Ad

نال كل من الفرنسي بيير أغوستيني والمجري النمساوي فيرينك كراوس والفرنسية آن لويلير جائزة نوبل في الفيزياء لسنة 2023، وذلك لإسهاماتهم في دراسة حركة الإلكترونات باستخدام التحليل الطيفي فائق السرعة (بالأتوثانية أي 10-18 ثانية). فلماذا استحق هؤلاء العلماء جائزة نوبل للفيزياء وكيف يمكن أن تؤثر إسهاماتهم في تطور علم الفيزياء؟

النبضات الضوئية القصيرة سر تتبع حركة الإلكترونات والجزيئات

عندما خط هايزبرغ مبدأه المشهور عن عدم اليقين، كان من المستحيل تتبع حركة الإلكترونات داخل الذرات. فالإلكترونات تتحرك بمقدار يفوق النبضة الضوئية بمليون مرة. لذلك، فقد رجَّح العديد من الفيزيائيين استحالة رصد حركة الإلكترونات في ذرات. ومع التطور التكنولوجي، صار بالإمكان إنتاج نبضات أقصر، مهدت لدراسة أعمق لحركة الجزيئات والتفاعلات الكيميائية، والتي نال بسببها العالم المصري أحمد زويل جائزة نوبل للكيمياء سنة 1994. لكن حركة الإلكترونات تحتاج إلى نبضات أتوثانية من أجل رصدها.

النبضات الأتوثانية

في سنة 1980، قامت عدة بحوث لتفسير ظاهرة التأين متعدد الفوتونات. وفي أحد هذه التجارب، سلّط فريق بحثي ليزرًا للموجات تحت الحمراء نحو غاز خامل. لاحظ العلماء نمطًا غريبًا للتوافقيات (الإشارات) العالية المحصل عليها، إذ كانت شدة التوافقيات تنخفض بشكل حاد في البداية، ثم تستقر في حد معين، قبل أن تبدأ مجدداً في الانخفاض (الشكل 1). حاول بعض الباحثين استغلال هذا النمط في تحديد النطاق الترددي الذي يجب استخدامه من أجل الحصول على نبضات أتوثانية. لكن فكرة استحالة ذلك مبدئياً، كانت لا تزال تطغى على الأجواء.

الشكل 1: نمط التوافقيات العالية المحصل عليها أثناء التجربة

 في سنة 1991، وضعت آن لويلير مع فريقها البحثي الأسس النظرية لفهم كيفية إنتاج التوافقيات العالية وتوقعت على نحو دقيق أنماطها. ثم ظهر بعدها نموذج يشرح كيفية إنتاج نبضات أتوثانية اعتمادًا على التوافقيات العالية والذي قامت آن باستغلاله وتطبيقه في أواخر التسعينيات. يقسم النموذج مراحل إنتاج النبضات الأتوثانية إلى ثلاث مراحل. في المرحلة الأولى، يعمل المجال الكهرمغناطيسي لليزر على تأيين ذرات الغاز، المسلط عليه، عن طريق ظاهرة النفق الكمومي. بعدها، يسرع هذا المجال الكهرمغناطيسي الإلكترون بعيدًا عن مداره. ثم يعيده مرة أخرى إلى مكانه الأصلي مع تحرير طاقة على فوتون فوق بنفسجي، والذي يمثل نبضة أتوثانية -كما موضح بالصورة أدناه-.

الشكل2: إنتاج نبضة أتوثانية عبر ثلاث مراحل

مدة النبضات الأتوثانية

بعد إنتاج النبضات الأتوثانية، صار اهتمام العلماء منصبًا حول تطوير طرق لقياس مدة النبضة. فطور كل من أغوستيني وكراوس طريقتين مختلفتين لقياس هذه المدة. وفي سنة 2001 نجح كلاهما بإنتاج نبضات أتوثانية، حيث أنتج أغوستيني حزمة من النبضات مدتها 250 أتوثانية. بينما نجح كراوس في إنتاج أول نبضة معزولة مدتها 650 أتوثانية. بالإضافة إلى هذا، كان لهذا الأخير السبق في استخدام النبضات الأتوثانية في دراسة حركة الإلكترونات.

دراسة التأثير كهرضوئي بالنبضات الأتوثانية

منذ تفسير أينشتاين لظاهرة التأثير الضوئي، دأب العلماء على الاعتقاد أن هذه الظاهرة آنية. لكن مع ظهور النبضات التوثانية، تمكن العلماء من ملاحظة تأخر زمني للإلكترونات المنبعثة لوسط ما عند امتصاصه لأشعة الليزر. وقد تمكن كل من فيرينس كراوس وآن لويلييه من ملاحظة هذا التأخر، حيث وجدوا أن الإلكترونات التي تنبعث من المدارات الخارجية للذرات تتأخر عن تلك التي تنبعث من المدارات الداخلية.

في الختام، بفضل الإسهامات التي  قدمها هؤلاء العلماء، صار بالإمكان اكتشاف ظواهر فيزيائية جديدة، يمكن أن تغير نظرتنا لهذا العالم.

المصادر

Nobel Prize

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فيزياء

User Avatar

مريم بلحساوية


عدد مقالات الكاتب : 27
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق