هل حان الوقت لتلقي بذنب الوزن الزائد على فصل الشتاء؟

هل سبق ولاحظت أن وزنك يزيد في فصل الشتاء مقارنةً ببقية الفصول؟ أو أن استرخاءك تحت أشعة الشمس في أحد فصول الصيف  قد ساعدك على تخلصك من الوزن الزائد؟ في هذا المقال، سنناقش أثر أشعة الشمس على مرض السمنة الشائع، وعلاقة هذا الأخير بفصول السنة. فإن كنت من محبي فصل الشتاء فلربما قد يغير هذا المقال رأيك!

السمنة مرض العصر

شهد عصرنا الحالي تغيرًا ملحوظًا  في نظام الحياة، حيث أصبحت معظم نشاطاتنا تتم داخل جدرانٍ مغلقةٍ، عكس ما كانت عليه عند أسلافنا الذين انحصر جل نشاطهم في الزراعة والصيد. ومع الانتشار الواسع لمرض السمنة في مجتمعاتنا الحالية، فإن الكثيرين يردونه إلى هذا النمط في العيش. وهذا منطقيٌ جدًا، فإذا كانت السمنة نتيجةً لاختلال التوازن بين واردات الجسم وصادراته من الطاقة [1]، فمن البديهي أن يجتاحنا هذا المرض، خصوصًا مع الارتفاع الهائل لاستهلاكنا للسكر بالتزامن مع قلة الحركة الذي فرضه نمط الحياة المعاصر. لكن هل من الممكن أن السبب الأصلي هو قلة التعرض لأشعة الشمس؟ هذا ما افترضه بعض الباحثين، فقاموا بمجموعةٍ من الدراسات السريرية لاختبار فرضيتهم.

ما هي أشعة الشمس؟

عندما يتعرض أحدنا لأشعة الشمس، فإنه يحس بالحرارة عند نقاط التعرض، ذاك أن أشعة الشمس عبارةٌ عن حزمةٍ من الإشعاعات الضوئية التي تتميز عن بعضها البعض بكمية الطاقة التي تحملها. فعلى سبيل المثال: عندما تُشتت جزيئات المطر الضوء المرئي، يتراءى لنا قوس قزح بألوانه المعروفة. هذه الأخيرة، يمكن ترتيبها حسب طاقتها من الأحمر إلى البنفسجي. فالأزرق أكثر طاقةً من الأخضر والأخضر أكثر طاقةً من الأصفر وهكذا.
وقد اصطلح العلماء على تقسيم أشعة الشمس حسب طاقتها إلى ثلاث مجموعاتٍ: الأشعة تحت الحمراء وهي الأقل طاقةً والضوء المرئي، ثم الأشعة فوق البنفسجية التي يمكن تقسيمها أيضا إلى ثلاثة أقسامٍ:

  • المجموعة أ (UV-A) ذات الطاقة المنخفضة نسبيًا.
  • المجموعة ب (UV-B) ذات الطاقة المتوسطة.
  • وأخيرًا المجموعة س (UV-C) ذات الطاقة العالية والتي لا تصل أساسًا إلى الأرض بفضل الغلاف الجوي [1].

الآن، وبعد أن تعرفنا على مكونات الإشعاع الشمسي، سنركز على الجزء الذي قد يساعدك على تناول المثلجات بضميرٍ مرتاحٍ.

أثر الإشعاع الشمسي على جسم الإنسان

تعتبر الإشعاعات فوق البنفسجية من النوع ب (UV-B) ذات أهميةٍ كبيرةٍ في المجال الطبي. فبالإضافة إلى دورها الحيوي في تركيب الفيتامين D3، أوضحت بعض الدراسات أنها تساعد على الوقاية من مرض السمنة، حيث لاحظ بعض الباحثين في إحدى الدراسات أن الفئران التي تتناول طعامًا مشبعًا بالدهون مع التعرض المستمر للأشعة فوق البنفسجية قد ازداد وزنها بشكل أقل من تلك التي لا تتعرض لهذه الأشعة. كما لاحظوا أن التعرض لهذه الأشعة يساعد في كبح «الاضطرابات الأيضية- metabolic dysfunction» المصاحبة للسمنة كمقاومة الأنسولين ومقاومة اللبتين وغيرها [1].

وللتثبت أكثر من هذه الفرضيات، حاولت دراساتٌ أخرى مقارنة مستويات السمنة بين الفصول الباردة والحارة، باعتبار أن كمية الأشعة فوق البنفسجية التي يمتصها الإنسان تقل في فصل الشتاء وتزداد في فصل الصيف. وكانت النتيجة ارتفاعًا غريبًا في السمنة لدى الأفراد خلال فصل الشتاء مقارنةً بفصل الصيف. و لضمان علمية النتائج، فقد تم قياس مستوى السمنة هذا بواسطة عدة مؤشراتٍ قابلةٍ للقياس ك « مؤشر كتلة الجسم – Body Mass Index»- الذي يحدد وجود السمنة من خلال نسبة الطول إلى الوزن- و«قياس سماكة الجلد- skinfold measurement» -الذي يقدر نسبة الدهون في الجسم [1].

وفي دراسةٍ أخرى، لوحظ أن الجسم يستهلك الطاقة في فصل الربيع بشكل أكبر منه في فصل الشتاء، مما يعني أن الدهون تتراكم أكثر في فصل الشتاء وبالتالي ترتفع نسبة السمنة في هذا الفصل عن فصل الربيع [1].

إذن، ما الذي يجعل الإشعاعات الشمسية تؤثر كل هذا التأثير على الجسم البشري؟ هل يتخذ الجسم هذه الإشعاعات بديلًا للطعام والشراب فيأخذ ما يكفيه منها من طاقةٍ دون الحاجة إلى تخزين الفائض كما يحدث عند تناول الطعام؟ ربما! فلنكتشف ما يفترضه الباحثون.

فيتامين D3: حلقة الوصل بين الجسم والإشعاع

يفترض «فوس-Foss» أن انتشار السمنة يرجع عادةً إلى نقص في الفيتامين D3. ويعتبر أن الإشعاعات الشمسية تأخذ دورها في إنقاص الوزن من خلال هذا الفيتامين، الذي يتم تركيبه عن طريق امتصاص الأشعة فوق البنفسجية من النوع ب (UV-B). ويحاول «فوس-Foss» تفسير الفرق الملاحظ في مستويات السمنة بين فصلي الشتاء والصيف، بافتراضه أن الفيتامين D3 يعمل كمستقبلٍ للضوء بالنسبة لجسم الإنسان، حيث إن انخفاض نسبته يعبر عن اقتراب فصل الشتاء مما يستدعي ضرورة الاستعداد البيولوجي لهذا الفصل -الذي كان تحديًا صعبًا على أسلافنا في صراعهم من أجل البقاء. هذا الاستعداد البيولوجي يتجلى فيما سماه بـ «الأيض الشتوي -winter metabolism»، حيث يقوم جسم الإنسان بتوليف عمليات التمثيل الغدائي مع التغيرات المناخية، فيصير أكثر ميلًا للسمنة في الشتاء مقارنةً بفصل الصيف من خلال مضاعفة قدرته على تخزين الدهون التي تحميه من قرس الشتاء [2].

خلاصة القول: إن أشعة الشمس لها أثرٌ ملموسٌ في الحماية من السمنة الشائعة. لكن الموضوع ما زال يحتاج إلى مزيدٍ من الدراسات الدقيقة حتى نتمكن من تطبيقه كعلاجٍ فعالٍ في مستشفياتنا. وفي النهاية، إذا كنت من الأشخاص الذين لا طاقة لهم بالحمية رغم أنك على درايةٍ بأن وزنك في ازديادٍ، فلا مانع من الاسترخاء تحت حمامٍ من الشمس عله يبطئ من هذه الزيادة التي لا بد منها.

المصادر:

[1]       Ultraviolet radiation, Vitamin D and the development of obesity
[2]       Vitamin D deficiency is the cause of common obesity

لماذا نشعر بالتعب أكثر خلال فصل الشتاء؟

عندما يحل فصل الشتاء، يشعر الكثير منا بالحاجة إلى فترات راحةٍ أطول، أو إلى السبات إذا صح التعبير! فيصبح فجأةً النهوض من السرير في الصباح مهمةً شاقة. يستمر التعب خلال منتصف النهار وقد يرتفع إلى مستوى أعلى. كما يبدو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أمرًا شبه مستحيل، رغم أنه كان سهلًا خلال الصيف والخريف. كل هذا ليس مجرد خيال. فهناك أسباب علمية تجعل الناس يشعرون بالتعب أثناء الشتاء أكثر مما في المواسم الأخرى. والخبر السار هو أنه يمكنك إجراء خطوات لمحاربة الإرهاق والبقاء نشيطًا، حتى خلال أحلك أيام الشتاء.

قلة أشعة الشمس تجعلنا أكثر نعسانًا

لا تحظى الكثير من البلدان بأيامٍ مشمسة خلال فصل الشتاء. أحد الأسباب هو أن الأيام تصبح أقصر خلال فصل الشتاء. هذا ينطبق بشكل خاص على المدن الشمالية. يرتبط ضوء الشمس ارتباطًا وثيقًا بصحة جسم الإنسان. «الميلاتونين-Melatonin» هرمون تنتجه «الغدة النخامية-Pituitary Gland» في الدماغ. ينظم هذا الهرمون النوم واليقظة. عندما نكون في الظلام، تنتج الغدة الدرقية كمية أكبر من الميلاتونين. وحيث أن الشتاء مظلمٌ غالبًا (لقلة أشعة الشمس)، تنتج أجسامنا المزيد من الميلاتونين استجابةً لذلك. وهذا يؤدي إلى الشعور بالإرهاق والتعب المفرطين.

بالإضافة إلى ذلك، ضوء الشمس هو أيضًا مصدرنا الرئيسي لفيتامين (د). ينتج جلد الإنسان كميات كبيرة من فيتامين (د) عندما يتعرض لأشعة الشمس. يعاني أولئك الذين يعيشون في المناطق الشمالية من الكرة الأرضية من انخفاض مستويات فيتامين (د)، خاصةً خلال أشهر الشتاء. عندما يكون الطقس باردًا والأيام قصيرة، وتقل فرص الخروج من المنزل. فيتامين (د) له تأثير كبير على حيوية الجسم. فهو يلعب دورًا في صحة العظام ونمو الخلايا وضغط الدم ومناعة الجسم وتقليل الالتهاب. كما أنه يلعب دورًا مهمًا في الأداء الجسدي بعدة طرق.

وجدت دراسة أجرتها شركة Precision Nutrition أنه عندما تمرن رياضيون “بتركيزات فيتامين (د) المثلى في مصل دمهم”، كان التعافي لديهم أسرع وأكثر كفاءة. وكتب مؤلفو الدراسة: “المزيد من فيتامين (د) قبل التمرين يمنع ضعف للعضلات بعد التمرين ويمنح تعافيًا أفضل للعضلات. بينما قلة فيتامين (د) قبل التمرين يعني المزيد من الضعف العضلي ورداءة التعافي.”

ردع تعب الشتاء

هناك عدد من الخطوات البسيطة التي يمكنك اتخاذها لزيادة طاقتك خلال أشهر الشتاء الباردة والكئيبة.

  • زود جسمك ما يكفي من فيتامين (د). توصي الأكاديمية الوطنية للطب بـ 600 وحدة دولية يوميًا لمعظم البالغين. أن ضوء الشمس هو الخيار الأفضل للحصول على فيتامين (د)، لكن الأمر يصبح صعبًا بشكلٍ خاصٍ خلال فصل الشتاء، حيث أشعة الشمس قليلة. وفقًا لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية، فإن الجلد الذي يتعرض لأشعة الشمس غير المباشر ( الساقطة من خلال النافذة على سبيل المثال) لا ينتج فيتامين (د). وهذا يعني أنه يجب عليك الخروج فعليًا لصنع فيتامين (د) من ضوء الشمس. قد يبدو هذا صعبًا خلال فصل الشتاء، نظرًا لقصر الأيام والطقس السيئ. لكن مع ذلك، فإن بشرتك تنتج فيتامين (د) حتى في الأيام الملبدة بالغيوم – وإن كان بقدرٍ أقل مما في الفصول الأخرى.
  • يمكنك أيضًا الحصول على فيتامين (د) من غذائك، بالرغم من قلة الأطعمة المحتوية على الكمية الكافية منه. تشمل الأمثلة على الأطعمة الغنية بفيتامين (د) صفار البيض والأسماك الدهنية والمنتجات المدعمة مثل الحبوب والحليب.
  • مصابيح (أو صناديق) العلاج بالضوء يمثل خيارًا آخر. صندوق العلاج بالضوء يحاكي ضوء الشمس. يعتقد الباحثون أن هذا النوع من الضوء يسبب تغيرًا كيميائيًا في الدماغ ينتج عنه تحسنٌ في المزاج ويخفف من الأعراض الأخرى لـ «لاضطراب العاطفي الموسمي-Seasonal affective disorder (SAD)». (الاضطراب العاطفي الموسمي هو نوع من الاكتئاب يظهر ويختفي بنمط موسمي. يُعرف الاضطراب العاطفي الموسمي أحيانًا باسم «اكتئاب الشتاء-winter depression» لأن الأعراض عادةً ما تكون أكثر وضوحًا وأكثر حدةً خلال فصل الشتاء.)

المصادر: The National Health Service, STACKThe National Institute of Mental Health, WebMed

Exit mobile version