بم تتميز العمارة الوحشية Brutalist architecture ؟

هذه المقالة هي الجزء 12 من 13 في سلسلة كيف نشأت الحداثة وغيرت من شكل المعمار في عصرنا؟

من قد يرغب في العيش في مبانٍ تعود للعمارة الوحشية Brutalist architecture خاصة من تضرّر أكثر من غيره من وحشية الحرب العالمية الثانية؟ حسنًا! احتلَّت العمارة الوحشية رغم قصرها كحركة عمرانية مكانةً هامّةً في إعادة تعريف تاريخ العمارة في القرن ال20. وقد ظهر الجانب الأخلاقيّ بوضوح في أعمالها المبنيّة أكثر بكثير ممّا ظهر الجانب الجماليّ.

نشأة العمارة الوحشية Brutalist architecture

تُعتبر العمارة الوحشية أحد جوانب «الطراز الدولي- international style» للعمارة، وتنتمي لعمارة الحداثة التي تنادي بتنفيذ النهج الوظيفيّ في التصميم المعماري. وقد لعب المعماري لو كوربوزييه دورًا مهّمًا في نشوء العمارة الوحشية، وانطوت أفكاره على استخدام الخرسانة والأشكال النحتيّة. بدأت الوحشية كفلسفة ثم تحوّلت إلى نمط معماري. وبدأ تداول «العمارة الوحشية- Brutalist architecture» لأوّل مرّة عام 1954، واستخدمت لوصف أفكار وممارسات عدد صغير من المعماريين الشباب في بريطانيا العظمى. وعُرفت الحركة كذلك باسم New Brutalism، ونشأت من قبل المعماريين «بيتر وأليسون سميثسون- Peter and Alison Smithson» والناقد «رينر بانهام-Reyner banham».

لم يثبت أصل مصطلح الوحشية بشكل موثّق بعد، لكن التفسير الأكثر قبولًا يقدم المصطلح كتعديل للعبارة الفرنسية «الخرسانة الخام-béton brut»، وذلك لوصف الصفات المادّيّة للعديد من المباني في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. تشكّلت هذه الصفات نتيجة النقص العامّ في الوقت والموارد اللازمة للحصول على تشطيبات دقيقة.[1][2] والتشطيبات المعمارية هي عملية إنهاء أوجه الحوائط والأرضيات والأسقف والأسطح للمبنى، أي هي السطح الظاهري المنظور من كلّ أجزاء المبنى.

أسباب نشأة العمارة الوحشية Brutalist architecture ؟

ليس مستغربًا أن الجيل الجديد من المعماريين البريطانيين في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية قد واجهوا تحدّيًا كبيرًا في الاستجابة للظروف الواقعة. بتعبيرٍ آخر، الموارد المحدودة والطلب غير المحدود. وأخذوا يبحثون عن عمارة تعكس الحياة اليومية للمجتمع البريطاني. عارض سميثسون الاتّجاهات السائدة آنذاك في العمارة، تلك التي توجّهت نحو الزخرفة الحداثية، المسمّاة «بالإنسانية الجديدة- New humanism». وفضّل الوضوح الهيكلي والأشكال البسيطة، وركّز على القيم الأخلاقيّة للعمارة مثل الصدق والحقيقة.

بدأت العمارة الوحشية من قبل مجموعة صغيرة من الناس في مكان صغير نسبيًا، ثم انتشرت في ألمانيا وسويسرا وإيطاليا. ووصلت كذلك إلى اليابان مع طلاب لو كوربوزييه، وشاعت لاحقًا في أمريكا. واتخذت أشكالًا مختلفةً في كلّ بلد من البلدان. ولقد أثّرت الصحافة المعمارية المعاصرة في تطوّر العمارة الوحشية وانتشار أفكارها. [2][3]

أفكار ومبادئ العمارة الوحشية Brutalist architecture

بدا واضحًا لمعماريي العمارة الوحشية أن العمارة يجب أن تنفصل عن السياسة، وتركّز بدلًا من ذلك على الاحتياجات البشرية في أبسط معانيها. فاستخدموا موادًا خشنةً وتركيباتٍ قد تبدو غير ملائمة، فجسّدت تلك الخصائص الفيزيائية العمارة الوحشية في الرأي العامّ. [2]

بصفةٍ عامة لم تستخدم العمارة الوحشية الإكساءات والجصّ، ويعود ذلك إلى القيم الأخلاقية مثل الحقيقة والصدق والصراحة. حيث كان عرض الطريقة التي شُيِّد بها البناء والمراحل اللاحقة للعملية رمزًا للإخلاص. فكشفوا في كثيرٍ من الأحيان عن وظائف ميكانيكيّة مخفيّة سابقًا، مثل تمديدات الكهرباء والماء وأنابيب الصرف الصحّيّ وغيرها. في الواقع، إنّ المباني الوحشية حتّى حين شُطّبت بسلاسة بدت فجةً وعاديّةً، وهذا ما اعتبره بعض النقّاد انحرافًا متعمّدًا.[2][3]

ظهرت فكرة «كما وجد-as found» أي إدراك الواقع بطريقة موضوعيّة تمامًا والعثور على قيمة لأيّ مادّة بغضّ النظر عن حالتها. نتيجةً لذلك، اعتبرت حتّى الأشياء الرخيصة والأماكن المبتذلة مصدر إلهام لهم. ولم يعطِ المعماريون معانيَ إضافيّةً أو رمزيّةً للموادّ، ورفضوا النزعة إلى تجميل الأسطح.[3]

قدّر معماريو العمارة الوحشية أساليب البناء الحرفيّة أكثر من الآليّة على الرغم من استخدامهم أيضًا لأساليب التصنيع المسبق. وأرادوا إظهار أن المباني من عمل أيادٍ بشريةٍ لذلك صنعوها في كثير من الأحيان بطريقة غير دقيقة إلى حدٍ ما. في بعض المباني لم تكن عيوب السطح ظاهرةً فحسب بل سلّطوا الضوء عليها. بشكل عامّ لا تُعدُّ الوحشية حركةً متجانسةً إذ ظهرت فيها العديد من الاختلافات. فقد فضّل بعض المعماريين الأسطح الدقيقة للغاية ولم يسمحوا بعيوب النسيج والموادّ منخفضة الجودة، واستبدلوا مبدأ كما وجد مع مرور الوقت.[3]

خصائص العمارة الوحشية بحسب بانهام

اهتمّ معماريو العمارة الوحشية بإنشاء واجهات تعكس وظائف المبنى على حساب الواجهات الزخرفية. وكتب رينر بانهام عام 1955 الخصائص التي يجب أن يمتلكها البناء لكي يعتبر عائدًا للعمارة الوحشية:

  • العرض الواضح للهيكل، فتُحذَف الطبقات الخارجية الإضافية لأنها تخفي الشكل الأصلي وموادّ البناء الأساسية.
  • تقييم المواد كما وجدت as found.
  • التذكُّر كصورة؛ أي ينبغي أن يهدف تصوّر عمل معماري ما إلى تذكّر تجربته الشاملة والواضحة.
  • الوضوح الرسمي للمخطّط؛ أي ينبغي أن يعكس شكل المبنى الترتيب الوظيفي للهيكل والموادّ التي بُني منها.[4]

مواد البناء والخامات

  • بالطبع، اختار معماريو العمارة الوحشية الخرسانة كمادّة البناء الأساسية. بدايةً استعملوا الخرسانة غير المعالجة، حيث يتمّ إزالة الخشب الذي تصلّبت عليه الخرسانة عندما كانت لا تزال في حالتها السائلة ثم تركوا السطح كما هو. اختيرت أحيانًا ألواح الخشب وأحجامها وخشونة سطحها لكي تحقّق تأثيرات أكثر تعبيرًا من خلال تركيبها في مستويات مختلّفة. نذكر على سبيل المثال تصميم كريستينا في جناح المعارض “مخزن الفنّ” سنة 1959-1965. استخدموا لاحقًا أنواعًا مختلفةً من قوام الخرسانة داخل المبنى الواحد كالأسطح الخشنة والناعمة والخرسانة المموّجة والمطروقة.
  • اختار معظم المعماريين الموادّ التي تمنح شعورًا بالثقل نتيجةً لذلك كان الطوب المادّة الثانية الأكثر شعبيةً في العمارة الوحشية. غالبًا ما استخدم كحشو بين الإطارات الخرسانية.
  • استخدموا كذلك موادًّا طبيعيةً مثل الخشب والحجر. في بعض الأحيان استخدِمت كعناصر تزينية للواجهة أو للداخل، الأمر الذي اعتبره بعض النقّاد إنكارًا لمبدأ الصدق.[3] من الأمثلة على ذلك متحف «ويتني-whitney» الذي صمّمه «مارسيل بروير-marcel breuer» سنة 1966 في نيويورك. شيِّد المتحف من الغرانيت، وخلق تصميمًا فريدًا بتوسّعه أثناء الارتفاع بالطوابق، مع نوافذه السبعة متعدّدة الأضلاع.[5]
  • استعملوا أحيانًا الصفائح المعدنية في المراحل الأخيرة من العمارة الوحشية، وكثيرًا ما كان سطحها داكنًا.[3]
تصميم krystyna rozyska-tolloczko في جناح المعارض في krakow.
متحف Whitney سنة 1966 في نيويورك.

مدرسة Hunstanton في إنجلترا

تعتبر مدرسة Hunstanton في نورفولك بإنجلترا أوّل عمل وحشي صمّمه الزوجان سميثسون، وانتهى البناء عام 1954. ترك سميثسون العديد من الوظائف والخدمات الميكانيكيّة ظاهرةً عمدًا، فمثلًا حوّلوا خزان المياه إلى برج. وتأثّروا بأعمال المعماري ميس فان دير روه. كما استخدموا إطاراتٍ فولاذيّةً ومساحاتٍ زجاجيةً كبيرةً. طرح تصميم المدرسة مشاكل عمليةً لأجيال قادمة من التلاميذ، لأنه بالرغم من أن مساحات الزجاج الشاسعة سمحت بعبور الضوء الطبيعي، إلا أنها أدّت إلى ارتفاع درجات الحرارة داخل الصفوف في فصل الصيف وانخفاضها في الشتاء.[6]

مدرسة Hunstanton في إنجلترا.

المسرح الوطني الملكي في بريطانيا

صمّم المعماري «دينيس لاسدن-Denys lasdun» «المسرح الوطني الملكي-Royal national theatre» في بريطانيا. وانتهى البناء سنة 1976. ضمّ المسرح الوطني مسرحًا مفتوحًا وهو مسرح خشبي تقليدي، بالإضافة لمسرح استديو تجريبي. وتمثّلت فكرة لاسدن بتصوّر المساحات العامّة كنوع رابع من المسارح. من وجهة نظره، قد يحتشد الجمهور حول أداء ما في الهواء الطلق، وبذلك يخلقون مسرحهم الخاصّ بسبب حضورهم معًا في مكان عامّ ليشاهدوا عرضًا دراميًا أو موسيقيًا.

المسرح الوطني الملكي في لندن.

استخدم لاسدن كتلًا متنوعة الأحجام ليكسر ضخامة الحجم الكبير للمسرح. يهيمن المسرح الخشبي والأبراج المرتفعة للمسرح المفتوح على الشكل الخارجي. وترتبط الأبراج الشاقولية المرتفعة بمصاطب أفقية خارجية، والتي تمتدّ عبر عرض الموقع وتتعزّز رؤيتها عن طريق الظلال الداكنة التي تظهر من خلال الواجهات الزجاجية في كلّ مستوى.[7]

المسرح الوطني الملكي في لندن.

برج الرعب في لندن

صمّم المعماري «إرنو غولدفينغر-Erno goldfinger» «برج تريليك-Trellick tower» -الملقّب ببرج الرعب- ليكون مسكنًا اجتماعيًا للمجلس المحلّي. انتهى بناء البرج سنة 1972، ويتألف من 31 طابقًا ويعكس سمات العمارة الوحشية. حيث اعتمد غولدفينغر على بنية الخرسانة المكشوفة ليعبّر عن جمال البرج من خلال اختيار لغة هندسية بسيطة تتلاعب بالعناصر المختلفة سواءً على المستوى الأفقي أو الشاقولي.

برج trellick يقع في غرب لندن.

ينقسم البرج إلى قسمين أساسيّين. يمثّل الجزء الأكبر القسم السكني بينما يمثّل الجزء الأصغر القسم الخدمي للبرج والذي يتّصل مع القسم السكني في كلّ طابق ثالث بممرّات. يضمّ البرج 9 أنواع مختلفة من الشقق، وبمجرّد الدخول إلى الشقة يوجد درج داخلي يُوجّه المستخدم صعودًا أو هبوطًا إلى الحجم التالي من الشقة. فقدَ البرج شعبيّته بسبب المشاكل الاجتماعية السلبية وارتفاع معدّل الجرائم به. لكن في سنة 1998 اتُّخذت إجراءات ساعدت على عودته مسكنًا آمنًا.[8]

الممرات في برج trellick في لندن.

نهاية العمارة الوحشية Brutalist architecture

وصلت العمارة الوحشية إلى ذروتها في الستّينيّات وتلاشت في أواخر السبعينيات. وترتبط في ذهن العديد من الأشخاص بالعمارة الباردة أو القبيحة، وقد نقلت مشاعر القسوة والتقشّف والكآبة. ويعتقد بعض النقّاد بأنها أدّت إلى تفاقم بعض المشاكل الاجتماعية. لكنها في ذات الوقت طرحت العديد من التساؤلات حول قيم الحقيقة والصدق في العمارة، وهذا هو إرثها المستمرّ.

المصادر

  1. Britannica
  2. architecture history
  3. ResearchGate
  4. ResearchGate
  5. Archdaily
  6. the open university
  7. Archdaily
  8. Archdaily

ما هي العمارة الاستقلابية Metabolism؟

هذه المقالة هي الجزء 13 من 13 في سلسلة كيف نشأت الحداثة وغيرت من شكل المعمار في عصرنا؟

بدت اليابان خلال الستّينيات كمصنع ضخم، حيث اعتُبر النموّ الاقتصاديّ بؤرة الاهتمام الرئيسيّة. ظهرت عمارة جديدة تُعرف باسم عمارة الميتابوليزم أو العمارة الاستقلابية metabolism. وسرعان ما انتشرت دوليًا وأثّرت على التخطيط الحضريّ والعمرانيّ للعالم.

ماذا يقصد بالعمارة الاستقلابية metabolism؟

تعدّ «العمارة الاستقلابية – Metabolism» حركةً معماريةً ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية في اليابان. دمجت الهياكل العملاقة مع النموّ البيولوجيّ العضويّ، وتأثّرت بالنظريّات الماركسية والعمليات البيولوجية الطبيعية. أسّسها مجموعة من المعماريّين الشباب الطموحين العازمين على تحدّي الوضع الراهن وترسيخ وجودهم ضمن العمارة الدولية. وشملت حركة العمارة الاستقلابية مجموعةً من المعماريّين من بينهم «كيونوري كيكوتاكي-kiyonori kikutake»، و«فوميهيكو ماكي-fumihiko maki»، و«كيشو كوروكاوا-kisho kurokawa». ونشروا البيان الرسمي الخاصّ بهم في مؤتمر التصميم العالمي في طوكيو لعام 1960 (ختام المؤتمر الدولي للعمارة الحديثة CIAM). [1][2]

أسباب نشوء العمارة الاستقلابية metabolism

تزامن انتشار العمارة الاستقلابية مع أسرع فترة لتطوّر اليابان، حيث سعت جاهدةً خلال الخمسينيات لإعادة بناء البلاد بعد الحرب. تعدّدت المشاكل التي واجهتها خلال تلك السنوات؛ مثل نقص المساكن، والتأخّر في إعادة بناء المصانع، والاهتمام بالهوية الوطنية للبلاد بعد الهزيمة. شدّدت الحكومة -جراء ذلك- على أهمّيّة تمكين الاقتصاد، فقلل التركيز على النموّ الاقتصادي من مشاكل الإسكان. فتحدّدت أبعاد المنازل في أصغر ما يمكن، حيث فضّلوا الكمّيّة على النوعية. نتيجةً لذلك تشكّل نسيج حضري مجزأ وضخم في مدن اليابان، ممتلئ بملاجئ صغيرة وغير مريحة. تبعا لذلك، شهدت البلاد تحوّلًا حادًا من المجتمع الريفيّ إلى المجتمع الحضريّ المضغوط في فترة زمنية قصيرة. لذلك سعى معماريو العمارة الاستقلابية -بشكل رئيسي- إلى إيجاد حلول جذرية لمشكلة المدن المزدحمة. ووضعوا كذلك منهجيات تخطيط جديدة للمدن عوضًا عن منهجيات عمارة الحداثة، ورجّحوا التصميم الصناعي على التصميم الجمالي.[3]

مبادئ العمارة الاستقلابية metabolism

حاولت العمارة الاستقلابية إقامة صلّة بين الثقافة اليابانية والعمارة المعاصرة، عن طريق استيعاب القيم الغربية وإنتاج نماذج مناسبة لتقاليد الثقافة اليابانية. وتشير كلمة metabolism إلى النمو والعالم البيولوجي، وبصفة عامة إلى عدم الثبات والتحولات المستمرة. وكان الهدف الأوّل هو التشديد على الفكرة الأساسيّة للتغيُّر الذي لا نهاية له، والذي يحدث داخل الكائن الحيّ وفي بيئته المحيطة.

اعتقد معماريو العمارة الاستقلابية أن العمارة لا ينبغي أن تكون ثابتةً، بل قادرةً على إجراء التغييرات الاستقلابية. فطوّروا هياكل ومشاريع تتألّف من عناصر متحرّكة بدلًا من التفكير في الأشكال والوظائف الثابتة.[3]

خصائص العمارة الاستقلابية

  • استخدام «شبكة قياس-module».
  • الاستفادة من العناصر مسبقة الصنع.
  • القدرة على التكيُّف، واستخدام البُنى التحتيّة الأساسيّة القويّة.[1]
  • استخدام الوسائل التقنيّة العالية في معظم المشاريع.
  • اعتُبرت مسألة الجماليّات ذات أهمّيّة قصوى فتوجّه المعماريّون نحو الاستعارات البيولوجيّة في رسوماتهم. لكن استخدام الموادّ الجديدة كالخرسانة المسلّحة والإطارات المعدنية جعلت الأعمال المنتجة بعيدةً عن المرونة المطلوبة. [3]

مركز شيزوكا للصحافة والإذاعة

بني «مركز شيزوكا للصحافة والإذاعة -the Shizuoka press and broadcasting center» عام 1967، وهو من من تصميم «كنزو تانغه-kenzo tange». يمتلك مركز شيزوكا أهمّيّة أكبر بكثير ممّا يوحي به حجمه الصغير نسبيًا، لأنه يضمّ مفاهيم العمارة الاستقلابية.

مركز شيزوكا للصحافة والإذاعة ، عام 1967.

يقع المركز في طوكيو، وقد ألهمَ شكل الموقع الثلاثي الضيّق -بمساحة 186 م2– كنزو لأن يصمم بنية شاقولية. يتكوّن المركز من نواة كبنية أساسيّة، والتي يمكن أن تتطوّر إلى بنية ضخمة بسبب إمكانية توصيل عدد متزايد من الكبسولات الجاهزة إليها. والنواة عبارة عن اسطوانة بقطر 7.7م، ويصل ارتفاعها إلى 57م، وتحتوي على سلالم ومصاعد ومطبخ ومرافق صحّيّة في كلّ طابق. ويصل المستخدِم عبر النواة إلى الوحدات المكتبيّة التي صمّمت على شبكة قياس كصناديق من الزجاج الناتئ والفولاذ. يتخلّل التصميم فجوات ممّا يسمح بإمكانيّة وصل وحدات جديدة، وهي فكرة لم تتحقّق أبدًا إذ يحتوي الهيكل اليوم على ذات كمّيّة الوحدات عند إنشائه لأوّل مرّة.[4]

ما هي المدن حسب عمارة Metabolism؟

استخدمت العمارة الاستقلابية جسم الإنسان كاستعارة للمدينة. ونظروا إليها على أنها بنّيّة تتكوّن من عناصر (خلايا) تولد وتنموّ ثمّ تموت بينما يستمرّ الجسم بأكمله في الحياة والتطوّر. وتأسّست المدن لديهم على مبدأين رئيسيّين؛ الأوّل عدّ المجتمع كيانًا حيًا وقابلًا للتغيُّر، والثاني وجوب قيادة عملية التحوّل في المجتمع عن طريق التقانة وهندسة العمارة والتخطيط الحضري. وفي حين أعطى كيكوتاكي وكوروكاوا أهمّيّةً كبيرةً لاستخدام التقانات الجديدة كأداة لإدارة المدن الحديثة، أعطى ماكي المزيد من الاعتبار للعلاقة بين المباني والبنيّة الحضرية المحيطة بها.

كيشو كروركاوا

ركّزت منهجيّة كوروكاوا في التخطيط العمراني على فكرة إنشاء مدينة شبيهة بالرُقع، من خلال إضافة كتل جديدة جنبًا إلى جنب على الأرض بطريقة عشوائية إلى حدٍّ ما. بالتالي خلق نسيج حضري ينمو بقيادة المدينة نفسها، على سبيل المثال اقتراحه لمدينة «التحول-metamorphosis» سنة 1965.

مقترح مدينة metamorphosis عام 1965

هنا تتطوّر المدينة بسبب النمو المستمرّ لأجزائها على طول خطوط النقل الرئيسيّة. كذلك رفض تقليد مخطّط المدن متحدّة المركز، واستخدم النموذج الخطيّ. زيادةً على ذلك فقد خلق نوعا جديدا من الفضاء الحضري عن طريق إنكار الترتيب الهرمي العقلاني للعناصر الحضرية. وأشار إلى ذلك بمفهوم الفضاء en أو الفضاء المتوسّط، ووفقًا له يرتبط الفضاء المتوسط مباشرةً بتقاليد المدن اليابانية القديمة.

كيونوري كيكوتاكي

طوّر كيكوتاكي منهجيةً على أساس أن المدينة تتطوّر كنظام من الروابط الوظيفية بين النقاط الرئيسية والتي بدورها يمكن أن تنمو وتتغيّر. لذلك يشبه النظام بأكمله شبكةً ضخمةً ومترابطةً سواءً كانت مخططةً مسبقًا أو قادرةً على التغيُّر التلقائي.[3]

برج الكبسولة في طوكيو 1972

يجذب «برج ناكاجين-Nakagin tower» الذي صمّمه كوروكاوا المعجبين من جميع أنحاء العالم. استهدف البرج رجال الأعمال الذين عملوا في العاصمة وتجنّبوا الانتقال في أيّام الأسبوع إلى منازلهم في الضواحي. دمج المبنى فكرة الهياكل العملاقة مع كلٍّ من النمو البيولوجي والتعبير المادّي للإحياء الاقتصادي والثقافي في اليابان. يتألف البرج من 140 كبسولةً، وتوصل كلّ منها بالنواة المركزية، ويمكن استبدالها أو تغييرها عند الضرورة. تدور الكبسولات في زوايا مختلفة حول النواة وتتوزّع في 13 طابقًا. وقد طوّر كوروكاوا تقنيةً تسمح بتركيب كلّ كبسولة فقط بأربعة مسامير عالية التوتر.

برج ناكاجين الكبسولي من تصميم كوروكاوا.

يبلغ قياس كلّ كبسولة (4*2.5)م ممّا يتيح مساحةً كافيةً للعيش براحة من أجل شخص واحد، مع إمكانيّة معالجة المساحة الداخلية عن طريق توصيل الكبسولة بكبسولة أخرى. زُوِّدت كلّ كبسولة بسرير وحمام إضافةً إلى تلفاز وراديو وهاتف ومنبّه، كذلك وجدت نافذة دائرية كبيرة. أراد كوروكاوا إزالة الكبسولات واستبدالها كلّ 25 عامًا تقريبًا، لكن للأسف لم يصمد البرج أمام اختبار الزمن. وهدم البرج لاحقًا عام 2022 بسبب عدم صيانته لأكثر من 33 عامًا، ممّا أدّى إلى مشاكل في الصرف الصحي وتلفّ أنابيب المياه، وأيضًا لعدم توافقه مع المعايير الزلزالية، ووجود موادّ خطرة.[5][6]

لقطات داخلية من كبسولة ناكاجين.

وُثّق المبنى قبل الهدم من خلال تقنيات المسح بالليزر، والصور الملتقطة من قبل كاميرات SLR والطائرات بدون طيار. وتباع حقوق إعادة بناء البرج في واحدة من أكبر مواقع NFT، إذ يبيع المزاد حقّ البناء في الواقع الحقيقي و metaverse. فهل سيتواجد برج الكبسولة مرّةً أخرى؟ هذا ما سنعرفه مع مرور الوقت.[7]

انتقادات كثيرة

بالرغم من أن المجموعة أنشأت كجبهةً موحّدةً، لكن المؤسّسين حملوا مجموعةً من المخاوف التي منعتهم من التقدّم كحركة واحدة بعد ظهورهم لأوّل مرّة. وغالبًا ما يتّهم النقّاد معماريي metabolism بأنهم يفتقرون إلى الشعور بالبهجة التي نجدها في أعمال «الأرشيغرام-Archigram». قد تبدو المقارنة بينهم سهلةً ظاهريًا، لكن في حين استمرّت الأرشيغرام بنشر مقالات جذّابة وغير معقولة، استخدم معماريو العمارة الاستقلابية سمعتهم المنشأة حديثًا لإنشاء لجان واسعة النطاق، وسرعان ما أصبحوا مشتّتين عن توليد رسومات مستقبلية إضافية. علاوةً على ذلك، فإن المقالات المترجمة إلى اللغة الإنجليزية بدت مبتذلةً وصعبة الفهم، إذ استُبدلت الفكاهة بصياغة جافّة. كما مالت الصحافة الدولية إلى تجاهل أعمالهم. نتيجةً لكلّ ذلك لم تدم الحركة طويلًا، فاستمرت قرابة عقد من الزمن فقط.[2]

مدن المستقبل

لطالما بحث معماريو العمارة الاستقلابية عن أفكار جديدة لمدن المستقبل، وتساءلوا عن شكلها النهائي. وكان جوابهم هو عدم وجود شكل ثابت في العالم النامي، لكنهم أملوا أن يخلقوا شيئًا يستطيع أن يتجدّد وينمو حتّى بعد تدمره.

المصادر

  1. Archdaily
  2. Architecture history
  3. Researchgate
  4. Archdaily
  5. archdaily
  6. the Gurdian
  7. archdaily

ما هي مجموعة الأرشيغرام Archigram ؟

هذه المقالة هي الجزء 11 من 13 في سلسلة كيف نشأت الحداثة وغيرت من شكل المعمار في عصرنا؟

أرادت الأرشيغرام Archigram أن تصنع العمارة مثل هاتفك المحمول، متحرّكةً ونابضةً بالحياة كالمجتمع الذي تراه حولها. واقترحت المباني المتحرّكة والتي تسطع في الظلام وتتغيّر حسب رغبة المستخدمين.

من هم مجموعة الأرشيغرام Archigram ؟

تُعتبر «الأرشيغرام- Archigram» مجموعةً معماريّةً بريطانيّةً «طليعيةً- avant-garde» تشكّلت في ستّينيّات القرن ال20 في لندن، وابتعدت عن الهندسة المعمارية التقليدية، وذلك لخلق بيئات جديدة قائمة على التقانة.[1] بدأت الأرشيغرام من قبل 6 معماريّين ومصمّمين وهم: «بيتر كوك-peter cook» و«وارن تشالك-warren chalk» و«رون هيرون-Ron herron» و«دنيس كرومبتون-dennis Crompton» و«مايكل ويب-michael webb» و«ديفيد غرين-David greene». وأخذت المجموعة اسمها عام 1961، والذي اشتقّ من كلمات «الهندسة المعمارية والبرقية- architecture, telegram». وولدت الأرشيغرام كمجلّة من ورقة واحدة مليئة بالقصائد والرسوم. كما ذكروا في عددها الأوّل، فقد أرادوا أن تكون منصّةً لأصوات الشباب المعماريّين والفنّانين، يعبّرون بها عن تخلّيهم عن الماضي ويختاروا أسلوب حياة أكثر بساطةً ومرونةً.[2]

الأرشيغرام Archigram كحدث جديد

أعطت رسومات الأرشيغرام وملصقاتهم الشكل والصوت لجيل جديد كان قد سئم من التعبيرات الجافّة لمعماريّي الحداثة. واستمرّ أعضاء الأرشيغرام بانتقاد مسار الحداثة ووقفوا ضدّ العمارة التقليدية. علاوةً على ذلك فإن التحوّلات الثقافية والتطوّرات العلميّة التي حدثت في منتصف القرن ال20 أثّرت بشكل كبير على المجموع، فقد اعتبروا أن العمارة ليست مجرّد عمارة ولكنها ممارسة ثقافية أيضًا.[3][4]

وقد كانت مجموعة الأرشيغرام فضفاضةً بما يكفي لاحتواء اختلافات الرأي الكثيرة لأعضائها. على سبيل المثال لم يهتمّ ديفيد غرين بما تبدو عليه الأشياء كثيرًا مقارنةً بما يكمن وراءها، لكن بيتر كوك فُتن بالمظهر دائمًا، ويعدّ هذا التنوّع إحدى نقاط قوّة الأرشيغرام. واستمرّ أعضاؤها بالنقاش حول الحياة اليومية والأنماط المعمارية والتقنية والمجتمع، وتعاونوا في بعض الأوقات وأحيانًا لم يفعلوا ذلك. ولكن أعطتهم المجلّة هويةً مشتركةً وأثّروا بشكل كبير على الحياة والعمران في وقتهم.[3]

ما هي مبادئ الأرشيغرام Archigram ؟

تمثّلت الرؤية الأساسية للأرشيغرام بأن المباني يجب أن تستجيب للحياة التي تحدث في داخلها وحولها، وحينما تتغيّر هذه الحياة يجب أن تكون المباني أيضًا قادرة على التَغيُّر. بعبارةٍ أخرى، يمكن للعمارة أن تتغيّر نظريًا حسب رغبة سكّانها من أجل التكيُّف مع الرغبات المتغيِّرة للمجتمعات البشريّة. أمّا بالنسبة للأشخاص فاعتقدوا بأنهم مهما فعلوا يجب أن يفعلوه بحماس.

وأرادت الأرشيغرام أن تستقطب برسوماتها وأشكالها الفنّيّة الطاقة من التقدّم التقنيّ المتزايد والثقافة الجديدة التي كانت تحدث في كلّ مكانٍ من حولهم. نتيجةً لذلك اقترحت المجموعة بنيّة مرنة في التصميم يحدّدها المستخدمون. واستوحوها من الأفكار المنتشرة بعد الحرب العالمية، وصور ثقافة «البوب-Pop»، ووسائل وأفكار السفر إلى الفضاء، حيث أحبّوا الكبسولات والبدلات الفضائيّة والهياكل المتنقّلة والمحمولة وخفيفة الوزن. ويعلّق غرين على المقولة الأشهر لعمارة الحداثة للمعماري لويس سوليفان رائد مدرسة شيكاغو “الشكل لا يتبع الوظيفة، إنه يتبع الفكرة، إنه يتبع الرغبة في أن تكون الهندسة المعمارية مبهجةً”. [1][3]

كذلك طرحوا فكرة «العمارة بدون عمارة-architecture without architecture» وتمحورت هذه الفكرة حول مفهومين أساسيّين وهما: عدم التحديد، والنموّ.[4]

أسلوب تعبير مبتكر

بدأ تقرير المصير يصبح أمرًا مهمًا في السيتينيّات، واهتمّ مهندسو الأرشيغرام بالكيفيّة التي يمكن بها للمستهلك أن يصبح جزءًا من عمليّة التصميم وليس متلقّيًا لها فقط. بذات الوقت جلبوا العقلية البريطانية وحسّهم الفكاهيّ المشترك لابتكار لغة تعبير تمثِّلُهم.[3]

العدد الرابع من مجلّة Archigram.

استخدمت المجلّة التمثيلات الكاريكاتوريّة تقريبًا لإظهار العمارة بطريقةٍ أخرى، وأخذت وسائل الإعلام في النشرات الإخبارية بنقل التصوّرات المتطرّفة للمجموعة. ولم تبدُ رسوماتهم جادّةً أبدًا كما لو أنها تسخر من شيءٍ ما، بذلك كانت السخرية هي أساس كلُّ هذا. وجعلت النبرة الساخرة بعض المقترحات متاحةً فقط لمجموعات معيّنة والتي تتطلَّب من المرء دائمًا أن يتساءَل عن المقترح الحقيقيّ والرسميّ وعن المقترح المزيف. وعلى هذا النحو لم تكن المخطّطات المقترحة أحلامًا ولا نكاتًا، كانت كلاهما ولا أحد منهما. [4]

تخطيط المدن من وجهة نظر الأرشيغرام

عقدت الأرشيغرام المعرض الأوّل لها عام 1963 باسم «المدينة الحيّة-the living city». وفضّل أعضاؤها وضع مخطّط لمدينة جديدة يكون مثيرًا للعواطف، لذلك لم يركّزوا على شكل المدينة بل اعتبروها تحفةً ثقافيةً. ويعدّ موقفهم صريحًا وواضحًا للغاية، إذ فضّلوا الحيوية وبدونها اعتقدوا بأن المدينة ستموت على يد المخطّطين الجادّين. ومن هنا بدأت فكرة كيف ستصبح العمارة إذا لم يكن الشكل شيئًا ثابتًا ومطلقًا؟.

ونستطيع الإشارة إلى «المدينة الإسفنجية-sponge city 1975» باعتبارها واحدةً من أبرز مشاريع بيتر كوك. حيث أراد كوك إزالة الجلد الخارجي للمباني واستبداله بالمناظر الطبيعية، فاهتمّ بالنباتات مثل قطعة أثريّة معماريّة. وجاء ذلك بسبب جهوده في إعادة تعريف حدود البناء من أجل السماح بالاستمرارية بين الداخل والخارج. فغالبًا ما ركّز كوك على مفهوم التحوّل في أعماله.[4]

على الرغم من أن أغلب رسومات المجموعة ركّزت على مساحات المعيشة الحضريّة الجماعيّة وليس الفرديّة، إلا أنها لم تغفل عن الأحياء السكنيّة الشخصيّة. ربّما من أشهر الأمثلة برج «منازل الكبسولة-capsule houses» عام 1964 لوارن تشالك، وهي مجموعة من المنازل الجاهزة وسهلة التجميع. تألّفت هذه الوحدات من هياكل دائرية صغيرة متّصلة بهيكل عظميّ مركزيّ. ويتطلب ذلك الإعداد لحدوث التفاعلات الاجتماعية خارجًا في المساحات المشتركة، بالتالي يلزم إنشاء تخطيط جديد. ففتح آفاق وأفكار جديدة مثل مشروع plug-in city والتفكير بمدن قادرة على المشي. وجسّدت رؤى الأرشيغرام الرغبة بإعادة هيكلة الاقتصاد والمجتمع والطرق العامّة للعيش في محاولة لتوفير الموارد والمساحة.[5]

المدينة السائرة 1966

اقترح رون هيرون فكرة المدينة السائرة على المحيط، وصنع بنية لمدينة افتراضية قائمة على الصور والرسومات. وتضمّ المدينة مجموعةً من الوحدات تحتوي كلّ منها على مجموعة شاملة من الموارد الحضرية. وترتبط الوحدات ببنية فوقية من الممرّات القابلة للسحب. لكي تخلق مدينةً سريعةً للتجوال، لا تمشي فحسب بل تتأقلم أيضًا من وجهة نظره مع التغيُّرات التي لا نهاية لها. وأعطى الوحدات مظهرًا مميّزًا وغريبًا، فدمج بين شكل الغوّاصات العسكرية وهياكل خارجية أشبه بالحشرات إضافةً إلى الأرجل المحيطية.[6]

وحدة من المدينة السائرة.

استديو الرسم في بريطانيا

قام مكتب بيتر كوك CRAB عام 2014 بتصميم استديو للرسم في جامعة الفنون في بريطانيا، يستخدمها الطلاب من جميع أقسام الجامعة ال17 من رسم ونحت وتصوير وغيرهم. تبلغ مساحة الصالة 140 م2، وتتركّز فكرة التصميم حول الإنارة الطبيعية. فشكّلت النافذة البيضوية الشمالية بمساحة 30 م2 المصدر الرئيسيّ للإنارة، إضافةً إلى نوافذ أخرى متفرّقة عزّزت كمّيّة الإضاءة. وتتكوّن القشرة الخارجية من ألواح فولاذيّة مسبقة الصنع مقاومة للماء. بينما طوّروا الجزء الداخلي من خلال تقنيّة «الجبس المقوّى بالألياف الزجاجيّة-GRG» الذي عكس بدوره المظهر الخارجي، وقدّم كذلك عزل مفيد.[7]

استديو الرسم من تصميم CRAB.
صالة الرسم من الداخل من تصميم CRAB.

مدينة plug-in عام 1964

حاول معماريّو الأرشيغرام التحرُّر من التخطيط العمراني السائد، وقدّموا اقتراحات بديلة تواجه الضواحي المملّة للحداثة البريطانية، والتصوّرات التقليدية للبنية الأساسية للمدينة. وأنشأ المعماريون بين عامي 1960-1974 أكثر من 900 تصميم من ضمنهم مخطّط plug-in city للمعماري بيتر كوك. ويوصَف هذا المشروع بالاستفزازي ويشير إلى مدينة خيالية افتراضية تحتوي على وحدات سكنية موصولة بجهاز مركزي ضخم للبنية التحتية. وهذه المدينة في الواقع ليست مدينة، لكنها بنية عملاقة تتطوّر باستمرار وتتضمّن المساكن والمواصلات والخدمات الأساسية، وتنتقل جميعها بواسطة الرافعات العملاقة.[2]

Plug-in city من تصميم peter cook.

الأرشيغرام بين الأوهام والواقع

لا شكّ أن التهمة الأكثر شيوعًا ضدّ الأرشيغرام هي أنهم تعاملوا مع أوهامٍ لا يمكن بناؤها، فنُفّذ عدد قليل من التصاميم. وصبّوا اهتمامهم حول المناقشات والأفكار التي جمعت بين العمارة والتقانة والمجتمع. فأصبحت عمارتهم على الورق مثل العمارة البنائية. على الرغم من ذلك يرى البعض بأنها ربّما قد قدّمت أكبر هدية للهندسة المعمارية وهي الموقف. فيقول غرين بأن السؤال ليس هل يمكنكم القيام بذلك؟ بل هو لماذا عساك تريد فعل ذلك؟.

المصادر

  1. Research gate
  2. archdaily
  3. the gurdian
  4. Research gate
  5. archdaily
  6. MoMA
  7. archdaily
Exit mobile version