تزداد شعبية العمارة الخضراء بين المعماريين شيئًا فشيئًا، فصمم البعض مبانٍ تُغطّيها النباتات تمامًا. ويقع أحد هذه المباني في مدينة ميلانو الإيطالية، ويدعى الغابة العمودية. ويتكوّن من برجين بطول 80، و112 م، ويحتويان على 780 شجرة بمختلف الأحجام، و11 ألف نبتة معمرة ونباتات تغطية، إضافةً إلى 5 آلاف شجيرة. إلى جانب الفوائد البيئية يعزّز البرجان التفاعل الاجتماعي بين السكان، وتعد الغابة العمودية معلمًا دائم التطوّر، والذي تتغير ألوانه اعتمادًا على الموسم، والطبيعة المختلفة للنباتات المستخدمة.[1] فما الفوائد البيئية، والاقتصادية، والاجتماعية التي ترافق العمارة الخضراء؟
محتويات المقال :
مع ازدياد توسّع المدن تصبح التنمية الحضرية المستدامة أداةً متزايدة الأهمية لمواجهة الآثار الضارّة للزحف الحضري العشوائي. وهنا يأتي دور العمارة الخضراء التي تدمج المواد المستدامة، وأنظمة كفاءة الطاقة، والمساحات الخضراء. من أجل تحويل البيئات الحضرية إلى أماكن أكثر جاذبيةً، وصحيةً، ومرغوبةً للعيش فيها، فضلًا عن الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي توفرها.[2]
تُصمم المباني الخضراء لتكون موفرةً للطاقة، مما يعني أنها تستهلك طاقةً أقل للتدفئة، والتبريد، والإضاءة. ويتحقّق ذلك من خلال مجموعة متنوّعة من خطط التصميم مثل تصميم المبنى وفقًا لطبيعة منطقته المناخية وتوجيهه بالشكل الأمثل للاستفادة بأقصى حد من الطاقة الشمسية في فصل الشتاء، والتقليل منها في فصل الصيف ويمكن استعمال الكاسرات الشمسية لهذا الغرض. عندما نقلّل من كمية الطاقة اللازمة لتشغيل المبنى تنخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وينعكس ذلك بدوره على مشكلة التغيُّر المناخي.[3] والكاسرات الشمسية هي ألواح خارجية ثابتة أو متحرّكة تتوضّع بشكل رأسي أو أفقي، وتوضع على فتحات المبنى (الأبواب، والنوافذ) لتسمح بدخول أشعة الشمس في الشتاء، وتمنعها من الدخول في الصيف.
تعزّز العمارة الخضراء ممارسات الإدارة المستدامة للمياه وتستخدم عدّة طرق للحفاظ على الموارد المائية ومنها:
تساعد العمارة الخضراء على الحد من الضغط على إمدادات مياه البلدية، وتعتبر هذه الميزة مهمةً على نحو خاص في المناطق التي تعاني ندرة الماء أو الجفاف.[4][5]
يتلوث الهواء داخل المباني من بقايا مواد البناء، والتشطيبات النهائية، والمفروشات. نتيجةً لذلك قد يقلّل البناء بواسطة المواد المتجدّدة من كمية الملوثات المنتشرة في الهواء. كما تساعد التهوية الطبيعية على تحسين نوعية الهواء الداخلي عن طريق جلب الهواء النقي باستمرار.[7]
إضافةً إلى ذلك، يمكن للجدران الخضراء المساعدة على الحد من مستويات ثاني أكسيد الكربون داخل الفراغات. وتساعد النباتات الداخلية في تنقية الهواء الداخلي في نفس الوقت.[8]
تهدف العمارة الخضراء إلى الحد من النفايات عن طريق تصميم المنشآت التي تنتج كميات أقلّ من النفايات أثناء البناء والتشغيل. يمكن تحقيق ذلك باستعمال مكوّنات مسبقة الصنع، أو جعل المكوّنات قابلةً للتفكيك، واستخدام مواد قابلة لإعادة التدوير، لإعادة استخدامها بسهولة في المستقبل. وتسعى كذلك إلى استعمال الموارد بكفاءة من خلال تقليل كمية المواد المستخدمة في البناء، واستخدام المواد المعاد تدويرها أو المتجددة مثل الأسمنت الصالح للأكل.[9]
تدمج العمارة الخضراء التقنيات والمواد الموفّرة للطاقة نتيجةً لذلك يقل استهلاك الطاقة، بالتالي تنخفض التكاليف، والفواتير مع مرور الوقت. وتتضمن المباني الخضراء في كثير من الأحيان مصادر الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، أو توربينات الرياح، مما يقلّل أو يلغي الحاجة إلى الكهرباء التي توفّرها الحكومة. علاوةً على ذلك، يعتمد البناء الأخضر على الموارد المستدامة مثل الصلب المعاد تدويره، والخيزران والتي غالبًا ما تكون أرخص من مواد البناء الأخرى فيؤدي ذلك إلى انخفاض التكلفة عمومًا.[9]
تقدّم العديد من الحكومات حوافزَ ضريبيةً للبناء الأخضر مما قد يساعد على تعويض التكلفة الأوّلية للبناء. وقد تشمل الحوافز الإعفاءات الضريبية، والخصومات، والمنح مثل بعض الولايات الأمريكية. [10]
تجذب المباني الخضراء المشترين، والمستأجرين مما يزيد قيمتها في سوق العقارات، وذلك لأنها توفر المال من تكاليف الكهرباء والماء، وتعتمد نظام تهوية وإنارة فعّال وصديق للبيئة. فيتشكّل بسبب ذلك نظام معيشة، أو بيئة عمل أكثر صحّةً، وراحةً.[11]
تمتلك العقارات الموجودة بالقرب من الحدائق أو المساحات الخضراء قيم ملكية أعلى من غيرها من العقارات. على سبيل المثال؛ وجدت دراسة في بكين أن قيم العقارات السكنية الواقعة على بعد (850-1604)م من الحدائق حقّقت زيادةً بنسبة (0.5-14.1)% في أسعار المبيعات.[11]
قد تخلق العمارة الخضراء وظائف جديدةً لأنها مجال متنامٍ، يتطلّب مهارات متخصّصةً. إذ يستخدم روّاد الأعمال المهتمّون بالاستدامة خططًا مختلفةً، وحديثةً لدفع العمارة الخضراء في صناعة البناء مما قد يخلق فرص عمل جديدة.[12]
تحسن العمارة الخضراء بشكل عام جودة البيئة الداخلية مثلما ذكرنا سابقًا. ويعد الحفاظ على العلاقة مع الطبيعة أمرًا أساسيًا لصحة الإنسان ورفاهيته. إذ قد تكون المساحات الخضراء، والزرقاء مصدرًا للترفيه، والاسترخاء في المجتمع. لذلك تمتلك المباني الخضراء تأثيرًا مهدّئًا على شاغليها، وتقلّل مستوى الإجهاد لديهم. فتتحسن بسبب ذلك الصحّة النفسية للسكّان.[2]
تهتمّ العمارة المستدامة بمواد البناء غير السامّة، وتسعى للحد من التعرّض للمواد الكيميائية الضارّة. فينعكس ذلك على الصحة العامة للأفراد، ويقلّل خطر الإصابة بالأمراض. كما تشجّع المباني الخضراء النشاط البدني من خلال دمج ميّزات مثل السلالم، ومسارات المشي. فيؤدي ذلك إلى تقليل خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل السمنة المفرطة، وأمراض القلب.[2]
تنعكس فوائد العمارة الخضراء، والمستدامة على الموظفين بشكل كبير. بحثت دراسة في آثار تحسين جودة البيئة الداخلية IEQ على الصحة الجسدية والإنتاجية لدى شاغلي المباني الذين انتقلوا من المباني المكتبية التقليدية إلى المباني الخضراء. ووجدت الدراسة أن تحسين جودة البيئة الداخلية ساهم في خفض غياب الموظّفين، وتقليل ساعات العمل المتضرّرة من الربو، والحساسية التنفسية، والاكتئاب، والإجهاد. وأظهرت الدراسة تطوّر جو العمل، وزيادة إنتاجية الأفراد.[13]
تساعد الأسطح والجدران الخضراء على الحد من تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية. والتي تحدث عندما تصبح المناطق الحضرية أكثر دفئًا بشكل ملحوظ من المناطق الريفية المحيطة بها، بسبب امتصاص واحتفاظ المباني والأرصفة بالحرارة. وهنا يأتي دور العناصر الخضراء في خفض الآثار السلبية للجزيرة الحرارية الحضرية من خلال توفير الظلّ، وتبريد الهواء. كما توفّر الجدران الخضراء العزل، وتقلّل كمية الحرارة التي تمتصُّها المباني، وتساعد على إدارة مياه الأمطار. وأوضحت دراسة أنواع النباتات، ومعدلات التغطية الفعّالة للسقف الأخضر الأمثل للحد من تأثير الجزر الحرارية الحضرية. وهي 70% من العشب و30% من الأشجار في المناطق المغلقة. و50% من الشجيرات، و50% من الأشجار في المناطق نصف المفتوحة. و70% من العشب مع 30% من الأشجار، أو 30% من العشب مع 70% من الأشجار في المناطق المفتوحة.[14]
إضافةً إلى ذلك، يمكن استخدام العمارة الخضراء كأداة تعليمية لزيادة الوعي حول القضايا البيئية، وتعزيز المعيشة المستدامة من أجل ضمان مستقبل أفضل لأولادنا.
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…