في دراسة متقدمة، تم علاج امرأة تبلغ من العمر 25 عامًا من السكري النوع الأول امرأة. حيث قام جسدها بإنتاج الأنسولين بعد ثلاثة أشهر فقط من تلقي عملية زرع خلايا جذعية مُعاد برمجتها. ويمثل هذا الإنجاز الرائع خطوة مهمة في السعي لإيجاد علاج لهذا المرض الموهن، الذي يؤثر على ما يقرب من نصف مليار شخص في جميع أنحاء العالم.
محتويات المقال :
مرض السكري من النوع الأول هو مرض مزمن ومنهك يؤثر على ملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم. ويحدث ذلك عندما يهاجم الجهاز المناعي ويدمر جزيرات البنكرياس (islet cells)، المسؤولة عن إنتاج الأنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم مستويات السكر في الدم. وبدون الأنسولين، لا تستطيع خلايا الجسم امتصاص الجلوكوز، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، الأمر الذي يمكن أن يسبب مجموعة من العواقب المدمرة.
ومع مرور الوقت، يمكن لمستويات السكر غير المنضبط في الدم أن تلحق الضرر بأعضاء الجسم، بما في ذلك الكلى والقلب والعينين. كما يتعرض الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الأول لخطر الإصابة بمضاعفات تهدد حياتهم، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والفشل الكلوي. وقد يعانون أيضًا من عدم وضوح الرؤية وتلف الأعصاب ومشاكل الجلد.
إن الحاجة المستمرة لحقن الأنسولين ومراقبة مستويات السكر في الدم وتعديل النظام الغذائي ونمط الحياة يمكن أن تكون مرهقة ومحبطة للمعنويات. ويمكن أن يؤدي الخوف من المضاعفات وفقدان السيطرة على الجسم إلى القلق والاكتئاب والشعور بالعزلة.
للمرض أيضًا تأثير كبير على العائلات والأصدقاء والمجتمع ككل. إن العبء المالي لإدارة المرض، بما في ذلك تكلفة الأنسولين، واللوازم الطبية، والعلاج في المستشفيات، يمكن أن يكون مذهلا. كما يمكن أن يكون العبء العاطفي لرعاية شخص عزيز عليه مصاب بداء السكري من النوع الأول مرهقًا أيضًا.
لقد كانت الخلايا الجذعية مجالًا بحثيًا واعدًا لعلاج مرض السكري لعقود من الزمن. في الستينيات، اكتشف العلماء لأول مرة أنه يمكن استخدام الخلايا الجذعية لزراعة الخلايا المنتجة للأنسولين في المختبر. ومنذ ذلك الحين، أحرز الباحثون تقدمًا كبيرًا في فهم كيفية تسخير إمكانات الخلايا الجذعية لعلاج مرض السكري.
وجاء أحد الإنجازات الكبرى في عام 2006، عندما اكتشف شينيا ياماناكا، وهو عالم ياباني، طريقة لإعادة برمجة الخلايا البالغة إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات (pluripotent state). وقد أكسبه هذا الإنجاز جائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب عام 2012.
تسمح إعادة برمجة الخلايا البالغة للعلماء بإنشاء مصدر غير محدود من الخلايا الجذعية التي يمكن استخدامها لتوليد أي نوع من الخلايا في الجسم، بما في ذلك خلايا الخلايا المنتجة للأنسولين. وقد فتح هذا النهج إمكانيات جديدة لعلاج مرض السكري، حيث يمكن أن يوفر إمدادات غير محدودة من الخلايا المنتجة للأنسولين للزرع.
في دراسة رائدة، استخدم الباحثون تقنية إعادة برمجة ثورية لتحويل الخلايا من امرأة تبلغ من العمر 25 عامًا مصابة بداء السكري من النوع الأول إلى خلايا منتجة للأنسولين. تتضمن هذه التقنية، المعروفة باسم الحث الكيميائي (chemically induced)، تعريض الخلايا لجزيئات صغيرة ترشدها إلى العودة إلى حالة متعددة القدرات. ومن هناك، يمكن تشكيل الخلايا في أي نوع من الخلايا في الجسم، بما في ذلك خلايا جزيرة البنكرياس التي تنتج الأنسولين.
هذه التقنية، التي طورها شينيا ياماناكا لأول مرة، تم تعديلها بواسطة دينج هونغكوي وفريقه لتوفير المزيد من التحكم في العملية. وباستخدام الحث الكيميائي، تمكن الباحثون من توليد خلايا عالية الجودة تعمل تمامًا مثل خلايا البنكرياس الطبيعية. تسمح تقنية إعادة البرمجة بإنتاج عدد غير محدود من الخلايا الجزيرية، والتي يمكن بعد ذلك زرعها في مرضى السكري.
ويكمن الإنجاز في القدرة على توليد هذه الخلايا من جسم الشخص نفسه، مما يلغي الحاجة إلى الأدوية المثبطة للمناعة ويقلل من خطر الرفض. كما يمكن تصميم الخلايا المُعاد برمجتها بما يتناسب مع الاحتياجات الخاصة لكل فرد، مما يجعل هذا النهج حلاً واعدًا لعلاج مرض السكري الشخصي.
وقد تلقت امرأة تبلغ من العمر 25 عامًا مصابة بداء السكري من النوع الأول عملية زرع خلايا جذعية مُعاد برمجتها. وتضمنت عملية الزرع، التي استغرقت أقل من نصف ساعة، حقن ما يقرب من 1.5 مليون خلية جذعية مُعاد برمجتها في عضلات بطن المرأة. سمح هذا النهج المبتكر للباحثين بمراقبة الخلايا باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي وإزالتها إذا لزم الأمر.
وبعد شهرين ونصف فقط من عملية الزرع، بدأ جسم المرأة في إنتاج ما يكفي من الأنسولين لدعمها دون الحاجة إلى حقن الأنسولين الخارجية. وقد تم الحفاظ على هذه النتيجة الرائعة لأكثر من عام، مع بقاء مستويات الجلوكوز في الدم لدى المرأة ضمن النطاق المستهدف لأكثر من 98% من اليوم.
هذا الموضوع لديه القدرة على إحداث ثورة في علاج مرض السكري من النوع الأول، مما يوفر حقبة جديدة من الأمل والإمكانيات للمتضررين من هذا المرض. ومع القدرة على إنتاج خلايا منتجة للأنسولين من الخلايا الجذعية الخاصة بالشخص، قد تصبح الحاجة إلى مثبطات المناعة شيئًا من الماضي. وهذا يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في تكاليف الرعاية الصحية وتحسين نوعية الحياة بشكل عام للأفراد المصابين بداء السكري من النوع الأول.
ومع استمرار الباحثين في تحسين هذه الطريقة وتوسيع نطاق التجارب السريرية، يمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من الأشخاص يستفيدون من هذا العلاج الرائد. إن التأثير المحتمل هائل، مع إمكانية القضاء على الحاجة إلى حقن الأنسولين وتغيير حياة الملايين في جميع أنحاء العالم.
Stem cells reverse woman’s diabetes — a world first | nature
توصل باحثون إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث ثورة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء. لقد…
مع تصاعد التوترات حول نهر النيل، الذي يشكل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين البشر في…
من المتوقع أن تشهد البشرية في السنوات القليلة المقبلة تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.…
مقاومة المضادات الحيوية، التي تمثل تهديدًا صحيًا عالميًا متزايدًا، لها سبب مفاجئ وهي التربة. حيث…
في عالم الفلسفة الإسلامية، تم التغاضي عن مفهوم رائع لعدة قرون. لقد كانت الأحادية (monism)،…
من خلال إعادة التفكير في افتراضاتنا حول الحياة خارج الأرض، يتحدانا عالمان للنظر في إمكانية…