Ad

في ملخص كتاب الوعي يتضح أمامنا انه خليط بين الفلسفة، والعلم سواءاً كان علم وظائف الأعضاء، والأعصاب، أوحتي قليل من الفيزياء.  لينتج في النهاية مركب غاية في التعقيد، وكذلك المتعة الفكرية. وحتى نكون في وضوحٍ تام فالصفة السائدة في كتاب الوعي هي الكشف عن أسئلة فكتاب الوعى لا يقدم حقيقة، أو حكم مثبت في مسألة الوعي إنما يضيف أسئلة ويكشف عن نظريات وتجارب غريبة فيما يتعلق بالوعي والعقل والتفكير وهذا ما سيتضح أمامنا في ملخص كتاب الوعي.

 

كيف يكون الحال لو كنت خفاشا ؟!

كانت تلك بداية كتاب الوعي سؤال غريب اشتهر على يد «توماس نيجل»؛ ليكشف عن عمق المشكلة، أو عن تعريف الوعى؛ حيث إذا كان للخفاش حالة مميزة إذا فهو يمتلك وعياً أي أن الحالة المميزة التي يتعامل بها كل شخص مع الأشياء، والمتغيرات هي الأساس لقيام الوعي. وليكن الأمر أكثر وضوحا كشفت «سوزان بلاكمور» عن تعريفات أخرى حيث وضحت أن الوعي هو التجربة الذاتية تلك التجربة الغير قابلة للتوضيح، أو الانتقال حيث إذا سئلك أحدهم قائلا: «ما حالك تجاه اللون الأزرق مثلا؟  أو ما حالك تجاه البحر أو تجاه الجمال أو الجلال أو أيا كان من الأشياء والمعاني المجردة أو حتى الأكثر تعقيداً؟» تكون الإجابة شبه مستحيله؛ فلا يمكنك تماما جعل الشخص السائل يدرك حالتك تجاه أيا من المذكور أعلاه. وبذلك بلورت الكاتبة هنا فكرتها، وأعطت تلخيصاً عن تعريف الوعى. وضحت أن ذلك التخليص لايشرح ماهية الوعى؛ حيث أن ماهية الوعي هو محور الكتاب نفسه، فلشرح النظريات، والتفسيرات المختلفة لتجارب الوعي والتفكير كان على الكاتبة تقسيم تلك النظريات إلى أحادية وثنائية حيث الأحادية تعبر أن مصدر الوعي هو المخ، ولكن السؤال هنا كيف للمخ المادي أن يخلق تجربة غير مادية غير قابلة للشرح أو الانتقال أو حتى الرصد؟                أما الثنائية التي تفصل بين العقل والمخ ممثلة العقل في كيان غير مادي. يواجهها أيضا سؤال وهو كيف يتواصل كيان غير مادية مع المخ البشري المادي؟                 وبذلك وضع الفيلسوف «تشالمرز» مصطلح «المشكلة الصعبة» المميز لتلك المفارقة أمامنا تكمل الكاتبة في ذلك السياق حديثها عن مفارقات الوعي مثل هل هو جزء لا يتجزأ من العمليات الحادثة في المخ؟  فمتى امتلك الكائن التفكير والإحساس فأي كائن له تلك القدرات قد امتلك الوعي. أم هو إضافة خارجية يمتاز به البشر فقط؟ بالطبع لكل اختيار صعوبته وأسئلة تواجهه؛ فلو كان الوعي نتاج لعمليات المخ بشكل كامل؛ إذا من العبث أن نتحدث عن التجارب الذاتية الغير مادية فكل شيئ مادي ناتج عن إعمال عضو المخ، ولكن كيف يكون ذلك كيف أشعر بوجود تجربة ذاتية مميزة غير قابلة للوصف؟ ما هو المميز في الخلايا العصبية المنتجة للوعي وكيف تفعل ذلك؟…ومن الناحية الأخرى إذا قلنا أن الوعي إضافة خارجية إذا لماذا تم إضافته للبشر خصيصاً وما وظيفته أصلا فقد وضح علم وظائف الأعضاء أن المخ قادر على الشعور، وأداء الوظائف دون تأثير، ولا يوجد دليل واضح تأثير شيئ غير مادي على المخ حتي يتخذ القرار.          فما هو إذا الوعي؟ وماهي وظيفته؟

 

من تسبب في وجود الآخر البيضة أم الدجاجة؟

في ذلك الجزء من ملخص كتاب الوعي  نقف أمام معضلة قوية للغاية معضلة السببية. أو العلاقة المتبادلة بين المخ، وبين التجربة الذاتية أو الوعي. فكلا من المذكور له طبيعة مختلفة جدا عن الآخر حيث:

أ.المخ:

له طبيعة تشعبية حيث لا وجود لقلب داخل المخ، أو حتى أكون أكثر وضوحاً، لاوجود لمركز في المخ يجتمع فيه المعلومات من كل حدبٍ، وصوب؛ فالمخ البشري متكون من مناطق متعددة كل منطقة متخصصه بوظيفة وتحكم لذلك لايوجد مركز فى المخ.

ب. الوعي:

مختلف أشد الاختلاف فالوعي يظهر أنه وحدة واحدة تجتمع فيها التجارب الذاتية بشكل دوري، وكأن الوعي مسرح هناك من يجلس ويشاهد ما يحدث عليه من تجارب وتغيرات بشكل دائم، أو كأنه تيار من التجارب المتتالية أي أن طبيعة الوحدة أو المركزية يتميز بها الوعي.

وبذلك تتضح الصورة، ويتضح أن إجرام معضلة السببية قد ترك بصماته واضحة على جبين قضية الوعي فتركنا في حيرة التساؤل إذا كان المخ يخلق وعياً فكيف لتركيب متفرع لا مركز له أن يكون منتج له وحدة واحدة؟ وإذا كان الوعي كيان مستقل يؤثر على المخ فلماذا يتغير الوعي والتفكير والطباع والتجارب عند حدوث متلازمة عصبية معينة؟ هل يتضرر الكيان المستقل كما يتضرر المخ أم ماذا يحدث بالضبط؟ فمثلا لو أصيب أحدهم بمتلازمة كوراسكوف حيث يصاب بتلف معين في «الحصين- Hippocampus» فإن الشخص لايفقد الذاكرة ولكنه لايكون ذاكرة جديدة فمهما حدث له، أو تعلم، أو فعل  أيا ما يكن في الأنشطة، فهو لايتذكر ذلك أبداً، وغالبا مايردد الشخص قول: «أشعر أني استيقظت الآن» وهذا يعني أنه أصبح واعٍ لما يدور حوله وهذا يوضح تأثر الوعي وتجاربه الذاتية بذلك المرض، وبالطبع وضحت الكاتبة أمثلة أكثر وضوحاً للمشكلة فمثلا ما دور الوعي في مسألة الانفصام أو في غيره من المتلازمات العصبية؛ حتي تتضح أمامنا مشكلة حقيقية وهي ما هي العلاقة بين الوعي والمخ؟ من تسبب في عمل الآخر؟ كيف يتأثر كلا منهما بما يحدث للآخر؟

هل أنت متأخر عن العالم حولك؟

قام عالم الأعصاب «ليبيت» بكثير من التجارب المثيرة للجدل فيما يخص الوعي نستعرض بعضها سويا في ملخص كتاب الوعي  حيث قام بتحفيز بعض المناطق من المفترض أن تعطي إحساس بلمسة على الذراع مثلا اتضح أن مقوله المريض أنا أشعر بكذا يتطلب نصف ثانية من التحفيز المستمر، مما قد يوضح أن التجربة الواعية حدثت بعد التحفيز بنصف ثانية مما يكشف عن سؤال غريب هل أنا متأخر عن العالم من حولي؟ بالطبع انهالت التفسيرات من كل جانب؛ فقال المؤمن بالثنائية، ووجود كيان غير مادي قالوا: «أن عدم ملاحظة ذلك التأخير خير دليل على قوة العقل الغير مادى». وقال آخرون نحن في حاجة لنظرية الكم لنفسر ما يحدث.  أما «ليبيت» نفسه فسر الأمر على أساس يسمى «الإحالة الراجعة» حيث في بداية التحفيز تستجيب بعض الخلايا العصبية التي تسبب استجابة آخرين حتى يتكون الشعور أو التجربة الشعرية، بعدها بنصف ثانية، ولكن التوقيت يتم نسبته لبداية الإحالة الراجعة.  بالطبع تم مقابلة كلامه باختلاف كبير بين الوسط الدارس في مجال الوعي.                     تستمر الكاتبة بنبش قبور جديدة عن ألغاز أكثر غموضا مثل حديثها عن معضلة إدراك دقات الساعة فمثلا تجلس في غرفة هادئة غير منتبه لدقات الساعة، ولكن فى لحظة معينة أنصت للدقات بل واسترجعت آخر ثلاث دقات لم تشعر بهم مثلا ماذا حدث؟ لماذا أنصت أو انتبهت للدقات؟ ما هي اصلا الانتباه؟ ما العلاقة بينه وبين الوعي؟ يتضح خطورة وعمق الأسئلة السابقة مع استرسال الكاتبة في ذكر الأمثلة. فمثلا تقود السيارة صباحاً تنادي على هذا وتتحكم في السيارة في الإشارات والشوارع السريعة، ولكنك غير منتبه أو تنسي تلك التفاصيل بعد مرورها فقد كنت ملتهيا في أحلام اليقظة، مما يجعلنا نتساءل هل الوعي والانتباه متلازمين؟   فالانتباه هو تركيز مهارات مخك على عملية معينة، وهذا ما حدث أثناء القيادة فقد كنت مركزا القشرة البصرية والحركية وغيرها، ولكن لم أكون تجربة واعية احتفظ بها وبعد كل تلك التحديات القوية تستعرض الكاتبة بعضاً من نظريات الوعي :

أ. الكم :

اشترك كلا من الرياضي السير روجر بينروز وأخصائي التخدير ستيورات هامروف نظرية قائمة على الحوسبة الكمية حيث تواجد الأنيبيبات العصبية، واتصالها ببعض قد يوضح تواصل المخ الكمومي فيما بين أجزائه وبالطبع التواجد في عالم الكم يفسر التجارب الغريية للعالم ليبيت ولكنك تلك المحاولة اتسمت بالغموض والصعوبة حتى قال البعض أنها تحل لغز بلغز أكبر.

ب. بوبر وإيكلز والثنائية :

افترضا وجود عقل غير مادي في اتصال مع المخ مفسرين ما يحدث أثناء القيادة أن العقل الغير مادي كان مشغول بأحلام اليقظة تاركاً المخ مع الانتباه للقيادة بالطبع واجهت النظرية أسئلة لا حد لها أبسطها كيف تحدث التجربة الذاتية؟

ج. العمل الشامل: هنا يتم تقسيم الوعى لجزء مركزي مسطع يعبر عن ما يركز عليه الوعي، وجزء هامشي أقل في التركيز، وجزء مظلم يعمل عليه المخ بلا وعي. حيث مثلا تبدأ القيادة بالتواجد في الجزء الواعي ويتم التحكم بها من قبل الأجزاء الأخري جميعا ولكن بعد امتلاء الوعي بأحلام اليقظة يتم إحالة القيادة للمناطق المظلمة حتى تكون غير واعية ولكنها تحدث بالطبع نظرية شديدة التعقيد وكثيرة التفاصيل.

كل ما سبق محاولات لم ترقْ أن تكون حقائق فيل السؤال هل يتأخر الوعي عن الحدث؟ كيف يحدث الوعي؟ ما العلاقة بين الوعي والانتباه؟

 

ابتسم فأنت غارق في الأوهام!

عندما يضرب أحدنا المثل في الثقة يقول إني أثق به مثل ما أرى ولكن هل ينبغي إعطاء كل تلك الثقة لرؤيتك؟ دعنا نري…

تركيب العين شديد الازدحام فمن تكدس تركيباتها تواجد العصب البصرى بالقرب من مركز العين مسبباً حجب تواجد المستقبلات البصرية للإضاءة مما يسبب تواجد بقعة عمياء لا رؤية فيها ولكن لماذا لا نشعر بها؟ يرجع ذلك جزئياً هو وجود عينين يدمج المخ بين ما يستقبله من كلاهما ولكن لو أغمضت إحداهما لا أشعر بذلك أيضا فلماذا إذا؟ يرجع ذلك لقدرة المخ على ملأ الفجوات لما يتناسب مع المحيط وقد ثبت ذلك بالتجربة على يد كلاً من ريتشارد جريجوري وفي إس راماتشاندران. ولكن لايقتصر الأمر على ذلك فقط فالرؤية أيضا بها عيوب أخري كثيرة فمثلا إذا قام أحدهم بمصافحتك وسؤالك عن مكان ومر خلالكما شخصين يحملان لوحاً عزل بينكما وتم تبديل الشخص بآخر هل ستدرك ذلك؟ في الحقيقة نصف من خضع لتلك التجربة فشل في التمييز بينهما!!

هذا يوضح أن التبديل السريع أو التغيير السريع الحادث في إطار الرؤية يسبب تعطيل آليات الكشف التلقائي تاركا الشخص يعتمد على ذاكرته البصرية وهي أضعف من الكشف عن التغيير في الوقت المناسب. وهذا يوضح أن الرؤية ليست بالمثالية التي نتخيلها فنحن حرفياً غارقين في الأوهام؛ ولتفسير الرؤية بعيوبها وضع كلا من ليفين وسيمونز نظرية توضح أن الرؤية تستخلص الخلاصة أو نبذة عن ما تراه ولكن الرؤية ليست كما تعتقد صورا أو فيلما إنما هي فكرة أو مغزاً محفور في الوعي.               ثم توالت النظريات وكان من أقواها نظرية الحسية الحركية تلك النظرية التي تفسر الرؤية على اعتبارها رؤية وحركة في نفس الوقت فكل رمشة وكل نظرة تؤثر على مدخلات الرؤية فاختلاف أي مكون حركي أو نظري يغير المدخلات تماماً وأن الرؤية هي عملية معالجة بصرية فالأشياء التي لا يتم معالجتها بصرياً تكون غير مرئية وتلك النظرية شديدة التعقيد ولكنها ذات كفاءة قوية ونظرة مختلفة لوهم الرؤية ولكن في النهاية يظل السؤال قائم في ذلك الجزء من ملخص كتاب الوعي

ما هو مفهوم الرؤية الحقيقي وما علاقته بالوعي؟

 

هل أنت حقاً من يمسك بالهاتف؟

مسألة الإرادة الحرة الأكثر تعقيداً فى ملخص كتاب الوعي  على الإطلاق فنحن هنا نعود لعالم الأعصاب ذو التجارب المثيرة للجدل ليبيت حيث قام ليبيت بوضع أجهزة تستكشف النشاط الدماغي ووضع جهاز شبيه بالساعة حيث يمر مؤشر أمام أرقام، وطلب من المتطوعين أن يحددوا الرقم الذي شعروا فيه بالرغبة لثني ذراعهم وكان الغريب أن النشاط الدماغي بدأ قبل الفعل ب550 ثانية بينما الرغبة بدأت قبل 200 ثانية فقط مما يعني وجود نشاط دماغي خاص بالفعل يبدأ حتي قبل اتخاذ القرار مما يضعنا أمام رصاصة وهم الإرادة الحرة ولكن ليبيت لم يعتبر ذلك دليل علي عدم وجود إرادة حرة حيث في بعض التجارب امتنع الأفراد عن ثني ذراعهم مما يوضح دور الوعي من وجهة نظره أنه ليس مصدر القرار بل هو المانع له ولكن ما سر ذلك الدفاع عن تواجد إرادة حرة حيث أن ذلك الأمر يعتبر من الطبائع الشخصية للبشر فمثلا إذا فكرت في أحدهم ملياً ووجدته يدق الباب سيهافت إلى خاطرك أن أفكارك تنبأت بذلك وربما كانت هي من تحكم مولداً إليك ما يعرف بوهم السيطرة.

وكان اقوي سؤال ضد من يدعي بعدم وجود إرادة حرة هو لماذا إذا أشعر أني حر ولكن ويجنز عرض نظريته على أية حال حيث قال أن اتخاذ القرار وتنفيذه يمر بثلاث مراحل على المستوى العقلي وهم

1.السبب الغير واعي للفعل وهو النشاط العصبي مثلا.

2. الفكرة

3. الفعل

يري «ويجنز» أن البشر يتجاهلون الثلث الأول من التفكير واتخاذ القرار رغبة منهم للشعور بالإرادة الحرة ولكن لو افترضنا جدلا أن الإرادة الحرة فعلا وهم حسنا ماذا سنفعل؟ هل نتوقف عن العيش احتجاجا على أنها نتاج ألاعيب دماغنا إذا كلام ويجنز من الأساس؟ بالطبع لا من المفترض أن تظل وتيرة الحياة ثابته مجبرة كلاً منا على التعامل مع إحساسه بالإرادة الحر أنه حقيقة وليست نتاج تفاعلات وبذلك يتركنا ذلك الجزء من الكتاب بسؤال حائر آخر:

هل توجد إرادة حرة؟ إذا صح عدم وجودها فما مصدر شعوري بها؟

وبذلك تستطيع عزيزي القارئ في ملخص كتاب الوعي أن تلاحظ تتابع الأسئلة على مدار صفحات الكتاب، وكأن الكاتبة ترفض التلقين فى مسألة غير محسومة مثل الوعي، ولكن كنتيجة كان الكتاب حجر الأساس لحيرة غير منتهية.

تحميل كتاب الوعي لسوزان بلاكمور

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فلسفة

User Avatar

Ahmed Khatab


عدد مقالات الكاتب : 31
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق