Ad

ماهي ظاهرة دوبلر ؟ وما هي تطبيقاتها ؟


من منا لم يتعكر صفوه بسبب مخالفة سرعة التقطتها له رادارات تحديد سرعة المركبات؟ ومن منا لم يراوده الفضول حول معرفة شكل طفله الذي أوشك على الوصول؟ كم مرة راودتنا الأسئلة حول الآلية المتبعة لقياس بعد النجوم والأجرام السماوية عن كوكبنا؟ ومن منا لم يسمع الدوي القوي المفاجئ لسيارات الإطفاء في يوم من الأيام؟ كم تردد على مسامعنا مصطلح “اختراق جدار الصوت”وكم من مرة تساءلنا ماذا يعني هذا المصطلح؟ يؤول الفضل بالإجابة عن جميع الأسئلة السابقة لظاهرة دوبلر! فلتلك الظاهرة بصمة واضحة في تفسير جميع التساؤلات التي طرحناها مسبقًا.


ظاهرة دوبلر

هي ظاهرة اكتشفها العالم النمساوي “كريستيان اندرياس دوبلر” والذي وجد أن أطوال “الأمواج الظاهرية” في تغير مستمر وسبب هذا التغير هو الحركة النسبية بين المصدر والمستقبل وتعرف الأمواج بأنها اضطراب يتم ضمن وسط ما ويرافق هذا الاضطراب انتقال للطاقة ضمن هذا الوسط.

اكتشاف ظاهرة دوبلر والتحقق منها تجربيًا

استطاع العالم دوبلر اكتشاف ظاهرته عن طريق تجربة قام بها في محطة القطار عمدت التجربة على وضع فرقة من الموسيقيين في القطار وطلب دوبلر منهم عزف النغمة ذاتها، وعلى رصيف المحطة وقفت فرقة أخرى من الموسيقيين البارعين بدراسة “طبقات الصوت” وذلك من أجل تسجيل النغمة التي سيسمعونها عند اقتراب القطار منهم ومن ثم ابتعاده فجاءت تسجيلات الموسيقيين مطابقة لتوقعات دوبلر حيث أجمعت جميع الكتابات على أن النغمة كانت أعلى عند مرور القطار ثم أخفض عندما أخذ القطار بالابتعاد، ويعود السبب إلى انضغاط الموجات الصوتية الصادرة عن المعزوفة، حيث عمل هذا الانضغاط على إنشاء نغمات عالية استطاع الراصدين سماعها عند مرور القطار.

وصف ظاهرة دوبلر

بداية ً لكي نستطيع فهم الظاهرة يجب أن نعلم بأن لكل موجة طول وسرعة وتواتر (تردد)، وأن هذه المقادير تختلف من موجة إلى أخرى، ويعرف “الطول الموجي” بأنه المسافة بين قمتين متناظرتين من موجتين متتاليتين، بينما نعرف “التردد” بأنه كمية الأمواج المنبثقة خلال وحدة الزمن، والتناسب بين طول الموجة وترددها هو تناسب عكسي أي إنه إذا زاد طول الموجة قل ترددها والعكس صحيح. واﻷن لنفترض أن منبعًا صوتيًا قادم نحونا (سيارة إطفاء مثلًا) ولأن سرعة حركة المنبع أبطأ من سرعة الصوت فإن التواتر يزداد أمام المصدر الصوتي (اتجاه حركة السيارة) ويقل خلفه (عكس جهة حركة السيارة)، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث انضغاط للأمواج الصوتية الواقعة أمام المصدر الصوتي وتخلخل للأمواج التي تقع خلف المصدر الصوتي، وهذا يفسر لنا لماذا نتلقى الأصوات بترددات عالية وبحدة كبيرة في بادىء الأمر إلى أن يجتازنا المنبع فنسمعها بترددات أخفض وبحدة أقل.

حاجز الصوت

نحن نعلم بأن سرعة الصوت تساوي تقريبا 343 متر في الثانية فإذا استطاع جسم أن يتحرك بسرعة أكبر من تلك السرعة المذكورة سابقًا فإنه سيسبق الأمواج الناتجة عنه أي أنه سيخترق جدار الصوت، ويمكن ملاحظة تلك الظاهرة بالنسبة للطائرات الحربية التي تتحرك بسرعة تفوق سرعة الصوت. فإذا كان هناك طائرة تتحرك نحو مستقبل فإنه لا يستطيع سماع دويها إلا بعد أن تصبح فوقه ليبدأ بسماع الدوي على شكل انفجار يتلاشى شيئًا فشيئًا وذلك نتيجة انبثاق التواتر دفعة واحدة وبسرعة من مقدمة المصدر. إن ظاهرة دوبلر ليست حكراً على الأمواج الصوتية فحسب بل تشمل جميع الأمواج ومن ضمنها الأمواج الضوئية، ولكن آلية رصد تأثير الظاهر على تلك الأمواج تكون أصعب ويؤول السبب للسرعة العالية للضوء والتي  تقدر تقريباً بـ 300 ألف كيلومتر في الثانية مقارنة مع سرعة الأمواج الصوتية. 

دوبلر والضوء

تطور هذا المفهوم ليشمل الضوء أيضًا فقد تمت دراسة الأجرام السماوية وأطيافها من قبل العلماء ومن رواد هذه الدراسات الفلكي “إدوين هابل” الذي وجد أن النجوم والأجرام السماوية التي تقترب من الأرض (وهي هنا المستقبل) الطول الموجي الخاص بها ينحاز إلى اللون البنفسجي بسبب نقصانه وكذلك اﻷجرام التي تبتعد عن الأرض فإن طولها الموجي ينحاز إلى اللون الأحمر وذلك بسبب ازياد طولها الموجي. وهي ظاهرة بالغة الأهمية في علم الفلك، بل وأصبحت مقياسًا لتحديد سرعات النجوم وأبعادها عنا، ويرجع الفضل لاكتشاف تمدد الكون إلى تلك الظاهرة.

تطبيقات الظاهرة

كما تحدثنا في المقال سابقًا فأن ظاهرة دوبلر تدخل في العديد من الجوانب الحياتية المهمة نستعرض منها:
1-كاميرات تحديد سرعة المركبات التي تمت برمجتها وفقًا لظاهرة دوبلر والتي تستخدمها شرطة المرور.
2-  بعض الرادارات ورادارات الطائرات حيث تستطيع تلك الرادارات رصد الأجسام الساكنة والمتحركة بواسطة ظاهرة دوبلر .
3-دراسة الأجرام السماوية والنجوم وحركة الكواكب.
4-أجهزة الملاحة وقياس أعماق البحار. 
5-في الطب: جهاز دوبلر الذي يستخدم الأمواج فوق الصوتية في تصوير الأجنة وتشخيص الأمراض وغيرها من الأمور الطبية.
ونختم بالقول بأن ظاهرة دوبلر شأنها كشأن أي ظاهرة فيزيائية أخرى جاءت لتثبت لنا بأن الفيزياء ليست حفنة من القوانين المملة عديمة المتعة والمنفعة بل أنها شيفرات تفتح لنا أبواب لا تمتلك باقي العلوم الأخرى مفاتيح لها.

المصادر

1- BBC
2- NASA
3- jneurosci
4- scitation

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فيزياء

User Avatar

Rawan Abed Alhameed

أدرس في جامعة حلب كلية الهندسة الزراعية، مهتمة بالعلوم كافة وخاصة العلوم الفيزيائية


عدد مقالات الكاتب : 15
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق