محتويات المقال :
ما هو مفهوم عدسة الجاذبية؟
عرف علم الفلك الفيزيائي عدسة الجاذبية على أنها انحناء الضوء الصادر عن جسم فضائي بسبب آثار جاذبية الأجرام الفضائية الضخمة عليه. حيث يقع الجرم السماوي الذي يسبب انحناء الضوء بين مصدر ضوء بعيد وبين التليسكوب الموجود في الفضاء. ويعرف هذا التأثير باسم “المفعول العدسي التثاقلي-Gravitational Lensing”. وقد تنبأ العالم ألبرت آينشتاين بمقدار هذا الانحناء في نظريته الشهيرة النسبية العامة.يتأثر مسار الضوء في الفضاء بجاذبية النجوم الضخمة أو الثقوب السوداء. حيث يوجد في الفضاء نجوم مهولة الحجم تصل إلى مئة ضعف حجم الشمس. وبفعل قوى الجاذبية العالية لهذه النجوم التي تفوق شدة جاذبية الشمس ملايين المرات فإن الضوء المار بجانبها يتأثر بجاذبيتها. فينحني مسار الضوء حوله كما ينحني في العدسة. لذلك سميت بعدسة الجاذبية.[1] [2]
طرحت نظرية عدسة الجاذبية لأول مرة عام 1784 على يد العالم البريطاني “هنري كافنديش-Henry Cavendish”. ثم مرةً أخرى عام 1801 على يد العالم الألماني “يوهان جورج فون سولدنر-Johann Georg von Soldner”. حيث قالا بأن نظرية الجاذبية لإسحق نيوتن تتنبأ بأن الضوء في الفضاء سوف ينحني حول جسم ضخم. كما ذكر سابقاً عام 1704 في كتابه البصريات. وقام العالم سولدنر قيمة معدل الانحناء. ثم قام العالم ألبرت آينشتاين عام 1911 باحتساب قيمة الانحناء بالاعتماد على مبدأ التكافؤ فقط. فظهرت النتائج مشابهة لتلك التي خرج بها سولدنر. ولكن عام 1915 قام باحتساب قيمة الانحناء مرة أخرى خلال عملية استكمال النسبية العامة. فظهر بأن نتائج عام 1911 كانت تشكل نصف القيمة الصحيحة فقط. و كان قد أصبح ألبرت آينشتاين بذلك أول من قام بحساب القيمة الصحيحة لانحناء الضوء.[3] [1]
أنواع عدسة الجاذبية
تنقسم عدسات الجاذبية إلى ثلاثة أنواع:
- عدسة قوية: حيث نستطيع رؤية تأثيرها عن طريق تشوهات مرئية يمكن رؤيتها بسهولة. مثل عدسة آينشتاين، والأقواس، والصور المتعددة.
- عدسة ضعيفة: حيث تكون التشوهات أصغر بكثير من عدسات الجاذبية القوية. حيث لا يمكن إيجادها إلا بتحليل عدد كبير من معطيات التلسكوبات الموجودة في الفضاء. و يتم تحليلها بطريقة إحصائية لإيجاد تشوهات واضحة بنسبة قليلة. حيث تظهر هذه العدسات على أنها امتداد للأجسام بشكل عمودي على مركز العدسة. و لرصد عدسة جاذبية ضعيفة يجب استخدام عدد كبير جداً من بيانات المجرات. وذلك نظراً لشكلها الإهليجي. وبما أن إشارة هذا النوع من العدسات تكون ضعيفة. يمكن احتساب مجال العدسة في أي منطقة. وبالتالي يمكننا ذلك من إعادة ترتيب توزيع الخلفية للمواد في منطقة العدسة. وعلى وجه الخصوص إعادة بناء التوزيع الخلفي للمادة المظلمة.
- عدسة صغرية الجاذبية: حيث لا يمكن رصد هذه العدسة، ولا يمكن رؤية أي تشويه في الشكل. ولكن نستدل على هذا النوع من العدسات عن طريق احتساب كمية الضوء المستلمة من جسم موجود خلف العدسة. حيث تتغير وقت مروره من العدسة. [1]
أمثلة على عدسات الجاذبية
تم رصد العديد من الأجسام الفضائية التي تصنع جاذبيتها العظيمة تأثير لعدسة الجاذبية. مثل العنقود الكروي “توسكاني-Tucanae47”. حيث يبعد عنا مسافة 13.40 سنة ضوئية. ويبدو لنا من الأرض بأن قطره لا يتعدى قطر القمر. ولكنه في الواقع يشغل مساحة تعادل 120 سنة ضوئية من الفضاء. وهذه الصورة تمثل صورة لنجم سوبر قوة جاذبيته تعادل ضعف قوة جاذبية الشمس مليار مرة. وبذلك يشكل هذا العنقود عدسة جاذبية حوله. حيث تبدو لنا النجوم الواقعة خلفه بصورة انزياحية مشوهة. و تنطبق هذه الصورة على 200 عنقود نجمي كروي في مجرة درب التبانة. وآلاف العناقيد الأخرى في المجرات المجاور لنا. وتعتبر نجوم جميع هذه العناقيد حول نجم سوبر. وهذا ما يجعل كل من صور هذه العناقيد تظهر في حركة دورانية عشوائية وغير متزامنة كما نراها في المجرات.[3]
عدسة الجاذبية للشمس
عام 1936 تنبأ العالم ألبرت آينشتاين بأن أشعة الضوء التي تمر بجانب الشمس والتي تتفادى حوافها. ستنحني على بعد 542 وحدة فلكية من الشمس ( ستتحول إلى نقطة بؤرية ). وبالتالي إذا وضعنا مسباراً عند تلك المسافة أو أبعد فإننا يمكن أن نستخدم الشمس كعدسة جاذبية.[1] [2]
البحث عن عدسات الجاذبية
في الماضي تم اكتشاف معظم عدسات الجاذبية عن طريق الخطأ. حيث أدى البحث عن العدسات في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. باستخدام ترددات الراديو في نيو مكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية إلى اكتشاف 22 نظاماً جديداً للعدسات. فأدى ذلك إلى فتح طريق جديد كلياً للبحث عن الأجسام البعيدة جداً، وإيجاد قيم للمعالم الكونية التي تساعدنا على فهم الكون بشكل أفضل. وإذا تم إجراء تلك الأبحاث في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية باستخدام أدوات وبيانات عالية المعايرة واضحة المعالم. فيمكن توقع بأن تكون النتائج مشابهة لتلك الظاهرة في الجزء الشمالي.[1]
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :