ملخص كتاب الإنسان يبحث عن المعنى للكاتب فيكتور فرانكل

يعود كتاب الإنسان يبحث عن المعنى للمؤلف وطبيب الأمراض العصبيّة والنفسيّة النمساوي الشهير فيكتور فرانكل. حدّد فرانكل معلماً جديداً من معالم العلاج النفسي، وهو العلاج بالمعنى. أي أنّ الإنسان إذا وجد في حياته معنى أو هدفاً فإنّ هذا يدلّ على أنّ وجوده في الحياة له مغزى وأنّه يستحق أن يعيشها وأن يستمتع بها. ويصور المؤلف في صفحات هذا الكتاب معاناته في معكسر الاعتقال لدى النازيين، ومحاربته من أجل الاستمرار بالحياة رغم كل العذاب.

خبرات في معسكر الاعتقال

يتحدّث الكتاب عن خبرة شخصيّة من الخبرات التي يعاني منها العديد من السجناء. ويجيب عن سؤالٍ مهم للغايّة، وهو كيف انعكست الحياة اليوميّة في معسكر الاعتقال على عقل السجين.

إنّ حالة الإقصاء والتنقل التي كان يعلن عنها رسميّاً لترحيل عدد معين من المسجونين إلى معسكر آخر هي حالة تنطوي على تخمين صادق إلى حد ما بأنّ المصير النهائي لهذا الانتقال هو غرف الإعدام بالغاز وبأفران إحراق جثث الموتى. كان يسيطر على عقل كل سجين فكرة أساسيّة، وهي أن يظل على قيد الحياة من أجل الأسرة التي تنتظره في المنزل ومن أجل أن ينقذ أصدقائه.

لم يتم استخدام فيكتور كطبيبٍ في المعكسر إلّا في الأسابيع الأخيرة من اعتقاله. وكانت كل الأعمال الشاقة التي يقوم بها عبارة عن الحفر لوضع العوارض الخشبيّة اللازمة لمد الخطوط الحديديّة، وحفر الأنفاق المائيّة.

أطوار ردود الأفعال العقلية للسجناء

يقول المؤلف أيضاّ بأنّ هناك ثلاثة أطوار تمرّ بها ردود الأفعال العقليّة لنزلاء السجن. تبدأ بالفترة التي تعقب دخول السجن مباشرةً، ثم الفترة التي يكون فيها النزيل قد اندمج في نظام المعكسر، والفترة الأخيرة وهي الفترة التي تعقب إطلاق سراحه.

يوجد في الطب النفسي حالة من الوهم تُسمى بوهم الإبراء، هذه الحالة التي يشعر بها الشخص المُدان قبل تنفيذ حكم الإعدام فيه. حيث ينتابه شعور غامض يشبه الوهم وهو أنّه سيأتي أحد وينقذه قبل الإعدام في اللحظات الأخيرة. هذه الأوهام التي راودت بعض السجناء، سرعان ما بدأت تتحطّم واحدة تلو الأخرى، ليُحل مكانها إحساس مروّع بالفكاهة والمرح. يعتقد الكاتب أن ذلك الإحسانس نابع عن يقين تام أنّ ليس لديهم ما يفقدونه عدا حياتهم المتعريّة.

لقد أيقن الكاتب خلال تواجده في السجن بأنّ الإنسان يستطيع أن يتأقلم ويتعوّد على أي شيء. وبالرغم من أنّ الطب النفسي لم يستطع تفسير هذه الحالة إلى هذا اليوم، فمثلاً إنّ الإنسان الذي يتمتّع بالنوم الخفيف والذي اعتاد أن يستيقظ حال سماعه أي صوت بسيط، يجد نفسه راقداً في التصاق بزميله في السجن دون أن يتأثر بصوت شخيره أو بأي صوتٍ مزعج آخر.

إنّ فكرة الانتحار هي فكرة تراود كل شخص مسجون تقريباً، وذلك نتيجة الإحساس بالعجز الشديد. كما أن الانتحار هي فكرة تلازم الشعور بخطر الموت الذي يُحيط بالسجين من كل جانب. ويرى كاتب الإنسان يبحث عن معنى أن السجين الوافد حديثًا يعيش ألواناً من الانفعالات المؤلمة نتيجة شوقهِ العارم لأسرته وبيته. كما يغلب عليه شعوره بالاشمئزاز مما يحيط به في السجن.

كان المسجون يجلد بسبب أبسط أشكال الاستفزاز، وفي بعض الأحيان دون أي أسباب على الإطلاق. وعند هذه اللحظة لم يكن الألم الجسدي هو الذي يسبب الأذى للسجين، وإنّما الألم النفسي الناتج عن الشعور بالظلم. كانت كل أحلام السجين تدورُ حول الخبز، والكعك، والسجائر، والحمامات الساخنة. وكان السجين يستيقظ من نومه ليصطدم بواقعهِ المليء بالعذاب، وهذا ما يجعله ضحية التناقض بين حقيقة الواقع ووهم الأحلام.

المبادئ الأساسيّة للعلاج بالمعنى

يقول الكاتب بأنّ العلاج بالمعنى يُركّز على المستقبل، وعلى المعاني التي يجب أن يضطلع بها المريض في مستقبله. إنّ سعي الإنسان إلى البحث عن المعنى، هو قوة أوليّة في حياتهِ، وليس تبريراً ثانويّاً لحوافزه الغريزيّة. فالإنسان قادر على أن يحيى وأن يموت في سبيل قيمه وطموحاتهِ. لايوجد شيء في الدنيا يُمكن أن يُساعد الإنسان بفعاليّة على البقاء حتى في أسوأ الظروف، مثل معرفته بأنّ هناك معنى في حياته.

إنّ اندفاع الطاقة الجنسيّة يُصبح متفشيّاً في حالات الفراغ الوجودي. لكن معنى الحياة يختلف من شخصٍ لآخر، وعند الشخص الواحد من يومٍ ليوم، ومن ساعة إلى أخرى. لذا يعتقد الكاتب أنه يجب ألّا نبحث عن المعنى مجرد للحياة، فلكل فرد رسالته الخاصة في الحياة.

إنّ العلاج بالمعنى يحاول أن يجعل المريض واعيّاً كل الوعي بالتزامهِ بمسؤوليتهِ. ولذا يجب أن نترك للمريض حرية اتخاذ القرار بشأن إدراكهِ لنفسهِ كشخصٍ مسؤول يتحمّل مسؤولية اختياره لأهدافه في الحياة. ويُشير المؤلف أيضاً بأنّ معنى الحياة يتغيّر دائماً، لكنهُ لا يتوقف أبداً عن أن يكون موجوداً.

يرى كاتب الإنسان يبحث عن المعنى أن الحب هو الطريقة الوحيدة التي يدرك بها الإنسان كائناً إنسانيّاً آخر في أعماق أغوار شخصيتهِ. فلا يستطيع الإنسان أن يصبح واعيّاً كل الوعي بالجوهر العميق لشخصٍ آخر إلّا إذا أحبه. إن معنى المعاناة الحقيقيّة هو عندما يجد شخص نفسه في موقف لا مفر منه، وحينما يكون على شخصٍ أن يواجه قدراً لا يُمكن تغييره. تحدث تلك المعاناة عندما نصاب بمرض عضال مثل السرطان، عندئذٍ فقط يكون أمام الشخص فرصةً أخيرة لتحقيق المعنى الأعمق، وهو معنى المعاناة.

هناك بعض المواقف التي قد يُحرم فيها الإنسان من فرصة الاستمتاع بحياتهِ، ولكن الذي لا يمكن استبعاده أبداً هو حتميّة المعاناة. فإذا تقبلنا تحدي المعاناة بشجاعة كان للحياة معنى حتّى اللحظة الأخيرة.

التسامي بالذات

يقول المؤلف في هذا الكتاب بأنّ الوجود الإنساني يتميز بنوعٍ خاص من ظاهرتين إنسانيتين، وهما التحرر الذاتي، والتسامي بالذات. إنّ تحقيق الذات ليس هو الغايّة القصوى عند الإنسان، ولا حتّى مقصده الأول. وذلك لأنّ تحقيق الذات إذا صار غاية في حد ذاتهِا فإنّه يتعارض مع خاصيّة تجاوز الذات أو التسامي بالذات. إنّ التسامي بالذات هو جوهر الوجود، إذ يقول العالم آنشتاين بأنّ الإنسان الذي يعتبر حياتهُ جوفاء من المعنى، فهو ليس غير سعيد فحسب، ولكنه يكون غير صالح لأن يعيش. ومع ذلك فإنّ الملل والتبلد آخذان في الانتشار في العالم الحالي، وينتشرُ معهما كذلك الشعور بالفراغ وباللا معنى.

من خلال قراءة الكتاب “الإنسان يبحث عن المعنى” فهمت بشكل شخصي أن كلٍ منا اهمية تحديد غاياته الشخصية وهدفه في الحياة. إذ يعمق الكتاب دور البحث عن المعنى الكامن وراء تجاربنا. تعلمت أهمية الصمود في وجه الصعوبات وكيف يمكن للتفكير الإيجابي والتفاؤل أن يلعبان دورا كبيرا في بناء حياة ممتلئه بالرضا الداخلي. تعلمت أيضاً أهمية الايمان بالذات والتسامح مع الذات والقدرة على الاستفادة من التجارب السلبية للنمو الشخصي.

ملخص كتاب أسس التفكير العلمي للدكتور زكي نجيب محمود

يتحدث الكاتب عن أهمية وضوح التفكير العلمي وتجنب اللبس بين المتشابهات للقارئ العام. يؤكد على تنوع مجالات النشاط الذهني للإنسان، مشيرًا إلى أن المنهج العلمي ليس الوحيد وأن هناك ميادين أخرى للنشاط الإنساني. كما يركز الكتاب فقط على المنهج العلمي، فيقول أن الملاءمة في كل ميدان تستند إلى خبرة الإنسان عبر تاريخه، مع تشديده على أهمية الالتزام بمنهج المجال المحدد مع إمكانية التعديل بناءً على التجارب والتطور.

الشعر والعلم

يستعرض الدكتور زكي نجيب محمود التصادم بين الشعر والعلم. حيث يظهر أنه لا يمكن لعالم الجيولوجيا أن يعترض على تصريح شاعر يتحدث عن تكوين الأرض بطريقة شعرية. ويقول أن لكل من الشعر والعلم ميزانًا خاصًا. حيث يقيم النقاد الأدبيون جودة الشعر، بينما يعتمد العلم على أصول المنهج العلمي.

يستعرض الكاتب تفاوت محتوى مجال التفكير العلمي ويقارن بين مستويات التجريد والتعميم، ويقدم مثالاً عن الأقلام. حيث يناقش قدرتنا على التعرف على القلم كشيء بشكل فردي معين، ولكن عندما نقوم بالتجريد وخلع الخصائص الجزئية كاللون والحجم، يبقى لدينا مفهوم فكري مجرد عن القلم.

يسلط الكاتب الضوء على أن هذا التجريد يبعدنا عن الواقع الحسي، مشيراً إلى أن العقل يلعب دورًا رئيسيًا في عملية الإدراك، حتى وإن كان مستندًا إلى الأقلام الجزئية في العالم المحسوس. كما يعتقد الكاتب أن الحقائق العلمية تتفاوت في درجات التجريد والتعميم، حيث تتنوع مستويات التجريد والتعميم بحسب نطاق الاستنباط الذهني للمفاهيم العلمية المختلفة.

علوم مختلفة

يستعرض الدكتور زكي نجيب محمود تنوع العلوم في مجالات مختلفة مثل الرياضة والطبيعة، مشيراً إلى وجود تسميات متنوعة مثل “علوم اجتماعية” أو “علوم إنسانية” لبعض الصنوف. يثير ذلك التنوع سؤالًا حول ما إذا كانت جميع هذه التنوعات في المجالات العلمية تتشارك في نمط فكري واحد يمكن تسميته بالتفكير العلمي أم لا.

وقفة عند التفكير الرياضي

يشير الكاتب إلى اتجاهات الأفراد نحو التفكير العلمي، حيث يلاحظ أن الانتباه يتجه غالبًا نحو التفكير الطبيعي التجريبي في مجال العلوم. ومع ذلك، يشير إلى وجود نوع آخر من التفكير يختلف جوهريًا عن منهج العلوم الطبيعية، وهو التفكير الرياضي. يستخدم مصطلح “الرياضة” هنا ليشمل الجبر والحساب والهندسة، مشيرًا إلى أن هذا النوع من التفكير يتبع نهجًا مميزًا يتمثل في السير من الفرضيات إلى النتائج بنفس الطريقة المستخدمة في العلوم الطبيعية.

وقفة عند التفكير التجريبي

يشدد الكاتب على أهمية التفكير الرياضي كنوع آخر من التفكير العلمي. ويرى أنه على الرغم من تركيز الانتباه على التفكير التجريبي الطبيعي في العلوم، إلا أن التفكير الرياضي له أهمية كبيرة في تاريخ الإنسان والتفكير العقلي. كما يقول بأن التفكير الرياضي يمتد جذوره إلى العصور القديمة، بينما ظهر التفكير العلمي التجريبي في وقت لاحق. يُشير الكاتب إلى أن الفكر اليوناني القديم كان يتبنى منهجًا رياضيًا في الفكر، حيث يستند إلى فرضيات، ويستخرج منها حقائق مستنتجة.

تحويل الكيف إلى كم

يقدم الكاتب تفسيرًا لمصطلحي “الكيف” و”الكم” في سياق الفكر الفلسفي، وفي تفاعلهما مع التفكير العلمي. ويشير إلى وجود مستويين لإدراك الإنسان لبيئته، حيث يعامل المستوى الأول بشكل يومي يعتمد على الحواس والأشياء الظاهرة الملموسة. بينما يتسم المستوى الثاني بالتعامل مع البحث العلمي والتفكير الكمي في علوم متقدمة. يوضح كيف يتم التعامل مع مصطلح “الماء” على مستوى الحياة اليومية، بينما يتفاعل معه في العلم بشكل تحليلي يفصل بين عناصره الكيميائية؛ وهذا يدل من وجهة نظره على دقة البحث والتفكير العلمي مقارنة بمستوى تعاملنا في الحياة العامة.

التفكير العلمي الموضوعي

يقدم الكاتب تفسيرًا للتقسيم بين “كيف” و”كم” في الفكر العلمي، حيث يركز على التفكير العلمي الذي يتناول الجوانب الكمية بشكل أساسي، ويحاول التخلص من الجوانب الكيفية. ويقوم بتوضيح التقسيم بين الصفات الأولية (الموضوعية) والثانوية (الذاتية). حيث يشير إلى أن الأولى تتعلق بصفات الأشياء بشكل موضوعي بمرور الوقت. بينما الثانية تعتمد على تفاعل الإنسان معها بشكل شخصي.

يبرز أهمية أن تكون القضايا العلمية المطروحة قابلة للتحقق بوسائل يمكن فهمها وتقييمها من قبل باحثين آخرين، مما يجعلها قضايا اجتماعية يجب أن تتبنى لغة ورموز معترف بها في المجال العلمي.

ولكن ماذا عن العلوم الإنسانية؟

في هذا الجزء، يروي الكاتب تجربته كأستاذ زائر في جامعة أمريكية خلال العام الجامعي 1953 – 1954. ويشير إلى تقليد الجامعة في استضافة رجال علم بارعين، فيتحدث عن زيارة “هنري مارجينو” الذي كان يهتم بفلسفة العلوم. ويسرد محاضرات “مارجينو” حول فلسفة العلوم الإنسانية، مقدمًا سؤالًا حول المنهج في هذا الميدان. يصف الكاتب لحظة صمت قصيرة قبل أن يبدأ بطرح أفكاره حيث يقترح أن التناول العلمي يمكن تطبيقه على كل ظاهرة تحت المشاهدة، سواء كانت إنسانية أو غيرها، مع إمكانية تطوير منهج خاص للظواهر التي تفوق إمكانيات المنهج الطبيعي.

العلم وحده لا يكفي

في هذا الجزء، يشبه الكاتب حياة الإنسان بقصر ذي غرف كثيرة، ويعبر عن تقصيره في استكشاف جميع جوانبها، متحدثًا عن الجانب الذي اختاره للتفكير العلمي، وهو غرفة العلم. يشدد على أنه في هذه الرحلة تم اختيار نافذة وباب محددين، الأولى تطل على الواقع الذي يمكن حسابه بالأرقام، والثاني يدخلهم إلى تلك الغرفة عبر المنهج العلمي. ويحذر القراء من إهمال أو تجاهل بعض الجوانب الإنسانية العميقة والمعقدة التي قد لا يكون التفكير العلمي قادرًا على إلقاء الضوء عليها، مثل العواطف والقيم.

يرى الكاتب أن غاية الإنسان تتمثل في أن يكون كائنًا حرًّا، ويتحقق ذلك من خلال العلم والوجدان. ويبرز دور العلم في فهم قوانين الطبيعة وتحقيق التفوق على قيودها، ويمكن للعلم أن يساهم في تحريرنا من قيود الزمان والمكان. بالإضافة إلى ذلك، يتحدث عن أهمية الوجدان والإيمان في تحطيم قيود الحاجة وتحقيق أشكال متنوعة من الحرية، مثل الإنفاق في سبيل الخير والترفّع عن الحاجات الضيقة. كما يقارن بين حرية العلم وحرية الوجدان، مشيرًا إلى أنهما يمثلان جوانب مهمة من الحرية التي تمكّن الإنسان من التفوق والتحرر.

Exit mobile version