Ad

من داخل أحد الأقسام المختصة بعلاج الأمراض المناعية، لاحظت أن أعداد السيدات اللتي يعانين من أمراض المناعة الذاتية أكثر عددًا من الرجال، تتفاوت شدة أعراض المرض عليهن، ليست الملاحظة وحدها كفيلة بإقرار مقارنة الإصابة بالأمراض المناعة الذاتية بين الإناث والذكور. إنما أقرت الأبحاث العلمية ذلك أيضًا، ففي دراسة نُشرت عام 2014 أكدت على تزايد أعداد النساء المصابة بأمراض المناعة الذاتية عن الذكور.

ما هي أمراض المناعة الذاتية؟

يحمي جهاز المناعة الجسم من الأجسام الضارة مثل البكتيريا والجراثيم والفيروسات ويرسل لها العديد من الخلايا المدافعة عنه، إنما في حالة الإصابة بمرض مناعة ذاتي يهاجم الجسم نفسه عن طريق الخطأ، فيهاجم الأجزاء السليمة منه مثل المفاصل أو الجلد، وقد تُصيب الأجسام الدفاعية عضوًا واحدًا مثل البنكرياس فينتج داء السكري من النوع الأول، أو تُصيب أكثر من عضو كما يحدث في مرض الذئبة الحمامية الجهازية.

الاختلاف بين الذكور والإناث في التوزيع الجيني وعلاقته بأمراض المناعة الذاتية

عندما يتم التزاوج بين الإناث والذكور، تحتوي بويضة الأنثى على كروموسومات تحمل الصفات الجنسية من النوع x، بينما يحمل الحيوان المنوي كرومسومات من النوع x أو Y، ليكن الجنين الناتج ذكر يحمل كروموسوم X من الأم وكروموسوم Y من الأب، أو أنثى تحمل كروموسومي X من الأم والأب.

ففي دراسة حديثة تبحث عن سبب إصابة الإناث بأمراض المناعة الذاتية من خلال دراسة الصبغي X الإضافي، فوجد العلماء أن الإناث تمتلك أجهزة مناعة أقوى تساعدها بشكل أفضل مع التعامل مع اللقاحات والالتهابات إلا أنها قد تتسبب في حدوث فرط بالإستجابة المناعية. وهذا يعني أن النساء أكثر عرضة لأمراض المناعة الذاتية عن الرجال، فتبلغ إصابتهن بمرض التصلب المتعدد بأكثر مرتين أو ثلاثة مرات، وبمرض الذئبة الحمامية الجهازية بتسع مرات.

لماذا هذا التناقض بالتحديد يبقى لغزا؟

الاختلافات البيولوجية الواضحة بين الجنسين عادة ما تتلخص في اختلاف الهرمونات والكروموسومات أو بمزيج من الإثنين معًا، وبالرغم من اكتشاف دور هرمون التستوستيرون والبروجسترون وخاصة الأستروجين الذي يساهم في حدوث أمراض المناعة الذاتية عند الإناث، إلا أنه مازال دور الكروموسومي X وY يظلا غامضًا.

تحمل الكروموسومات X العديد من الجينات وتمتلك الإناث اثنين من نوع الكروموسوم x واحد من الأب والآخر من الأم، أما الذكور فتحمل كروموسوم واحد فقط من النوع X مصدره الأم.

يعتقد باحثون من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس من خلال الأبحاث على الفئران أن الإناث اللتي يحملن كروموسوم زائد مصدره الأب يساهم بصورة كبيرة في مشاكل المناعة الذاتية. ونظرًا لحمل الإناث اثنين من كروموسوم X فيجب حدوث موازنة بينهما من خلال عملية تسمى (تعطيل كروموسوم X) باستخدام مثلية الحمض النووي لمنع عمل جينات معينة. وفي البشر تؤدي تلك العملية إلى سكون آلية عمل أغلب الجينات المحمولة على الكروموسوم X المعطل فيتسلل 15 % من الجينات عليه للقيام بدورها، فتعبر في الإناث الحاملة (XX) بصورة أكبر عن الذكور الحاملة (XY)، هناك أيضًا سببًا وجيهًا للاعتقاد بأن تعطيل بعض جينات X قد يقلل من التعبير العام لبعض الصفات، بما في ذلك تلك التي تتضمن الأداء السلس لجهاز المناعة، فوجد الباحثون في الدراسة مجموعة من خمسة جينات مرتبطة بنظام المناعة على كروموسوم X والتي يتم التعبير عنها أكثر في ذكور الفئران. وعند تحليل كيفية التعبير عن الجينات المرتبطة بجهاز المناعة لدى الذكور والإناث، وجد الباحثون أن الكروموسوم X غير النشط الذي انتهى به المطاف للوصول إلى إناث الفئران، على الأغلب يأتي من الأب بدلًا من أن يتم إيقافه بشكل عشوائي. وفي المقابل، يُقترح أن الكروموسومات X التي تنتقل من الأب إلى الأبنة لديها مستويات أعلى من التعطيل الصبغي X التي يمكنها التخفيف من التعبير عن جينات معينة بالجهاز المناعي، وربما تحفز الاستجابة المؤدية إلى الالتهابات في الإناث.

وتشير الدراسات الحديثة على الفئران والبشر أن جينات X الإضافية قد تمنح الإناث ميزة مناعية، إلا إنها بالتأكيد سيف ذو حدين. والتفسير الأكثر إيضاحًا، أن التباين في تعطيل الكروموسوم بين الإناث والذكور في الفئران يؤدي إلى لعب دور كبير في اختلاف أجهزة المناعة. وسواء كان هذا هو الحال في البشر أم لا، فسيكون من الصعب إثباته، وخاصة بوجود عدد هائل من الجينات المرتبطة بالمناعة لدينا، وعلاقتها المعقدة بالهرمونات. ومع ذلك فقد أظهرت الدراسات الأخري التي أجريت على الكروموسومات البشرية نتائج تشير إلى شيء مشابه. وفي عام 2016، اكتشف الباحثون أنه في الإناث، يمكن تعطيل الكروموسوم X غير المكتمل في الخلايا T والخلايا b وهي نوع من الخلايا اللمفاوية تقوم بتنظيم نمو الخلايا المناعية الأخرى في الجهاز المناعي، مما يجعله يساهم في ظهور أمراض المناعة الذاتية لدى الإناث.

إلا أننا حتى الآن بحاجة إلى المزيد من الأبحاث على كروموسومات الأب قبل إلقاء اللوم عليه!

أعراض أمرض المناعة الذاتية

تتشابه الأعراض المبكرة للعديد من أمراض المناعة الذاتية فى ظهور آلام بالعضلات وحدوث الحمى واحمرار الوجه والطفح الجلد ووخز في اليدين والقدمين وتساقط الشعر، تستمر تلك الأعراض لفترة ثم تتلاشى مرة أخرى، مع توقع حدوث هجمة من حين لأخر، وقد تظهر أعراض فريدة خاصة بمرض محدد مثل أعراض السكري من النوع الأول والذي يتسبب في آلام البطن وفقدان الوزن والإسهال والانتفاخ والإجهاد.

كيفية تشخيص المرض

لا يوجد اختبار واحد محدد يشخص نوع المرض المناعي، إنما يعتمد الطبيب على مجموعة من الاختبارات بجانب الفحص الطبي ومتابعة الأعراض، ويأتي اختبار يسمى ANA على رأس قائمة الاختبارات لتأكيد الإصابة بمرض مناعي ما أم لا.

علاج أمراض المناعة الذاتية

لا يمكن الشفاء من أمراض المناعة الذاتية، إنما كل ما في الأمر هو محاولة التحكم في استجابة المناعة المفرطة وتقليل الألم والإلتهاب، من خلال الأدوية المضادة للإلتهابات غير الستيرودية، مع العقاقير المناعية، كما يساعد أيضا النظام الغذائي الجيد مع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام الشعور بالتحسن.

 

المصادر:

ScienceDirec

Sciencealert

PNAS

Healthline

 

مواضيع ذات صلة:

علاج جديد للاتهاب المزمن

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


غير مصنف

User Avatar

sarah mostafa


عدد مقالات الكاتب : 13
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

عذراً، التعليقات معطلة.