Ad

برج بابل

على الرغم من كونها مدمرة إلى إلى حدٍ كبيرٍ اليوم، كانت الزقورة في العصور القديمة تطل على مدينة بابل. تقع الزقورة شمال ضريح إيساكيلا. كان كل من الضريح والزقورة مخصصًا للنمرود. يصف الكاتب اليوناني هيرودوت، الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، برج بابل بأنه “”برجٌ صلبٌ” يبلغ طوله مائتان وعشرون ياردة، ويرتفع برج ثانٍ وثالثٍ منه، حتى بلوغ الثمانية…في البرج الأخير يوجد ضريحٌ رائع، وفيه أريكةٌ رائعةٌ جميلةُ الغطاء، وطاولةٌ ذهبيةٌ قريبة. ولكن لم يتم وضع أي صورةٍ في الضريح، ولا يوجد أي مخلوق بشري هناك ليلًا، باستثناء امرأة واحدة من سكان المنطقة الأصليين، اختارها الإله من بين جميع النساء، كما يقول الكلدانيون، وهم كهنة هذا الإله.” لربما بالغ هيرودوت في تضخيم حجم البرج إلى حدٍ ما مع اعتقاد علماء العصر الحديث أنه يرتفع سبعة مستويات بدلاً من ثمانية مستويات. كما يعتقد هيرودوت أنه مخصص للإله بيل بدلاً من نمرود. ومع ذلك، فإن إعادة بناء الهيكل سيكون إنجازًا مثيرًا للإعجاب.

حدائق بابل المعلقة

لا يعرف العلماء مكان وجود الجنائن المعلقة في بابل، أو حتى إذا كانت موجودة أصلًا، لكن الكتاب القدماء وصفوها بالتفصيل. تعتبر الحدائق المعلقة واحدةً من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. كتب فيلو البيزنطي (حوالي 250 قبل الميلاد) ما يلي:
“الحدائق المعلقة [يطلق عليها لأنها] تحتوي نباتاتٍ مزروعةً على ارتفاعٍ فوق مستوى سطح الأرض، إذ يمكن رؤية جذور الأشجار متضمنة في مدرجاتٍ بدلاً من الأرض. هذه هي تقنية بنائها. يتم دعم الكتلة على الأعمدة الحجرية، بحيث يتم شغل المساحة السفلية بالكامل بواسطة قواعد أعمدة منحوتة…”

وحسب ديودور الصقلي (القرن الأول قبل الميلاد) فإن الحدائق المعلقة بنيت “من قبل ملك سوري لإرضاء إحدى زوجاته؛ لأنها، كما يقولون، كانت فارسية العرق واشتاقت إلى طبيعة بلادها، فطلبت من الملك محاكاة تلك الطبيعة الميزة بلاد فارس من خلال بناء الحديقة.”
لاحظ علماء العصر الحديث أن هيرودوت، الذي عاش في وقت سابق من فيلو، لم يذكر الحدائق المعلقة. ولا توجد أيضًا سجلاتٌ بابليةٌ معروفةٌ تدل على الموقع.

فقدان الاستقلال والخراب

في نهاية المطاف، لم تستمر إمبراطورية نبوخذ نصر الثاني أطول بكثير من إمبراطورية حمورابي. في القرن السادس قبل الميلاد، كانت الإمبراطورية الأخمينية (الفارسية) تتوسع إلى الشرق، وهي مملكة قوية للغاية لدرجة أنها حاولت يومًا ما غزو مناطق في أقصى غرب اليونان. دون الباحثون أنه في 29 أكتوبر 539 قبل الميلاد، سقطت بابل على يد الزعيم الفارسي «كورش الكبير-Cyrus the Great». تم نقل آخر ملوك بابل المستقلة نبو نيد (أو نبو الءيد) إلى إيران ليعيش بقية حياته في المنفى. يدعي كورش أن قواته لم تواجه أي مقاومة عندما احتل بابل، دُوِّنَ هذا في نقش قديم موجود الآن في المتحف البريطاني ويطلق عليه «أسطوانة كورش-Cyrus Cylinder». كما ادعى كورش أنه “ذهب كبشير للسلام إلى بابل”، وأنه “أسس مسكنه السيادي داخل القصر وسط الاحتفال والفرح.”

لم يدم الترحيب الحار بالفرس. في عام 528-526 قبل الميلاد، تعرضت بابل والمنطقة المحيطة بها لمجاعة نتجت عن فساد محاصيل الشعير، أشار الباحثون أن العمال الذين أعادوا بناء سور مدينة بابل في السنوات 528-526 قبل الميلاد شعروا بالسخط. لكن بابل لن تكون مستقلةً مرة أخرى. في الألفيات القادمة، ستقع المدينة تحت سيطرة العديد من الإمبراطوريات المختلفة، بما في ذلك إمبراطورية الإسكندر الأكبر (الذي توفي في بابل في 323 قبل الميلاد) والسلوقيين والفرثيين وحتى الرومان. في النهاية دفنت بابل تحت الرمال، إلى جانب العديد من مدن بلاد ما بين النهرين القديمة.

العصر الحديث

يذكر الصحفي روبرت غالبريث في كتابه “العراق: شاهد عيان على الحرب – يوميات مصور صحفي” أن صدام أعاد بناء معظم المدينة في منتصف إلى أواخر الثمانينيات لإعادة إنشائها كما كانت عليه 600 سنة قبل الميلاد في عهد نبوخذ نصر. بعد وقت قصير من بدء الاحتلال الأمريكي للعراق، تم نهب المدينة القديمة وتم تعيين مجموعة من مشاة البحرية الأمريكية في نهاية المطاف لحراسة الموقع. كما كتب غالبريث أن صدام حسين بنى قصرًا في بابل “يلوح في الأفق على المدينة” ولكنه “في مكان غير ملفت للنظر”. إنها قلعة جميلة من الحجر الرملي المنحوت بشكلٍ جميل، وتبدو كأنها قصرٌ عربي.

تم تحويل بابل إلى قاعدةٍ عسكريةٍ أمريكية. في حين أن هذا كان محاولة لردع بعض عمليات النهب، فقد ألحق الضرر بالمدينة القديمة وترك بقايا أكثر حداثة في الموقع. بعد مغادرة القوات الأمريكية، تم القيام ببعض أعمال التنظيف وإعادة فتح المدينة القديمة للسياح. في عام 2010، أعلنت الحكومة الأمريكية أنها ستنفق مليوني دولار للحفاظ على بوابة عشتار في بابل.

كانت المياه الجوفية مشكلةً في بابل واقتُرِحَ استخدام السدود الجوفية لخفض المياه الجوفية والسيطرة عليها في الموقع في عام 2015 من قبل فريق من العلماء من جامعة بابل في العراق. أخفقت قوات داعش في الوصول إلى بابل خلال هجومها عام 2014، وعلى هذا النحو، نجت المدينة من الدمار الذي لحق بالمواقع القديمة الأخرى التي احتلتها الجماعة الإرهابية.

المصادر:
National Geographic
Live Science
The Guardian

إقرأ أيضًا: بابل: جوهرة العالم القديم الجزء الثاني

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


سلاسل فكر تاريخ

User Avatar

Hiba Ali

هِبَة هيَ طالبةٌ في المرحلةِ السادسة مِنْ كُليةِ الطِب. تَقضيْ وقتَها في تحريرِ مواقعِ ويكي، الرَّسم، وأحيانًا قراءةَ أدبِ الأطفال. تَعملُ لدى الأكاديمية بوست كمُترجمة، وتنصب أغلبُ ترجمَتها على المواضيعِ الطبية، وأحيانًا التِقَنية.


عدد مقالات الكاتب : 59
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق