Ad
هذه المقالة هي الجزء 11 من 14 في سلسلة تاريخ مغامرة العرب في بلاد الأندلس

بعد أن سقط الحكم الإسلامي في الأندلس قتل العديد من المسلمين. وهجّر الكثير منهم إلى دول شمال أفريقيا. وكان على المجموعة المتبقية منهم التعايش مع الدولة الجديدة، والبحث عن حقوقهم كمواطنين مسلمين تحت حكم مسيحي. ولكن الوضع لم يكن بتلك السهولة، فقد خافت الدولة المسيحية من أن تنقلب عليها تلك المجموعات وتعود شبه الجزيرة الإيبيرية إلى الأندلس الإسلامية. كان أحد الحلول التي لجأ إليها المسلمين، هي تبديل دينهم إلى المسيحية. وأصبح المورسكيون هم مجموعة المسلمين الذين تحولوا إلى المسيحية. قدّرت أعدادهم بـ 350,000 نسمة.

من هم المورسكيون؟

المورسكيون هم المسلمين الذين عاشوا في إسبانيا بعد أن سقطت الخلافة الإسلامية، وأجبروا على اعتناق المسيحية. كانت الأغلبية العظمى من المورسكيين في غرناطة، وقد اختلفوا عن المورسكيين الآخرين بأنهم يتحدثون العربية بطلاقة وكذلك يقومون بالشعائر الإسلامية علنًا. وكان أقلهم عددًا في مدينة قشتالة، لا يتحدثون العربية، ويمارسون شعائرهم الإسلامية سرًا.

استمر المورسكيون في ارتدائهم الزي الإسلامي رغم تحولهم للمسيحية. وكذلك استمر استخدامهم للغة العربية في كلامهم وكتابتهم. خاف السكان المسيحيين، من أن تعود فكرة الجهاد إلى أذهان المورسكيين، خاصةَ وأن علاقتهم مع أعدائهم الأتراك والجزائريين كانت وطيدة. ورغم تحولهم للمسيحية، إلا أنهم تعرضوا للتمييز، فظهرت محاكم للتفتيش لتتأكد من عدم ممارستهم للشعائر الإسلامية. كذلك كانوا يدفعون المزيد من الضرائب لا لشيء إلا لكونهم مسيحيين جدد.[1]

ما الفارق بين المورسكيين والمدجنين؟

رفض المورو المسلمون أن يبدلّوا دينهم إلى المسيحية، وحاولوا البقاء في شبه الجزيرة الإيبيرية لأسباب مختلفة. كانت من أشهر تلك الأسباب هي تمسكهم بأرضهم وتجارتهم، وكذلك جيرانهم من المسيحيين. وأطلق على من تمسّك بدينه لقب المدجنين. عاش معظم المدجنين في فالنسيا، وأثروا في الفن والعمارة الإسبانية بلمساتهم الإسلامية. طالب المدجنون بحقهم في ممارسة شعائرهم، ورفضهم للتعميد. و كانت الحكومة المسيحية في بادئ الأمر متسامحة مع ذلك. ولكن لم يدم التسامح طويلًا، حتى أصبح الإسلام محظورَا بشكلٍ قاطع بحلول عام 1526م.

استطاع المدجنون أن يحصلوا على حقوقهم لفترة وجيزة، ومن ثم ضيّق الخناق عليهم حتى استسلموا مدينة تلو الأخرى. استسلم المدجنون في مدينة أراغون عام 1118م، وفي فالنسيا عام 1238م، وكانت النهاية عندما استسلم المدجنون في غرناطة عام 1492م. وفي أواخر القرن الخامس عشر بدأت المعاداة العلنية للكتب الإسلامية وحرقها من قبل الحكومة المسيحية. تمرد مسلمو غرناطة عام 1502م لعدم حصولهم على حريتهم الدينية، وكان رد الحكومة المسيحية على مطالباتهم، إما التنصير أو التهجير.

قرر 200,000 مسلم أن يهاجروا إلى شمال أفريقيا، وكانوا يمثلون نصف سكان غرناطة حينها. وبعد أن أصبح الإسلام محظورًا، لجأ المدجنون إلى طريقة مختلفة لنشر وتداول تعاليمهم الإسلامية. فاستخدموا كتبًا باللغة الإسبانية، ولكن بأبجدية عربية، عرفت تلك الكتب باسم الجاميادوس.

كانت عمليات التنصير من أهم أهداف الدولة المسيحية، فبدأت سلميةً حتى تحولت للإكراه نتيجة للتعصب المتزايد ضد المسلمين وضعف قادتهم. كما بدل البعض دينه ظاهريًّا إلا أن البعض الآخر تعايش مع ديانته الجديدة بكل إخلاص وأصبحوا بذلك يطلق عليهم المورسكيون.[1]

المورسكيون في إسبانيا

أحرقت الحكومة المسيحية معظم الكتب الخاصة بالمسلمين في إسبانيا، وتركوا بعض الكتب الطبية. تزايدت الكراهية ضد المورسكيون وكانوا محط شكٍّ في مصداقيتهم، أما من رفضوا التحول فقد صدر ضدهم مرسوم بطردهم عام 1502م. تأثر مسلمو غرناطة بقرار الطرد، وبالرغم من قلة عدد المسلمين في قشتالة إلا أنهم طردوا كما طرد المسلمين في غرناطة.

تم تحديد وجهة خروجهم من البلاد، على شرط ألا يمروا عبر مملكتي أراغون وفالنسيا، خشية أن يندمجوا مع المسلمين هناك. كان ذلك الشرط نتيجة لأن قرار الطرد لم يطبق بعد على المسلمين في أراغون وفالنسيا. فاضطر المدجنون أن يتركوا أموالهم وذهبهم خلفهم، وكذلك أجبروا على ترك صغارهم لتربيهم الأسر المسيحية على دينهم الكاثوليكي الجديد.

لم يطبق قرار الطرد في أراغون وفالنسيا بالإضافة إلى مملكة نافار لأن المسلمين فيها كانوا العمود الفقري للقوى العاملة. كذلك كانوا مؤثرين في شتى المجالات، مما أدى إلى دعمهم من حكّام تلك الممالك، وتمتعوا بحريتهم الدينية. ولكن لم يدم الوضع للمسلمين هنالك طويلًا، فبحلول عام 1512م ضم حاكم قشتالة مملكة نافار إلى سلطته. وفي عام 1516م، أصدر حاكم قشتالة فرديناد مرسومًا ملكيًّا يطالب فيه المدجنين بتغيير دينهم للمسيحية.

أما ما حدث مع المسلمين في أراغون لم يكن نتيجة للحكام بقدر ما كان بسبب طبقة الفلاحين المسيحيين. فقد ثار العمال المسيحيين ضد العمالة المسلمة، لأنها كانت تشكل الأساس في تلك الأعمال، مما زاد من فقر العمالة المسيحية. وعلاوة على الفقر والبطالة، زاد الطاعون من سوء الأوضاع الإقتصادية. وكذلك هجمات بعض البربر على سواحل فالنسيا في عام 1520م، التي زادت من سخط المسيحيين ضد المسلمين كافّة.

زادت أعمال العنف والسرقات لمنازل وممتلكات الطبقة الأرستقراطية نتيجة للفوضى الناجمة عن الفقر والمرض المستفحلين بين الطبقة الكادحة. أدى ذلك إلى كثرة القتل والعنف ضد المسلمين، مما اضطر المدجنين إلى قبول التعميد هربًا من تلك المذابح. أصدر تشارلز الخامس مرسومًا بطرد أو تعميد من تبقى من المدجنين في عام 1525م، فتمردوا محاولين الحفاظ على حريتهم الدينية. وبعد الكثير من الشغب، قتل من قتل وعُمّد من نجى منهم تعميدًا جماعيًّا، وأصبح جميع من تبقى في إسبانيا مورسكيون. ونشأت محاكم التفتيش للتأكد من مسيحيتهم الجديدة، للحفاظ على الكاثوليكية في الممالك الإسبانية. [2]

المصادر:

1-Spain Then and Now
2-Britannica

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تاريخ

User Avatar

Yasmin Awad

طبيبة أسنان وصانعة محتوى


عدد مقالات الكاتب : 33
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق