وتهيج القولون، وزيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم[10].

هل من الأخلاقي استخدامه؟

وفقًا لبعض الباحثين فإن استخدام البلاسيبو عن عمد وعدم إخبار المريض بذلك ينطوي على ممارسات غير أخلاقية، ويمكن أن يدمر العلاقات طويلة المدي ما بين المريض وطبيبه، ويقلل من المصداقية والثقة. في بعض الأحيان قد يقتنع الطبيب بأن البلاسيبو له قيمة علاجية حقيقية،  وبالتالي لا يجب استخدامه والاعتماد عليه بأي حال من الأحوال.[11]  

المصادر

 (1)britannica

(2)betterhealth

(5), (3)harvard

(4)betterhealth

(6), (8),(10)verywellmind

 (7)livescience

(9)ncbi

(11)onlinelibrary

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Asmaa Wesam
Author: Asmaa Wesam

حاصلة على الماجستير في الصحافة، مهتمة بقضايا الصحة والبيئة.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب

User Avatar

Asmaa Wesam

حاصلة على الماجستير في الصحافة، مهتمة بقضايا الصحة والبيئة.


عدد مقالات الكاتب : 54
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *