Ad

كان النوبيون مجموعة من القبائل، التي تعيش في مناطق شمال السودان، يعود إلى ما قبل الميلاد بكثير، وتمتد مناطقهم من جنوب مدينة الخرطوم وحتى حدود السودان الشمالية مع مصر. وهذه المناطق بقعة ثرية بالحضارات والممالك كمملكة كرمة التي سنتناول الحديث عنها في هذا المقال.

نشاة مملكة كرمة

نشأت مملكة كرمة في منطقة دونغولا في السودان الحديث، وهي مملكة نيلية أفريقية قديمة، عاصمتها مدينة كرمة، ظهرت في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد، وسيطرت في أوج قوتها على العديد من الشلالات على نهر النيل، والتي كانت تغطي أراضي واسعة.

فقد برزت كقوة في المنطقة؛ بسبب موقعها الاستراتيجي الواقع على العديد من طرق القوافل المتجهة إلى مصر، والبحر الأحمر، والقرن الأفريقي. وبذلك فرضوا ضرائب ورسوم باهظة على جميع قوافل التجارة المارة عبر هذه الطرق، وكانت هذه الضرائب السبب الأساسي في ثروة كرمة.[1]

أبرز حكام المملكة

تشير الدراسات إلى وجود العديد من الملوك الذين حكموا مملكة كرمة. فقد بدأ الحكم من عهد الملك كاشتاوتنتهي حتى عهد الملك مالنقين، والقصر الملكي وكانت مروي مركزاً إقليمياً وكانت المقابر الملكية في مدينة الكرو التاريخية. يأتي من بعده الملكة ماكيدا ويحتمل أن تكون هي بلقيس ملكة سبأ.

بالإضافة إلى الملك اسركماني العام 950 قبل الميلاد. وأخيراً كادملو فقد  وجد نحت لها في أحد المعابد القريبة. وقد امتد حكم هؤلاء الملوك لمدة قرن تقريباً ما بين 690 و590 قبل الميلاد، وبما أنهم كانوا يحكمون كلا من مصر والسودان.[2]

مجتمع كرمة

حضارة كرمة كانت ريفية في المقام الأول، حيث كان عدد سكان مدينة كرمة حوالي 2000 نسمة فقط. فقد مارس النوبيون في هذه الفترة الزراعة والصيد وتربية الماشية مثل الأبقار والأغنام، وعملوا في ورش تنتج السلع الخزفية والمعدنية. القطع الأثرية الأكثر ارتباطاً بحضارة كرمة هي على الأرجح الدفوفة (المعابد).

ولذلك أبقت مواد البناء المصنوعة من الطوب اللبن الجزء الداخلي منها باردة على الرغم من الشمس النوبية الحارة، في حين سمحت الأعمدة الطويلة بتدفق هواء أكبر. كانت جدرانها مزينة بالبلاط ومزخرفة برسومات متقنة، وبعضها مبطن بالذهب.[4]

أهم المعالم في مملكة كرمة

أثبتت الدراسات والأعمال الآثرية التي أجريت على مواقع حضارة كرمة. إن هذه الحضارة لها الكثير من المخلفات الآثرية المادية التي تعكس النشاطات المعمارية لأهل هذه الحضارة. هذا بجانب بعض المخلفات التي تصور المخلفات الدينية والممارسات الثقافية التي كانت سائدة. ومن أبرز الآثار الموجودة في المملكة حتى الآن.

الدفوفة الشرقية والغربية

تعتبر من أهم معالم كرمة الآثرية، وأكثر الهياكل غرابة في النوبة والوحيدة من نوعها في الوجود وهما عبارة عن مبنى ومعبد جنائزي كبير من الطوب اللبن التي تبعد حوالي 3,5 كم من مجرى النيل.[3]

فقد تأتي أهمية الدفوفتان على أنهما مدافن حكام وسكان فترات حضارة كرمة المتعاقبة. إضافة إلى وجود المقابر التي تحمل شكل الكوم المستدير من الخارج. أما حفرة الدفن فهي دائرية أو بيضاوية تم فيها دفن صاحب القبر على عنقريب من الخشب ويحيط به الأثاث الجنائزي المكون من عدة أشياء منها الأواني الفخارية وأدوات الزينة.[5]

عادات الدفن في كرمة

تتميز طقوس الدفن في الديفوفة بأنها تحوي ما بين 20 و 30 قبر لملوك ورعايا هذه المملكة، والتي تعتبر شاهداً على طقوس دفن يعود تاريخها إلى حوالي 2500 قبل الميلاد. كما كانت تحتوي على جثمان الشخص المتوفى في وضعية الجنين، حيث يكون رأسه متجها نحو الشرق، ووجهه نحو الشمال.

كما كان سكان المنطقة يتبعون طقوس دفن خاصة. ومن هذه الطقوس، إحياء مراسيم تأبين متكررة لعدة سنوات. وهي مراسيم تجتمع فيها العائلة حول القبر لمشاركة الميت في مأدبة كبرى. تُترك بعدها الأواني مقلوبة فوق الأرض في دليل على تقاسم الوجبة مع الميت.[4]

علاقة المملكة مع مصر

تشير المصادر التاريخية إلى أن مملكة كرمة ومصر كانتا تتفاعلان بشكل كبير خلال الفترة الزمنية التي امتدت من حوالي 2500 قبل الميلاد إلى 1500 قبل الميلاد. في البداية، استخدم الملوك الكوشيون كرمة للدفن الملكي والاحتفالات الخاصة. مما يوحي ببعض الارتباط فيما بينهم.[3]

كما كان لها صلات تجارية معها وتتمثل في المنتجات الحيوانية والعاج والأبنوس. كما أنشأ المصريون الحصون في الحدود الجنوبية لمصر لتأمين تجارة وتأمين مصر من أي خطر. لأنهم كانوا يتخوفون أي هجمات من الجهة الجنوبية.

سقوط كرمة

غزت المملكة المصرية في عهد الفرعون تحتمس الأول من الأسرة الثامنة عشر في مصر مملكة كرمة في عام 1504 قبل الميلاد، ودمر عاصمتها مدينة كرمة، وأنشأ فيها مستوطنة جديدة، تُعرف اليوم باسم الدقي جل (ومعناها التل الأحمر)، ثم وضعوا نائباً فيها ليحكمها ويحافظ على أراضيها وثرواتها، واستمر المصريون في حكم كرمة، حتى ظهرت مملكة كوش، بعد تفكك المملكة المصرية خلال فترة عرفت باسم انهيار العصر البرونزي.[5]

المراجع

1. Heritagedaily.com
2. Unchicago.edu
3. History.com
4. Thinkafrica.net
5. Thearchaeologist.com

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


آثار تاريخ

User Avatar

Leen Mhanna

استخدم الكتابة كوسيلة لنشر المعرفة والوعي بالتاريخ والآثار.


عدد مقالات الكاتب : 17
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق