Ad
هذه المقالة هي الجزء 2 من 14 في سلسلة تاريخ مغامرة العرب في بلاد الأندلس

عُرفت الجيوش الإسلامية بحبها للتوسع، على خلاف القوط الذين لم يهتموا إلا بالحفاظ على حدودهم دون أن تمسها دولة أخرى. إلا أن القوط لم يحاولوا قط أن تمتد حدود دولتهم، وكان ذلك لتذبذب دولتهم بين قتل حاكم إلى عزل الآخر. إضافة إلى الثورات الدموية التي زادت من توتر وضع المملكة القوطيّة في إسبانيا.[1] فكيف وصل العرب إسبانيا ؟

وصول المسلمين والعرب إسبانيا

انشغل القوط بالحروب الداخلية فيما بينهم، بدلًا من الدفاع عن حدودهم ضد التوسع الإسلامي. ولم يكن الشعب التابع لحكم القوط راضٍ عن حكمهم، لما تعرضوا له من عنصرية واضطهاد. مما أدى إلى استعانتهم بالمسلمين لمعاونتهم على إسقاط حاكمهم الظالم رودريك. وقد استجاب موسى بن النصير لطلبهم، وأرسل القائد الشاب طارق بن زياد إلى إسبانيا. وسميت المنطقة التي نزل فيها باسمه «جبل طارق- Gibraltar». [1]،[2]

التقى طارق بن زياد ومعه 7000 مقاتل، بالجيش القوطي المكون من 80,0000 مقاتل بالقرب من مدينة «شيرش – Jerez de la Frontera»، في واحدة من إحدى أعظم ملاحم التاريخ عام 711م. شهدت صفوف القوطيين العديد من الانقسامات والانشقاق عن الجيش للانضمام بصفوف جيش المسلمين. كان رودريك متكبرًا لدرجة أنه ذهب إلى المعركة برداءٍ من الحرير، حتى رأى تفكك جيوشه فانضم إلى المعركة. وسرعان ما هرب من الساحة ليواجه الموت غرقًا في النهر. وبذلك حسمت النتيجة لصالح المسلمين وأصبح للخلافة الإسلامية قدمًا في أوروبا تلتها بعد ذلك القسطنطينية. [1]،[3]

نزل موسى بن النصير بإسبانيا مع قوات جيشٍ من البربر لمحاصرة باقي المدن. وكان التقدم حليفًا لجيوش المسلمين، لما امتازوا به من تفوق تقني وهندسي. استعمل المسلمون في حصارهم على إشبيلية المنجنيق، وهو أحد أكثر الأسلحة تطورًا في تلك الفترة الزمنية. لذلك سقطت المدن الإسبانية واحدة تلو الأخرى، فسقطت سرقسطة، وبرشلونة، والبرتغال، وأخيرًا ليون الفرنسية عام 712م. [1]،[3]

في ذلك الوقت مرض الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك. مما أدى إلى استدعاء موسى بن النصير لتأدية القسم أمام الخليفة الجديد سليمان بن عبدالملك. حاول سليمان أن تكون الغنائم القادمة من إسبانيا له هو وليس أخيه، ولكن أبى موسى ذلك وقدمها للوليد قبل مماته. أدى ذلك إلى غضب سليمان من موسى بن النصير وتجريده من ولايته. [3]

كيف عاش المسلمون مع السكان الأصليين؟

تميز الحكم العربي والإسلامي في إسبانيا عن غيره، فقد كان العرب المسلمين محبين للعلم والفن في ذلك الوقت. فأحضروا معهم الفنون والعلوم والحضارة من الشرق إلى الأراضي الأوروبية. كانت الأراضي الأوروبية منهكة، عانت من استنزاف لثقافتها وفنونها من القوط وغيرهم. فازدهرت المدن الأسبانية بمزج الفنون والثقافات المختلفة. [1]

سيطر المسلمين على العديد من الأراضي داخل إسبانيا، وتقلص دور المسيحين وقد كانوا أغلبية في ذلك الوقت. كان للمسلمين وقتها معرفة كبيرة بالزراعة، فاستقدموا مزروعات جديدة على أراضي إيبيرية، إضافة إلى تقنيات حديثة في الرّي. أصبحت الأندلس صومعةً للمغرب، وازدهرت كذلك صناعة الحرير والديباج. [2]، [3]

بما أنّ شبه الجزيرة الإيبيرية أصبحت تحت راية الخلافة الإسلامية، فهناك العديد من المتغيرات حدثت هنالك. سنّ المسلمون قوانينهم وأبطلوا ما سبق، وأصبح غير المسلمين من السكان الأصليين يلقبون بالذميّين، وتمتعوا كذلك بالحماية الكاملة لهم ولممتلكاتهم. [2]

تقلصت الضرائب إلى الخمس، وألغيت العبودية عمّن أسلم، فأدى ذلك إلى إسلام الكثير هربًا من اضطهاد أسيادهم. وسمح بتواجد غير المسلمين داخل الحكومة المشكلة في ذلك الوقت. ازدهرت التجارة، وازدهر الاقتصاد تبعًا لذلك، وتبدّل حال المدن المهمشة فأصبحت مراكزًا ثقافية يأتي إليها العالم. [2]،[4]

ولكن أعطت القوانين الأفضلية للمسلمين على غيرهم. وكان من تلك القوانين أن يدفع الذمييون الجزية للحكومة الإسلامية، كما فرض الزّي الإسلامي. ولم يسمح لغير المسلمين بحمل الأسلحة، كما لا يحق لهم بناء الكنائس ولا المعابد إلا بعد موافقة الحكومة على ذلك. كانت تلك المعايير وقتها مقبولة على خلاف زماننا المعاصر. [2]،[4]

أصبحت اللغة الرسمية هي العربية واندثرت اللغة اللاتينية، سمح لليهود والمسيحيين بأن يعيشوا مع المسلمين وليس في أحياءٍ منفصلة. كما شاركوا في الحضارة الإسلامية، وشغلوا وظائف مرموقة كذلك، والأهم من ذلك أنهم لم يجبروا على ترك ديانتهم. [2]،[4]

فترات الحكم العربي والإسلامي

بعد سقوط الخلافة الأموية تحولت إسبانيا إلى إماراتٍ منفصلة. ثم دولة مستقلة عن الخلافة الإسلامية في عهد عبدالرحمن الداخل. ومنها إلى حكم الموحدين والمرابطين، حتى انتهاء حكمهم إلى الأبد في عام 1492م. عانت خلالها من فترات نزاعاتٍ وحروب داخلية، كما كانت مطمعًا للغزو الخارجي. ولكن ما لا ينكره أحد أن العرب المسلمين أثروا وتأثروا بالثقافة الأوروبية وخاصة الإسبانية. [3]،[4]

المصادر

1-DailyHistory
Heritage History2
3-History of Islam
4-BBC

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Yasmin Awad
Author: Yasmin Awad

طبيبة أسنان وصانعة محتوى

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تاريخ

User Avatar

Yasmin Awad

طبيبة أسنان وصانعة محتوى


عدد مقالات الكاتب : 36
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *