Ad
هذه المقالة هي الجزء 7 من 8 في سلسلة دليلك لفهم أساسيات الهندسة الطبية

خلال السنوات القليلة الماضية أصبح العمل والبحث في إمكانية بناء دماغ بشري اصطناعي أكثر جديًة من ذي قبل. حيث أن التطور التكنولوجي خصوصًا في مجال هندسة النسج قد فتح الباب لعدة تساؤلات عن إمكانية بناء دماغ بشري اصطناعي. وتعد هذه الفكرة من أهم الأفكار المطروحة حاليًا لأنه كلما فهمنا الدماغ البشري أكثر كلما استطعنا كشف ومعرفة أسباب العديد من الأمراض، وازدادت قدرتنا على بناء معالجات وحواسيب أفضل من قبل.

هل يمكن بناء الوعي ضمن الدماغ المخبري؟

نعلم أن الخلايا الجذعية يمكن أن تنقسم و تتمايز إلى نوع معين من الخلايا المختصة كالخلايا العضلية، أو العصبية أو الدموية. درس العلماء إمكانية تشكيل الدماغ نسيجيًا عن طريق تحفيز هذه الخلايا الجذعية لتعطينا خلايا عصبية وخلايا دبقة المُكونة للقسم الأكبر من الدماغ.[1]

في أحد التجارب المخبرية لوحظ أنه وبعد مدة زمنية معينة من زراعة الخلايا، قامت هذه الخلايا بالاستجابة لمصدر الضوء الموجود. كما شكلت حساسات ضوئية (عيون بدائية) مرتبطة مع مركز الخلايا عن طريق عدد من الأعصاب. وبعد فحص هذه الخلايا تم كشف نشاط كهربائي مشابه إلى حد ما للنشاط الموجود عند الأطفال الخدّج. الأمر الذي دفع العلماء لطرح تساؤل جديد حول إمكانية تطوير درجة معينة من الوعي ضمن هذه الخلايا المخبرية.

في مطلع عام 2021 أعلن فريق من «جامعة ييل- Yale University» عن نجاح عملية إعادة إحياء جزئية لدماغ خنزير نافق. حدث ذلك قبل ساعات من إجراء العملية من خلال إزالة الدماغ ووضعه في محلول كيميائي خاص. وقد لوحظ أن الدماغ استعاد قدرة خلاياه على التحفيز والنقل الكهربائي. [2]

حالة الوعي لدى الدماغ الاصطناعي

يعرّف العلماء والباحثون الوعي بعدة طرق ولكن حتى الآن لم يتم الوصول إلى تعريف كافي لفهم آلية تشكله ضمن الدماغ. وبالتالي لا يمكن الحكم بشان حالة الدماغ المزروع، وهل تعد ذات درجة معينة من الوعي أو لا.

بمناقشة النتائج المخبرية المذكورة سابقًا، نرى أن الدماغ المخبري قد أعطى إشارات كهربائية مشابهة إلى حد ما للنشاط الموجود عند الأطفال الخدّج. ولكن لم نستطع تجربة ردة فعل هذه الخلايا تجاه المؤثرات المختلفة. يمكن تشبيه الحالة هذه بطبيب يقوم بتجريب عدة مؤثرات على مريضه حتى يحلل استجابة نظامه العصبي. ناهيك عن أن الدماغ الواعي يعطي إشارات معقدة جدًا مقارنة بالإشارات المقتبسة من هذه الخلايا. [1]

يمكن تحديد الوعي بشكل تشريحي باعتباره عدد التلافيف الدماغية والتوصيلات العصبية داخل الدماغ. لذلك كلما زادت هذه التوصيلات زادت درجة الوعي لدى هذا الدماغ. وانطلاقًا من هذا المبدأ، يمكن القول بأن أدمغة الخنازير تعد بيئة أكثر استقرارًا لدراسة الوعي. حيث تحوي أدمغتها توصيلات عصبية كثيرة ناتجة عن التجارب والذكريات التي عاشها أو مر فيها هذا الحيوان.

الدماغ والكهرباء

يمكن تشبيه الخلية العصبية بالدارة الكهربائية البسيطة، حيث يمثل هيكل الخلية المقاومة وجسم الخلية البطارية. لذلك نجد فرق جهد على طرفي الخلية العصبية، وهو الأمر الذي بدوره يولد تيار وحقل كهربائي.

ولكن على عكس الدارة الكهربائية المصنوعة من المعادن، فالخلايا العصبية نسيج بيولوجي تعتمد على الأيونات السالبة والموجبة. وتستخدم الدارة الكهربائية الإلكترونات لتشكل التيار الكهربائي، بينما في الخلية العصبية نرى ثلاث مصادر للأيونات وهي الصوديوم Na+، والبوتاسيوم K+ والكلور Cl . وهذا يشبه أن يكون لدينا عدة طرق لنقل الكهرباء من وإلى الخلية العصبية. وبما أن الدماغ يحوي ملايين الخلايا العصبية، لذا يمكن تشبيهه بمعالج الحاسوب. إذ يحتوي معالج الحاسوب على ملايين الترانزستورات. لذلك وفي ظل صعوبة التجريب المخبري على الأنسجة، بدأ التوجه لمحاكاة عمل الدماغ بشكل إلكتروني ضمن الحواسيب. وتم تطوير حواسيب تحاكي الدماغ بشكل جزئي، مما فتح الباب للعديد من التطبيقات التي استوحت من هذه التجربة الكثير من المعلومات. كان آخر تلك التطبيقات رقاقة إيلون ماسك نيورالينك للتحكم بعض وظائف الدماغ. [3]

ويعمل العلماء على تحديد نظريات الوعي التي قد تكون الممر لمعرفة السر وراء عمل الدماغ. حيث تشكل الدماغ إلى الآن حاجز ضبابي وموضع جدل واسع ومثار طرح علماء الفلسفة والأخلاق لعدة تساؤلات حول صحة امتلاك مخلوقات مخبريه نوع معين من الوعي.

المصادر:

[1]- Nature
[2]- Smithonian Mag
[3]- Youtube

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب أحياء

User Avatar

Hasan Abdulrahman

مهندس اختصاصي في الهندسة الطبية الحيوية ، مهتم بالبرمجة والذكاء الصنعي ودمجهما مع الطب.


عدد مقالات الكاتب : 21
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق