فنون

المدرسة الوحشية: سلسلة الفن الحديث

هذه المقالة هي الجزء 2 من 11 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن الحديث

تعتبر المدرسة الوحشية أول حركة فنية في القرن العشرين في الفن الحديث، وهو الاسم المطلق على الأعمال التي أنتجتها مجموعة من الفنانين من حوالي 1905 إلى 1910، والتي تميزت بشدة بألوانها قوية والفرشاة الشرسة.

وقد استلهم الوحشيون أعمالهم في البداية من فناني ما بعد التأثيرية كـ فان جوخ وبول غوغان وجورج سورا وبول سيزان. وتكونت المدرسة الوحشية من مجموعة من الرسامين الفرنسيين ذوي المصالح المشتركة، والذين اهتموا بالفنون المتحررة (كالبدائية والفطرية وفنون الأطفال).

أُطلق عليهم هذا الإسم عندما صاغه الناقد (لويس فوكسيل) حينما رأى أعمال (هنري ماتيس-Henri Matisse) و(أندريه ديران-André Derain) في صالون (ديوتومني) في باريس عام 1905 وانذعر من الألوان الصارخة التي تغطي الجدران حول تمثال لطفل من البرونز المستمد من عصر النهضة وصاح قائلًا “دوناتللو بين الوحوش!”. وقد ألهمت الوحشية بشكل كبير المدارس اللاحقة كالتكعيبية والتعبيرية والتجريدية وغيرهم.

The Dessert: Harmony in Red, 1906, By: Henri Matisse

صفات المدرسة الوحشية

  • كان من أهم سمات المدرسة الوحشية الرئيسية هو فصل اللون عن العنصر والسماح له بالوجود على اللوحة كعنصر مستقل. فيمكن للون أن يعبر عن مزاجٍ ويؤسس هيكلًا داخل العمل الفني دون أن يكون حقيقيًا كما في العالم الواقعي.
  • يعتبر التوازن الكلي للتكوين من أهم مميزات المدرسة الوحشية، بالإضافة للأشكال المبسطة والألوان البراقة، مما أعطى انطباعًا بصريًا فوريًا للعمل بالقوة والوحدة.
  • استخدام ألوان جريئة وغير طبيعية (غالبًا ما يتم تطبيقها على اللوحة مباشرة من أنابيب الألوان) وتبسيط أشكال الموضوعات أيضًا مما يجعل أعمالهم تبدو مجردة تمامًا.
  • تشارك فنانو المدرسة الوحشية في تحديد الألوان والأشكال بخطوط واضحة كوسيلة للتواصل مع الحالة العاطفية للفنان.
  • كان أهم شيء قامت الوحشية بتقديره هو التعبير الفرد، فقد كانت رؤية الفنان المباشرة في موضوعاته واستجابته العاطفية للطبيعة وحدسه أكثر أهمية من النظرية الأكاديمية أو الموضوعات الكبيرة كالأسطورية والدينية.
Landscape near Chatou, 1904, By: André Derain

هنري ماتيس

يعتبر ماتيس من أهم فناني الوحشية ورائدًا لها. ولد لعائلة من النساجين وتأثر وهو طفل بالألوان والأنماط الزاهية للمنسوجات المحلية. وقد تم إيقاظ إحساسه الفني باللون (أساس الوحشية) حينما أعطته والدته الألوان ليرسم عندما عاد المنزل ليتعافى بعد إجراءه للزائدة الدودية. وقد قال ماتيس عن ذلك في وقت لاحق: “منذ اللحظة التي أمسكت فيها بالألوان بين يدي، علمت أن هذه هي حياتي. فقد ألقيت نفسي بها كوحش يغوص نحو ما يحبه.”

وقد تم وصف طريقته خلال مساره المهني طويل بـ “البناء بالأسطح الملونة”. وظل على هذا المسار خلال المراحل المختلفة من أعماله، بدءًا من لوحاته المُلخصة والدقيقة حتى الديكور الداخلي المضاء بنور الشمس وصولًا إلى القصاصات المبتكرة في آخر حياته. وقد أدى العديد من أفضل أعماله عندما طور أسلوبًا صارمًا أكد فيه على الأشكال المسطحة والنمط الزخرفي.

Die Laute, 1942, By: Henri Matisse

وعلى الرغم من أن معظم أعماله – سواء كان الرسم بالخط السريع أو لوحاته ذات المساحات المسطحة– يبدو كأنه تم تنفيذها بسهولة تامة، فقد نبه ماتيس أن هذا التأثير مجرد “بساطة ظاهرية”. فقد عمل في الواقع بجِد لتحقيق فن التوازن والنقاء الذي طالما حلم به.

ويُنظر إلى ماتيس بشكل عام إلى جانب (بابلو بيكاسو) كواحدٍ من الفنانين الذين ساعدوا في تحديد التطورات الثورية في الفنون البصرية طوال العقود الأولى من القرن العشرين، ومن المسؤولين عن التطورات المهمة في الرسم والنحت.

Related Post
Still Life With Aubergines
The Pink Studio

بعض الأعمال لأهم فناني الوحشية

أندريه ديران

Portrait of a Man With a Newspaper, 1913
Figures from a Carnival

موريس دي فلامنك

The River Seine at Chatou, 1906, By
Portrait of Derain, 1905

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

Tate
Tate
TheArtStory
MOMA
Guggenheim

Author: Dina elkhateib

دينا الخطيب، طالبة بكلية الفنون الجميلة، 20 عامًا. مصرية الجنسية. الاهتمامات: القراءة - الرسم - الكتابة - اللغات - التاريخ

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 1]
Dina elkhateib

دينا الخطيب، طالبة بكلية الفنون الجميلة، 20 عامًا. مصرية الجنسية. الاهتمامات: القراءة - الرسم - الكتابة - اللغات - التاريخ

View Comments

Share
Published by
Dina elkhateib

Recent Posts

إنجاز عربي عالمي: الأردني-الأمريكي عمر ياغي يفوز بنوبل الكيمياء 2025

عمر ياغي ونوبل الكيمياء.. من تحديات شُحّ المياه إلى ثورة الأطر المعدنية العضوية (MOFs) الحلم…

أسبوع واحد ago

ثورة في عالم الاتصالات الكمومية: كيف تمكن عالم مصري من “ترويض” مبدأ عدم اليقين وتصويره في الزمن الحقيقي؟

ضوء كمومي مضغوط فائق السرعة: اختراق علمي يفتح آفاقاً جديدة للاتصالات المشفرة بسرعات "البيتاهرتز" على…

أسبوع واحد ago

نفق كمومي في يدك: نوبل الفيزياء 2025 تفتح آفاق الحوسبة الكمومية

مُنحت جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2025 (Nobel Prize in Physics 2025) لثلاثة من أبرز…

أسبوع واحد ago

مملكة دلمون: حضارة البحرين القديمة ومحطة التجارة الكبرى في الشرق الأدنى

تُعد مملكة دلمون واحدة من أقدم الممالك الحضارية في تاريخ الشرق الأدنى القديم، والتي ازدهرت…

أسبوع واحد ago

جائزة نوبل 2025 في الطب تكرم رواد “التسامح المناعي المحيطي”

الفرامل الخفية لـ "جيش المناعة": اكتشاف الخلايا التائية التنظيمية يفتح آفاق علاج أمراض المناعة الذاتية…

أسبوع واحد ago

“الساقية” الذكية: كيف تحولت عجلة الري المصرية القديمة إلى مصنع للطاقة النظيفة؟

السواقي المنسية: مصر تُحيي تراث الألفي عام لتوليد الكهرباء النظيفة.. طاقة المستقبل بين جنبات الماضي…

3 أسابيع ago