Ad

نجح العلماء في استنساخ «دوللي_Dolly» عام 1997 من خلال عملية نقل نووي من خلية متمايزة من نعجة أخرى. افترض علماء الأحياء -حتى ذلك الحين- أن الخلايا البالغة تفتقر إلى القدرة على النمو لتصبح كائنًا حيًا جديدًا يعمل بكامل طاقته. وعندما تتمايز الخلايا بشكل لا رجعة فيه إلى خلايا جلد أو كبد أو دماغ، فإن العديد من الجينات تتوقف عن العمل بشكل فعال. ومع ذلك، فإن العديد من تلك الجينات المعطلة ضرورية في الواقع لنمو كائن حي جديد. لهذا السبب فشلت تجارب الاستنساخ السابقة مع الحمض النووي من الخلايا المتمايزة. لكن تمكن العلماء الآن من ذلك، عن طريق نقل الحمض النووي البالغ إلى خلية بويضة منزوعة النواة، حيث تحدد بروتينات الأم وجزيئات الإشارة القطبية “الطرف الأمامي” للجنين وتحفز التعبير عن مجموعات أخرى من الجينات في مناطق محددة. بدون هذه البروتينات والجزيئات، لن يبدأ الجنين في النمو، ومن هنا فتح باب جديد في العلم وهو الهندسة الوراثية. [١]

ما هي الهندسة الوراثية؟

الهندسة الوراثية هي عملية قطع ولصق للحمض النووي من مصادر مختلفة إلى داخل الخلية. ويمكن أن تكون هذه الخلايا جزءًا من كائن حي متعدد الخلايا مثل النبات، أو داخل خلية واحدة، مثل البكتيريا.

إمكانات هائلة للهندسة الوراثية في الطب

1. تطوير عقاقير جديدة

 قبل دوللي بفترة طويلة، تمت هندسة العديد من الحيوانات وراثيًا لأغراض طبية مختلفة، إذ صمّمت الأغنام والماعز لتنتج البروتينات البشرية في حليبها، مثل عوامل التخثر لعلاج أمراض الدم مثل الهيموفيليا. وعُدِّلت أجهزة المناعة لدى الخنازير لتشبه تلك الخاصة بالبشر بحيث يمكن زرع أعضائهم في البشر دون رفض مناعي. وغُيِّرت الفئران وراثيًا لتصبح سمينة أو لتطوّر أمراضًا معينة للسماح للعلماء بدراسة الاضطرابات ذات الصلة في البشر.

التجارب على هذه الحيوانات معقدة وتستغرق وقتا طويلاً. عندما تتكاثر بشكل تقليدي، فإن نسبة من النسل تفقد الصفات المرغوبة. وعلى الناحية الأخرى، تحتفظ الحيوانات المستنسخة بصفاتها الخاصة لأجيال عديدة. كما أن اختبار العقاقير على كميات كبيرة من الحيوانات المتطابقة قدر الإمكان يساعد الباحثين على استخلاص إحصائيات أكثر موثوقية.

2. تربية الماشية

 يمكن استنساخ الماشية أو الخيول أيضًا. وقد تحول منتجو لحوم البقر والألبان إلى شركات خاصة مثل Advanced Cell Technology لاستنساخ أفضل سلالات حيواناتهم، ويتوقعون أن ينتج النسل نفس الإنتاج الضخم من لحم البقر والحليب.

3. الحفاظ على التنوع البيولوجي

استخدم العلماء الاستنساخ بالفعل للحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض. حيث استنسخ الغور الآسيوي (Bos gaurus) وهو نوع ضخم من الماشية البرية، عام 2001 باستخدام بقرة منزلية (Bos taurus) كأم بديلة. وولد الجور بصحة جيدة، لكنه مات من الزحار الشائع بعد 48 ساعة فقط.  

4. إنتاج الأنسولين

 الأنسولين هو بروتين ينظم نسبة السكر في الدم ويفرزه الجسم البشري بكميات مناسبة في الأشخاص الأصحاء. ويفتقد الأشخاص المصابون بمرض السكري من النوع الأول لما يكفي من الأنسولين. لذلك يظل سكر الدم مرتفعًا، إلا إذا قاموا بحقن الأنسولين الخارجي بأجسادهم. يمكن أن يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم إلى تلف أعضائنا، مثل الكلى والجهاز القلبي الوعائي.

 يُصنَع الأنسولين عادة بواسطة خلايا في البنكرياس، ولكن يصعب نمو هذه الخلايا في المختبر. لهذا السبب، قرر العلماء إيجاد طريقة أسهل لصنع الأنسولين. فقطعوا جزيئًا من الحمض النووي المنتج للأنسولين من خلايا البنكرياس وألصقوها في الخلايا البكتيرية. وبالطبع تنمو البكتيريا بسرعة كبيرة في المختبر عند توفير البيئة المناسبة لها. وبذلك أصبحت البكتيريا المعدلة تنتِج الأنسولين، الذي يمكن عزله بسهولة ثم إعطاؤه للمرضى. باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية، وجد العلماء علاجًا مناسبًا لمرض السكري وبتكلفة زهيدة.

5. اللقاحات

تعد اللقاحات إحدى أهم تطبيقات الهندسة الوراثية، حيث تستخدَم تقنية الحمض النووي معاد التركيب في إنتاج اللقاحات ضد الأمراض. وتحتوي اللقاحات على شكلٍ من أشكال الميكروبات المعدية غير القادرة على التسبب بالأمراض، ولكنها تمكن جهازنا المناعي من تكوين أجسامٍ مضادة واقيةٍ ضد الميكروبات المعدية.

يتم تحضير اللقاحات عن طريق عزل المستضد أو البروتين الموجود على سطح الجزيئات الفيروسية. كما ينتَج عدد قليل من اللقاحات عن طريق استنساخ الجينات، كاللقاحات المصنوعة ضد التهاب الكبد الفيروسي، وفيروس الهربس البسيط، ومرض الحمى القلاعية. 

6. الاستنساخ العلاجي 

يستخدم الاستنساخ لأغراض التكاثر والعلاج بنفس الأساليب. لكن يدمر الاستنساخ العلاجي الجنين بعد بضعة أيام من النمو من أجل حصاد الخلايا الجذعية الجنينية. إذ لديها القدرة على النمو كأي نوع من الخلايا في الجسم. على سبيل المثال، يمكن زرع الخلايا الجذعية لتحل محل الأنسجة التالفة في أدمغة المرضى الذين يعانون من أمراض غير قابلة للشفاء مثل مرض باركنسون أو ألزهايمر، أو في كبد الأشخاص الذين يعانون من فشل الكبد. ولكن ما زال هناك جدل حول استخدام الخلايا الجذعية الجنينية في هذه التجارب، لذا تم استبدالها بخلايا أخرى. [٢]

كيف استبدل العلماء الخلايا الجنينية بالخلايا الجذعية المستحثة؟ 

اكتشف الباحثون في السنوات الأخيرة بدائل محتملة للخلايا الجذعية الجنينية. ففي عام 2006، تمكن الباحثون لأول مرة من تحويل خلايا الفئران الجسدية البالغة إلى خلايا جذعية متعددة القدرات، مما يعني أن الخلايا البالغة يمكن أن تتحول إلى أي نوع آخر من الخلايا. كان هذا إنجازًا علميًا عظيمًا بحق! فبعد فترة وجيزة، نجح الأسلوب نفسه مع الخلايا البشرية، مما أدى إلى إنتاج ما يسمى بالخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (iPS).  وقد صنع الباحثون خلايا iPS عن طريق إدخال أربعة جينات في جينوم الخلايا الجسدية. وترمز هذه الجينات الأربعة لعوامل النسخ وهي المفاتيح التي يمكنها تشغيل أو إيقاف نشاط الجينات الأخرى. ومن المدهش حقًا أن أربعة جينات فقط يمكن أن يؤدوا مثل هذا التغيير الجوهري في أجسادنا.

ما هي مخاطر استخدام الخلايا المستحثة؟

لا تزال هناك مخاطر وتحديات كبيرة، فتوصيل الجينات إلى الخلايا يمثل تحديًا. وقد استخدم العلماء الفيروسات لإدخال الجينات الأربعة، لكن تسبب تلك الفيروسات السرطان في بعض التجارب على الحيوانات. فطُوِّرت طرق أخرى أكثر أمانًا منذ ذلك الحين. وأظهرت تجارب أخرى أنه يمكن استبدال اثنين من الجينات الأربعة بجينات أخرى، ويمكن حذف البعض كذلك.

يمكن أن تؤدي الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات iPS إلى ظهور العديد من أنواع الخلايا المختلفة، ولكنها تختلف عن الخلايا الجذعية الجنينية بشكل كبير، كموقع العلامات فوق الجينية (الإبيجينية) الخاصة بها. من الصعب أيضًا إنتاج حيوانات حية مثل الفئران باستخدام الخلايا الجذعية المستحثة مقارنة بالخلايا الجذعية الجنينية. ويحمل البحث في الخلايا المستحثة آمالا كبيرة للطب التجديدي. ومع ذلك، لن يكون قادرًا -كما يشير بعض العلماء- على استبدال الدراسات على الخلايا الجذعية الجنينية بشكل كامل حتى الآن، فهناك حاجة إلى مزيد من البحث. [٣]

المصادر 

  1. Scientists Made 4 Clones of Dolly The Sheep – Here’s What Happened to Them All : ScienceAlert
  2. genetic engineering – Process and techniques | Britannica
  3. Stem cells: past, present, and future | Stem Cell Research & Therapy | Full Text (biomedcentral.com)

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


أحياء طب صحة

User Avatar

داليا عاطف

طالبة بكلية صيدلة تحب القراءة والعلم


عدد مقالات الكاتب : 21
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : زكية بلحساوية
تدقيق علمي : abdalla taha

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق