Ad

تعّرفنا في مقالٍ سابق على القصور الأموية، وإلى البنية العامة لهذه المنشآت حيث ذكرنا سابقاً أنها أكثر المنشآت التي ميّزت العمارة الأموية عن غيرها. والتي كان بعضُها مبنياً حديثاً في تلك الفترة، بينما كان بعضها الآخر حصوناً رومانية وبيزنطية تمّ تحويلها لتلبّي احتياجات الحكام الجدد، بالإضافة إلى بعض الأمثلة المهمة عليها، وفي هذا المقال سنتعرف على مثالين من أهم الأمثلة على عمارة القصور في عهد الدولة الأموية.

قصر الحير الغربي

الشكل 1: واجهة قصر الحير الغربي في متحف دمشق الوطني والذي يعدّ مثالاً على نقل أجزاء من أحد القصور الأموية للحفاظ عليها
الشكل 2: مسقط القصر الرئيسي والذي يعدّ أحد الأمثلة المهمة على توزيع الفراغات في القصور الأموية بشكل عام

بُني قصر الحير الغربي في عام 728م بأمرٍ من الخليفة الأموي الوليد، ويقع في الصحراء السوريّة على بعد 40كم شرق تدمر و40 كم غرب قصر الحير الشرقي، وهو مكوّن من مجمّع يتألف من قصر، وخان، وحمّام، وطواحين وعدة منشآت مائية. [1]

يعدُّ القصر أحد أفخم الأمثلة على عمارة القصور الأموية، وهو ذو واجهة خارجية تشبه واجهة الحصن، لكن أيّة عناصر دفاعية تمّ وضعها للزينة فقط. وهو ذو مسقط مربع الشكل، بطول ضلع يساوي 70 م تقريباً، وهو مبني من الحجارة حتى ارتفاع 2م ثمّ تم إكماله باستخدام القرميد المصنوع من الطين المشوي. [2] ترتبط بالجدران الخارجية للقصر جدران مصمتة نصف دائرية (برجان لكلّ جدار) بالإضافة إلى أبراج دائرية في ثلاث من زواياه، [1] أما البرج في الزاوية الشمالية الغربية فهو برج بيزنطيّ مربّع الشكل يعود إلى القرن السادس الميلادي. [2]

ولعلّ أبرز ما يميّز القصر من الخارج هي الواجهة الشرقية التي يقترب البرجان فيها من بعضهما ليحيطا بالبوابة الرئيسية للقصر وتتميز البوابة بزخارف جصية عديدة نباتية وهندسية، وشرّافات كبيرة في الأعلى بالإضافة إلى نوافذ ضيّقة تشبه فتحات رمي السّهام. والجدير بالذكر أنه في عام 1940م، تم نقل هذه الواجهة لتصبح المدخل الرئيسي للمتحف الوطني في دمشق. [2]

يقود من مدخلِ القصر ممرٌّ إلى رواقٍ مسقوف [2] يحيط بفناء داخلي مركزي مربّع الشكل، ويتألف القصر من طابقين يقسم كلّ منهما إلى ستة أقسام بشكل متماثل. [2] وهي وحدات سكنية أو بيوت (وحدتان متناظرتان في الشمال والجنوب، بالإضافة إلى وحدتين في كلّ من الشرق والغرب) والتي تتألف كلّ منها من قاعة مركزيّة متصلة من الجانبين بعدد من الغرف الجانبية، [1] ويلحق بكلٍّ منها مرحاض. [2]

يقع شمال القصر مباشرةً حمّام، وهو منشأة صغيرة نسبياً [1] مؤلفة من قسمين: القسم البارد الذي يتألف من أربع غرف، يوجد في إحداها محراب، والقسم الدافئ الموجود فوق سخّان المياه والذي يتألف من ثلاث غرف. [2]

يقع الخان الذي يعرف باسم خان الملح على بعد 10 كم شمال غرب القصر ويأخذ شكل مربّع مائل، بطول ضلع يساوي 55م تقريباً. وتتألف جدرانه من قرميد مصنوع من الطين المشوي فوق أساس مصنوع من الحجارة، ويتضمن فناءً داخليّاً، [2] ومسجداً في الجهة الجنوبية. [1]

إن مجمع قصر الحير الغربي يعتمد بالكامل على نظام مائي يعتمد على سدّ يبعد عن المجمّع 15كم. وهناك قناتان رئيسيتان، إحداهما تتجه نحو القصر والأخرى نحو الخان وبعض الطواحين ثم إلى خزّان مستطيل كبير الحجم. وتُرفد القناتان بمجرى مياه كبير شبه دائري يقوم بجمع المياه من التل. [1] تم استخدام هذا الموقع لأغراض عسكرية أثناء الفترتين الأيوبية والمملوكية، ثمّ تمّ هجره أثناء الغزو المغولي في القرن الثالث عشر الميلادي. [2]

قصر المُشَتَّى

الشكل 3: قصر المُشتّى في الأردن
الشكل 4: مسقط قصر المُشتّى والذي يُظهِر أساليب مختلفة في بناء القصور الأموية

أحد أشهر القصور الأموية، ويقع قصر المشتّى على حدود الصحراء الأردنية (حوالي 25 كم جنوب غرب عمّان)، [1] وهو مؤلف من منشأة مربعة الشكل بطول ضلعٍ يساوي 144م، ويحتوي على أربعة أبراج دائرية في زواياه، بالإضافة إلى خمسة أبراجٍ نصف دائرية على ثلاثة من جوانبه، أما جهة المدخل الرئيسي، فتحتوي على أربعة أبراجٍ يضافُ إليها برجان يحيطان المدخل الرئيسي بشكل نصف مثمّن. [3]

يتجاوز ارتفاع الجدران في الأجزاء المحفوظة جيّدا ارتفاع 5م. ويقسّم القصر إلى ثلاثة أقسام طوليّة باتجاه شمال-جنوب، في حين أنّ عمليات البناء في القسم الأوسط لم تنتهِ، فإنها لم تبدأ حتى في القسمين الجانبيين. ويوجد في منتصف القسم الأوسط فناء داخلي مربع الشكل طول ضلعه 55م ويحدّه من جهتي الشمال والجنوب مجمّعان. يتألف المجمّع الجنوبي من ممر يحاط بالمسجد من الشرق، ومبنى غير معروف الاستخدام من الغرب. ويقود هذا الممر إلى فناء محاط بأروقة، والذي يقود بدوره إلى الفناء المركزيّ.

تقع قاعة الاستقبال الخاصة بالقصر شمال الفناء المركزي. وهي تحتوي على مدخل ثلاثي الأقواس يقود إلى قاعة العرش، المحاطة بمجموعة من الغرف (بيت) من كلِّ جهة. [3]

تتلخص أهمية القصر بالنسبة للمؤرخين المعماريين أنه يجمع بين العناصر الغربية (البيزنطية والرومانية) والعناصر المأخوذة من الفن الساساني. [1]

معظم الزخارف التي عُثِر عليها في القصر تم إرسالها إلى برلين في بداية القرن العشرين كهديّة من السلطان العثماني عبد الحميد إلى القيصر الألماني ويلهيلم، ويمكن مشاهدتها اليوم في متحف شرق برلين. [4]

الشكل 5: عناصر معمارية ذات زخارف بيزنطية وساسانية من قصر المشتّى في متحف برلين

المصادر

  1. Dictionary of Islamic Architecture
  2. Qasr al-Hayr al-Gharbi – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  3. Qasr al-Mushatta – Discover Islamic Art – Virtual Museum
  4. Qasr Al-Mushatta – UNESCO World Heritage Centre

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


عمارة

User Avatar

Nour Al Barri

Architecture major & amateur artist. I love reading and I am interested in archeology and cultural heritage


عدد مقالات الكاتب : 29
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : هاجر ايت داوود

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق