Ad

لا شكّ أن الكون غريبٌ. ولربما تسعفك نفسك في استيعاب مقدار الغرابة، فها أنت ذا كائنٌ حيّ يتراقص فوق فوق كرة زرقاء من الصخور المنصهرة. إلّا أن كوكبنا – بغرابته- لا يشكّل سوى قسم بسيط من الظواهر غير المألوفة التي تغزو كوننا. حتى أن علماء الفلك باتوا يدعونها مفاجآتٍ لا اكتشافات. بينما يقدّم المقال التالي اثني عشر ظاهرة غامضة في الفضاء.

إشاراتٌ راديويّة غامضة

رصد الباحثون إشارات راديوية فائقة القوة تستمر لعدة أجزاء من الثانية منذ عام 2007. سميت هذه الومضات الغامضة ب«انفجارات الراديو السريعة-Fast radio bursts»(FRBs)، وتبيّن أنها تأتي من على بعد مليارات السنين الضوئية. ولكنّها بالتأكيد ليست كائنات فضائية! فقد تمكن العلماء مؤخرًا من رصد FRBs متكررة، حيث ومضت ست مرات على التوالي. وكانت ثاني إشارة ملتقطة من هذا النوع حتى الآن، كما يعتقد أنها ستساعد في حل هذا اللغز. [1]

معكرونة نووية

تتشكل أقوى مادة في الكون من بقايا النجوم الميتة. ووفقًا لنماذج المحاكاة الحاسوبية؛ تتعرض البروتونات والنيوترونات في هذه الحالة لضغط هائل من الجاذبية، فتنضغط مشكلة مادةً أشبه بطبق من المعكرونة، والتي قد تنفجر إذا ما طبقت عليها قوة أكبر ب10 مليارات مرة من تلك التي تثني الفولاذ. [2]

حقوق الصورة: https://www.cosmos.esa.int/web/ulx-pulsars-workshop?hcb=1

حلقات هاوميا

يدور الكوكب القزم «هاوميا-Haumea» في «حزام كويبر- Kuiper belt» وراء كوكب نبتون، وهو جرم فلكي غير اعتياديّ أساسًا. فله شكل غريب مستطيل وقمران ويوم طوله أربع ساعات فقط، مما يجعله أسرع جسم في الدوران حول نفسه في المجموعة الشمسية. ثم تبيّن عام 2017 أن هاوميا أكثر غرابة مما ظننا. فعندما رصد الفلكيون عبوره أمام نجم في السماء تمكنوا من رؤية حلقات رفيعة تدور حوله، والتي تشكلت غالبًا نتيجة اصطدام عنيف حدث في الماضي. [3]

حلقات هاوميا
حقوق الصورة: https://earthsky.org/space/dwarf-planet-haumea-enigmatic-ring-new-insights/?hcb=1

قمرٌ له قمر

ما الذي قد يكون أفضل من القمر؟ بالتأكيد قمرٌ يدور حوله قمر آخر أو ما يسمى «قمر القمر-Moonmoon». لا زال وجود أنظمة كهذه نظريّ فقط. فحتى الآن لم يرصد العلماء شيء كهذا، رغم أن وجودها لا يتعارض مع أي من قوانين الكون. وكأن عدم وجودها ظاهرة غامضة بنفسه! [4]

حقوق الصورة: https://www.livescience.com/63819-moonmoons-could-exist.html?hcb=1

مجرة خالية من المادة المظلمة

يطلق مصطلح «المادة المظلمة-Dark matter» على المادة المجهولة التي تشكل 85% من المادة في الكون، وهي غريبة حقًا. لكن العلماء متأكدون من شيء واحد على الأقل، وهو وجودها في كل المجرات. إلا أن فريقًا من الفلكيين وفي أثناء دراستهم أحد المجرات وجدوا أنها بالكاد تحتوي مادةً مظلمة. فيما اقترح بحث آخر أن المجرة السابقة فيها مادة مظلمة! وفي جميع الأحوال أعطت هذه المفارقة مصداقيةً لأحد الفرضيات التي تزعم عدم وجود مادة مظلمة على الإطلاق. [5]

نجمٌ متخافت

انصدمت الفلكية «تابيثا بوياجيان-Tabetha Boyajian» من جامعة لويزيانا الأمريكية لدى رصدها النجم المسمى KIC 846285، حيث يخفت ضوؤه فجأةً لفترات زمنية متغيرة، وقد ينخفض سطوعه 22% في بعض الأحيان. اقترحت فرضيات عدة لتفسير هذه الظاهرة الغريبة ومنها وجود حضارة ذكية ما، بينما يعتقد العلماء حاليًا بوجود حلقة من الغبار تدور حول النجم وتسبب ذلك التعتيم. [6]

نجم KIC 846285
حقوق الصورة: https://www.theverge.com/2018/1/3/16843678/alien-megastructure-tabbys-star-kic-8462852-dust?hcb=1

كهربائية هايبريون العالية

تحتدم المنافسات بين أقمار المجموعة الشمسية حول لقب “أكثر الأقمار غرابةً”، فمن جهة نجد قمر المشتري «آيو-IO» ونشاطه البركاني الهائل، وقمر نبتون «تريتون-Triton» الذي ينف الغازات. لكن الأغرب شكلًا هو بالتأكيد قمر زحل «هايبريون-Hyperion»، فله شكل غير منتظم مليء بالحفر والفوهات البركانية، وكأنه حجرٌ اسفنجيّ. فيما وجد مسبار«كاسيني-Cassini» الذي زار نظام كوكب زحل بين عامي 2004 و 2017 أن هايبريون مشحون كهربائيًا، مع شعاع من الجسيمات المشحونة المتدفقة في الفضاء. [7]

القمر هايبريون
حقوق الصورة: https://solarsystem.nasa.gov/missions/cassini/science/saturn/?hcb=1

نيوترينو مُرشد

زار جسيم «نيوترينو-Neutrino» منفرد الأرض يوم 22 أيلول/سبتمبر عام 2017 ، إلا أن غرابته تعدت ذلك حتى. في حين يرصد الفيزيائيين في مرصد «آيسكيوب-IceCube» للنيوترينو جسيمات مشابهة مرة على الأقل شهريًا، لكن هذه النيوترينو تميز بكونه يحمل معلومات كافية عن مصدره، مما سمح للفلكيين برصد ذلك المصدر. وقد وجدوا أنه صدر عن اشتعال «بلازار-Blazar» (أي ابتلاع الثقب الأسود فائق الكتلة في مركز مجرتنا للمادة المحيطة به) وتوجه نجو الأرض منذ أربعة مليارات سنة. [8]

حقوق الصورة:https://www.eurekalert.org/pub_releases/2018-07/ded-bit070818.php?hcb=1

المجرة المستحاثة

تصنف المجرة المسماة DGSAT I ك«مجرة فائقة الانتشار-Ultradiffuse galaxy»، مما يعني أنها كبيرة بحجم درب التبانة لكن نجومها متباعدة بشكل يكاد يجعل المجرة غير مرئية. وفي حين تكون غالبية مجرات UDGs متجمعة في عناقيد مجرية، وجد العلماء مجرة DGSAT I الشبحية وحيدة في الفضاء. يخبرنا ذلك أنها تشكلت في مرحلة مختلفة جدًا من تطور كوننا، تقريبًا حوالي مليار سنة بعد الانفجار العظيم، ما يجعل المجرة الشبحية مستحاثة حيّة! [9]

مجرة DGSAT I
حقوق الصورة:https://www.space.com/anemic-galaxy-discovered.html?hcb=1

صورة كوازار حاسمة

تقوم الأجسام ذات الكتل الكبيرة بثني الضوء وفقًا لنسبية أينشتاين، فيشوه ذلك صورة الجسم الواقع خلفها. استغل الباحثون هذه الظاهرة واستعملوا تلسكوب هابل الفضائي ليرصدوا «كوازار-Quasar» من الكون المبكر. واستخدموه ليقدروا معدل توسع الكون. وجد العلماء أن الكون يتوسع الآن أسرع من ذي قبل، مما يتعارض مع قياسات أخرى. وقد دفع ذلك الفيزيائيين للتشكيك في صلاحية نظرياتهم أو أن شيئًا غريبًا يجري. [10]

صورة الكوازار
حقوق الصورة:https://phys.org/news/2019-01-astronomers-images-quasars-hubble-constant.html?hcb=1

سيل من الأشعة تحت الحمراء

تعرف النجوم النيوترونية بأنها أجسام شديدة الكثافة تتشكل بعد موت نجم عادي. وعادةً ما تطلق موجات راديو أو إشعاع أعلى طاقةً كالأشعة السينية مثلًا. لكن في أيلول/سبتمبر عام 2018 وجد الفلكيون سيلًا مستمرًا من الأشعة تحت الحمراء قادم من نجم نيوتروني يبعد عنا 800 سنة ضوئية، في ظاهرة تعد الأولى من نوعها. اقترح الباحثون أن الإشارة السابقة تولدت عن قرص من الغاز الذي يدور حول النجم، فيما لم يحل هذا اللغز نهائيًا بعد. [11]

شفق قطبي على كوكب مارق

تجول «الكواكب المارقة-Rogue planets» أو الكواكب بين النجمية مجرتنا، وهي كواكب طردت من نظامها النجمي بفعل قوى الجاذبية. وهنا نجد ظاهرة غامضة هي الشفق القطبي على هذه الكواكب، فهي لا تتبع لنجم معين لتسبب رياحه الشمسية حدو الشفق القطبي. فهناك صف من الكواكب المارقة التي تخرج عن المألوف، حيث يتضمن كواكب بحجم الأرض تسمى SIMP J01365663+0933473 وتبعد عنا 200 سنة ضوئية. تتميز هذه الكواكب بحقل مغناطيسي أقوى ب200 مرة من حقل المشتري المغناطيسي، وهي قوة كافية لتوليد ومضات من الشفق في غلافها الجوي والتي يمكن رصدها بموجات الراديو.

الشفق القطبي على قزم بني مارق
حقوق الصورة:https://skyandtelescope.org/astronomy-news/auroras-discovered-rogue-brown-dwarf/?hcb=1

وفي جميع الأحوال نعول على العلم فقط في حل هذه الألغاز وكشف الستار عن كل ظاهرة غامضة في كوننا.

المصادر:

[1]livescience

[2]livescience2

[3]space

[4]livescience3

[5]livescience4

[6]livescience5

[7]livescience6

[8]NASA

[9]livescience7

[10]livescience8

[11]livescience9

[12]livescience10

Mira Naffouj
Author: Mira Naffouj

طالبة ثانوية مهتمة بعلم الفلك والفيزياء الفلكية

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فيزياء فلك فضاء

User Avatar

Mira Naffouj

طالبة ثانوية مهتمة بعلم الفلك والفيزياء الفلكية


عدد مقالات الكاتب : 34
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *