أكثر المنشآت التي ميّزت العمارة الأموية عن غيرها هي القصور الصحراوية الموجودة في بلاد الشام. بعضُ هذه المباني كان مبنياً حديثاً في تلك الفترة، بينما بعضها الآخر كانت حصوناً رومانية وبيزنطية تمّ تحويلها لتلبّي احتياجات الحكام الجدد، والجدير بالذكر أن هذه القصور قد تمّ هجرها والتخلي عنها بعض سقوط الدولة الأموية، لتبقى صروحاً تدلّ على ثروة وأهمية هذه الفترة. [1]
محتويات المقال :
التشكيل العام للقصر الأموي
إن القصور الأموية أكثر من مجرد مساكن، فهي في العادة مجمّعات يتكوّن كلٌّ منها من عدة مباني وأقسام وتشمل مساكن وحمامات ومخازن ومسجداً، كلها ضمن مساحة مغلقة، حيث يتألف القسم الداخلي من القصر في العادة من طابقين يحيطان بفناء داخلي، وقد بنيت القصور عادةً في هذه الفترة بالقرب من وادٍ أو من مجرى ماء موسمي. [2] وهناك العديد من القصور التي بُنِيت في هذه الفترة، نذكر منها:
قُصَير عَمْرة

يقع في محافظة الزرقاء في الأردن ويبعد حوالي 58 كيلومتراً عن العاصمة الأردنيّة عمّان. [3] تمّ بناؤه غالباً من قبل الخليفة الأموي الوليد الأول بين عاميّ 712 و 715 م. [1] ويتألف من ثلاثة أقسام رئيسية: الأول هو قاعة مستطيلة الشكل تحتوي على مكان خاص بعرش الخليفة في منتصف الجزء الجنوبي منها، الثاني حمّام يتألف من ثلاثة أقسام؛ البرّاني (البارد) والوسطاني (الدافئ9 والجوّاني (الساخن) بالإضافة إلى خزّان ماء. [3] القسم الثالث يتألف من بئر في الجهة الشمالية. [1]


إن القاعة الرئيسية مسقوفة بثلاثة قبوات اسطوانية، وتغطى جدران القاعة الرئيسية والحجرات الجانبية بالزخارف الجصية وأما الأرضيات فهي مكسوة بالرخام، ما عدا الحجرات الجانبية ذات الأرضيات المغطاة بالفسيفساء.
يختلف موضوع الزخارف الجصية وفقاً لموقعها، حيثُ تظهر زخارف القاعة الرئيسية مشاهد صيدٍ ونساءَ شبه عاريات، بينما تزيّن قاعة العشر بستة صور لأشخاص يمثّلون أعداء الإسلام الذين تمت هزيمتهم. تُزيَّن غرفتا الحمام الخارجيتين (البرّاني والوسطاني) بصور نساء يستحممن بينما تزيّن قبة الغرفة الساخنة (الجوّاني) بصورة تظهر الأبراج السماوية. [1]



خربة المَفجّر
توجد في وادي الأردن قرب مدينة أريحا الأثرية. [1] بناها الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بين عامي 724-753م وفقاً لكتابة عُثِر عليها في الموقع ذكرت اسم الخليفة.

تم تصميم المنشأة بشكل مجمع بناءً على مسقط مستطيل الشكل مقسّم لأربعة أقسام رئيسية؛ القسم الأول هو القسم السكني الذي يعتبر القصر الأساسي، وهي منشأة ذات طابقين تشغل القسم الجنوبي من المجمّع، وتتميّز بمسقط متناظر يوجد في مركزه فناء، ويحتوي على عدد من الغرف المنفصلة عن بعضها والمرتبة بشكل أزواج في القسمين الشرقي والغربي من القصر.
في الجهة الشرقية، تم تحويل الغرف التي تقع في المنتصف إلى قاعة دخول تصل المدخل بالفناء، وفي الجهة الغربية، تم تحويل الفراغات المقابلة لهذا المدخل إلى غرفة واحدة مسقوفة بقبوة اسطوانية مصنوعة من القرميد.
في مركز الجهة الجنوبية من القصر توجد منشأة مستطيلة مقسّمة إلى خمس غرفٍ متماثلة، تختوي الوسطى منها على محراب في الجدار الجنوبي والذي عُثِرَ خلفه على بقايا مئذنة ذات مسقط مربع. يعتبر هذا المسجد الخاصّ بأسرة الخليفة. توجد في الجهة الشمالية من القسم السكني، توجد في الجهة الشمالية من القسم السكني غرفة كبيرة تماثل في الحجم الغرف الخمس الموجودة في الجهة الجنوبية والتي تحتوي على بقايا لستّ مجازات، والتي حملت القبوات المكوّنة للسقف.
يوجد في مركز الجهة الغربية من الفناء درج مكوّن من شاحطين يُستخدم للنزول إلى قسمٍ منخفض في الفناء يقع أمام فراغ مغلق مسقوف بقبوات اسطوانية والمُنار بنوافذ ثلاثة. هذا ما كات يُطلق عليه اسم السرداب، وهي حجرة كانت تستخدم للاستبراد في فصل الصيف.
يقع شمال القسم السكني قسمٌ آخر يحتوي على على المسجد الرئيسي والصحن الخاص به.
يشغل المسجد الجهة الشرقية ويتألف من غرفة كبيرة تحتوي على مجازين مرفوعين على ثمانية أعمدة مصفوفة بشكل موازٍ لجدار القبلة.
يتألف القسم الثالث من أحد أكبر وأجمل الحمامات الموجودة في العالم الاسلامي. يقع مدخل الحمام في الجهة الشرقية ويتميز بكونه مزخرفاً بشكل كبير.
الغرفة الرئيسية للحمام (البرّاني أو القسم البارد) هي قاعة ذات مساحة كبيرة تحتوي على 16 دعامة تحمل القباب والقبوات الأسطوانية المكونة للسقف، وإحدى ميزاته وجود حنيات نصف دائرية والتي يحاط كل منها بعمودين مرتبطين بالجدران الخارجية، ويُسقف كلٌّ منها بنصف قبة، ويسقف مركز الحمام بقبة كبيرة محاطة بثمانية قبوات أخفض منها ارتفاعاً.
يقسم الحمام إلى ثلاثة أقسام، القسم الجنوبي الذي يتألف من المسبح أو البركة الخاصة بالخليفة، والقسم الأوسط وهي القاعة الرئيسية، والقسم الشمالي وهي غرف الاستحمام.

يتكوّن القسم الأخير من المجمع من الفناء الأمامي الذي يمتد من شمال المجمع إلى جنوبه في الجهة الشرقية من المجمع، وقد اكتُشِفت في منتصفه بقايا كشك مسقوف بقبة والذي كان موجوداً فوق نافورة الفناء.
ما يميّز هذا المجمّع عن غيره هو استخدام تقنيّات عديدة في التزيين والزخرفة، فبالإضافة لاستخدام القباب والقبوات والزخارف الجصّية، استُخدِمت اللوحات الفسيفسائية بشكل كبير، حيث تغطي الفسيفساء كامل القاعة الرئيسية للحمام. [4]
