Ad

في المملكة العربية السعودية، حيث تتوافر أشعة الشمس بكثرة، استثمرت المملكة بكثافة في تكنولوجيا الخلايا الشمسية، مما يجعلها رائدة في مجال الطاقة المتجددة. ومع ذلك، فإن تشغيل هذه الخلايا الشمسية يأتي مع مشكلة، فهي عرضة لارتفاع درجة الحرارة. ولمكافحة ذلك، تعد أنظمة التبريد ضرورية، لكن الكثير منها يعتمد على الكهرباء. وفي إنجاز مذهل، قام فريق بحثي دولي بتصميم جهاز يمكنه استخراج الماء من الهواء بالجاذبية ومواد منخفضة التكلفة، مما يلغي الحاجة إلى الكهرباء.

مخاطر ارتفاع درجة الحرارة في الصحراء

بينما تشرق الشمس على الصحاري الشاسعة في المملكة العربية السعودية، فإن الطاقة الشمسية لديها جانب سلبي يتمثل في ارتفاع درجة الحرارة. فالخلايا الشمسية، المكون الأساسي للألواح الشمسية، حساسة للغاية لدرجة الحرارة.

وعندما ترتفع درجات الحرارة فوق 30 درجة مئوية، تنخفض كفاءتها، مما يقلل من إنتاج الطاقة وعمر الخلايا. وهذه القضية ملحة بشكل خاص في المناطق القاحلة مثل المملكة العربية السعودية، حيث تصل درجات الحرارة في كثير من الأحيان إلى مستويات عالية جدًا.

في الواقع، يقدر العلماء أنه مقابل كل زيادة بمقدار درجة مئوية واحدة في درجة الحرارة، تنخفض كفاءة الألواح الشمسية بنسبة 0.45%. وهذا يعني أنه في الصحراء السعودية الحارقة، يمكن أن تفقد الألواح الشمسية ما يصل إلى 20٪ من إنتاجها من الطاقة خلال أشهر الصيف. وتعتبر أنظمة التبريد ضرورية للتخفيف من هذه المشكلة، ولكنها تعتمد في كثير من الأحيان على الكهرباء، مما يزيد من عبء الطاقة.

حصاد المياه من الغلاف الجوي

إن حصاد المياه من الغلاف الجوي، وهو مفهوم استخراج المياه من الهواء، كان موجودًا منذ عقود. وفكرته عبارة عن التقاط بخار الماء الموجود في الهواء وتكثيفه إلى ماء سائل. ومع ذلك، فإن التنفيذ ليس بهذه البساطة. حيث تتطلب العملية توازنًا دقيقًا بين درجة الحرارة والرطوبة وخصائص السطح.

لقد عمل العلماء على تحسين هذه التكنولوجيا، لكن ذلك كان تحديًا. إحدى العقبات الرئيسية هي ظاهرة حيث تلتصق قطرات الماء بسطح جهاز الحصاد، مما يجعل من الصعب جمعها. وللتغلب على ذلك، جرب الباحثون طرقًا مختلفة، بما في ذلك استخدام المواد المحبة للماء، وزيادة مساحة السطح، وحتى استخدام الكهرباء لتعزيز التكثيف.

وعلى الرغم من هذه الجهود، كافحت أنظمة حصاد المياه الجوية لتحقيق كفاءات عالية، خاصة في المناطق القاحلة مثل المملكة العربية السعودية. إن البيئة الصحراوية القاسية، مع انخفاض نسبة الرطوبة ودرجات الحرارة المرتفعة، تزيد من صعوبة جمع المياه من الهواء.

استخراج الماء من الهواء بالجاذبية

قام الفريق بإضافة طبقة تشحيم إلى جهاز الحصاد، حيث تمكن الفريق من جمع المزيد من المياه بالاعتماد فقط على الجاذبية، مما يلغي الحاجة إلى الكهرباء.

يعد هذا الإنجاز أمرًا بالغ الأهمية في البيئات القاحلة مثل المملكة العربية السعودية، حيث البنية التحتية للكهرباء مكلفة ومحدودة. ويعمل الجهاز الجديد على التبريد الإشعاعي السلبي، مما يعني أنه لا يستهلك أي كهرباء، مما يجعله حلاً جذابًا للمناطق الريفية حيث تندر الكهرباء.

التبريد الإشعاعي السلبي (passive radiative cooling) هو عملية تُستخدم لتخفيض درجة الحرارة عن طريق السماح للأجسام بإشعاع الحرارة إلى الفضاء. ويعتمد على استخدام مواد ذات خصائص معينة تمتص الحرارة من البيئة المحيطة ثم تطلقها في شكل إشعاع حراري، مما يؤدي إلى تبريد السطح. هذا النظام يمكن أن يكون فعالاً في المناطق ذات المناخ الحار، ويعتبر حلاً مستدامًا لتقليل استهلاك الطاقة.

يسمح الطلاء المبتكر، المصنوع من مزيج من البوليمر التجاري وزيت السيليكون، لقطرات الماء بالانزلاق عن سطح الجهاز، مما يؤدي إلى جمع المزيد من الماء أكثر من أي وقت مضى. وهذا يعني أن الجهاز يمكن أن يعمل بشكل مستقل، دون الحاجة إلى ضواغط أو مراوح أو أي أجزاء ميكانيكية أخرى، مما يقلل من تكاليف الصيانة وتوفير الطاقة.

يعكس جهاز التبريد السلبي الطاقة الحرارية مرة أخرى إلى السماء أثناء جمع المياه باستخدام الجاذبية فقط وبدون كهرباء. مصدر الصورة: 2024 KAUST

الإنجاز الكبير في مدينة ثول

في قلب مدينة ثول بالمملكة العربية السعودية، تم تحقيق تقدم كبير في حصاد المياه من الغلاف الجوي. حيث اختبر الفريق جهازهم المبتكر، وكانت النتائج مذهلة. ومن خلال الاستفادة من الجاذبية وطلاء التزييت، تمكنوا من جمع المياه من الهواء بمعدل غير مسبوق، مما أدى إلى مضاعفة كفاءة التقنيات التقليدية لحصاد المياه في الغلاف الجوي.

تم اختبار الجهاز ست مرات على مدار عام، وكشفت البيانات عن زيادة كبيرة في تجميع المياه. سيغير هذا الإنجاز كل شيء بالنسبة للمملكة العربية السعودية، حيث تندر موارد المياه العذبة ويرتفع الطلب على المياه النظيفة. إن الآثار المترتبة على ذلك هائلة، بدءًا من ري المحاصيل إلى توفير مياه الشرب النظيفة للمجتمعات الريفية.

الفوائد الاقتصادية

باستخراج الماء من الهواء بالجاذبية، يمكن للمملكة العربية السعودية أن تقلل بشكل كبير من تكاليف إنتاج المياه. ويمكن للجهاز الجديد، الذي لا يحتاج إلى كهرباء، جمع المياه من الهواء بجزء صغير من التكلفة التقليدية. وهذا يعني أن المزارعين يمكنهم ري محاصيلهم دون القلق بشأن فاتورة الكهرباء، ويمكن للمدن أن تغسل شوارعها دون استنزاف مواردها المائية.

ويمكن أيضًا استخدام الجهاز لتبريد المباني، مما يقلل الحاجة إلى تكييف الهواء ويخفض تكاليف الطاقة بشكل أكبر. وفي بلد يمكن أن ترتفع فيه درجات الحرارة إلى أكثر من 45 درجة مئوية في الصيف، فإن هذا يغير كل شيء. لن يؤدي ذلك إلى تقليل البصمة الكربونية للمملكة فحسب، بل سيجعل الحياة أكثر راحة لمواطنيها أيضًا.

الفوائد الاقتصادية لا تتوقف عند هذا الحد. فالجهاز مصنوع من مواد رخيصة الثمن ومتوفرة بسهولة، مما يجعله حلاً ميسور التكلفة للمجتمعات الريفية. وهذا يعني أن القرى يمكن أن تحصل على المياه النظيفة والصرف الصحي، دون إنفاق مبالغ كبيرة.

المصادر

New cooling system works on gravity instead of electricity | techxplore

Lubricated Surface in a Vertical Double-Sided Architecture for Radiative Cooling and Atmospheric Water Harvesting | advanced materials

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


بيئة تقنية هندسة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 355
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *