Ad

أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012 مذكرة تقضي بإحياء يوم عالمي لمتلازمة داون (أو متلازمة الحب) وذلك في الحادي والعشرين من مارس في كل عام. وقد كان الهدف الأساسي من هذه الذكرى هو لتركيز الجهود الهادفة لتحسين نوعية حياة تلك الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم الدعم الكافي لهم من تعليم وعمل ورعاية طبية، وتوجيه الوعي العام عليهم ورفع التوعية المجتمعية بهم.

ولاختيار اليوم (21) دلالة خاصة، ألا وهي اشارةً لامتلاك مرضى متلازمة داون نسخة زائدة من الصبغي/ الكروموسوم رقم 21 في الجينوم الخاص بهم.

فما هي سمات متلازمة داون أو متلازمة الحب؟ وما هي أسبابها وعواضها؟

تسميتها

سُمّيت متلازمة داون بهذا الاسم نسبةً إلى الطبيب البريطاني جون لانغدون داون الذي كان أول من وصف سمات هذه المتلازمة. علمًا أنه أطلق عليها اسم “المنغولية” أو “البلاهة المنغولية” في البداية تشبيهًا بالعرق المنغولي (شكل العينين)، ليتم تغيير التسمية فيما بعد.

كما يُحب أن يسمّيها البعض بمتلازمة الحب أو السعادة، في إشارة للحالة العاطفية السعيدة المحببة التي  يتمتعون بها.

إضافة إلى تسمية الـ “التثالث الصبغي 21” أو “Trisomy 21” 

[1]

تعريفها وأسبابها

متلازمة داون هي اضطراب جيني أو كروموسومي ناتج عن وجود كروموسوم إضافي كامل أو جزئي، يسمى الكروموسوم 21 الإضافي. ويعتبر هذا الاضافي الجيني هو السبب الرئيسي لحدوثها.

 يحدث ذلك عندما يحدث خلل في عملية تقسيم الخلايا، بحيث يتشكل كروموسوم إضافي غير مقترن في الخلية الجنينية المخصبة في المرأة قبل الحمل. وعندما يتم الانخراط في الحمل، ينتقل هذا الكروموسوم الإضافي إلى كل خلية في جسم الجنين ويؤدي إلى التغييرات الجسمانية والعقلية المتعلقة بهذه المتلازمة.

عادة ما يكون عدد الكروموسومات لدى الإنسان 46 كروموسومًا، 23 منها يأتي من الأب و23 من الأم. وتنقسم هذه الكروموسومات إلى زوجين من الكروموسومات الجنسية (X و Y) و 22 زوجًا من الكروموسومات اللاجنسية المعروفة باسم الكروموسومات الأوتوزومية.

عند الأشخاص الذين يعانون من المتلازمة، يكون هناك زوج إضافي من الكروموسوم 21، مما يؤدي إلى وجود 47 كروموسومًا بدلاً من 46 كما هو الحال في الأشخاص الأصحاء. [2]

الكاريوتايب أو النمط النووي لمتلازمة داون
الكاريوتايب أو النمط النووي لمتلازمة داون

العوارض

تتفاوت العوارض التي يعاني منها الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الحب، ويختلف شدتها من شخص لآخر. ومع ذلك، فإن بعض العوارض الشائعة لمرضى متلازمة داون تشمل:

  • تأخر النمو الجسدي والذهني.
  • مظهر جسدي مميز، مثل عيون بارزة ووجه مستدير ورقبة قصيرة.
  • مشاكل صحية، مثل ضعف العضلات وضعف الإبصار والسمع ومشاكل القلب والأمعاء والغدد الصماء والجهاز العصبي المركزي. تأخر في التحدث والتواصل اللفظي.
  • صعوبة في التعلم والاحتفاظ بالمعلومات وتذكرها.

 علاوة على ذلك، قد يواجه الأشخاص بعض الصعوبات الاجتماعية والعاطفية، مما يتطلب دعمًا إضافيًا وتعاطفًا من المجتمع والعائلة. ومع ذلك، فإن مرضى المتلازمة يمكنهم العيش حياة طويلة وسعيدة، ويمكن أن يحققوا إنجازات كبيرة في العديد من المجالات.  [2]

عوامل الخطر

يعتبر العامل العمري هو العامل الأكثر شيوعًا لحدوث المتلازمة. فكلما زاد عمر الأم، كلما زادت فرص أو احتمالية حدوثها في طفلها، وذلك لأن الخلايا المسؤولة عن إنتاج البويضات تتعرض لتلف مع الزمن، مما يزيد من احتمالية حدوث خلل في الكروموسومات.

وتشير الدراسات إلى أن النساء اللواتي يلدن طفلاً بمتلازمة داون في الأعمار الشابة (أقل من 35 عامًا) يكون لديهن خطر أقل لحدوثها في الحملات اللاحقة، مقارنة بالنساء اللواتي يلدن في سن الأربعينيات أو ما بعدها.

 تجدر الإشارة إلى أن معظم الأطفال الذين يولدون من أمهات أكبر سنًا لا يعانون من متلازمة داون، وهذا يشير إلى أن العمر الأم يعتبر عامل خطر لحدوث المتلازمة فقط وليس سببًا مباشرًا. [3]

انتشار المتلازمة حول العالم

تعتبر متلازمة داون واحدة من أكثر الاضطرابات الجينية شيوعًا في جميع أنحاء العالم، وتؤثر على حوالي 1 من كل 700-1000 مولودًا حول العالم.

وتختلف معدلات الانتشار من بلد إلى آخر، حيث يوجد بعض البلدان التي تشهد معدلات أعلى من الانتشار من غيرها. على سبيل المثال، يتم تشخيص حوالي 6000 حالة جديدة من المتلازمة في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام، ويعتبر هذا الرقم أعلى بكثير من البلدان الأخرى.

وفي بعض البلدان، توجد معدلات أعلى بسبب زيادة متوسط العمر الأمومي والأبوي وتحسين رعاية الصحة الجنينية وتحسين الإدارة الصحية في العام.

وعلى الرغم من أن الانتشار يختلف من بلد إلى آخر، إلا أنها تظل تحديًا عالميًا يواجهه المجتمع الطبي والعائلات والحة العامة عمومًا. [3]

تشخيصها

يتم التشخيص عادةً بعد الولادة، حيث يتم فحص المولود وإجراء اختبارات إكلينيكيّة لتحديد ما إذا كان يعاني من متلازمة داون أم لا.

ويتم ذلك عن طريق الكشف عن علامات الاضطراب الشائعة المرتبطة بالحالة، مثل:

  • عيون صغيرة ومقعرة.
  • وجه مستدير وصغير الحجم.
  • عنق قصير وعريض.
  • تأخر في النمو والتطور العقلي.
  • وجود شق بين الشفتين العلوية واللثة (شق الشفة الأرنبية).
  • وجود تشوهات قلبية في بعض الحالات.

يتم أيضًا إجراء اختبار الكروموسومات لتحديد عدد الكروموسومات في الخلايا الجنينية، ويتم فحص هذه العينة باستخدام تقنيات مختلفة مثل الامتزاز الجزيئي للحمض النووي (PCR) أو فحص كشف الهيبريدة الجزيئية (FISH) أو فحص التسلسل الجيني الكامل (WGS).

 يمكن أيضًا إجراء فحص الدم لقياس مستويات البروتينات والمواد الكيميائية الأخرى في الدم. تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الأحيان، قد لا يتم تشخيص متلازمة داون إلا بعد فترة من الوقت بسبب عدم وجود أعراض واضحة في المولود، وبعض الحالات يمكن أن يتم تشخيصها في وقت لاحق من الحياة. [4]

العلاج

في الطبع لا يوجد علاج شامل وكامل، ولكن يتم علاج الأعراض والمضاعفات المرتبطة بها.

ويشمل العلاج:

  1. التدخل التربوي: يتم توفير الدعم التربوي والتعليمي المناسب للأشخاص المصابين بمتلازمة داون لمساعدتهم على تحسين قدراتهم والتكيف مع المجتمع.
  2. العلاج النفسي: يمكن أن يكون العلاج النفسي مفيدًا للأشخاص المصابين، حيث يمكن أن يساعد على التغلب على المشاعر السلبية وتحسين الصحة النفسية.
  3. العلاج الطبيعي والتخفيف من الضغط: حيث يمكن تحسين الصحة العامة للمرضى عن طريق ممارسة النشاط البدني المنتظم والتغذية الصحية والحفاظ على وزن صحي.
  4. العلاج الدوائي: يتم استخدام الأدوية لعلاج الأمراض المصاحبة للمتلازمة، مثل مشاكل الغدة الدرقية، وضغط الدم العالي، والاضطرابات النفسية.
  5. الجراحة: يتم اللجوء إلى الجراحة في بعض الحالات الخطيرة، مثل تصحيح تشوهات القلب.

إن توفير الدعم والرعاية الجيدة لمرضى المتلازمة يمكن أن تحسن نوعية حياتهم وتساعدهم على العيش بشكل طبيعي في المجتمع. [4]

في النهاية، وفي سياق الحديث عن فئة تشكل نسبة مرتفعة نسبيًا من ذوي من الاحتياجات الخاصة، لا سيّما في البلدان العربية، أضحى من الضروري تركيز جهود المؤسسات الصحية والطبية والإعلامية لدعم وتسليط الضوء على توفير الخدمات اللازمة لكافة لتلك الفئات، إضافة إلى العمل على إحداث توعية مجتمعية من شأنها أن تدرك الخطأ والصواب حول الأمراض عمومًا، والوراثية منها على وجه الخصوص…

المصادر:

  1. CAGS
  2. OMIM
  3. Altibbi
  4. Mayoclinic

تعرف أيضًا على مرض فينيل كيتونوريا عبر هذا الرابط هنا

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب صحة أحياء وراثة

User Avatar

Mohammad Shawerdi

طالب علم، مهتم بالمعرفة والثقافة، مع التخصص بالمجال الصحي-الطبي المتعلق بالتحاليل الطبية.


عدد مقالات الكاتب : 15
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق