محتويات المقال :
عائلة اللغات الهندو-أوروبية
تعد عائلة اللغات الهندو-أوروبية (Indo-European Languages) من العائلات اللغوية الأساسية. وتصنف على أنها العائلة الأكبر من ناحية عدد المتحدثين، إذ يزيد عدد الناطقين بلغاتٍ تنتمي إلى هذه العائلة على 3 مليار شخص في العالم. ولكنها ليست الأكبر من حيث عدد اللغات. فتقع تحت مظلة العائلة الهندو-أوروبية حوالي 445 لغة [1].
تصنيف اللغات ضمن العائلة
كان أول من استخدم اسم “الهندو-أوروبية” العالم اللغوي الألماني فرانز بوب في عام 1816. وقد اشتق هذه التسمية للإشارة إلى عائلة اللغات الموجودة في أوروبا وآسيا، بما في ذلك شمال الهند وإيران وأفغانستان وباكستان وبنغلادش [2].
ولكن يرجع اكتشاف التشابه بين اللغات في أوروبا وتلك المحكية في الهند إلى قبل ذلك. وكان نتيجة فتح باب التجارة بين هاتين المنطقتين في القرن السادس عشر. حيث لوحظ وجود تشابه غريبٍ بين بعض المفردات في اللغة السنسكريتية ومقابلاتها في اللغة الإيطالية. ومن الأمثلة على ذلك كلمة “الإله” وهي “deva” بالسنسكريتية وتقابلها “dio” بالإيطالية، وكلمة الأفعى وهي “sarpa” بالسنسكريتية وتقابلها “serpe” بالإيطالية. إضافة إلى بعض الأرقام مثل “سبعة وثمانية وتسعة” وهي بالسنسكريتية “sapta, ashta, nava” وبالإيطالية “sette, otto, nove” على الترتيب [3].
وقد تعمق المستشرق ويليام جونز في القرن الثامن عشر في مقارنة السنسكريتية واللاتينية واليونانية القديمة. وخَلُص إلى أن التشابه بين جذور الأفعال والصيغ القواعدية هو أكبر من أن يكون بمحض الصدفة. كما كانت دراسات جونز أساساً لمزيد من الأبحاث التي أجراها هو وعلماءٌ لغويون من بعده، ممن أتقنوا اللغة السنسكريتية وقواعدها. ومن الجدير بالذكر أن جونز اعتمد في دراسته على أبحاث العالم اللغوي السنسكريتي بانيني، والذي كان قد وضع نظاماً منهجياً ودقيقاً لتحليل الكلمات حوالي عام 500 ق.م. [3].
أصل اللغات الهندو-أوروبية
يعود أصل اللغات الهندو-أوروبية إلى اللغة الهندو-أوروبية البدائية (Proto-Indo-European). وترجح الدراسات أن هذه اللغة القديمة – التي لم تعد موجودة الآن – كانت منتشرة في منطقة أوكرانيا والمناطق المجاورة في القوقاز وجنوبي روسيا. وانتشرت من هناك إلى معظم أوروبا، ثم وصلت إلى الهند. إضافة لذلك، وجدت الأبحاث التي تعقبت هذه اللغة أنها كانت قد بدأت تفقد وحدتها حوالي عام 3400 ق.م.
ولكن لم يطور المتحدثون الأصليون للغة الهندو-أوروبية البدائية نظام كتابة للغتهم، مما جعل إيجاد دليلٍ مادي عليها بالأمر الصعب. ولهذا السبب، يلجأ علم اللغويات إلى محاولة إعادة بناء هذه اللغة وصياغتها باستخدام طرق مختلفة. وتتفاوت هذه الطرق من مقارنة اللغات المختلفة التي تنتمي إلى هذه العائلة، إلى إجراء دراساتٍ مقارنة تتجاوز اللغة بحد ذاتها. على سبيل المثال، تركز بعض الأبحاث على دراسة الأساطير والقوانين والهيئات المجتمعية التي كانت سائدة في تلك المجتمعات الناطقة بهذه اللغة البدائية الأصلية [4].
المجموعات الفرعية للعائلة الهندو-أوروبية
تقسم عائلة اللغات الهندو-أوروبية إلى مجموعات فرعية، ولكن بعضها انقرض مع الزمن. ومن ضمن المجموعات الفرعية التي انقرضت اللغات الأناضولية (Anatolian). وقد كانت سائدة في الألفيتين الأولى والثانية ق.م. في المناطق التي تقابل حالياً القسم الآسيوي من تركيا وشمال سوريا. إضافة لذلك، توجد مجموعة اللغات الهندية الإيرانية (Indo-Iranian) والتي كانت منتشرة في مناطق وسط وشمال الهند، وإيران، وأفغانستان. ثم توجد اللغة اليونانية (Greek) التي تشكل مجموعة فرعية على الرغم من أنها كانت على مر التاريخ لغة واحدة، ولكن تضم لهجاتٍ متنوعة. ومثلها الأرمينية (Armenian) التي تشكل مجموعة فرعية في العائلة الهندو-أوروبية مع أنها لغة واحدة. ثم لا ننسى مجموعة اللغات الإيطاليكية (Italic)، وتعد اللغة اللاتينية من أبرز مكوناتها، وتضم بدورها اللغات الرومانسية كالفرنسية والإسبانية والإيطالية. وأخيراً سنذكر مجموعة اللغات الجرمانية (Germanic) التي انقرض بعض منها وبقي بعضها الآخر كالإنكليزية والألمانية والهولندية [5].
توجد المزيد من المجموعات الفرعية تحت مظلة اللغات الهندو-أوروبية. وعموماً، تنتشر هذه اللغات حالياً في معظم أوروبا والمستعمرات الأوروبية السابقة وأجزاء كثيرة من جنوب غرب وجنوب آسيا [5].
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :