- تاريخ موجز للثقوب السوداء
- الثقوب السوداء: أكثر الأجرام ظلامًا في الكون
- كيف تتشكل الثقوب السوداء؟
- ما هي متفردة الثقب الأسود؟
- ما هو أفق الحدث؟
- ما أنواع الثقوب السوداء؟
- كيف يمكن رصد الثقوب السوداء؟
- ماذا يحدث عند اندماج الثقوب السوداء؟
- اختبار مساق رحلة إلى أعتم أجسام الكون، الثقوب السوداء
- إشعاع هوكينج | تأثير الكم في الثقوب السوداء
لم تولد الثقوب السوداء -كمفهوم علمّي ثوريّ- إلا بعد مخاض جادل فيه العلماء طويلًا. فواجهوا تحديات جمّة فرضتها الظروف المتطرفة التي تحيط بفيزياء الثقوب السوداء وطبيعتها العصية على الرصد. ولعل أبرز هذه العقبات يكمن في أساس تكوينها ويتجلى في اسمها. فالثقوب السوداء لا تشع أي ضوء، بل تبتلع ما يدخلها من فوتونات أبدًا. فإذا كنا غير قادرين على رؤيتها، كيف نعلم أنها موجودة؟ وكيف يمكن رصد الثقوب السوداء؟
يبدو أن هذه المهمة -التي تبدو مستحيلة- ممكنة فقط إذا استغنينا عن أساليب الرصد التقليدية، مستخدمين وسائل غير مباشرة. ويتبع العلماء اليوم طريقتين، تتكل كلاهما على جسم قريب قابل للرصد، فتدرس تأثير الثقب الأسود عليه من ناحيتين: الجاذبية، والإشعاع.
محتويات المقال :
التأثير الجذبوي للثقوب السوداء على الأجسام المحيطة
لا تعد هذه الوسيلة حديثة العهد؛ لاستخدامها الدائم في أبحاث علم الفلك. كما أن لها فضل التوصل لاكتشافات هامة. فكوكب نبتون، على سبيل المثال، اكتشف عن طريق تأثير جاذبيته على كوكب أورانوس عام 1846. كما لوحظ وجود القزم الأبيض «الشعرى اليمانية ب- Sirius B» لتأثيره الجذبوي على قرينه «الشعرى اليمانية أ-Sirius A».
[1] [2]
وبالعودة إلى الثقوب السوداء، يمكن تحديد وجودها في مكان ما من خلال رصد تأثير جاذبيتها على النجوم أو الغازات في ذلك المكان. فقد لوحظ وجود منطقة خالية في مركز مجرة درب التبانة (لا تشع أي ضوء)، تدور حولها النجوم في مدارات غير منتظمة تحت تأثير جاذبية قوية. مما اعتبر دليلًا أوليًا على وجود مادة شديدة الكثافة فيها، وهو الثقب الأسود «الرامي أ-Sagittarius A».
تأثير الثقوب السوداء على النجوم في الأنظمة الثنائية
بدايةً، نعلم أن الثقوب السوداء تتشكل من انهيار نجم هائل الكتلة ريثما يصبح غير قادر على القيام بتفاعلات الاندماج النووي. وبما أن بعض النجوم هائلة الكتلة توجد قريبة من نجوم أخرى، مشكلةً «أنظمة ثنائية-binary systems»، بالتالي، يمكن أن توجد بعض الثقوب السوداء في أنظمة ثنائية كذلك. فإذا وُجد ثقب أسود في نظام ثنائي، وكان قريبًا بما يكفي من النجم، يمكن رصده بطريقة غير مباشرة. ويحدث الأمر على الشكل التالي:
تسحب جاذبية الثقب الأسود بعضًا من غازات النجم نحوها، فيدور الغاز بشكل لولبي نحو الثقب الأسود. وفي أثناء ذلك، يسخن الغاز نتيجة احتكاكه مع الغازات المجاورة. يصدر الغاز مرتفع الحرارة أشعةً سينيةً أثناء توجهه نحو أفق حدث الثقب الأسود. وما إن يتجاوز أفق الحدث حتى يتوقف عن كونه مرئيًا، ولكن إشعاعه يكون شديد السطوع طالما كان خارجه. ويمكن رصد الأشعة السينية السابقة بسهولة عن طريق الأقمار الصناعية؛ لأن غلاف الأرض الجوي يحجبها عنا. وبالتالي يرصد الثقب الأسود بشكل غير مباشر وتعرف خواصه من خلال دراسة تأثيره على نجمه القرين. [4]
كما أن أول ثقب أسود رصده البشر اكتشف بالتقنية السابقة، ولتبيان تفاصيلها، ندرس حالته كمثال:
الدجاجة X-1
رصد العلماء مصدرًا قويًا للأشعة السينية كان الألمع في كوكبة «الدجاجة-Cygnus». ولم تكن الأشعة ذات شدة ثابتة، بل إن سطوعها تغير بشكل غير منتظم، مما ينفي كونها «نجمًا نابضًا للأشعة السينية- X-ray Pulsars». وأما تغيرات الشدة هذه فحصلت في فواصل زمنية قصير قدرها 0.1 ثانية. مما يعني أن الأشعة السينية هذه تصدر عن منطقة لا يتجاوز قطرها 3000 كيلومتر، أو ما يعادل قطر القمر.
وعند رصد المنطقة بأطوال موجية أخرى، تبين وجود نجم مجاور لها يدعى HDE 226868. والذي تبين أنه عملاق أزرق مرتفع الحرارة ذو كتلة تقدر نحو 30 كتلة شمسية. كما نعلم أن النجم السابق لا يصدر الأشعة القوية تلك، لأن النجوم غير قادرة على إشعاع ذلك القدر الهائل من الطاقة.
كما وجد أن النجم HDE 226868 يتأثر بجاذبية نجم قريب منه؛ من خلال دراسة تأثير دوبلر في ضوء النجم. إذًا، النجم HDE 226868 يشكل نظامًا ثنائيًا مع المصدر المجهول الدجاجة X-1، الذي تبين أنه يزن 7 كتل شمسية.
والآن بجمع كل المعلومات السابقة نستنتج أن الدجاجة X-1 جسم فلكي مضغوط. ونجد أنه كتلته أكبر من أن يكون قزمًا أبيضًا أو نجم نيوتروني، فهو ثقب أسود. [4] فنرى أن العلم -قبل كل شيء- هو الإبداع، إبداع طرق جديدة لرؤية اللامرئي وكشف المستحيل.
المصادر
[1] NASA
[2] The Astrophysics Data System
[3] Chandra X-ray Observatory
[4] Georgia State University
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :