مع بداية عام 2020 تفاجأ العالم بضيفٍ ثقيل أعاد مفهوم الوباء إلى الأذهان، بعدما كان من حكايات الماضي المخيفة. حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية للمرة الخامسة في تاريخها عن حالة الطوارئ 1، لكن لماذا؟ لماذا اكتسب فيروس كورونا الجديد كل تلك الشهرة العارمة على الرغم أنه ليس الأخطر على الساحة كما سنرى معاً بعد قليل؟ والأمر الأسوء هو ارتباط شهرته بفاهيم وخرافات خاطئة آن الأوان للإفصاح عنها، واستبدالها بالحقائق؛ حتى نستطيع أن نتوقع ما سيحدث بدقة.
محتويات المقال :
ما مدى قدرة فيروس كورونا الجديد على الانتشار؟
تشير الإحصائيات الأولية أن الشخص الحامل للفيروس قادر على إصابة متوسط 1.5 إلى 3.5 شخص محيط بمعنى أن 5 أشخاص قادرين على إصابة حوالي 368 شخص بعد 5 دورات من انتشار العدوى مما يجعله مشابه لقرينه «SARS» الذي انتشر في الصين عام 2003.
ينتشر الفيروس في الهواء لكن لثقل جزيئاته يسقط على الأرض خلال عدة أقدام. مما يجعله لا يقارن بعدة أمراض أخرى تنتشر خلال مئات من الأقدام مثل الحصبة أو الجدري المائى وغيرهم.
نستطيع من خلال تلك الأرقام توقع ما سيحدث فإذا لم تتخذ الإجراءات الوقائية اللازمة ستظل قدرة الفيروس على الانتشار ثابتة مسبباً وباء حقيقي. لكن إذا تم اتخاذ الإجراءات اللازمة ستتقلص قدرته على الانتشار مثلما حدث مع «SARS» عام 2003 حيث تقلصت قدرته على الانتقال إلى 0.4 شخص فقط.
إصابة بدون السفر للصين :
هل يمكن أن يحدث ذلك؟ في الحقيقة نعم، لكن الأمر يتطلب الاحتكاك بشخص كان في الصين تحديداً مدينة ووهان – مصدر الوباء- كما سنلاحظ في الأمثلة التالية.
- دولة فيتنام بلغت عن أول شخص مصاب عائد من ووهان كان على احتكاك بوالده المصاب.
- دولة اليابان بلغت عن إصابة سائق تاكسي كان يعمل في نقل سياح قادمين من ووهان.
- في ألمانيا إصابة شخص كان على احتكاك بمواطن صيني مصاب.
- في تايوان إصابة رجل نتيجة احتكاكه بزوجته المصابة العائدة من الصين.
نقطة قوة الفيروس في موطنه :
من أكثر الأمور المثيرة في فيروس كورونا الجديد وجوده في الصين في منطقة مثل ووهان مدينة مليونية بها ما يقارب 11 مليون نسمة ينتقل منها ما يقارب 3500 مسافر إلى مختلف المدن حول العالم، وكذلك تعد منطقة مهمة في الصين على صلة بمدن كبرى مثل شنغهاي، بكين،… وغيرهم. وتُعَد ظروف تطور المواصلات التي مرت بها الصين منذ عام 2003 -حيث انتشار «SARS»- نقطة قوى لصالح انتشار فيروس كورونا الجديد ليس فقط في الصين بل إلى أفريقيا والولايات المتحدة وأوروبا. وقد اتخذت الصين خطوات بالغة الحزم في منع التنقلات من وإلى ووهان، ولكن تلك الإجارءات أدت أيضاً إلى نقص الغذاء والدواء في المدينة. كما أنها يمكن أن تكون متأخرة ويكون المصابين انتشروا بالفعل في الصين وخارجها.
فترة حضانة فيروس كورونا الجديد:
في البداية ما هي فترة الحضانة؟ هي فترة التي يتواجد الفيروس في الجسم لكن بدون إظهار أي أعراض في بعض الأحيان يكون المريض معدي لمن حوله. من المهم معرفة فترة الحضانة لتحديد فترة الحجر الصحي فوجود فترة حضانة كافية يؤدي إلى فرصة أقوى للوقاية.
كانت فترة الحضانة في «SARS» خمسة أيام يكون المريض فيها غير معدي لمن حوله، وحتى بعد ظهور الأعراض يظل المريض غير معدي إلا بعد أربع إلى خمس أيام مما أتاح فرصة كافية لوقف انتشار الفيروس.
لا وجود لفترة حضانة محددة حول فيروس كورونا الجديد حيث تتراوح فترة حضانته بين يومين إلى 12 يوم. كما أننا مازلنا في جهلٍ حول إمكانية انتقال الفيروس من الشخص المصاب أثناء فترة الحضانة.
مصدر الفيروس الأصلي هو الخفافيش:
بصفة عامة مصدر فيروس كورونا حيواني مثل «MERS» فمصدره الجمال 2. في حالة فيروس كورونا الجديد يقتنع الكثير من الباحثين أن مصدره الخفافيش حيث وُجِد أن نفس الفيروس الموجود في المصابين حاليا متواجد في الخفافيش. والذي أكد تلك الشكوك هو انتشار شوربة الخفافيش في الصين. كما أن مصدر العديد من الفيروسات السابقه مثل إيبولا أو «SARS» كان أيضا مرتبط بالطيور من بينهم الخفافيش.
هل تقي الكمامات من الإصابة بالفيروس؟
مع بداية انتشار فيروس كورونا في الصين نصحت السلطات الحكومية بارتداء الكمامات لكن يؤكد الباحثون أنها آخر خطوط الدفاع، وتقل قيمتها كثيراً إذا كان بها ثقوب؛ لذلك يعتقد الباحثون أنها وقائية فعلا ولكن ليست للدرجة المتوقعة أو التي تُسوق لها. كما أن حك الأنف أو الفم أسفل الكمامة يلغي فائدتها.
ماذا عن وجود تطعيم؟
حتى الآن لا وجود لتطعيم، لكن مراكز بحث صينية، وثلاث شركات روسية وغيرهم بدأوا بالفعل في تطوير تطعيم ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى من اختبار التطعيم خلال ثلاث شهور من الآن ومن المتوقع أن ينتهي تطوير التطعيم خلال عام من الآن.
وقد أعلن علماء في أستراليا عن صناعة الفيروس باستخدام عينة من المصابين.
كما أن الخبرة التي اكتسبها العلماء من المواقف المشابهة قد تساعدهم في ذلك الموقف حيث في عام 2003 تم تطوير تطعيم خلال 20 شهر جاهز للتجارب على البشر ولم يتم استخدامه لأن الوباء تم احتوائه.
هل الفيروس مميت حقاً؟
المؤشرات الأولى كانت بالغة الخطورة حيث كانت نسبة الوفاة كبيرة في البداية تم إحالة الكثير من المرضى للعناية المركزة، ثم أخذت بالنقصان بعدها لتشير الإحصائية أن نسبة الوفاة لا تتخطى 3% قد تكون تلك النسبة غير دقيقة؛ وذلك لنقص المعلومات ونقص طرق التشخيص المبكر؛ لكون الفيروس جديد كلياً. لكن يبقى الفيروس أقل فتكاً من أقرانه «SARS» و «MERS» وأقل من أنفلونزا الطيور، إيبولا، شلل الأطفال، الجدري، الحمى الأسبانية.
هل هناك علاج؟
في الحقيقة لا، وقد انتشرت خرافة أن شُرب «السوائل المبيضة- bleach» أو السوائل المنظفة مثل «Miracle mineral solution» أو معجزة الحل المعدنية قد يكون علاج لكورونا بالطبع ما ذلك إلا خرافة حيث أنها تحتوي على مواد سامة تسبب القيء الشديد والإسهال وخفض ضغط الدم بدرجة كبيرة، وقد يكون خطر على الحياة ويسبب الوفاة والفشل كلوي والكبدي بحسب تحذيرات الخبراء. تلك الخرافة انتشرت أيضا مع أمراض أخرى مثل التوحد أو الإيدز.
كارثة كورونا لفتت الأنظار أن بروباجندا الخرافة لا تقل خطراً عن الكارثة نفسها ويجب مواجهتها.
مصادر :
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :