ميكروب يحول ثاني أكسيد الكربون لطاقة
قام فريق من العلماء من معهد ريكن الياباني باكتشاف رائع في أعماق ينابيع شمال كاليفورنيا. حيث اكتشفوا ميكروب يحول ثاني أكسيد الكربون لطاقة. تتمتع هذه الكائنات الحية الدقيقة غير العادية، والمعروفة باسم “Met12″، بالقدرة على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد كيميائية غنية بالطاقة. وتفعل هذا باستخدام مسار استقلابي (metabolic pathway) لم يكن معروفًا من قبل. لا يلقي هذا الاكتشاف الرائد الضوء على أصول الحياة على الأرض فحسب، بل يقدم أيضًا تطبيقات واعدة في مجال التكنولوجيا الحيوية.
لقد اكتشف العلماء “Met12” في الينابيع العميقة الوعرة التي تغذيها المياه في شمال كاليفورنيا. وتذكرنا هذه البيئة ببيئة الأرض المبكرة. وأثار اكتشاف “Met12” الإثارة بين العلماء، لأنه يوفر رؤى جديدة لعمليات الحياة البدائية ويوفر سبلًا جديدة للتقدم في التصنيع الميكروبي وإنتاج الوقود الحيوي.
محتويات المقال :
منذ حوالي 3.5 مليار سنة، كانت الأرض بيئة غير صالحة للحياة، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى أكثر من 100 درجة مئوية وكان الغلاف الجوي سامًا خاليًا من الأكسجين. وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، تمكنت الحياة بطريقة ما من الظهور، وقد فعلت ذلك من خلال عملية تسمى التمثيل الكيميائي (chemosynthesis).
التمثيل الكيميائي هو عملية بيولوجية حيث تنتج الكائنات الحية الغذاء باستخدام الطاقة المستمدة من التفاعلات الكيميائية غير العضوية. وهذا بدلاً من ضوء الشمس كما هو الحال في التركيب الضوئي. غالبًا ما توجد هذه العملية في بيئات متطرفة حيث لا يمكن لأشعة الشمس اختراقها. ويُعتقد أن هذه العملية كانت هي الطريقة الأساسية لإنتاج الطاقة في أشكال الحياة المبكرة، قبل وقت طويل من أن تصبح عملية التمثيل الضوئي هي الآلية السائدة.
تثبيت الكربون (carbon fixation) هو العملية التي يتم من خلالها تحويل الكربون غير العضوي، وخاصة ثاني أكسيد الكربون، إلى مركبات عضوية. هذه العملية ضرورية للحياة على الأرض، لأنها توفر اللبنات الأساسية للجزيئات العضوية مثل الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. والتمثيل الضوئي هو الشكل الأكثر شهرة لتثبيت الكربون، حيث تستخدم النباتات طاقة ضوء الشمس لتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى جلوكوز.
ومع ذلك، فإن التمثيل الكيميائي هو طريقة أخرى لتثبيت الكربون، حيث تستخدم الكائنات الحية الطاقة من التفاعلات الكيميائية لتحويل الكربون غير العضوي إلى مركبات عضوية. وغالبًا ما توجد هذه العملية في بيئات متطرفة حيث لا يوجد ضوء الشمس. وتلعب الكائنات الحية الكيميائية، مثل البكتيريا والعتائق، دورًا حاسمًا في دورة الكربون العالمية من خلال تثبيت الكربون وتوفير الطاقة للكائنات الحية الأخرى في هذه النظم البيئية الفريدة.
إن هذه الينابيع هي موطن لمجموعة متنوعة من الميكروبات التي تكيفت للبقاء على قيد الحياة في هذه الظروف القاسية. وهنا عثر العلماء على “Met12”.
بدأ اكتشاف “Met12” بتوصيف شامل للمجتمعات الميكروبية المزدهرة في هذه المنطقة. وباستخدام تقنيات التسلسل الجيني المتقدمة، تمكن الباحثون من تحديد مجموعة متنوعة من البكتيريا والعتائق. ولكل منها سمات جينية مميزة ووظائف استقلابية، حيث تتغذى بعض الميكروبات على الهيدروجين، بينما تتغذى ميكروبات أخرى على المعادن الذائبة في المياه القلوية. لكن “Met12” كان فريدًا من نوعه، حيث يشير تركيبه الجيني الفريد إلى مسار استقلابي لم يكن معروفًا من قبل.
لقد انبهر الباحثون باكتشاف أن “Met12” يفتقر إلى الجينات اللازمة لإنتاج الميثان، على عكس أبناء عمومته اللاهوائيين. وبدلاً من ذلك، طور هذا الميكروب تركيبًا جينيًا مميزًا يمكنه من تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أسيتات، وهي مادة كيميائية مهمة غنية بالطاقة. يكمن مفتاح هذا المسار الأيضي الجديد في الجين “MmcX”، الذي يلعب دورًا حيويًا في تعزيز قدرة “Met12” على استيراد الإلكترونات (Electron-importing capacity). يتيح هذا التكيف الاستثنائي للميكروب أن يزدهر في بيئات ذات موارد محدودة، مثل منطقة الأرز.
تشير قدرة استيراد الإلكترونات إلى قدرة الكائن الحي الدقيق على اكتساب الإلكترونات واستخدامها من بيئته. هذه العملية أساسية لعملية التمثيل الغذائي للطاقة، حيث أن الإلكترونات ضرورية لتوليد الطاقة من خلال التنفس الخلوي.
لقد فتح اكتشاف “Met12” آفاقًا جديدة للهندسة الميكروبية، مع تطبيقات محتملة يمكن أن تحدث ثورة في الطريقة التي ننتج بها الوقود الحيوي وتخفف من تغير المناخ. ومن خلال تسخير المسار الأيضي الفريد لهذا الميكروب، يستطيع العلماء هندسة الميكروبات لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد كيميائية غنية بالطاقة بشكل أكثر كفاءة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في إنتاج الوقود الحيوي، وربما يحل محل الوقود الأحفوري كمصدر طاقة أنظف وأكثر استدامة.
كما يمكن استخدام قدرة “Met12” لتطوير تقنيات جديدة لعزل الكربون. ومن خلال تركيب هذه الميكروبات في البيئات الصناعية، يمكننا احتجاز وتحويل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات قيمة، مما يقلل من كمية الغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي. ومن الممكن أن يغير هذا طريقة مكافحة تغير المناخ، لأنه لن يقلل الانبعاثات فحسب، بل سينتج أيضًا مواد كيميائية وأنواع وقود مفيدة.
Newly Discovered Microbe Turns Carbon Into Energy – and Sheds Light on Life’s Origins | scitechdaily
A non-methanogenic archaeon within the order Methanocellales | nature communications
في عالم الكم، لم تعد قواعد الفيزياء الكلاسيكية قابلة للتطبيق. واحدة من أكثر الحالات الرائعة…
أظهرت دراسة جديدة أن المرضى يجدون الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً وتفهماً من الأطباء النفسيين وخبراء…
باتت التجارب الرقمية أكثر عمقًا وانغماسًا مع دمج الحواس البشرية في البيئات الافتراضية. ويأتي نظام…
في اكتشاف رائد، كشف باحثون من جامعة أتينيو دي مانيلا عن أدلة على وجود شكل…
درس العلماء الأسماك الغضروفية الحديثة، مثل أسماك القرش وأسماك الزلاجات. وقارنوها بنظيراتها عديمة الفك، مثل…
تحول دماغ شاب إلى زجاج منذ ما يقرب من 2000 عام، وهي ظاهرة يعتقد العلماء…