كانت الأندلس أشبه ما تكون بالقبائل المتناحرة فيما بينها، دويلات صغيرة وطوائف عديدة، ورغم ذلك ظلت الأندلس تنعم بالخيرات. كان لتعدد الدويلات تأثيرًا سلبيًا واضح على وضع الحكم العربي الإسلامي، فلم يستطع أمراؤها أن يحركوا ساكنًا أمام مسيحيي الشمال. ولم تكن تلك الدويلات صغيرة الحجم فقط، بل كذلك قصيرة الأمد، حتى تدخل المرابطون في شمال أفريقيا لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الدولة الإسلامية.
ربما يتراءى إلى ذهنك أن الأندلس ما هي إلا رقعة من الأراضي التي امتدت إليها الخلافة الإسلامية. ولكن الوضع كان مختلفًا، فالأندلس كانت محط أنظار الجميع، مسلمين ومسيحيين، وحتى بين المسلمين كان الجميع يتطلع إلى حكمها. فبعد أن حكمها الأمويون كدولة تابعة إلى الخلافة الإسلامية، ثم دولة إسلامية مستقلة على يد عبدالرحمن الداخل. توالى عليها العديد من الحكام العرب والمسلمين كملوك الطوائف ولكن على صورة دويلات وصل عددها إلى 22 دويلة. [1]
محتويات المقال :
تولى أبو الحزم بن جهور أحد أهم وزراء إمارة قرطبة قيادة ثورة ضد الدولة، ومعه جموع من الشعب. وكان ذلك لما صارت إليه الأندلس من خرابٍ وحروب داخلية في الخلافة الأموية المستقلة، تزعزع الأمن وأساء حكامها إلى الأرض والشعب. فأعلن أبو الحزم انتهاء الدولة الأموية في الأندلس في أوائل القرن الحادي عشر. اختار فيها القرطبيون أبو الحزم ليحكم قرطبة، وأدى ذلك القرار إلى انقسمات عديدة في الأندلس. [1]،[2]
اختلف المؤرخون في عدد الطوائف التي ظهرت في تلك الفترة، فمنهم من قال أنها 50 طائفة، ومنهم من قال 30 أو أقل. جمع كل ذي منصب جمهورًا له، وبنى لنفسه دويلة من ممتلكاته وممتلكات أتباعه وعين نفسه أميرًا لها. فكان منهم صاحب الشخصية المميزة أو صاحب المال، ومنهم من كان ذي قوة وحتى بعض العبيد والمرتزقة أسسوا لهم طائفة. كان من أشهر تلك الطوائف: بنو عباد في إشبيلية، وبنو جهور في قرطبة، وبنو زيري في غرناطة، وبنو هود في سرقسطة، وبنو ذي النون في طليطلة. [1]،[3]
كانت الأندلس أشبه ما تكون بالقبائل المتناحرة فيما بينها، دويلات صغيرة وطوائف عديدة، ورغم ذلك ظلت الأندلس تنعم بالخيرات. كان لتعدد الدويلات تأثيرًا سلبيًا واضح على وضع الحكم العربي الإسلامي، فلم يستطع أمراؤها أن يحركوا ساكنًا أمام مسيحيي الشمال. ولم تكن تلك الدويلات صغيرة الحجم فقط، بل كذلك قصيرة الأمد، حتى تدخل المرابطون في شمال أفريقيا لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الدولة الإسلامية. [3]،[4]
أصبحت الأندلس ساحةً للنزاعات، وانشغل كلّ ذي دويلة بأن يقاتل جيرانه ليتوسع على حسابهم، فكان الأمر سياسيًّا بحتًا وليس دينيًّا. لذلك وصل بهم الحال بأن يستعينوا بالملك ألفونسو السادس ليعينهم بعضهم على بعض، ودفعوا له الجزيةً جراء ذلك. امتنع المتوكل بن الأفطس أمير مملكة بطليوس عن دفع الجزية للملك ألفونسو، أغضب تصرفه الملك فأرسل له يطالبه بالجزية. فأرسل المتوكل رسالة شديدة اللهجة إلى ألفونسو، وهدده بالسيف إن أعاد طلبه، فقد رأى في طلبه إهانةً للإسلام والمسلمين. حولت تلك الرسالة غضب الملك ألفونسو إلى حيطة وحذر من المتوكل، فلم يرسل له جيشًا ولم يطالبه بالجزية. [1]،[3]
استنكر الشاعر والفيلسوف ابن حزم ما فعله ملوك الطوائف، من تعاون وتهاون عما تفعله الدولة المسيحية في أتباع الدويلات المسلمة. وقال فيهم أنهم قد يبدلون دينهم إن كان في ذلك تيسيرًا لهم على تحقيق أهدافهم. لم يكن ذلك رأي ابن حزمٍ وحده، فقد استنكر العديد من المسلمين دفع الجزية لألفونسو للحصول على الأمان من جيرانهم المسلمين. [3]
ورغم ما اشتهرت به الأندلس في عهدهم من كثرة النزاعات القتالية، إلا أنها اشتهرت كذلك بالفن والشعر، ودراسة الفلسفة، والرياضيات، والعلوم. وكان لازدهار الشعر سببًا خفيًّا، فقد كان سلاحًا لملوك الطوائف، فبه يعظّم الحاكم، وبه تهجوا الآخر. وكانت العمارة في ذلك الوقت منتعشة، فقد تبارى الملوك فيما بينهم بإظهار سلطانهم في جمال قصورهم. وكانت لتلك المنافسات أثرًا إيجابيَا وأنجبت العديد من الفنانين والشعراء، واستقطبت العلماء في مختلف العلوم. [3]،[4]
لم يستفق ملوك الطوائف من غفلتهم تلك، إلا عندما سقطت إمارة طليطلة في أيدي الدولة المسيحية. أدى ذلك إلى اجتماع كافة الأمراء والعلماء لمناقشة خطر الوضع الراهن، اقترحوا آنذاك قتال من كانوا بالأمس يدفعون لهم لحمايتهم. ولكن لضعف تلك الإمارات كان لابد لهم من أن يطلبوا عون مرابطين شمال أفريقيا، وكان ذلك ليس بالقرار السهل. فقد تخوف الأمراء من دخول المرابطين الأندلس وضمّها إلى حكمهم، ولكن خشيتهم من سقوط الأندلس أجبرتهم على ذلك الخيار. [1]،[4]
في أواخر القرن الحادي عشر، استنجد ملوك الطوائف بيوسف بن تاشفين ليعينهم على ألفونسو الذي استولى على طليطلة. استجاب يوسف بن تاشفين لندائهم ومعه حوالي سبعة آلاف مقاتل من المرابطين، وسافر بحرًا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية. عندما وصل الأندلس استقبله ملوك الطوائف وشعبهم استقبالًا حافلًا، وأمدوه بالرجال والسلاح، ليصل عددهم ما يقارب الثلاثون ألفًا ليواجه ألفونسو. [1]
التقى يوسف بن تاشفين بألفونسو في معركة الزلاقة بالقرب من إمارة بطليوس، ودارت بينهما معركة انتصر فيها يوسف بن تاشفين. ولكن ما أثار استغراب المؤرخين، هو عدم استرداد يوسف لطليطلة رغم انتصاره على ألفونسو، ولكنه اكتفى بتهدئة جموع ملوك الطوائف، وإيقاف امتداد الدولة المسيحية. [1]،[3]
رغم ما قام به يوسف لتوحيد صفوف ملوك الطوائف، إلا أن حالهم لم يتغير، وعادوا لما كانوا عليه من نزاعات. زعزع ذلك استقرار الأندلس مرة أخرى، واستنجد المسلمون بيوسف مرة أخرى ليدخل الأندلس، ولكن تلك المرة ليضمها إلى حكم المرابطين. طلب يوسف المشورة من حكماء المسلمين، فهو أمر جلل بالنسبة إليه أن يدخل بجيشه على المسلمين من ملوك الطوائف. وقد أفتوه بأن يدخل حفاظًا على الأندلس، وحتى لا تقع فريسة في أيدي الدولة المسيحية التي كانت تستغل نزاعاتهم وتشتتهم. وقد كان، دخل يوسف بن تاشفين الأندلس مرة أخرى بعد أربع سنوات من معركة الزلاقة، ووحد صفوف الأندلس تحت راية المرابطين، وبدأ في الأندلس فصلٌ جديد تحت حكمهم. [1]،[4]
1-wikipedeia
wikipedeia2
Spain Then and Now3
Britannica 4
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…
View Comments