Ad

كيف صُنعت الأقمشة في العصور الوسطى؟

تميزت الأقمشة والملابس في العصور الوسطى بأشياء عدة لتناسب زمان ومكان ذلك العصر، وقد تباينت ملابس الطبقات الاجتماعية عن بعضها البعض، فقد تميزت ملابس الأغنياء والعائلة المالكة عن غيرهم، ووقع هذا الاختلاف في نطاق أنواع الأقمشة والألوان وغيرها، لكن ما شاع بينهم وما ميز ملابس تلك الحقبة عمومًا هو انتشارها بخامتي الصوف والكتان.

وكان الصوف أكثر المواد استخدامًا في ملابس العصور الوسطى، وقد تم إنتاجه حينها بكميات كبيرة. فقد كانت له مميزاتٍ عدة، كان دافئًا ومريحًا، وكان من الممكن تحويله إلى نسيج رقيق أو سميك. أما بالنسبة لصبغه فقد كان أمره أسهل من الأقمشة الأخرى.

ولقد تم استخدام الكتان أيضًا بشكل كبير، فقد خُصص للقمصان والملابس الداخلية أيضًا، وقد أدخله المغاربة في القرن التاسع واعتبر من أهم صادرات إسبانيا في ذلك الوقت.

أما الحرير، فقد حصلوا عليه من الشرق، وقد استخدموه في صنع الأقمشة المطرزة والأقنعة والشاش. كما استخدموا جلود وفراء الحيوانات بوفرة.

خيوط الأقمشة

تعتمد صناعة خيطٍ ما في الأقمشة على المادة المصنوعة منها، فإذا كانت من الصوف، فيجب غسله وتمشيطه أولًا للحصول على شعرٍ منه في نفس الاتجاه. وقد تم صنع الصابون الذي يغسل به الصوف من الرماد والدهون.

النسج

كانت الطرق السائدة التي صنعت بها الأقمشة هي النسج على النول العمودي، وطريقة أخرى تضمنت نسج الألياف لصنع الغزل، ثم حَبك هذا الغزل أو تضفيره ليصبح قطعة من القماش. ورغم ذلك، كان النسج على النول هو الأسلوب الشائع.

ولقد استخدم النول العمودي منذ العصور القديمة ولم يتوقف استعماله في العديد من بلدان العالم منذ ذلك الحين. وبحلول القرن الحادي عشر، تطور النول إلى جهاز به بكرات، مما جعل العملية أسرع بكثير.

النول العمودي
نول ذو بكرات

بدء النسيج

تعد السدى واللُّحمة حجر الأساس لنسج أي قماش. فالسدى هي الخيوط الممتدة بالطول، عكس اللحمة الممتدة عرضًا مكونين سويًا النسيج.
ولبداية نسج الخيوط، فإننا نبدأ بشد سدى ناحية اليمين أثناء تثبيتها على بكرة، ثم تشد على النول. بعد ذلك تستخدم دواسات مخصصة تقوم برفع خيوط السدى مكونة فراغات لمرور اللحمة من خلاله.

السدى واللحمة

ويحدث ذلك أثناء حمل الحائك للُّحمة في يده اليمنى، وبعد مرورها اللحمة يقوم برفع الخيوط الأخرى مع الدواسات وإحكامها. ويقوم بتكرار ذلك حتى يتكون لدينا لفة طويلة من القماش. ولجعل الأقمشة أكثر سمكًا يجب تنظيفها مرة أخرى. ولكن من الطرق الغريبة جدًا لتنظيفه هي بوضعه في وعاءٍ من البول القديم وسحقه بواسطة الأرجل. ولزيادة سمكه، يجب تعريض الصوف للحرارة والضغط والرطوبة، وهو ما توفره تلك الطريقة. وكان ينتج بذلك أفضل أنواع الصوف، وقد بلغ في القرن الثامن عشر أعلى درجات الجودة، فكان يتصف بأنه قماش من الصوف السميك ذو سطحٍ أملس.

Painting By: Hermann Sondermann, 1879

الألوان

كان إصلاح وجعل الألوان زاهية وبرّاقة أمرًا صعبًا ومكلفًا، لذا خصصت ألوان الأقمشة الزاهية عادةً للأثرياء.
وتضمنت معظم عمليات الإصلاح التسخين والترطيب للنسيج، وخلطه مع الصبغة وعناصر أخرى مثل الغراء الطبيعي والنبيذ والخل والأملاح واللحاء. لكن، من أين تم الحصول على تلك الأصباغ في ذلك الوقت؟

كان الحصول عليها كما نتوقع من جميع الأشياء الطبيعية، كالنباتات مثل الأشنة والحبيبات والفطر والزعفران. ومن الحشرات أيضًا كالحشرة القرمزية –وهو ما نفعله لصنع اللون القرمزي الآن- كما استخلصوا ألوان عدة من المعادن. فحتى إن كانت العصور الوسطى من غابر الزمان، فستظل مبادئ كل شيء حينها لا تزال نفسها حتى الآن.

وكان من الممكن صبغ القماش إما عند الانتهاء من النسيج، أو بصباغة الخيوط قبل نسجها، وذلك للحصول على نسيجٍ ذو نمطٍ ملون.
أما الأدوات المستعملة في الصبغ فهي صبغة اللون، ووعاء كبير، وغلايات لغلي الماء. لكن كان هناك بعض الأصباغ يصعب صنعها أكثر من غيرها: كاللون الأرجواني الذي كان صعبًا جدًا ويتميز برائحة كريهة جدًا أثناء صنعه، لذا كان يرتديه معظم أفراد العائلة المالكة.

المصدر:

About History

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تاريخ

User Avatar

Dina elkhateib

دينا الخطيب، طالبة بكلية الفنون الجميلة، 20 عامًا. مصرية الجنسية. الاهتمامات: القراءة - الرسم - الكتابة - اللغات - التاريخ


عدد مقالات الكاتب : 33
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق