Ad

لماذا تتكاثر أغلب الكائنات الحية جنسيًا؟

مقدمة

يعد التكاثر الجنسي من أكثر المواضيع المثيرة في الطبيعة. وقد سماه عالم البيولوجيا «جرهام بيل – Graham Bell» «تحفة الطبيعة – The masterpiece of nature» في كتابه الذي يحمل الاسم نفسه. قد يبدو التكاثر اللاجنسي -من النظرة الأولى- أبسط وأكفأ وأقل كلفة بالمقارنة مع التكاثر الجنسي. يشارك الكائن الحي بنصف عدد چيناته في أي عملية تكاثر جنسي بعكس التكاثر اللاجنسي الذي ينقل فيه الكائن الحي كامل جيناته إلى الجيل الجديد فيما يعرف بـ «ضعف تكلفة الجنس – two-fold cost of sex». ومع ذلك فإن التكاثر الجنسي يعد هو النوع السائد من التكاثر في أغلب الكائنات. وإذا كنا قد تعلمنا من نظرية التطور شيئًا، فمن المؤكد أن هذه العملية المرهقة تمت محابتها لأن لها مميزات أكثر تساعد الكائن على التكيف. فالسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا التكاثر الجنسي؟ وفيما يلي نستعرض بعض الأسباب التي قد تفسر لماذا يعد التكاثر الجنسي ميزة عن التكاثر اللاجنسي. [2]

دعم الطفرات النافعة

تندر الطفرات النافعة في البيئة المستقرة. يعني حدوث طفرة نافعة بمقاييس الانتخاب الطبيعي وجوب مساعدتها الكائن الحي على التكيف مع تغير البيئة. ففي التكاثر اللاجنسي، لا يمكن دمج طفرتين حدثتا في كائنين مختلفين في كائن جديد. مما يعني أن الطفرات يجب أن تحدث على التوالي، الواحدة تلو الأخرى. أما في التكاثر الجنسي، تندمج طفرات كائنين مختلفين في كائن جديد، مما يعني أن الطفرات تحدث على التوازي. وهذه أحد أهم مزايا التكاثر الجنسي. فالطفرة النافعة تنتشر أسرع وسط أفراد النوع مما يعني تكيفًا أسرع مع بيئة متغيرة. [1] قد يستنتج البعض خطًأ بأن التكاثر الجنسي يؤدي إلى تنوع أكبر في الچينات، ولذا وجب التأكيد على أن هذا غير ضروري. فلنفترض أن هناك چين مسؤول عن الطول A وآخر مسؤول عن القصر a في كائن حي. ولنفترض أيضًا أن طول الكائن يؤدي إلى أن يكون أكثر عرضة للافتراس. فعندها نظرًا لأن أغلب الأفراد الحاملين لجين A سيصبحون وجبات سهلة، فإن الجين a سيسود ضمن أفراد هذا النوع. [3]

تجميع الطفرات النافعة في وجود الطفرات الضارة

أحيانًا ما تحدث طفرة نافعة قد تفيد النوع في أحد أضعف أفراد هذا النوع. فإذا ما حدث هذا مع كائن يتكاثر لاجنسيًا فإن الطفرة النافعة قد لا تكون نافعة بدرجة كافية وسط مجموعة من چينات لا تصنف على أنها أكفأ الچينات. وقد تختفي نتيجة ضعف هذه الچينات مع التكيف مع البيئة. لكن إذا ما حدثت طفرة نافعة في أحد أضعف أفراد النوع وتكاثر هذا الفرد جنسيًا مع فرد آخر يحمل جينات أكفأ، فإن هذه الطفرة ستكون وسط چينات تُبرز ميزتها التكيفية مع البيئة المحيطة. فالتكاثر الجنسي يعني أنه حتى لو حدثت الطفرة في أضعف أفرد النوع، فإنها قادرة على أن تكون موجودة في الأجيال القادمة مع چينات أكثر كفاءة. [1]

التخلص من الطفرات الضارة

في مجتمع لاجنسي، عدا المجتمعات الكبيرة، لا يوجد فرد واحد خالي تمامًا من الطفرات الضارة. ولذا قد يكون أكثر الكائنات كفاءة هو من يمتلك طفرة واحدة ضارة. فعندما يتكاثر هذا الكائن لاجنسيًا فإن الأجيال القادمة سيحدث لها طفرات مختلفة. وإذا كان أحد هذه الطفرات ضارة أيضًا سيكون إجمالي عدد الطفرات الضارة أصبح اثنين. ومن هذه النقطة فإن عدد الطفرات الضارة نتيجة التكاثر اللاجنسي سيزداد ولا يمكن أن يقل. ولكن في التكاثر الجنسي فإنه ليس بالضرورة انتقال الطفرات الضارة من جيل إلى الجيل الذي يليه. فإذا كان أكثر الكائنات كفاءة يمتلك طفرة واحدة ضارة فإن الأجيال التالية قد تتخلص من هذه الطفرة عن طريق دمج الجينات مع الشريك الجنسي، مما يعني أن عدد الطفرات الضارة قد يزداد وقد يقل. [1]

لا ضرورة لوجود وفرة في الغذاء

على الرغم من أن التكاثر الجنسي قد يبدو مكلفًا، ولكن مع ذلك فإن الكائنات التي يمكنها التكاثر جنسيًا ولاجنسيًا تتكاثر لاجنسيًا عندما يكون هناك وفرة في الغذاء. أما عندما يقل الغذاء وتبدأ هذه الكائنات بالجوع فإن هذه الكائنات تبدأ بالتكاثر الجنسي، إذ كلما قل الغذاء أصبح التكاثر اللاجنسي محدودًا. وهذه ميزة أخرى للتكاثر الجنسي فهو لا يحتاج إلى وجود وفرة في الغذاء ففي البيئات القاسية سيكون التكاثر اللاجنسي محدودًا. [3]

استعرضنا سويًّا بعض الأسباب التي قد تفسر تميز التكاثر الجنسي عن التكاثر اللاجنسي ومع ذلك فإن هذه الأسباب لا تشرح لماذا بدأ التكاثر الجنسي من الأساس. كما تختلف ميكانيكية التكاثر الجنسي باختلاف حجم الكائنات الحية. لذا لا يمكن اعتبار أن هذه هي كافة الأسباب التي دفعت لانتشار التكاثر الجنسي في عدد كبير من الكائنات. وهناك الكثير من الفرضيات المطروحة التي تحاول تفسير ذلك التفاوت في الأنواع المختلفة. لا يمكن الجزم بشكل قاطع بسبب بدء التكاثر الجنسي وأسباب تفوقه، لكن ما يمكن الجزم به هو حدوثه منذ مليارات السنين، وأنه مستمر حتى الآن في أكثر صور الحياة تعقيدًا. وما زلنا في انتظار الكثير من الأبحاث والكثير من الدراسات لتكمل باقي القصة. [1]

المصادر

[1] onlinelibrary

[2] Springer

[3] BBC

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


أحياء تطور وراثة

User Avatar

Mohamed Yasser


عدد مقالات الكاتب : 8
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق