ما بعد التأثيرية: سلسلة الفن الحديث

| 7308 | 8 دقيقة

ضمن الأكثر مشاهدة

Ad
هذه المقالة هي الجزء 1 من 11 في سلسلة مقدمة في تاريخ الفن الحديث

في تسعينيات القرن الـ19، وبعدما سيطرت المدرسة التأثيرية على الفن في فرنسا، ظهرت عدة تيارات متطورة منها والتي أدت في النهاية إلى بداية عالم الفن الحديث. فقد أدى ذلك إلى ظهور تيارين فنيين، وهما: 

  • التأثيرية الحديثة
  • ما بعد التأثيرية

التأثيرية الحديثة

اعتمد فنانو ذلك التيار على علم البصريات واللون لصياغة تقنية جديدة للرسم متجنبين عفوية التأثيريين. فقد تبنى العديد من الفنانين في السنوات التالية تقنية من أهم تقنيات ذلك التيار والمسماة “بالتنقيطية”، وهي عبارة عن تطبيق نقاط صغيرة من اللون بجانب بعضها، بغرض رؤية المشاهد لها عندما يبتعد ألوانًا ممزوجة متناسقة.

فبالاعتماد على قدرة المشاهد على مزج نقاط الألوان ببصره على اللوحة، سعوا لخلق لوحات أكثر إشراقًا تصور الحياة العصرية بالإضافة لخلق سطح لامع ومضيء من خلال وضع الألوان المتناقضة بشكل مبتكر، مما أدى إلى المزيد من الاستكشافات للألوان والوصول للفن التجريدي في نهاية المطاف.

Place des Lices, 1893, By: Paul Signac, Location: Carnegie museum of art

ومن أهم فناني ذلك التيار:

  • بول سينياك – Paul Signac
  • جورج سورا – George Saurat
Le Cirque, 1891, By: George Seurat.

ما بعد التأثيرية

ما هي ما بعد التأثيرية؟

شعر العديد من الفنانين بأن هناك خطأً في تركيز التأثيريين على الأسلوب (التركيز على تأثيرات الضوء) بدلاً من الموضوع، مما أدى إلى ظهور تيار ما بعد التأثيرية. وهي حركة فنية تتميز بالرؤية الشخصية للفنان، حيث اختار الفنانون إثارة العواطف في أعمالهم وإظهار تصوراتهم الشخصية عن العالم، وقد اختلفت أساليب كل منهم لكن اشتركت لوحاتهم في بعض الصفات، مما أدى إلى جمعها تحت هذا الاسم.

وقد تشكلت هذه المجموعة من عمالقة الفن المعروفين اليوم: بول سيزان وجوجان وفان جوخ ولوتريك وهنري روسو وغيرهم.

ويعتقد فنانو ما بعد التأثيرية أن جمال الفن متأصل في الإدراك وليس في نقل الموضوع. ويشرح الناقد الفني والمؤرخ (روجر فراي-Roger Fry) في مقال عن علم الجمال قائلًا: 

“إن الفن ليس نسخة مطابقة للحياة الواقعية، بل هو تعبير ومحفز للحياة الخيالية”. 

The Dream, 1910, Henri Rousseau

خصائص ما بعد التأثيرية

العاطفة: كما أوضح (فراي)، يعتقد ما بعد التأثيريين أن العمل الفني لا يجب أن يدور حول الأسلوب، بل أن يركز على الرمزية وتوصيل الرسائل من العقل الباطن. فبدلاً من استخدام الموضوع كوسيلة بصرية يتم رؤيته ونقله على اللوحة، رأوا أنه وسيلة لنقل المشاعر. فبحسب بول سيزان: “إن العمل الفني الذي لم يبدأ بالعاطفة ليس عملاً فنياً”.

الألوان: استخدم ما بعد التأثيريين ألوانًا متكلفة ومصطنعة عمدًا كوسيلة لإظهار تصوراتهم الشخصية عن العالم. فقد ظهرت الأشكال في معظم لوحاتهم بشكلٍ متعدد الألوان، مما أثبت نهجهم المبتكر والخيالي في تصوير الأشياء.

ضربات الفرشاة: تتميز معظم لوحات ما بعد التأثيرية بضربات فرشاة واسعة وحادة يمكن تمييزها. فبالإضافة إلى إضفاء الملمس والشعور بالعمق في العمل الفني، فهي تشير أيضًا إلى الصفة الخيالية للوحة، مما يوضح عمدهم بعدم تمثيل الموضوع بشكل واقعي.

Where Do We Come From? What Are We? Where Are We Going? 1897, By: Paul Gauguin

فناني ما بعد التأثيرية وأهم أعمالهم

بول سيزان 

أو كما يلقب ب (أبو الفن الحديث)، هو من أهم وأعظم عمالقة الفن وأكثرهم تأثيرًا في الفن الحديث. وقد صُنفت أعماله بشكل عام بأنها (ما بعد التأثيرية)، لكن طريقته الفريدة وأسلوبه التحليلي أثروا في بناء الشكل مع اللون على المدرسة التكعيبية والوحشية اللاحقتين، وغيرهم من الأجيال اللاحقة من الفنانين.

ومن أكثر ما ميّز سيزان هي لوحات الطبيعة الصامتة التي رسمها. فقد بدأ في خلق أبعاد لعناصره وعالج مشاكل الشكل واللون من خلال الدرجات اللونية المتدرجة والمتنوعة بدقة. وقام أيضًا برفض التباين العالي بين الظل والنور وقام بتجاهل قوانين المنظور التقليدية، ونتيجة لذلك، فجّر سيزان ثورة في عالم الفن الحديث. ولم ينطبق ذلك فقط على الطبيعة الصامتة، ولكن على المناظر الطبيعية أيضًا. فقد أجرى عددًا كبيرًا من لوحات المناظر الطبيعية  والتي ألهمت العديد من التكعيبيين.

Bouilloire et fruits, 1890, By: Paul Cezanne

فينسينت فان جوخ

يعتبر واحدًا من أعظم فناني ما بعد التأثيرية والمؤسس الرئيسي لها مع سيزان، فألوانه المدهشة وضربات فرشاته المؤكدة والأشكال المحددة بقوة في أعماله توضح ذلك. لكن التأكيد على العواطف الشخصية أدت إلى وصف بعض أعماله بالتعبيرية. ويعد من أكثر الفنانين إنتاجًا في تاريخ الفن للوحات الطبيعة الصامتة والحقول والزهور.

تأثر فان جوخ بكل كبير بالواقعيين (خاصة ميليت) طوال حياته. وعندما انتقل إلى باريس تأثر بكلًا من التأثيريين والتأثيرية الحديثة وطوّر أسلوبه. وحينما انتقل إلى “آرل” بجنوب فرنسا، وبفضل الجو المشمس فيها  وألوانها الربيعية النابضة بالحياة، أنتج بها العديد من اللوحات للبساتين والحقول، ذلك بالإضافة لتأثره بالمطبوعات اليابانية.

بول جوجان

مصوّر ونحات فرنسي سعى لتحقيق تعبير “بدائي” عن الحالات الروحية والعاطفية في أعماله. وقد عرف بمنفاه الذي فرضه على نفسه في “تاهيتي”. وقد كان شريكًا لفان جوخ في السكن لفترة، لكن حدثت بينهما العديد من المشاكل والتي أدت إلى انتقال جوجان من عنده. وقد قيل أن السبب هو محاولة قتله لجوجان في إحدى انهياراته العصبية.

تأثر جوجان بكل من المدرستين الرومانسية والواقعية، ودرس على يد الفنان التأثيري “كاميل بيسارو”. وعرض في المعرض الخامس للتأثيريين، لكن بعد ابتعاده عن التأثيرية تأثرت رؤيته الفنية بهوية غريبة، مشيرة إلى أصوله من دولة “بيرو” كشكل من “البدائية”. وقد استمرت أبحاثه عن العودة إلى الفن البدائي وحث على الاعتماد على الشعور أكثر من الملاحظة المباشرة كالتأثيريين. وقد اكتشف قدرة تلك الوسائل التصويرية على إحداث شعور معين في المشاهد.

لوتريك

هنري دي تولوز لوتريك، وهو فنان الفرنسي قام بتوثيق جوانب الحياة الليلية الفرنسية. فقد أبهرته المقاهي والملاهي والفنانين في بلدة “مونامارتر” والحياة البوهيمية بها، وركز اهتمامه على تصوير الفنانين المشهورين والمهرجين. وقد أدى استخدامه للخط الحر إلى التعبير عن التدفق والحركة، وكان التبسيط الشديد بالخطوط العريضة واستخدام المساحات اللونية الكبيرة من أهم مميزات أعماله.

وقد اعتبرت الملصقات (Posters) التي رسمها من أقوى أعماله، بالإضافة للرسوم التوضيحية للأغاني والتسويق للكباريهات. وقد سعى تولوز لوتريك إلى التقاط تأثير حركة الجسم البشري من خلال شكله الأصلي البسيط، ولم تعد خطوطه مرتبطة بما هو صحيح تشريحيا مع التغافل عن المنظور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

The Art Story
Britannica
Britannica
MetMuseum
MetMuseum
MyModernMet

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


نحت فنون رسم

User Avatar

Dina elkhateib

دينا الخطيب، طالبة بكلية الفنون الجميلة، 20 عامًا. مصرية الجنسية. الاهتمامات: القراءة - الرسم - الكتابة - اللغات - التاريخ


عدد مقالات الكاتب : 33
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق