- لماذا نحب الاستماع إلى الموسيقى؟
- كيف ترتبط الموسيقى بالهوية الفردية؟
- الموسيقى والتسويق: كيف تؤثر الموسيقى على سلوكك الشرائي؟
- علاقة الموسيقى بالسياسة: الموسيقى في خدمة الأنظمة السياسية
- الاستماع إلى الموسيقى خلال الحمل : آثاره على صحة الأم والجنين
- ما هو أثر الموسيقى في الحيوانات؟
- هل تؤثّر الموسيقى في نمو النبات؟
- آلة الفلوت: منذ العصر الحجري حتى اليوم
- تطوّر الموسيقى العربية بين التاريخ والجغرافيا
- موسيقى الجاز: الموسيقى التي وُلدت من رحم النضال ضد العنصرية
- ما هي موسيقى الروك؟ وكيف نشأت؟
لا تقتصر مقاومة الشعوب للظلم والعنصرية على النضالات السياسية والعسكرية، بل هي تتخطاها إلى النضالات الفنية والموسيقية. وتُعد موسيقى الجاز أحد أبرز الأمثلة على المقاومة بالفن. فما هو الجاز؟ وما هو تاريخ هذا النمط الموسيقي؟ وكيف ساهم الجاز بمحاربة العنصرية؟
محتويات المقال :
ما هو الجاز؟
“الجاز – Jazz” هو نمط موسيقي واسع أُنشئ في الولايات المتحدة الأميركية من قبل الأميركيين من أصل أفريقي، تميّز في بداياته بالارتجال الموسيقي. وهو يجد جذوره في موسيقى “البلوز – Blues” و”الراغتايم- Ragtime”، ويمزج بين الإيقاعات الأفريقية والهيكلية الموسيقية الأوروبية.
يتميّز الجاز غالبًا بتناغم موسيقي (هارموني) معقّد، وتأخير النبرة الموسيقية (syncopation) وبدرجات مختلفة من الارتجال الموسيقي. من أكثر الآلات الموسيقية المُستخدمة في الجاز هي آلة الـ”ترومبيت-Trumpet” والـ”ساكسوفون -Saxophone” والبيانو والـ”درامز – Drums” والغيتار.
من الصعب تحديد تعريف واضح وخصائص موسيقية ثابتة للجاز، إذ أنه منذ نشأته في القرن العشرين، شهد الجاز تغيرات وتطورات كبيرة، وتفرع بعدد من الأنواع الموسيقية المختلفة. ولكن على الرغم من تنوّعه، يتمتع الجاز بهوية فريدة وخاصة تميّزه عن باقي الأنماط الموسيقية.
تاريخ موسيقى الجاز:
انطلق الجاز في بدايته من مدينة نيو أورلايانز التي تقع في ولاية لويزيانا الأميركية، وذلك في بدايات القرن العشرين. وقد شكّلت الخلفية الثقافية الغنية لهذه المدينة أرضًا خصبة لتشكل نمط الجاز الموسيقي، فقد تميّزت نيو أورليانز بالتنوع السكاني الأكبر بين المدن الجنوبية، بحيث جمعت المدينة سكانًا من أصول أفريقية وفرنسية وكاريبية وأيطالية وألمانية ومكسيكية وبريطانية وغيرها. بين العامين 1910 و 1915، انتشر تنظيم أدوار الآلات الموسيقية ضمن مجموعة متناسقة. ورغم عدم إتاحة كل الآلات الموسيقية للعازفين ذوي البشرة السمراء، استطاع هؤلاء خلق موسيقى متناسقة ومستقلة، من خلال استخدام الآلات المتاحة لهم كالكلارينيت والبوق (ترومبيت) والترومبون والتوبا والبيانو والآلات الايقاعية. بعد فترة، بدأ الموسيقيون بالارتجال خلال عروض الفرق الموسيقية، وكانت هذه بداية موسيقى الجاز.
امتزجت الموسيقى الأفريقية التقليدية مع أنماط موسيقية أخرى لينمو الجاز تدريجيًا متجذرًا من الراغتايم والبلوز وموسيقى فرق المسيرة. وكان الجاز في بدايته موسيقى للرقص. بعد تسجيل أغاني الجاز الأولى في عام 1917، انتشر الجاز سريعًا في مدن وولايات أخرى.
نجوم الجاز الأوائل
وقد لمع نجوم الجاز الأوائل أمثال لويس أرمسترونغ ودوك إلنجتون و تشارلي باركر الذين رسموا ملامح موسيقى الجاز. ابتدع هؤلاء تقنياتها وقادوا انتشار الجاز في الولايات المتحدة الأميركية والعالم. في العشرينيات من القرن الماضي، تجذّر الجاز للمرة الأولى في بريطانيا متأثرًا بموجة الجاز الأميركية. وهو ما ساهم في انتشاره في باقي دول العالم.
في الاربعينات، ساهم انتشار الراديو والأفلام والإعلانات بانتشار أكبر لموسيقى الجاز. تحول مغنيو هذا النمط المةسيقي إلى نجوم عالميين وذوي شعبية عالية. كما انتقل العديد من عازفي الجاز إلى الخدمة العسكرية خلال الحرب، ممّا فتح المجال أمام عازفات إناث لدخول مجال الجاز. وقد شهدت سنوات الخمسينات على نجاح كبير للجاز أيضًا، بحيث اعتُبر موسيقى جيل الشباب، وقد تأسست نوادي الجاز في مختلف دول العالم. كذلك تأسس فرع موسيقي جديد تحت مظلة الجاز وهو اليببوب (Bepop).
في الستنينات، شهدت موسيقى الجاز تغييرًا كبيرًا وقد وُلد نمط موسيقي جديد سمّي بالجاز الحديث. لكن صعود نجم موسيقى الروك جعل من الجاز أقل شعبية من ذي قبل. ورغم ذلك، استمرت موسيقى الجاز بالتجدد والانتشار، وهي تعتبر من أهم الانماط الموسيقية وأكثرها انتشارًا وشعبية حتى اليوم.
كيف ساهمت موسيقى الجاز بمقاومة العنصرية؟
كانت موسيقى الجاز بمثابة مساحة للأميركيين ذوي البشرة السمراء، للتعبير عن معاناتهم وأوجاعهم وأفراحهم ورغباتهم، وقد وُلدت موسيقى الجاز في أكثر المناطق التي عانت من التمييز العنصري. كما عبّرت هذه الموسيقى عن هوية الأميركيين ذوي البشرة السمراء وفخرهم بأصولهم الإفريقية وتاريخهم.
لكن دور الجاز لم يقتصر على كونه وسيلة للتعبير، بل تحوّل لأداة لرفع الصوت بوجه التمييز العنصري، من خلال كلمات أغاني الجاز وموسيقاها. فقد بدّل مثلًا لويس أرمسترونغ كلمات أغنية “What did I do to be so” ليثير قضية التمييز العرقي في كلماته سنة 1929. وفي العام 1960، أصدر “ماكس روتش – Max Roach” ألبوم الجاز تحت اسم “We insist!”، الذي غنى فيه عن تاريخ العبودية وتحرر الأفارقة من أنظمته وشمل دعوات لتحرير جنوب أفريقيا. كما غنى العديد من مغني الجاز ضد التمييز الطبقي والجندري.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت صناعة الجاز باختلاط الأميركيين البيض والسود، ورغم وجود التمييز العرقي في كافة القطاعات، اكتسب المغنون السود احترامًا كبيرًا ومعاملة عادلة مقارنة بالمغنين البيض.
Jazz stands for freedom. It’s supposed to be the voice of freedom: Get out there and improvise, and take chances, and don’t be a perfectionist – leave that to the classical musicians
Dave Brubeck
يقول مغني الجاز داف بروبيك أن الجاز هو “صوت الحرية”. وقد ساهم الجاز في كسر حواجز الخوف والعنصرية من جهة، وبكسر تقاليد الموسيقى التقليدية من خلال إفساح المجال للارتجال من جهة أخرى. من هنا، يُعتبر هذا النمط الموسيقى ثورة فنية، بدأت في مدينة تعاني من الفقر والتمييز ووصلت أصداؤها إلى العالم أجمع.
المصادر:
American history
Britannica
National jazz archive
York college
إقرأ أيضًا: ما هي موسيقى الروك؟ وكيف نشأت؟
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :