Ad

نادي القراءة الثاني ومناقشة رواية القضية فرانز كافكا

مناقشة رواية “القضية” للكاتب فرانز كافكا أطلقتها الأكاديمية بوست في ثاني أندية القراءة المُنفذة بالتعاون مع مكتبة مصر العامة، في 29 أغسطس 2019 الساعة الواحدة ظهرًا في قاعات المكتبة بالزقازيق، واستمرت المناقشة لساعتين تقريبًا.

البداية

بدأت فعاليات الجلسة بسرد مختصر عن أحداث الرواية وعن الكاتب فرانز كافكا وانتاجه الأدبي وأسلوبه المُربك والمتشائم والانساني، ثم انطلق الأعضاء في الإعلان عن آرائهم المختلفة بخصوص أحداث الرواية ككل.

تفاوتت الآراء فيما يخص الشخصية الرئيسية للرواية وهي شخصية جوزيف ك، فالبعض اعتبره شخص مهمل غير مبال، وآخرون اعتبروه شخص شديد القلق، وأثارت شخصيته حيرة شديدة بين القراء.

مجموعة من الحضور أثناء مناقشة رواية القضية فرانز كافكا
مجموعة من الحضور أثناء مناقشة رواية القضية للكاتب فرانز كافكا

ماذا قصد الكاتب بالإبهام الشديد لقضيته؟

جاءت أحداث الرواية شديدة الإبهام، فصعب فهم زمان القضية أو مكانها أو ماهيتها وهو ما دارت حوله الرواية طوال صفحاتها، وكأن كافكا أراد ذلك الإبهام وتعمده، حتى أن ذهاب بطل الرواية للمحكمة كان بالمصادفة ودفاعه عن نفسه ضد قضية لا يعرفها هو أيضًا دفاع عبثي غريب نال دهشة القراء ورفض بعضهم له.

الأحكام في أحداث رواية “القضية”

بدا في أحداث الرواية أن الجميع يحكم على الجميع، إذ بدأت بحكم السيدة جروباخ على الجارة بروستنر، وحكم بروستنر على جوزيف وحكم صديقتها مونتاج على جوزيف وحكم المحامي على التاجر بلوك وحكم القسيس على جوزيف، بينما ارتكب جوزيف نفس الفعل مع كل من حوله، فقد كان يحكم على الجميع.

تميّز أسلوب كافكا برهافة الشعور، فقد كان يصف ما يقال وما لا يقال. يمكنك سماع ورؤية أبسط الهمسات، وحركات الأصابع بل والشعور بها من حولك أثناء قراءة الرواية. قد تشعر بالملل من بعض تفاصيل الرواية بسبب الإبهام الشديد المحيط بكل أحداثها وشخصياتها الثانوية والتي لم يرد كافكا أن يبرز جوانب شخصياتهم إلا من خلال مواقفهم مع بطل الرواية لا أكثر.

مجموعة من الحضور1 أثناء مناقشة رواية القضية فرانز كافكا

النقص كجزء من الكمال في رواية “القضية”

لم يُكمل الكاتب كافكا أحد فصول القصة وبالرغم من هذا وصلت المشاعر وكأنها كاملة بلا نقصان، مشاعر الاشمئزاز من المحامي لمسلكه مع التاجر بلوك. إذ قام المحامي هولد بإهانة التاجر الذي يوكله للترافع عن قضيته المبهمة أيضًا أمام المحكمة، وكأنه أراد بذلك أن يعطي إشارة لجوزيف عن مدى كرمه وحلمه في التعامل معه.

بدا هذا السلوك الفظ كترهيب لجوزيف كي لا يسحب توكيله من المحامي هولد، وكي يصبح أكثر امتنانا، لكنه لم يصبح كذلك، وقد رأى القراء أنه محق في فهمه للمحامي.

الغرابة في مناقشة رواية “القضية” فرانز كافكا

أثارت الشخصية الرئيسية في الرواية عجب بعض القراء لعدم وجود تفاصيل حياتية غنية لها خارج إطار القضية والعمل. سبب هذا غرابة مقلقة لدى القارئ أثناء قراءته للرواية. كما كانت محاوراته مع معظم الشخصيات قليلة للغاية، تكاد تنتهي قبل أن تبدأ. رغب العديدون في مساعدته دون سبب وفي نفس الوقت لم يساعده أحد تقريبًا وهو ما لم يفهمه أحد إلا في آخر جملة في الرواية.

خمّن البعض أن غرابة الرواية مقصودة من الكاتب يعبر بها عن حالة أكبر من الغرابة بداخل النفس البشرية وعبثية حياتنا.

مجموعة من الحضور2 أثناء مناقشة رواية القضية فرانز كافكا
مجموعة من الحضور2 أثناء مناقشة رواية القضية فرانز كافكا

تفاصيل صغيرة غير مفهومة الهدف في رواية “القضية”

أبدا بعض الحضور غضبهم من وجود بعض التفاصيل غير مفهومة الهدف في الرواية، مثل جواب ابنة عمه التي ارتبط بها وتركها وسترت عليه أفعاله أمام عمه. ظهور مونتاج في الرواية كعائق له عن الاقتراب من بروستنر. الإزعاج والقلق الذي سببه قريب السيدة جروباخ والذي لم يتحدث معه بطل الرواية طيلة الرواية رغم أنه أحد جيرانه!

مشهد المحكمة

دارت بين بطل الرواية والقس في الكنيسة حوار شديد الغرابة والتعقيد، عندما روى له القس معضلة فلسفية يكاد لا يعرف فيها المستمع ولا يتمكن من تمييز الظالم من المظلوم. جاءت المعضلة عن فلاح ريفي يسعى لدخول المحكمة ولكن لا يمكنه الدخول بسبب الحارس. يحيط بالمحكمة مجموعة من الأبواب المؤمنة بحراس لا يمكنهم السماح لأحد بالدخول. يتذلل الريفي للدخول بكل شيء فقدّم الهدايا ن أجل ذلك ولكن لم يستجب طلبه. عاش عمره وقضى السنوات أمام باب المحكمة إلى أن حانت ساعته فمات. حينها أغلق الحارس الباب والذي كان مخصصًا للريفي وحده ولكنه لم يدخله أبدًا بسبب الحارس. وجاء النقاش مع القس بعد القصة ليبين المعضلة. هل أخطأ الريفي من الأساس بوقوفه على الباب راجيًا العدالة؟ هل خدع الحارس الريفي؟ هل كلاهما مخدوع؟ هل تحققت العدالة أو كانت ممكنة التحقيق من الأساس؟

النهاية

استيقظ جوزيف ك في أحد الأيام ليجد نفسه ممسوكًا من اثنين حملاه خارج المدينة لتودعها عيناه بوصف هادئ وبارد لا يتناسب مع ما يحدث حوله، لتنتهي أحداث الرواية بالبطل مذبوحًا على أيديهم في وصف قاس من الكاتب للبطل بالموت “كالكلب!”

الآراء

صعب على البعض تكوين رأي متماسك حول الرواية، إلا أن الرواية ألقت بظلالها المتشائمة على الجميع أثناء المناقشة. اضطر البعض إلى التنفيس عن ملله من بعض أجزائها. أشار البعض لاحتمالية تأثر الكاتب بالظروف السياسية لبلاده إبان الحرب العالمية كرسالة عن الحرب. وعبر البعض الآخر عن إعجابه بابهامها والمماثل لما نعيشه في حياتنا. كما ناقش الحضور حقيقة العدالة ومؤسساتها، والفارق بين العدالة والقانون. وما إذا كانت مؤسسات العدالة مجرد صورة تستنزف حياة الإنسان. مجموعة من الإجراءات الروتينية من أجل تحقيق ما لا يمكن تحقيقه برأي الكاتب كافكا. يحميها حراس يمكن التلاعب بهم، ويمكن التأثير عليهم لأنهم بشر يخطئ ويصيب، ويحكمون على بشر أيضًا يخطئون ويصيبون أيضًا في مشهد عبثي. كل شيء جائز ومحتمل مع كافكا.

يمكنك الإطلاع على نادي القراءة الأول من هنا ورواية مئة عام من العزلة.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


نادي الكتاب فعاليّات

User Avatar

abdalla taha

أحب القراءة ومتابعة العلوم.


عدد مقالات الكاتب : 74
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق