على الرغم من أن مرض باركنسون يرتبط غالبًا بكبار السن، إلا أنه يتم تشخيص إصابة 5 إلى 10% من الأشخاص بهذه الحالة قبل بلوغهم سن الأربعين. ولكن الآن، يمكن لدراسة جديدة رائدة أن تحمل مفتاح العلاج لمرضى باركنسون صغار السن.
حدد البحث، الذي أجراه البروفيسور كالي جيرينج من جامعة ماكجيل، جزيءًا دوائيًا جديدًا يمكن أن يؤدي إلى علاجات جديدة لهذه الحالة. يعد هذا الإنجاز مهمًا لأنه يستهدف السبب الجذري للمرض. ويعتقد الباحثون أنهم ربما وجدوا طريقة لمنع تدهور خلايا الدماغ الذي يؤدي إلى مرض باركنسون. وتعد هذه الدراسة، التي نشرت في مجلة (Nature Communications)، تتويجا لسنوات من البحث في البيولوجيا الأساسية للمرض.
محتويات المقال :
البداية الخادعة لمرض باركنسون
يعد مرض باركنسون أحد أساتذة التنكر، إذ غالبًا ما يتسلل إلى ضحاياه دون سابق إنذار. إنه اضطراب تنكسي يؤثر على أكثر من 100.000 كندي، مع أعراض يمكن أن تكون خفية في البداية، مما يجعل تشخيصه صعبًا.
وبالنسبة للمرضى الأصغر سنا، يمكن أن تكون بداية مرض باركنسون غادرة بشكل خاص. إنه مثل اللص الماهر، الذي يسرق المهارات الحركية والتنسيق والتوازن دون سابق إنذار. قد تبدأ الأعراض برعشة طفيفة في اليد أو تباطؤ طفيف في الحركة. ولكن مع تقدم المرض، تتفاقم هذه الأعراض، مما يؤثر في النهاية على الحياة اليومية والاستقلالية.
البحث العلمي عن علاج
إن الرحلة لاكتشاف علاج محتمل لمرض باركنسون لدى المرضى الأصغر سنًا هي شهادة على المثابرة البشرية والإبداع العلمي. لعقود من الزمن، ظل الباحثون يكشفون تعقيدات هذا الاضطراب التنكس العصبي، مدفوعين بالأمل في إيجاد حل للتخفيف من معاناة الملايين في جميع أنحاء العالم.
جاء أحد الاكتشافات المبكرة مع اكتشاف باركين، وهو البروتين الذي يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على صحة خلايا الدماغ. ووجد العلماء أن الطفرات في جين باركين كانت مسؤولة عن نسبة كبيرة من حالات مرض باركنسون المبكرة، حيث تظهر الأعراض قبل سن الأربعين.
أدى السعي لفهم كيفية عمل باركين إلى استكشاف أعمق للآليات المعقدة التي تحكم الصحة الخلوية. حيث اكتشف الباحثون أن هذا البروتين يلعب دورًا رئيسيًا في الحفاظ على صحة خلايا المخ من خلال إزالة الميتوكوندريا التالفة، وهي مصدر الطاقة للخلايا. في بعض الحالات، يفقد الباركين وظيفته بسبب الطفرات الجينية، مما يسمح للميتوكوندريا التالفة بالتراكم والمساهمة في مرض باركنسون.
إعادة تفعيل الباركين
بحثت الدراسة عن طريقة عمل جزيء طورته شركة التكنولوجيا الحيوية (Biogen) في عادة تنشيط بروتين الباركين. وباستخدام التكنولوجيا المتقدمة في (Canadian Light Source (CLS)) في جامعة ساسكاتشوان، حدد الباحثون أن مركب شركة (Biogen) يستعيد وظيفة التنظيف الخاصة بباركين، عن طريق “إلصاق” الباركين بشكل فعال بمنشط طبيعي موجود في الخلايا. تعمل عملية الارتباط هذه على إعادة تنشيط قدرة باركين على إزالة الميتوكوندريا التالفة، مما يوفر نهجًا جديدًا محتملًا لعلاج مرض باركنسون.
فكر في الأمر على هذا النحو، الباركين يشبه شاحنة القمامة المتخصصة التي تقوم بجمع النفايات الخلوية التالفة والتخلص منها. يشبه مركب (Biogen) الوقود الخاص الذي يمد محرك الشاحنة بالطاقة، مما يسمح له بالعمل بشكل صحيح وإزالة النفايات التي تساهم في مرض باركنسون. ومن خلال إعادة تنشيط وظيفة تنظيف باركين، اتخذ الباحثون خطوة مهمة نحو تطوير علاج لمرضى باركنسون صغار السن.
عصر جديد من العلاجات الشخصية للمرضى الأصغر سنًا
مع القدرة على إعادة تنشيط الباركين، يمكن تصميم جزيء الدواء الجديد هذا للمرضى بشكل فردي بناءً على طفراتهم الجينية المحددة. وهذا يعني أن المرضى الأصغر سنًا الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض باركنسون يمكن أن يتلقوا علاجًا مستهدفًا، مما قد يبطئ أو حتى يوقف المرض قبل أن يتطور.
تأثير هذا العلاج يتجاوز المختبر. حيث لديه القدرة على تغيير حياة الآلاف من الشباب الذين يعيشون مع مرض باركنسون. وقد يعني ذلك أنه بإمكانهم الاستمرار في تحقيق أحلامهم، دون عبء الأعراض المنهكة التي تعيقهم. قد يعني ذلك أنهم يستطيعون أن يعيشوا حياة خالية من الخوف من فقدان السيطرة على أجسادهم.
يفتح هذا العلاج أيضًا آفاقًا جديدة للبحث في أمراض التنكس العصبي الأخرى. إذا تمكن العلماء من تحديد الطفرات الجينية المحددة التي تساهم في مرض باركنسون، فقد يكونون قادرين على فعل الشيء نفسه بالنسبة لأمراض أخرى، مثل مرض الزهايمر ومرض هنتنغتون.
المصادر
Activation of parkin by a molecular glue | nature communications
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :