في هذا الوقت من العام الماضي اجتاح فيروس كورونا العالم بدايةً من مدينة ووهان الصينية وصولًا إلى كل بقعة من الأرض. مع مرور عام كامل على هذه الجائحة ظهرت اللقاحات والتي تقدم بدورها بعض الحماية في مواجهة هذا الخطر المستمر. مع بداية توزيع اللقاح الصيني حول العالم ظهرت حالة من القلق العام. فالبعض يشكك في دقة نتائج اللقاح ويرى أنها تستخدمنا كفئران تجارب للمرحلة الثالثة، ويشكك البعض الآخر في سياسة الصين نفسها! أنها ربما صنعت الفيروس من البداية وأن اللقاح وسيلة للتحكم في اقتصاد العالم. ربما تبدو هذه الأفكار غريبة ولكنها ليست كذلك في ظل حالة القلق والتشوش التي يمر بها الجميع. في هذا المقال سنتحدث عن اللقاح الصيني وسنجيب عن بعض التساؤلات بشأنه.
محتويات المقال :
توزيع اللقاح الصيني
في هذا الأسبوع وصلت أول شحنة من اللقاح الصيني التابع لشركة (Sinovac) إلى إندونيسيا استعدادًا لبدء التطعيمات بعد الموافقة المحلية المتوقعة بالطبع. وقبل ذلك وافقت الحكومة الصينية على العديد من اللقاحات، وذلك لاستخدامها في حالات الطوارئ، وبالفعل تم تطعيم أكثر من مليون صيني بتلك اللقاحات. (1)
الاختبارات التجريبية على اللقاح الصيني
في 29 فبراير وبعد أقل من شهرين من تفشي الفيروس. وقفت عالمة الفيروسات واللواء العسكري تشين وي أمام علم الصين الشيوعي هي وستة من العلماء العسكريين في فريقها، وتلقوا اللقاح التجريبي للفيروس. من ثم وصلت إلى مدينة ووهان مع فريقها من أكاديمية العلوم الطبية والعسكرية ليساهموا في تطوير لقاح شركة (CanSino Biologics). وقتها تداولت الأخبار أن تلقيهم للقاح التجريبي مجرد كذب، إلا أن الباحث في الأكاديمية هو لي هوا أكد على صحة الأخبار وصرح بأنها كانت لحمايتهم في المدينة الأكثر تضررًا. شارك مليون متطوع صيني في تلقي اللقاحات التجريبية، دون الانتهاء من المراحل السريرية، الأمر الذي سبب قلقًا للعلماء حول العالم.
هل هناك أكثر من لقاح صيني؟
يظن البعض أن هناك لقاح صيني واحد فقط، وهذا ليس بصحيح، فقد طورت الصين خمس لقاحات من خلال أربع شركات منتجة. تلك اللقاحات تعتمد على التقنيات التقليدية من تعطيل نشاط الفيروس ومن ثم حقنه في الجسم. (2) استخدام تلك التقنية يمنح اللقاحات الصينية بعض المميزات. على سبيل المثال التخزين، فعلى عكس لقاح فايزر يمكن تخزين اللقاح الصيني في درجة حرارة الثلاجة العادية من 2-8 درجة سليزية. (2) في حين أن لقاح فايزر يتطلب التخزين في درجة حرارة -70 سليزية.
أربع شركات صينية تصنع اللقاح!
1- شركة sinovac
وهي شركة صينية خاصة مهتمة بتطوير وتصنيع اللقاحات، طورت من قبل خمسة لقاحات للبشر ولقاح للحيوانات. (1) تعتمد شركة (sinovac) في تصنيع لقاح كورونا والذي يسمى (CoronaVac) على تقنية تقليدية. يُزرع الفيروس في المعمل ومن ثم يعطَّل ببعض المواد الكيميائية، والتي تساعد في إيقاف عملية التكاثر للفيروس. ولكن في أكتوبر الماضي رُصدت حالة وفاة لأحد المتطوعين في البرازيل. بعدها أوقفت السلطات البرازيلية التجارب السريرية الثالثة. ولكنها عادت واُستكملت بعد أن صرحت السلطات البرازيلية بأن الوفاة لم تكن بسبب اللقاح.
2- شركة Sinopharm
هي شركة تابعة للدولة وقد طورت العديد من اللقاحات والأدوية، وتعتمد على نفس تقنية شركة (sinovac). تطور الشركة لقاحين وكانت نتائجهم في المرحلتين الأولى والثانية مبشرة، وما زالت المرحلة الثالثة مستمرة. في سبتمبر الماضي وافقت دولة الإمارات المتحدة على الاستخدام الطارئ لأحد لقاحات شركة (sinopharma) كامتداد لتجارب السريرية الثالثة والتي تم إجراؤها على 31.000 متطوع. (1)
3- شركة (CanSino Biologics)
هي شركة صينية شاركت مع الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية والعسكرية على تطوير لقاح كورونا على أساس غدي. فالفيروس الغدي لا يسبب المرض ولكنه يُوصل بروتين الفيروس للجسم. التجارب السريرية الأولى والثانية كانت ناجحة، وتم الموافقة على الاستخدام المحدود له من قبل الصين. كما أن التجارب السريرية الثالثة بدأت في أغسطس في بعض الدول من ضمنها المملكة العربية السعودية. (1)
4- شركة (Anhui Zhifei Longcom Biopharmaceutical)
طورت الشركة لقاح يعتمد على تقنية الوحدة البروتينية الفرعية، والتي تستخدم قطعة نقية من الفيروس وتنشط من الاستجابة المناعية. حتى الآن لم تظهر أي تقارير عن المرحلة الأولى والثانية. (1)
لما لا تُطبق المرحلة السريرية الثالثة في الصين؟
بعد انتشار الفيروس في أرجاء الصين. أظهرت الدولة جهود منقطعة النظير في السيطرة على المرض من خلال العزل القسري للحالات واختبار بمدن بأكملها. لكن انتشار المرض في الولايات المتحدة ساعد في زيادة نتائج تجارب الفعالية للقاح. فيقول عالم الأوبئة (راي يب-Ray Yip)” إذا كان في الصين حالات أكثر، كان بإمكانهم إنهاء تجارب فعالية اللقاح قبل الجميع”. (3) ولكن الصين سيطرت سيطرة كاملة على الفيروس وبالتالي بدأت التجارب السريرية في دول أخرى مثل البرازيل وتركيا وإندونيسيا. كما أنه يقول بإن الصين تعلم بأنها لا تحتاج إلى اللقاحات بصورة ضرورية محليًا، لأنها سيطرت إلى حد كبير على الوباء. هي فقط تلعب لعبة عالمية فهي ترسل اللقاحات وتشارك تقنياتها مع الدول التي تجرب اللقاحات على متطوعيها. يقول (يان تشونغ هوانغ- Yanzhong Huang)، أخصائي الصحة العالمية في كل من جامعة (سيتون هول-Seton Hall) ومجلس العلاقات الخارجية: “أن الصين تستغل اللقاح لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية، كما أنها تحاول ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة”. (3) ويُرجح بعض المختصين أن سياسة الصين تهدف إلى الهيمنة على الاقتصاد الحيوي للعقد العام.
ما علاقة اللقاح بالسياسة؟
في 3 نوفمبر نشر الشيخ محمد بن راشد أل مكتوم تغريدة لصورته وفيها يتمنى للجميع الصحة والسلامة، وهو يُحقن باللقاح الصيني. أصبحت الإمارات المتحدة حجر الزاوية في التجارب السريرية الثالثة للقاح الصيني، وذلك بعد اجتماع فيديو بين كل من دولة الإمارات والصين. تقول الصين بأن الإمارات دولة كبيرة وبها عمالة من 125 دولة مختلفة، ويقولون إذا نجح الأمر في الإمارات سينجح في أي مكان! وحاليًا ستبدأ التجارب في كل من البحرين ومصر والأردن والعديد من الدول حول العالم. ويحلل الخبراء هذا التصريح بإن الصين تحاول أن تجعل العالم يطمئن لسلامة لقاحها. فدولة كبيرة مثل الإمارات بدأت في تطعيم رعاياها الأمر سيؤثر بدوره على الدول الأخرى . كما أن الصين ترغب في تهدئة الرأي العام، فالدول المشاركة في اللقاح غالبية سكانها من المسلمين. لذا تحاول الصين التخفيف من شكاوى حقوق الإنسان حول معاملة الصين لمسلمي الأويغور في مقاطعة شينجيانغ.
هل اللقاحات آمنة؟
يتساءل الجميع عن ذلك ولكن إذا لاحظنا ليس هناك أي معلومات عن المرحلة الأخيرة، وهذا يثير العديد من التساؤلات والتي لم يُجاب عنها حتى الآن.كما أن بعض العلماء يرون أن التقنية المستخدمة في اللقاح الصيني ربما تسبب بعض المشاكل، ومن ضمن المشاكل مرض يسمى (أمراض الجهاز التنفسي المحسنة). والذي يحدث عند الأشخاص المحصنين من المرض عند إصابتهم بالعدوى، والأمر الذي يتسبب في تجمع الأجسام المناعية في الرئتين. ولكن على الجانب الآخر كانت النتائج جيدة في التجارب الأولى والثانية. ولم تظهر أي أعراض جانبية سوى الأعراض البسيطة لأي لقاح من ارتفاع بسيط في درجة الحرارة وألم في موضع الحقن، والتي لم تظهر في جميع المشاركين. هناك دائمًا علاقة بين كل شيء والسياسة ربما تبدو لك الصين مستغلة أو غير أمينة أو حتى لا تثق في لقاحها، ولكن إنتاج لقاحات في هذه المدة البسيطة لهو إنجاز رائع. كما أننا في مرحلة حرجة، فما زال الفيروس منتشر و مازال آلاف المصابين يتساقطون يوميًا. لكن للتذكرة اللقاح ليس للعلاج، اللقاح ما هو إلا وسيلة لحمايتك من عدم الإصابة بكورونا، لذا كن على حذر واتبع إرشادات السلامة.
المصادر
2- BBC
3- sciencemag
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :