ي حرب الزاب عام 750م على الأمويين، أصبح أن تكون من بني أميّة سبب كافي لقتلك. قتل من قتل، وفرّ من فرّ، ولاحقت جيوش الدولة العباسيّة كل رجلٍ منهم لألا يطالب أيٌّ منهم بالحكم في يومٍ من الأيام. ورغم قوة الدولة العباسيّة، إلا أنّ عبدالرحمن بن معاوية الأموي كان له نصيب في النجاة من سيوفهم. ولم يكن هروبه ذلك إلا بداية لما هو في انتظاره من مجدٍ سيخلده التاريخ.
Photo by Pixabay on Pexels.com
بعد أن انتصر بنو العباس في حرب الزاب عام 750م على الأمويين، أصبح أن تكون من بني أميّة سبب كافي لقتلك. قُتل من قُتل، وفرّ من فرّ، ولاحقت جيوش الدولة العباسيّة كل رجلٍ منهم لألا يطالب أيٌّ منهم بالحكم في يومٍ من الأيام. ورغم قوة الدولة العباسيّة، إلا أنّ عبد الرحمن بن معاوية الأموي “عبدالرحمن الداخل” كان له نصيب في النجاة من سيوفهم. ولم يكن هروبه ذلك إلا بداية لما هو في انتظاره من مجدٍ سيخلده التاريخ.[1]
محتويات المقال :
نشأ عبد الرحمن الأموي في كنف جده الخليفة هشام بن عبدالملك، أحد أقوى وأحكم الخلفاء في تاريخ بني أمية. كانت الدولة التي ولد فيها من أقوى الدول في تلك الفترة. وكان مقّدر لعبدالرحمن أن ينعم بالرخاء والثراء ما تبقى له من عمره. [1]
إلا أن التاريخ كان له كلمة أخرى. فقد تفجرت الثورات على الدولة الأموية، وكثرت النزاعات على الحكم داخل البلاط الأموي. وكان للعباسيين دورٌ في ذلك بالطبع، فزال الملك والمال وتبدل الحال. فرّ عبدالرحمن الأموي ومعه نساء وأطفال بني أمية إلى العراق بحثًا عن مكان آمن، ولكن لحقت بهم جيوش العباسيين.[1]
اضطر حينها عبدالرحمن أن يترك عائلته وصغيره سليمان خلفه عند نهر الفرات، وفر من الجيوش عن طريق نهر الفرات. كان أخو عبدالرحمن الأصغر معه في ذلك الوقت، ولكنّه خشي الغرق في النهر وعاد أدراجه فقتله العباسيون أمام أعينه.[1]
رحل عبد الرحمن ومعه صديقه ومساعده بدر عن العراق باحثًا عن ملجأ آمن. انتقلا إلى فلسطين ومن ثم شمال أفريقيا. كان حاكم تونس في ذلك الوقت متمرد على الحكم العباسي، فجمع من تبقى من بني أمية ومنهم عبدالرحمن الداخل. ولكن خاف من أن ينقلبوا عليه، فقرر حينها التخلي عنهم.[1]
قرر عبد الرحمن بعد ذلك أن تكون وجهته إلى أهل والدته من البربر في شمال غرب أفريقيا، ليحتمي بهم بعض الوقت. لم تكن تلك هي الحياة التي تمنّاها عبدالرحمن، فبعث ببدر إلى إسبانيا، لينظر إن كانت قد تصلح أن تكون موطنًا.[1]
بعد أن تحرى عبد الرحمن الوضع السياسي في الأندلس، قرر أن يذهب إلى هناك، وكانت شبه الجزيرة الإيبيرية هي المكان الأمثل. لم تستطع جيوش الدولة العباسية أن تضم الأندلس إليها، وبذلك نزل عبد الرحمن بجبل طارق عام 755م.
خلال ذلك الوقت كان يوسف الفهري يحكم في مدينة ناربون جنوب فرنسا حاليًا، وكان عرب اليمن مؤيدين له. في حين أن عرب الشام كانوا من مؤيدي الصميل حاكم مدينة سرقسطة. ومن هنا نشأت الفرقة والتشتت في الأندلس التي استغلها عبدالرحمن بحكمة.
جمع عبد الرحمن الأموي مؤيديه ممن تبقوا من الدولة الأموية، وحشد جيشًا ليواجه يوسف الفهري. وبعد أن استولى عبدالرحمن على مدينتي ملقة وأشبيلية، زحف لمواجهة الفهري في قرطبة. خلال معركته مع الفهري أشيع بين جنوده أنه يركب جوادًا سريعًا للفرار به عند الخسارة. وكان من حنكته حينها أن قرر ترك ذلك الجواد ليطمئن جنوده.[1]،[2]
بعد أن انتصر جيش عبد الرحمن، استطاع الفهري أن يفر إلى طليلة محاولًا تشكيل جيش آخر، ولكن نفوذ عبد الرحمن في ذلك الوقت جعل أتباعه يضطرون إلى قتل الفهري سعيًا لإرضاء عبدالرحمن. وتم القبض على الصميل، وزج به في سجون قرطبة.[1]،[2]
أعلن عبد الرحمن الذي لقب في ذلك الوقت بعبد الرحمن الداخل مدينة قرطبة عاصمةً لإمارته. بانتشار تلك الأخبار أصبحت الأندلس هي وجهة مؤيدي الحكم الأموي، وكان من بينهم ابنه سليمان، الذي تركه خلفه في نهر الفرات. [1]،[3]
رغم ابتعاد عبد الرحمن عن الخلافة العباسية، إلا أن الخليفة المنصور لم يستسغ كون الأندلس بعيدة عن سلطته. فأرسل جيشًا بقيادة العلاء لمحاصرة عبدالرحمن وجنوده، إلا أن الداخل كان له رأيًا آخر. توجه عبدالرحمن لمدينة قرمونة لملاقاة جيش العلاء، حيث حوصر لمدة شهرين من قبل العلاء. قرر حينها عبد الرحمن الخروج لمفاجأته، وتمكن رغم قلة عدد جيشه من أن ينتصر على الجيش العباسي. قام عبدالرحمن بقطع رؤوسهم وحفظها في صناديق من الملح، وأرسلها إلى الخليفة المنصور. كان لتلك الفعلة تأثيرها المدوي في قلب الخليفة المنصور، ليشكر الله أن البحر يفصل بينه وبين الأمير عبد الرحمن.[1]
انشغل عبد الرحمن الداخل بإخماد الثورات المتتالية والنزاعات بين المدن الإسلامية في الاندلس، عن الثأر من بنو العباس. وكان من بين تلك النزاعات، ما دار بينه وبين حاكمي سرقسطة وبرشلونة. في عام ٧٧٧م استعان حاكم سرقسطة بالملك شارلمان، ليآزره ضد قوات عبدالرحمن. ولكن عندما أدرك نوايا شارلمان في الاستيلاء على سرقسطة، أوصد أبوابه أمام شارلمان وجيشه. حاصر شارلمان حينها سرقسطة، طالت مدة الحصار حتى ملّ شارلمان وانسحب بجيشه عبر ممر رونسافليس.[1]
حينذاك نصب الباسكيون عام ٧٧٨م كمينًا لجيش شارلمان، وقتلو حارسه في مؤخرة الجيش. كانت رونسافليس الهزيمة الوحيدة في تاريخ شارلمان. استطاع عبدالرحمن أن يسيطر على سرقسطة شكليًا، عن طريق مساومة أحد كبار شخصياتها على قتل حاكمها، في مقابل تعيينه حاكمًا لها. وفي عام ٧٨٣م ضم عبدالرحمن سرقسطة لحكمه فعليًا، بعد أن استجمع قواه، ووحد بذلك الإمارات الإسلامية في إسبانيا تحت يده.[1]
كان لعبد الرحمن دور كبير في تاريخ الأندلس، أقام دولةً بالعمران، دمج بين الفن القبطي والإسلامي فأخرج إبداعًا معماريًا. أنشأ شبكات للصرف الصحي والمياه في أرجاء الأندلس، وأسس جيشًا ليحمي أرضها، وكذلك مجلسًا للدولة، وأعاد تأهيل القضاء.[1]
توفي عبد الرحمن في عام ٧٨٨م، بعد أن أثبت قدرة الإنسان في تغيير مصيره بيده. انتقل الحكم بعد ذلك لابنه هشام، واستمرت الدولة الأموية الجديدة ثلاثة قرونٍ من الزمان. لتحكي للعالم عن قصة أميرٍ لاجئ ترك بصمةً له في صفحات التاريخ.[1]
1- World History
2- Britannica
3- Britannica
إذا كنت تريد القيام برحلة ذهاب فقط إلى المريخ، فستستغرق حوالي تسعة أشهر، ولكن الرحلة…
حقق العلماء طفرة في تكنولوجيا التبريد، حيث قاموا بتطوير جهاز تبريد قابل للإرتداء يمكنه ضخ…
الخلية البشرية عبارة عن نظام معقد وظل لفترة طويلة لغزا للعلماء. ومع وجود عشرات التريليونات…
إن الرحلة إلى المريخ والعودة منه ليست بالرحلة التي تناسب ضعيفي القلوب. فنحن لا نتحدث…
اكتشف الباحثون ما يُعتقد أنه أقدم خريطة ثلاثية الأبعاد في العالم، حيث يعود تاريخها إلى…
قام الباحثون في جامعة جيمس كوك بالتحقيق في دور التعاطف في التفاعلات بين الإنسان والروبوت،…
View Comments