Ad

ظل مفهوم الاستراتيجية حجر أساس المنافسة خلال الثلاثة عقود الماضية. لكن في المستقبل، قد يبدأ السعي وراء التفوق المستدام في تحويل الاهتمام إلى مفهوم نموذج العمل التجاري (Business Model). أدى التقاء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التسعينيات إلى اهتمام مؤقت بنماذج الأعمال التجارية، حتى تضافرت قوى التقانة والعولمة والاستدامة، لتعيد المفهوم إلى الواجهة. نموذج العمل التجاري هو خطة العمل التي يستخدمها رواد الأعمال والشركات لتحقيق الربح. يتضمن نموذج الأعمال تحديد المنتجات أو الخدمات التي يقدمها العمل والجمهور المستهدف وكيفية تسعير المنتجات وتوزيعها وتسويقها واستخدام الموارد وإدارة النفقات.[1]

الفرق بين نموذج العمل والاستراتيجية والتكتيكات

نموذج العمل التجاري هو خطة الشركة لتحقيق الربح، التي تحدد من خلالها المنتجات أو الخدمات المُقدمة والسوق المستهدفة وأي نفقات متوقعة. إنها خطة عالية المستوى لتشغيل الأعمال بطريقة مربحة في سوق محدد. أما العنصر الرئيسي في نموذج الأعمال فهو القيمة المُقدمة: أي وصف السلع أو الخدمات التي تقدمها الشركة وما قد يجعلها مرغوبة في نظر المستهلكين والعملاء. ما يجب أن يحدث بدوره على نحو يميز المنتج أو الخدمة عن منافسيها.[1] من ناحية أخرى، تعتبر الاستراتيجية (Strategy) خطة لكيفية تفوق الشركة في المنافسة. مفهوم يعرفه معظم الناس من الألعاب والرياضات، ويتضمن معرفة كيفية وصول الشركة إلى وجهتها، ومتى يجب أن تتوقف للحصول على الوقود، وما الذي تحتاج التزود به أثناء الرحلة.[2] يعتبر نموذج الأعمال مجموعة من الافتراضات حول كيفية تشغيل الشركة، بينما تعتبر الاستراتيجية مجموعة من الافتراضات حول كيف يمكن للشركة الفوز بالمنافسة. أما التكتيكات (Tactics)، فهي الإجراءات المحددة التي تتخذها الشركة لتنفيذ استراتيجيتها. إنها الخطوات التفصيلية التي تُتخذ لتحقيق الأهداف، وغالبًا ما تركز على الأهداف قصيرة الأجل.[3]

أهمية نموذج العمل التجاري

  1. يساعد نموذج العمل التجاري المدروس دراسة وافية في فهم العمل: فهو يجبر رواد الأعمال على التفكير في جميع جوانب العمل. بدءًا من تطوير المنتجات إلى التسويق والمبيعات وخدمة العملاء. ما يضمن توافق جميع جوانب العمل وعملها على تحقيق نفس الأهداف.
  2. يحدد فرص النمو: يساعد نموذج الأعمال على تحديد المجالات التي يمكن للشركة أن تنمو وتتوسع فيها. عن طريق فهم السوق المستهدف والنقاط الفريدة عند العرض، يمكن للشركة تحديد منتجات أو خدمات جديدة لتقديمها، والأسواق الجديدة للدخول إليها، أو طرق جديدة للوصول إلى العملاء.
  3. يتوافق مع الاستراتيجية العامة: يعد نموذج العمل التجاري جزءًا حاسمًا من الاستراتيجية العامة للشركة، إذ يشكل الأساس الذي تبنى عليه بقية الاستراتيجية. يجب أن يتوافق نموذج الأعمال مع الرسالة والأهداف العامة للشركة، ويجب تصميمه لتحقيق النتائج المالية المرغوبة في الشركة. وسيساعد نموذج الأعمال المصمم بعناية الشركة في تحقيق الإيرادات والربحية وجذب واحتفاظ العملاء وتوسيع عملياتها والفوز بحصة السوق.
  4. يساعد على التنبؤ بالاتجاهات والتحديات: يجب على الشركات المتميزة تحديث نموذج أعمالها بانتظام، وإلا فإنها ستفشل في التنبؤ بالاتجاهات والتحديات المقبلة. كما تساعد نماذج الأعمال المستخدمة في تقييم الشركات التي تهم المستثمرين وتساعد الموظفين على فهم مستقبل الشركة التي قد يطمحون للانضمام إليها.
  5. تمنح ميزة تنافسية: يعد ميزة كبيرة لنموذج العمل الصلب هو أنه يمكن أن يمنح الشركة ميزة تنافسية على الشركات الأخرى في الصناعة. يمكن أن يمنح تطبيق نموذج أعمال فريد للشركة سمعة فريدة في السوق، مما يخلق الجدل بين المستهلكين ويشجعهم على الشراء لأول مرة. ويعد أكبر ميزة لنموذج الأعمال القوي والمثبت هو المساهمة التي يقدمها في الاستدامة التنظيمية والقدرة على تحمل العواصف الاقتصادية أو التغيرات في الظروف السوقية.

الدورة الفعالة

في سياق الأعمال، يُترجم مصطلح (Virtuous Cycle) إلى «الدورة الفعالة». تشير الدورة الفعالة إلى نظام يعزز نمو الشركة ويحسن أداءها عندما تتضافر عدة عوامل. عندما تقدم شركة منتجًا أفضل من المنافسين مثلًا، يزيد ذلك من حصتها في السوق، ما يزيد من حجم المبيعات ويسمح للشركة بتوسيع نطاق عملياتها وتخفيض تكاليف الإنتاج. وبدوره، يؤدي إلى تحسين جودة المنتجات وتقليل التكاليف، ما يجعل الشركة أكثر تنافسية ويزيد الطلب على منتجاتها. وبالتالي، فإن الدورة الصالحة تشير إلى تفاعل متزايد ومتعدد الجوانب يحسن أداء الشركة ويزيد من نموها. تنتج نماذج الأعمال الناجحة دورات فعالة أو حلقات ردود فعل (feedback loops) تعزز نفسها، وهذا أكثر جوانب نماذج الأعمال قوة ولكن طالما يغفل الناس عنه.[4]

من اليسير  جعل دورة الأعمال مثالية عندما تخلو الساحة من المنافسين. ولكن القليل من نماذج الأعمال تعمل في فراغ – وإن حدث فلن يدوم الوضع. للتنافس مع المنافسين الذين لديهم نماذج أعمال مماثلة، يجب على الشركات ببساطة ترسيخ الالتزام بالنتائج المتوقعة حتى يتمكنوا من خلق القيمة والانتفاع من منافسيهم. القصة مختلفة عندما تتنافس الشركات ضد نماذج أعمال مختلفة. فالنتائج غالبًا ما تكون غير متوقعة، ومن الصعب معرفة أي نموذج عمل سيؤدي أداءً جيدًا. يمكن للشركات المنافسة من خلال نماذج الأعمال بثلاث طرق. يمكنهم تعزيز دوراتهم المثالية الخاصة، أو حجب أو تدمير دورات المنافسين، أو بناء تكاملات مع دورات المنافسين. تلك الإجراءات قادرة على تقليل الأضرار، بل وستحيل شركة قد تستبدلك إلى شركة تتكامل معك.[4]

إضعاف دورات المنافسين

ليست القيمة وحدها التي تحدد قوة الشركة ولكن التفاعلات مع المنافسين أيضًا. سنتناول المعركة بين  مايكروسوفت و لينكس (Linux). يغذي الأخير دورته الفعالة من خلال جعل الخدمة مجانية، مع السماح للمستخدمين بالمساهمة في تحسين التعليمات البرمجية. ركزت مايكروسوفت على إضعاف الدورة الفعالة لمنافسها. إذ تستغل علاقتها مع مصنعي المعدات الأصلية لتثبيت نظام ويندوز (Windows) مسبقًا على أجهزة الكمبيوتر الشخصية والمحمولة. تحاول الشركة عبر ذلك السلوك منع لينكس من زيادة قاعدة عملائها. تثني مايكروسوفت الناس عن الاستفادة من نظام التشغيل والتطبيقات المجانية في لينكس من خلال نشر عدم اليقين بشأن المنتجات.

يمكن أن ترفع مايكروسوفت قيمة ويندوز مستقبلًا، من خلال معرفة المزيد عن المستخدمين وتقديم أسعار خاصة لزيادة المبيعات في قطاع التعليم. أو تقليل قيمة لينكس عن طريق تقليل عمليات الشراء من قبل المشترين الإستراتيجيين ومنع تطبيقات ويندوز من العمل على نظام لينكس. قد تكون إمكانات خلق القيمة في لينكس أكبر من الناحية النظرية، لكن لن تتفوق قاعدته على تلك الخاصة بعملاقة التكنولوجيا بعد نجاح الأخيرة في إضعاف دورته الفعالة بل وتعطيلها.

التكامل مع المنافسين

قد يتحول المنافس إلى شريك في سبيل خلق القيمة وإرضاء العملاء، بتكوين علاقة ثلاثية الأركان. تخيل أنك تعمل بتصنيع السيارات وأنك تبيع سياراتك للمستخدمين. تحتم عليك وظيفتك بيع بعض قطع الغيار لمصنعين آخرين. إذا تعاونت مع منافسيك لتصنيع قطع أجود وأحدث، فقد ربح البيع لكليكما. إذا نجح منافسك في  زيادة مبيعاته ستزداد مبيعاتك أنت لأنكما متكاملان. تتعاون شركات الطيران وشركات تأجير السيارات لتقديم حزمات لعملاء السفر. تسمح هذه الصفقات للعملاء بتوفير المال عن طريق حجز رحلة وسيارة في الوقت نفسه. أما في مجال الضيافة، فقد تتعاون الفنادق مع مطاعم معينة ويصبح النزيل عميلًا لدى الشركتين.

أنواع نماذج الأعمال التجارية

  • نموذج الاشتراك: يتيح هذا النموذج للعملاء الحصول على منتج معين على نحو دوري مقابل رسوم اشتراك شهرية أو سنوية. مثل الاشتراك الشهري في البث المباشر لمنصة نتفليكس.
  • نموذج البيع المباشر: يشتري العملاء المنتج مباشرة من الشركة مثل عمليات الشراء عبر الإنترنت من متاجر التجزئة.
  • نموذج الإعلانات: توفر الشركات محتوى مجاني للجمهور وتعتمد على الإعلانات لتحقيق الربح، مثل التلفزيون.
  • نموذج الإيرادات المشتركة: حيث تقاسم الإيرادات مع شريك أو أكثر، مثل نموذج الإعلانات المدفوعة على اليوتيوب ومواقع الويب.
  • نموذج الترخيص: عند الحصول على رسوم إذن لاستخدام المنتج أو الخدمة، مثل برامج الحاسوب.
  • نموذج المنصة: تقدم الشركة منصة للمستخدمين للتفاعل بعضهم مع بعض، مثل فيسبوك وتويتر.

المصادر

  1. Investopedia
  2. Chron
  3. Harvard Business school
  4. Harvard Business Review

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


اقتصاد

User Avatar

عصماء عصمت

أنقل الأفكار إلى العربية. مهتمة بالأدب واللغويات.


عدد مقالات الكاتب : 14
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق