Ad

في عالم أصبحت فيه عبارة “التدمير المؤكد المتبادل” حقيقة قاسية، تعمل تسع دول على تصعيد الرهان في السباق النووي القاتل. حيث تم إنفاق 91.4 مليار دولار على الأسلحة النووية في عام 2023 وحده. لوضع الأمر في نصابه الصحيح، هذا يعني 250 مليون دولار في اليوم، أو 173.884 دولارًا في الدقيقة، أو 2.898 دولارًا في الثانية. إن الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والصين، والمملكة المتحدة، وباكستان، والهند، وإسرائيل، وكوريا الشمالية، كلها أطراف فاعلة في هذه اللعبة شديدة الخطورة. حيث زادت كل دولة من الإنفاق على الأسلحة النووية في العام الماضي. والسؤال هو ما الذي يدفع سباق التسلح النووي هذا، وما هي عواقب هذا الرهان المدمر ضد الإنسانية؟

فهم التهديدات النووية

لفهم التهديد النووي، نحتاج إلى التعمق في أساسيات الفيزياء النووية. تعمل الأسلحة النووية عن طريق تسخير الطاقة المنطلقة من انقسام النوى الذرية (الانشطار) أو اتحادها (الاندماج). يؤدي إطلاق الطاقة هذا إلى إنشاء انفجار ذي أبعاد غير مسبوقة.

أكثر أنواع الأسلحة النووية شيوعًا هي القنابل الذرية، التي تستخدم التفاعلات الانشطارية. بالإضافة إلى القنابل الهيدروجينية، التي تستخدم التفاعلات الاندماجية. وهذه الأخيرة أقوى بكثير، حيث يمتلك بعضها القدرة على تدمير دول بأكملها.

يمكن أن تعزى الآثار المدمرة للأسلحة النووية إلى ثلاثة عوامل أساسية وهي الانفجار، والإشعاع الحراري، والتهاطل النووي. يمكن لموجة الانفجار الناتجة عن انفجار نووي أن تسوي المباني والبنية التحتية بالأرض. في حين أن الإشعاع الحراري يمكن أن يسبب حروقًا ويشعل الحرائق. وفي الوقت نفسه، يمكن للتهاطل النووي أن يلوث البيئة، مما يؤدي إلى آثار صحية طويلة المدى وأضرار بيئية.

وفي حالة نشوب صراع نووي، فإن العواقب ستكون كارثية. حيث يمكن لقنبلة واحدة بقوة 1 ميغا طن أن تقتل عشرات الآلاف من الأشخاص على الفور، مع وفاة الكثيرين بسبب الإصابات والأمراض الإشعاعية في الأيام والأسابيع التالية. وسيكون التأثير على أنماط المناخ العالمي، وإنتاج الغذاء، والاستقرار الاقتصادي محسوسًا لعقود قادمة.

الإنفاق على الأسلحة النووية

تاريخ موجز لتطوير الأسلحة النووية

بدأت أبحاث الأسلحة النووية في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما عمل علماء مثل ألبرت أينشتاين، وليو زيلارد، وإنريكو فيرمي على الأسس النظرية للانشطار النووي. في عام 1938، اكتشف الفيزيائي الألماني أوتو هان ومساعده فريتز ستراسمان الانشطار النووي. وقد أثار هذا الاكتشاف شعوراً بالإصرار بين العلماء، الذين أدركوا أن مثل هذه التكنولوجيا يمكن استخدامها لصنع أسلحة قوية.

أطلقت الولايات المتحدة مشروع مانهاتن في عام 1942، خوفًا من أن تقوم ألمانيا النازية بتطوير الأسلحة النووية أولاً. وقد جمع مشروع البحث والتطوير السري للغاية هذا فريقًا من العلماء البارزين، بما في ذلك ج. روبرت أوبنهايمر، وإرنست لورانس، وريتشارد فاينمان. وأدى عملهم إلى إنشاء أول قنبلة نووية، والتي تم اختبارها في نيو مكسيكو عام 1945.

بدأ الاتحاد السوفييتي، الذي رأى ضرورة ألا يتخلف عن الركب، برنامجه النووي الخاص في الأربعينيات. حيث لعب أندريه ساخاروف، عالم الفيزياء السوفييتي البارز، دورًا حاسمًا في تطوير القنبلة الهيدروجينية. ولقد بدأ سباق التسلح النووي، مع قيام كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي بتوسيع ترسانتيهما بسرعة.

وفي السنوات التي تلت ذلك، انضمت دول أخرى مثل المملكة المتحدة وفرنسا والصين إلى النادي النووي. وأصبح تطوير الأسلحة النووية عبارة عن علاقة معقدة بين الابتكار العلمي، والاستراتيجية العسكرية، والمواقف الدبلوماسية. واليوم تمتلك تسع دول أسلحة نووية، وينفق العالم مليارات الدولارات على تطويرها وصيانتها.

من يمول الإنفاق على الأسلحة النووية؟

في قلب جنون تمويل سباق التسلح النووي، تقع الدول التسع المسلحة نوويًا، وتقود الولايات المتحدة هذه المهمة. وبإنفاق بلغ 51.5 مليار دولار، شكلت الولايات المتحدة ما يزيد على 80% من الزيادة في الإنفاق النووي في العام الماضي. وحذت حذوها الصين وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا، حيث ضخت كل دولة مليارات الدولارات في ترساناتها النووية.

لكن الحكومات لا تمثل سوى نصف القصة. يكشف البحث العميق أن هناك 20 شركة تحصل على أكثر من 30 مليار دولار مقابل عملها في تطوير الأسلحة النووية وتصنيعها واستدامتها. وعلى رأس هذه القائمة المربحة شركة هانيويل إنترناشيونال، التي حصلت على 6.2 مليار دولار من عقود الأسلحة النووية. وتأتي في المرتبة التالية شركة نورثروب جرومان (5.9 مليار دولار)، وبي أيه إي سيستمز (3.3 مليار دولار)، ولوكهيد مارتن (2.89 مليار دولار)، وجنرال ديناميكس (2.7 مليار دولار). تلعب هذه الشركات دورًا أساسيًا في تصميم وتصنيع والحفاظ على الأسلحة النووية، مما يزيد من تأجيج سباق التسلح النووي.

هناك أيضًا الدور الحاسم لمجموعات الضغط، التي أنفقت أكثر من 118 مليون دولار في عام 2023 للتأثير على القرارات الحكومية وتأمين العقود المربحة لهذه الشركات. كما تساهم المنظمات التي تسيطر عليها الدولة، مثل بهارات دايناميكس المحدودة (الهند)، والشركة الصينية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء (CASC)، وروستيك (روسيا)، بشكل كبير في الترسانات النووية لبلادها، على الرغم من أن أرقامها الدقيقة لا تزال غير معلنة.

والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن خمس شركات، بي إيه إي سيستمز، وبوينج، ولوكهيد مارتن، ونورثروب جرومان، وبيراتون، لديها عقود تمتد حتى عام 2039. مما يضمن تدفقاً ثابتاً للأرباح من إنتاج الأسلحة النووية لسنوات قادمة. وهذا يثير مخاوف جدية بشأن الدوافع الكامنة وراء سباق التسلح النووي.

العواقب المدمرة

إن العواقب المدمرة للحرب النووية موثقة جيدًا. وبينما نواصل لعب هذه اللعبة القاتلة، فإننا لا نخاطر بحياة الملايين فحسب؛ نحن أيضًا نعرض نسيج مجتمعنا العالمي للخطر. فانتشار الأسلحة النووية يزيد من احتمالات الإطلاق العرضي، وسوء التقدير، والاستخدام غير المصرح به. إنها قنبلة موقوتة، تنتظر إطلاق العنان لتدمير لا يوصف للعالم.

يتعين علينا أن ندرك العواقب المدمرة للأسلحة النووية ونطالب حكوماتنا بإعطاء الأولوية لنزع السلاح والدبلوماسية على الترسانات والعدوان. يجب علينا أن نحمل الشركات المسؤولية عن دورها في إدامة هذه الدورة القاتلة وأن نضغط من أجل الشفافية والمساءلة في صناعة الأسلحة النووية. معًا، يمكننا أن نخلق عالمًا أكثر أمانًا.

المصدر

The World Spent $250 Million On Nukes Every Day Last Year In Record Surge / iflscience

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


سياسة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 550
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *