Ad

توصلت دراسة جديدة نشرت في المجلة الشهيرة (The Lancet) إلى طريقة تأخير ما يقرب من نصف حالات الخرف أو حتى منعها تماماً. حدد الفريق البحثي، الذي يضم 27 خبيرًا دوليًا في هذا المجال، بما في ذلك طبيب الباطنة العام الدكتور إريك ب. لارسون وعالمة الاجتماع التطبيقي الدكتورة لورا جيتلين، 14 شيئًا يمكنها خفض خطر الإصابة بالخرف للنصف.

يقدم هذا التقرير الثالث للجنة لانسيت المعنية بالخرف منارة أمل، حيث يؤكد على أن صناع السياسات والأطباء والأفراد والأسر يمكنهم اتخاذ خطوات استباقية لمنع خطر الإصابة بالخرف والحد منه، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين نوعية الحياة للمتضررين.

ويمكن معالجة عوامل الخطر الأربعة عشر من خلال مجموعة من التدخلات الفردية والمجتمعية وعلى مستوى السياسات. ومن خلال فهم العلم وراء عوامل الخطر هذه، يمكننا تطوير استراتيجيات مستهدفة لتأخير أو منع الخرف، وإضافة سنوات من الحياة الصحية لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم.

أزمة صحية عالمية متنامية

يعد الخرف بمثابة قنبلة موقوتة، حيث من المتوقع أن يتضاعف عدد الحالات بمقدار ثلاث مرات من 57 مليون إلى 153 مليون بحلول عام 2050 في جميع أنحاء العالم. في حين أن معدل انتشار الخرف آخذ في الانخفاض في البلدان ذات الدخل المرتفع، فإن البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تشهد زيادة سريعة. ويسلط هذا التناقض الصارخ الضوء على مصدر قلق ملح، وهو أن النظام الصحي العالمي غير مستعد للتعامل مع زيادة حالات الخرف.

سوف يكون العبء الاقتصادي معوقًا، حيث من المتوقع أن ترتفع التكاليف المقدرة من 1.3 تريليون دولار إلى 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2030. والخسائر البشرية أكثر تدميرًا، حيث تكافح الملايين من الأسر ومقدمي الرعاية لتقديم الدعم لأحبائهم.

ويشكل تقرير لجنة لانسيت المعنية بالخرف بمثابة دعوة للانتباه، فهو يؤكد على أن الخرف ليس نتيجة حتمية للشيخوخة. ومن خلال معالجة الأسباب الجذرية للخرف، يمكننا تأخير أو حتى منع ظهوره. إن المعركة ضد الخرف لا تقتصر على إيجاد علاج فحسب؛ يتعلق الأمر بفهم التفاعل المعقد للعوامل التي تساهم في تطوره.

فهم الأسباب العلمية وراء عوامل خطر الإصابة بالخرف

من خلال التعمق في العلوم التي تكمن وراء عوامل خطر الإصابة بالخرف، نجد أن العوامل الأربعة عشر القابلة للتعديل التي حددتها لجنة لانسيت المعنية بالخرف ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعمليات البيولوجية المعقدة التي تحكم صحة الدماغ. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي المستويات المرتفعة من كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL) إلى تراكم الرواسب الدهنية في الدماغ، مما يعيق تدفق الدم ويساهم في التدهور المعرفي. وبالمثل، يمكن أن يؤدي فقدان البصر إلى سلسلة من الأحداث التي تؤدي في النهاية إلى تعطيل الاتصال بين خلايا الدماغ، مما يؤدي إلى تسريع تطور الخرف.

وقد أدرك المجتمع العلمي منذ فترة طويلة أهمية عوامل الخطر هذه، ولكن التقرير المحدث الصادر عن لجنة لانسيت يوفر إطارًا شاملًا لفهم تأثيرها الجماعي على خطر الإصابة بالخرف. ومن خلال دراسة الآليات البيولوجية الكامنة وراء كل عامل خطر، يمكن للباحثين تطوير تدخلات مستهدفة للتخفيف من آثارها. فقد أظهرت الدراسات أن التمارين الرياضية يمكن أن تحسن صحة القلب والأوعية الدموية، مما يقلل من خطر الإصابة بالخرف عن طريق تعزيز تدفق الدم الصحي إلى الدماغ.

علاوة على ذلك، يسلط التقرير الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه العوامل الاجتماعية والبيئية في تشكيل خطر الإصابة بالخرف. حيث، يمكن أن تؤدي العزلة الاجتماعية إلى الشعور بالوحدة والانفصال، مما قد يكون له تأثير عميق على الصحة العقلية والعاطفية. وبالمثل، تم ربط التعرض لتلوث الهواء بالتدهور المعرفي، ويرجع ذلك على الأرجح إلى التأثيرات السامة للملوثات على خلايا الدماغ.

14 شيئًا يمكنها خفض خطر الإصابة بالخرف للنصف

14 شيئًا يمكنها خفض خطر الإصابة بالخرف للنصف

تشير دراستنا إلى إمكانية تأخير أو منع ما يقرب من 45 بالمائة من حالات الخرف في جميع أنحاء العالم من خلال معالجة 14 عامل خطر قابل للتعديل. عوامل الخطر هذه ليست ثابتة، ومن خلال فهمها ومعالجتها، يمكننا تقليل انتشار الخرف.

يمكن تقسيم عوامل الخطر هذه إلى ثلاث فترات من الحياة: الحياة المبكرة، منتصف العمر، وفترة الشيخوخة. في بداية الحياة، يعد تحسين التعليم العام أمرًا أساسيًا. في منتصف العمر، من الضروري معالجة فقدان السمع وارتفاع نسبة الكوليسترول الضار LDL والاكتئاب وإصابات الدماغ المؤلمة والخمول البدني والسكري والتدخين وارتفاع ضغط الدم والسمنة والإفراط في استهلاك الكحول. وفي فترة الشيخوخة، يعد الحد من العزلة الاجتماعية وتلوث الهواء وفقدان البصر أمرًا بالغ الأهمية.

الحد من مخاطر الإصابة بالخرف وتحسين نوعية الحياة

يقدم تقرير لجنة لانسيت المعنية بالخرف منارة أمل للأشخاص المصابين بالخرف ومقدمي الرعاية لهم. ومن خلال معالجة عوامل الخطر الأربعة عشر القابلة للتعديل، يمكن للأفراد تأخير أو منع ظهور الخرف، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم. ويشير التقرير إلى أن الحد من هذه المخاطر يمكن أن يزيد من عدد سنوات الحياة الصحية ويقلل من طول الفترة التي يعاني فيها الأشخاص المصابون بالخرف من سوء الحالة الصحية.

علاوة على ذلك، تبين أن الأساليب غير الدوائية، مثل استخدام الأنشطة المصممة خصيصًا لتناسب الاهتمامات والقدرات، تعمل على تقليل الأعراض المرتبطة بالخرف وتحسين نوعية الحياة. ويمكن دمج هذه التدخلات في الحياة اليومية، وتمكين الأفراد من استعادة الشعور بالهدف والوفاء.

وأكد التقرير على أهمية دعم مقدمي الرعاية، الذين غالبًا ما يتحملون وطأة الأعباء العاطفية والمالية والاجتماعية للخرف. ومن خلال تزويد مقدمي الرعاية بالإرشادات والموارد القائمة على الأدلة، يمكنهم التعامل بشكل أفضل مع المشهد المعقد لرعاية الخرف، مما يؤدي إلى تحسين النتائج لكل من مقدمي الرعاية وأحبائهم.

تنفيذ استراتيجيات الوقاية وتمويل الأبحاث الجديدة

يقدم تقرير لجنة لانسيت المعنية بالخرف خارطة طريق لواضعي السياسات والأطباء والأفراد والأسر للحد من مخاطر الخرف وتحسين نوعية الحياة لأولئك الذين يعانون من هذه الحالة.

ومن خلال دمج عوامل الخطر الأربعة عشر القابلة للتعديل في الحياة اليومية، يمكن للأفراد التحكم في صحتهم وتقليل خطر الإصابة بالخرف. على سبيل المثال، يمكن أن تساهم فحوصات العين المنتظمة ومعالجة فقدان البصر وإدارة مستويات الكوليسترول المرتفعة والبقاء في حالة نشاط بدني في الحصول على دماغ أكثر صحة.

ويمكن للحكومات وصناع السياسات دعم هذه الجهود من خلال الاستثمار في حملات الصحة العامة، وبرامج التعليم، والمبادرات المجتمعية التي تعزز خيارات نمط الحياة الصحي. بالإضافة إلى ذلك، فإن تمويل الأبحاث حول عوامل الخطر الجديدة، والتجارب السريرية، والبرامج القائمة على الأدلة سيساعدنا على فهم الخرف بشكل أفضل وتطوير استراتيجيات وقائية أكثر فعالية.

المصادر

Dementia Risk Can Be Cut by 45% If Together We Do These 14 Things | sciencealert

Dementia prevention, intervention, and care: 2024 report of the Lancet standing Commission | the lancet

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب صحة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 339
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *