Ad

علماء الأعصاب يتوصلون إلى فك رموز إشارات الدماغ إلى نصوص مكتوبة

عندما أراد ستيڤن هوكنڠ أن يتكلم، اختار رسائل وكلمات من شاشة تركيب تتحكم فيها عضلات في خده. ولكن العملية الشاقة التي استخدمها عالم الكونيات قد تكون قريبًا في سلة المهملات. فقد وجد الأطباء طريقة لانتزاع خطاب الشخص مباشرة من دماغه، ويرجع الفضل في ذلك إلى جهد علماء الأعصاب الذي جعلهم يتوصلون إلى فك رموز إشارات الدماغ.

ويعد هذا الإجراء هو الأول الذي يُظهر كيف يمكن التنبؤ بالكلمات التي يريد شخص ما أن يقولها وتحويلها إلى كلمات نصية بسرعة كافية لمواكبة المحادثة الطبيعية، وذلك من خلال إشارات الدماغ لديه.
في الوقت الحالي، يعمل برنامج القراءة الدماغية فقط على جمل متعلقة بالأعمال المالية التي تم تدريبه عليها، ولكن العلماء يعتقدون أنَّه يشكل نقطة انطلاق نحو نظام أكثر قوة قادر على فك شفرة الكلمات التي ينوي الشخص قولها في الوقت الحقيقي.
يأمل الأطباء في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو من خلال هذا التحدي التوصل إلى انتاج منتج يسمح للأشخاص المشلولين بالتواصل بسلاسة أكثر من استعمال الأجهزة الموجودة التي تلتقط حركات العيون والعضلات للسيطرة على لوحة مفاتيح افتراضية.

قال إدوارد تشانڠ، جرّاح اعصاب وباحث رئيسي في الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature communication:

« لا يوجد حتى الآن جهاز أو نظام معين للنطق يسمح للمستعملين بالتفاعل مع الوقت الطبيعي لمحادثة بشرية. وكان هذا العمل -الذي تم تمويله من قبل فيسبوك– ممكنًا بفضل ثلاثة من مرضى الصرع كانوا على وشك الخضوع لجراحة عصبية بسبب حالتهم. وقبل أن تبدأ عملياتهم، كان لدى ثلاثتهم مجموعة صغيرة من الأقطاب الكهربائية الصغيرة التي وضعت مباشرة على الدماغ لمدة أسبوع على الأقل لرسم خرائط لتحديد منشأ نوبات الصرع لديهم. »

مصدر الصورة (The guardian)

في أثناء إقامتهم في المستشفى، وافق المرضى، الذين كان بوسعهم التحدث بشكل طبيعي، على المشاركة في بحث تشانڠ. وقد تم استخدام تلك الأقطاب الكهربائية لتسجيل نشاط الدماغ في الوقت الذي تم فيه سؤال كل مريض تسعة أسئلة محدَّدة وطُلِب منه قراءة قائمة تضم 24 إجابة محتملة. ومع وجود التسجيلات، بنى تشانڠ وفريقه نماذج حاسوبية تعلمت كيف تطابق أنماط معينة من النشاط الدماغي مع الأسئلة التي سمعها المرضى والأجوبة التي تحدثوا بها. وبمجرد تدريب البرنامج، أصبح بوسعه أن يحدد على الفور تقريبًا من خلال إشارات الدماغ وحدها، السؤال الذي سمعه المريض والرد الذي قدَّمه، بدقة بلغت 76% و 61% على التوالي.

قال دايڤيد موسى، باحث في الفريق:

« هذه هي المرة الاولى التي يُستعمل فيها هذا الأسلوب لتحديد الكلمات والعبارات المنطوقة. كما أنَّه من المهم ألا يغيب عن بالنا أنَّنا حققنا ذلك باستخدام مفردات محدودة جدًا، لكننا نأمل في الدراسات المستقبلية أن نزيد من المرونة والدقة في ما يمكننا ترجمته. وعلى الرغم من بدائية النظام، فإنه يسمح للمرضى بالإجابة على الأسئلة عن الموسيقى التي يحبونها، وسواء كانت غرفتهم ساخنة جدًا أو باردة، أو مشرقة جدًا أو داكنة. »

وعلى الرغم من هذا التقدم الكبير، إلاَ أنَ هناك العديد من التحديات، يتمثل أحد هذه التحديات في تحسين البرنامج حتى يتسنى له ترجمة إشارات الدماغ إلى خطاب أكثر تنوعًا. وهذا يتطلب خوارزميات عديدة تعتمد على كمية كبيرة من لغة الكلام والبيانات المقابلة لإشارات الدماغ.

وثمة هدف آخر من هذه التجربة وهو قراءة الأفكار أو الجمل الخيالية. وفي الوقت الحاضر، يستكشف النظام إشارات الدماغ التي تُرسل للشفاه، واللسان، والفك، والحنجرة. لكن هذه الاشارات قد لا تكفي لبعض المرضى، وستكون هنالك حاجة إلى طرق أكثر تطورًا لقراءة الجمل في الدماغ. كما إنَّه من المهم مناقشة القضايا الأخلاقية التي قد تثيرها مثل هذه الأنظمة في المستقبل. فعلى سبيل المثال، هل من الممكن أن تكشف أفكار الناس الخاصة التي لا يريدون التحدث عنها؟

وقد أوضح تشانڠ موقفه من ذلك بأنَّ فك شفرة (ما يحاول شخص ما أن يقوله) كان صعبًا بما فيه الكفاية، وأنّ استخراج افكارهم الداخلية يكاد يكون مستحيلًا. وأنه ليس لدي أي اهتمام بتطوير تكنولوجيا لمعرفة ذلك حتى لو كان ممكنا. ولكن إذا أراد أحد أن يتواصل ولا يستطيع، هنا فقط تقع عليه المسئولية ومن معه كعلماء وأطباء لاستعادة تلك القدرة الإنسانية الأساسية.

المصدر:

The guardian

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب

User Avatar

Elakademia Post

الأكاديمية هي مبادرة تطوعية غير ربحية تهدف إلى نشر العلم في المجتمع العربي من أجل غدٍ أفضل.


عدد مقالات الكاتب : 53
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق