Ad

هل تؤثر سمات والدك على سماتك؟ هل تتدخل موهبة والدتك ـفي مجال ماـ في تكوين ميولك أو شغفك؟ من أين اكتسبت هوايتك؟ هل يمكن أن تصبح فاشلًا إذا كانا والداك موهوبين؟ ماذا عن انتقال الأمراض والعادات السيئة؟ هل يمكن تحسين النسل من خلال انتقاء الصفات الجيدة وتشجيع أصحابها على التكاثر، والحد السمات السيئة عن طريق منع أصحابها من التكاثر والتزاوج؟ هل نطلق عليه جودة مجتمعية أم عنصرية علمية؟

فرانسيس غالتون أبو علم النسل

يُشار لتحسين النسل إلى تحسين الجنس البشري والمجتمع من خلال تشجيع الإنجاب من قِبَل الناس أو السكان الذين يتمتعون بخصائص “مرغوبة” (والتي يطلق عليها اسم “تحسين النسل الإيجابي”) وتثبيط الإنجاب من قِبَل الأشخاص الذين يتمتعون بخصائص “غير مرغوب فيها” (يطلق عليها “تحسين النسل السلبي”) يعتبر فرانسيس غالتون مبتكر مجال تحسين النسل وهو مستكشف وعالم أنثروبولوجيا معروف بدراساته في علم النسل والذكاء البشري.[1]

كان غالتون مقتنعًا بأن الصفات الاجتماعية والعقلية، مثل الموهبة والذكاء تُورث. نشر غالتون أفكاره في مجلة ماكميلان الشعبية  وقام بأبحاث واسعة النطاق لمحاولة إثبات أن الشخصية وأخلاقيات العمل، وغيرها من الصفات كانت وراثية، ويمكن تعقبها من خلال السلالات العائلية. فقد أجرى غالتون العديد من دراساته عن طريق إجراء مسح شامل لأسر العديد من المشاهير المختلفين والرائدين في مجالات مختلفة كالسياسة والطب والقضاء والف، ومجالات اخرى غيرها. إلى أن توصل إلى جمع معلومات كثيرة عن ما يقرب من 997 فردًا من المشاهيرفي حوالي 300 أسرة. ومن خلال تحليل تلك البيانات والمعلومات التي رصدها أستطاع غالتون أن يثبت أن الموهبة والعبقرية والتفوق هي صفات تسري في عائلات بعينها، وأن هذا يعني أنها تنتقل وراثيًا عبر أفراد هذه الأسر. في عام 1869، أصدر مجموعة من البيانات التي جمعها ونشرها تحت عنوان “العبقرية الوراثية” [2]

 في عام 1883، استخدم السير فرانسيس غالتون، مصطلح تحسين النسل. ويعتقد غالتون أن الجنس البشري يمكن أن يساعد في توجيه مستقبله عن طريق تربية الأفراد الذين يتمتعون بصفات “مرغوبة” بشكل انتقائي. فقد وضع غالتون أسس تحسين النسل مشيرًا إلى أنه من الممكن تحسين الجنس البشري والمجتمع من خلال تشجيع الإنجاب من قِبَل الناس أو السكان الذين يتمتعون بخصائص “مرغوبة” (والتي يطلق عليها اسم “تحسين النسل الإيجابي”) وتثبيط الإنجاب من قِبَل الأشخاص الذين يتمتعون بخصائص “غير مرغوب فيها” (يطلق عليها “تحسين النسل السلبي”)

تحسين النسل الإيجابي: صُممت برامج تحسين النسل الإيجابي لتحفيز أولئك الذين يتمتعون بصفات مرغوبة على إنجاب المزيد من الأطفال وبالتالي زيادة عدد الأفراد الذين يتمتعون بهذه الصفات المرغوبة لدى السكان فيستمر “الأفضل” ويستمرانتقال خصائصها.[3]

أما الذين يصرون على أنهم “غير صالحين” أو الذين لا يتمتعون بالسمات المرغوبة فيتم تثقيفهم ضد إنجاب الأطفال لصالح الجنس البشري. ويعتمد هذا الجانب على السلوك الإيثاري أو الإيثاري من جانب أولئك الذين يعتبرون “غير صالحين / مؤهلين”

ولكن عندما لا تنجح فضيلة الإيثار في توجيه الأفراد ذوو الصفات الغير مرغوبة، فإن النهج الثاني (تحسين النسل السلبي) يصبح حلاً أفضل

تحسين النسل السلبي: ويقصد به تثبيط أو حظر الزواج لمن يتمتعون بخصائص غير مرغوب فيها من الناحية التناسلية والعزل الجنسي والتعقيم لمن يتمتعون بهذه الصفات. فخلص غالتون إلى أن وضع النخبة في المجتمع كان بسبب تركيبة جينية جيدة. في حين أن خطط غالتون لتحسين الجنس البشري من خلال التكاثر الانتقائي لم تؤتي ثمارها قط في بريطانيا، إلا أنها في نهاية المطاف أخذت منعطفات شريرة في بلدان أخرى. [4]

تاريخ تحسين النسل في الولايات المتحدة الأمريكية والماضي الأسود

كانت التخوفات من استغلال تحسين النسل لقمع الحريات وسلب الحقوق الانسانية البديهية كالحرية في الزواج، والحرية في الحصول على فرص التعليم والعمل من قِبل الحكومات المتسلطة. يمكن القول بأن تلك المخاوف صدر ومضاتها تاريخ تحسين النسل في الولايات المتحدة الأمريكية.

بدأت حركة  تحسين النسل في الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين؛ وكانت الولايات المتحدة أول بلد لديه برنامج منهجي لإجراء التعقيم على الأفراد دون علمهم أو رغما عنهم، وقد أيده وشجعه عدد كبير من الناس، بمن فيهم السياسيون والعلماء والإصلاحيون الاجتماعيون وقادة الأعمال البارزون وغيرهم من الأفراد ذوي النفوذ الذين يتقاسمون هدفاً يتمثل في تخفيف “العبء” عن المجتمع. واعتُبر معظم الأشخاص المستهدفين بالتعقيم من ذوي الذكاء المنخفض، ولا سيما الفقراء منهم وفي نهاية المطاف ذوي البشرة السمراء. وأصبحت حركة تحسين النسل تعتبر على نطاق واسع وسيلة مشروعة لتحسين المجتمع ودعمها أشخاص مثل ونستون تشرشل ومارغريت سانغر وتيودور روزفلت وجون هارفي كيلوغ.

كان للحركة أيضا منتقدين ، بما في ذلك المحامي ومحامي الحقوق المدنية كلارنس دارو فضلا عن العلماء الذين دحضوا فكرة أن “النقاء” يؤدي إلى عدد أقل من الطفرات الجينية السلبية. في الفترة ما بين 1927 والسبعينات ، كان هناك أكثر من 60000 عملية تعقيم إجباري أجريت في 33 ولاية في الولايات المتحدة؛ كان لولاية كاليفورنيا فقط أكثر من 20000عملية، لم تسجل جميعها. [5]

الطفرات وعلم النسل

أحرز علم الوراثة البشري والجزيئي مؤخرًا تقدما ملحوظًا في تطوير فهم بيولوجيا الإنسان في الصحة وفي الأمراض. ونحن نعرف الآن بقدر كبير من التفصيل الآليات الكامنة وراء العديد من الأمراض البشرية، وقد ابتكر بعض العلاجات الدوائية والوراثية الفعالة بشكل ملحوظ لعدد متزايد من هذه الأمراض بناءًا على تلك الخطوات المتقدمة. لا سيما تلك التي تتناول أساليب فحص الأمراض، والكشف عن المكونات الوراثية للأمراض وتوصيفها، واستخدام علم الأحياء الكيميائي وعلم الأدوية الوراثي لتصميم عوامل علاجية فعالة.

ومن بين هذه الإنجازات، ولادة ونضوج مفاهيم وأدوات العلاج الجيني والعلاجات الجينية التي تجعل من الممكن  طرق جديدة لتعديل وتحسين العيوب الجينية الكامنة وراء المرض بدلًا من الاعتماد كليًا على أشكال العلاج القائمة على الأعراض البحتة. وخطوة أخرى من خطوات رحلة التطور تلك فالطب الحيوي أصبح الآن على وشك تحقيق المزيد من التقدم الملحوظ نحو فهم وعلاج الأمراض البشرية نتيجة لتطوير مفاهيم وأدوات تحرير الجينات التي يمكن أن تسمح بتصحيح نهائي للعناصر الوراثية التي تسبب الأمراض الموروثة وربما بعض الأمراض المكتسبة.

هذه الأدوات قد تطورت بالفعل في علم وراثة الخلايا الجسدية من المختبر إلى التطبيق السريري في مرحلة مبكرة في المرضى البشر. وقد وصلت دراسات تحرير الجينات إلى هذه المرحلة السريرية للتطبيقات الرامية إلى الوقاية من الأمراض الوراثية وحتى المعدية ، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”[6] وأشكال سرطان الدم [7] ومرض الخلايا المنجلية [8]، وغيرها.

وقد تم توسيع نطاق هذا التدخل الجيني ليشمل دراسات تحرير الجينوم في الجنين البشري التي تبين أنها معرضة لخطر الإصابة بمرض خطير أو مميت.

يهدف مجال تحسين النسل إلى دراسة قوانين الوراثة من حيث تطبيقها على البشر، بهدف عملي هو استخدام هذه المعرفة لتحسين النوعية البدنية والعقلية للعرق. يعتقد العلماء أنه لا ينبغي أن يولد أي طفل في العالم دون أن تتاح له فرصة عادلة. ولذلك يؤكدون أن أي شخص، رجلا كان أو امرأة، يضطلع بالمسؤولية الخطيرة عن الوالدية، يجب أن يكون بمنأى عن أي مرض أو خلل عقلي أو أي إعاقة أخرى يحتمل أن تنتقل عن طريق الوراثة وبالتالي تعرقل نوعية الأجيال المقبلة. والآن يشارك أغلب الباحثون والناس هذا الرأي؛ بل إن الكثيرين لديهم عدد قليل جدا من الأطفال، لأنهم يرغبون في تقديم أفضل رعاية واهتمام لكل طفل. وبداعي أن بلدنا يحتاج إلى أفضل المواطنين القادرين على النهوض به.

وعلى الرغم من كل تلك الجهود في تحسين النسل، وتحديد الطفرات والإختلالات، إلا أنه ما زال هناك صعوبات تواجه العلماء في التنبؤ بوجود الصفات المرغوبة كالذكاء والمهارات المختلفة.

المصادر

[1]eugenicsarchive

[2]galton

[3]ncbi

[4]eugenicsarchive

[5]eugenicsarchive

[6]nejm

[7]science

[8]clinicaltrials

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


صحة علم

User Avatar

Hagar sa'eed


عدد مقالات الكاتب : 46
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق