Ad

في دراسة رائدة نشرت في مجلة (Nature)، حقق الباحثون تقدمًا كبيرًا في مكافحة السمنة عبر تقديم جيل جديد من أدوية السمنة. قام الفريق بقيادة كريستوفر كليمنسن، المتخصص في عملية التمثيل الغذائي في جامعة كوبنهاجن، بتطوير دواء مبتكر أظهر فعالية ملحوظة في الفئران، مما يوفر تغييرًا محتملاً في طرق علاج السمنة. يتبع هذا الدواء المنافس الجديد أسلوب حصان طروادة حيث يقوم بربط الببتيد الذي يحاكي هرمون (GLP-1) بجزيء صغير يحجب مستقبل ن-مثيل-د-أسبارتات (NMDA) N-methyl-D-aspartate receptor)، وهو مستقبل رئيسي في تنظيم الشهية. يسمح أسلوب حصان طروادة هذا للببتيد باستهداف خلايا دماغية محددة، وإطلاق حاصرات مستقبلات (NMDA) وتضخيم تأثير فقدان الوزن.

وقد أثارت نتائج الدراسة الخبراء، بما في ذلك دانييل دراكر، أخصائي الغدد الصماء في مستشفى ماونت سيناي في تورونتو، الذي أشاد بالبحث ووصفه بأنه قوي وجديد. إن الآثار المحتملة بعيدة المدى، حيث من المتوقع أن يصل سوق أدوية السمنة العالمية إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030. وبينما يتصارع العالم مع وباء السمنة المتصاعد، يمكن أن يكون هذا الإنجاز منقذًا لحياة الملايين في جميع أنحاء العالم.

هرمونات الأمعاء والتحكم في الشهية

في نظام الجسم تكمن علاقة معقدة بين الهرمونات والخلايا العصبية والمستقبلات. إن العلم وراء السمنة وفقدان الوزن متجذر في فهم كيفية تفاعل هذه المكونات لتنظيم الشهية والتمثيل الغذائي. تلعب هرمونات الأمعاء، مثل (GLP-1) و(GIP)، دورًا حيويًا في هذه العملية.

يتم إطلاق هرمون (GLP-1)، استجابة لاستهلاك الطعام. فيرتبط بمستقبلات الخلايا العصبية في الدماغ، مما يشير إلى الشبع ويقلل الشهية. هذه الآلية الطبيعية ضرورية للحفاظ على وزن صحي. ومع ذلك، عند الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، يوجد اختلال في هذا التوازن، مما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن.

لقد مهد اكتشاف دور هرمون (GLP-1) في التحكم في الشهية الطريق لتطوير أدوية السمنة مثل سيماجلوتايد (Wegovy) وتيرزيباتيد (Zepbound). تحاكي هذه الأدوية (GLP-1)، وترتبط بمستقبلاته وتعزز الشعور بالامتلاء، وبالتالي تقلل من تناول الطعام وتسهل فقدان الوزن. وقد أثار نجاح هذه الأدوية موجة جديدة من الأبحاث، حيث يسعى العلماء إلى كشف أسرار هرمونات الأمعاء والتحكم في الشهية.

جيل جديد من أدوية السمنة

يتمحور هذا الاكتشاف المذهل حول اندماج الببتيد الذي يحاكي هرمون (GLP-1)، المستخدم بالفعل في أدوية السمنة، مع جزيء صغير يحجب مستقبل (NMDA)، وهي قناة أيونية مرتبطة بالسمنة. توقع كريستوفر كليمنسن، أنه من خلال دمج حاصرات مستقبلات (NMDA) مع مثبط هرمون الأمعاء، يمكن تجنب مخاطر السلامة المرتبطة بحاصرات مستقبلات (NMDA).

تم تصميم الجزء الببتيد من الدواء لتقليد عمل هرمون (GLP-1)، وهو هرمون الأمعاء الذي ينظم الشهية. عندما يرتبط الببتيد بمستقبله في خلايا الدماغ، فإنه يطلق إشارة تقلل من الإحساس بالجوع. ولكن هنا يكمن الجزء الذكي، يرتبط بالببتيد جزيء صغير يسمى الديزوسيلبين (Dizocilpine)، والذي يحجب مستقبل (NMDA). هذا المستقبل مسؤول عن بعض الآثار الجانبية غير المرغوب فيها المرتبطة بحاصرات مستقبلات (NMDA)، مثل ارتفاع درجة الحرارة والحركة المفرطة.

ومن خلال الاعتماد على الببتيد، يمكن لجزيء الديزوسيلبين أن يستهدف بشكل انتقائي خلايا الدماغ التي تتحكم في الشهية، متجنبًا التأثيرات غير المرغوب فيها. في الفئران، أظهر هذا الدواء المترافق مع الببتيد فوائد مذهلة في إنقاص الوزن، مع آثار جانبية قليلة. في الواقع، عند دمجه مع سيماجلوتيد، أدى إلى انخفاض كتلة الجسم بشكل ملحوظ، مما يشير إلى إمكانية استخدامه كجيل جديد من أدوية السمنة.

مستقبل علاج السمنة

ومع استمرار انتشار وباء السمنة على مستوى العالم، فمن المتوقع أن يصل سوق أدوية إنقاص الوزن إلى مبلغ مذهل يصل إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030. ومع وجود العشرات من أدوية السمنة الجديدة التي تخضع بالفعل للتجارب السريرية، يبدو مستقبل علاج السمنة أكثر إشراقا من أي وقت مضى.

تخيل مستقبلًا حيث لم تعد السمنة مرضًا مزمنًا، بل حالة يمكن التحكم فيها. مستقبل يستطيع فيه الأفراد التخلص من الوزن بسهولة والحفاظ على وزن صحي، وذلك بفضل العلاجات المتطورة التي تستهدف الأسباب الجذرية للسمنة. ولم يعد هذا حلمًا بعيد المنال، بل أصبح حقيقة واعدة، حيث توحد جهود العلماء وشركات الأدوية لتطوير علاجات جديدة وأكثر فعالية وأمانًا لإنقاص الوزن.

ولا يمكن المبالغة في تقدير التأثير المحتمل لهذه الابتكارات. بحلول عام 2035، من المتوقع أن يعاني أكثر من نصف البالغين في جميع أنحاء العالم من السمنة. إن علاجات السمنة الفعالة لا يمكنها تحسين نوعية حياة الملايين فحسب، بل يمكنها أيضاً أن تقلل العبء الاقتصادي الذي تفرضه السمنة، والذي يبلغ حالياً أكثر من 2 تريليون دولار سنوياً.

المصادر:

Experimental obesity drug packs double punch to reduce weight (nature.com)

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب صحة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 100
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق