Ad

كانت إحدى أكثر اللحظات وحشيةً وإبهارًا في تاريخ الدراما التلفيزيونية هي ذروة الموسم الثالث من مسلسل صراع العروش Game of Thrones، وهي حلقة حفل الزفاف الأحمر الرهيب بعنوان “Rains of Castamere” قبل نهاية الموسم. ولم يكن المذهل فيها التحول الجذري في الأحداث ولا نحر شخصيات رئيسية بالجملة فحسب، بل حقيقة أنّ أحداثًا مشابهة قد حدثت بالفعل. وهذا ما سنتعرف عليه في مقالنا هذا، القصة الحقيقية وراء الزفاف الأحمر!

ما هو الزفاف الأحمر؟

هو مذبحة وقعت خلال حرب الملوك الخمسة في مسلسل صراع العروش. نظمها اللورد والدير فراي مع اللانيسترز انتقامًا من روب ستارك، ملك الشمال ووريث نيد ستارك، لخرقه عقد الزواج بين عائلة ستارك وعائلة فراي.

بعد أن تخلى عن روب ستارك نصف جيشه لجأ إلى والدير فراي، الذي كان قد سحب دعمه لقضية الشمال عندما نكث روب بوعده بالزواج من إحدى بناته. وكتعويض عن انتهاك الاتفاقية، طلب اللورد فراي أن يتزوج إدمور تولي خال روب إحدى بناته. ويقام حفل الزفاف في قلعة اللورد فراي، ويحضر الزفاف عدد من لوردات الشمال.

يصيب روب شعور زائف بالثقة باللورد فراي، الذي يتعهد بضمان سلامة ضيوفه وفقًا لحق الضيف. ورغم دراية روب ووالدته بطبيعة مضيفهما، إلّا أنهما لم يتخيلا أنّ هذا الرجل الحقير سيكسر مثل ذلك الميثاق المقدس. لكن حدثت الخيانة بعد المراسم الرسمية، حيث ابتعد إدمور وعروسه بسلام في جزء آخر من القلعة لإتمام زواجهما. بينما أغلق بلاك والدر باب القاعة الكبرى على الحضور.

في تلك الأثناء، تمركز روس بولتون ورجاله حول القاعة، مسلحين ومدرعين سراً. وبحذر شديد، جلسوا جميعًا خلف منبر آل ستارك وامتنعوا عن تناول أي كحول، وذلك للحفاظ على توازنهم. ورغم احساس والدة روب بالخطر إلّا أنّه كان متأخرًا. فقد أعطى اللورد فراي إشارة بدء المذبحة التي قتل فيها روب وجيشه ومؤيدوه بالكامل. [1]

الليدي كاتلين تذبح في العرس الأحمر

لكن اقتبس الكاتب هذا الحدث من حدثين اسكتلنديين تاريخيين، وهما العشاء الأسود، ومذبحة غلينكو من عام 1691. [2] فلم تكن حرب الوردتين والخريطة البريطانية هما عاملا الجذب الوحيدين في التاريخ لآر مارتن، كاتب رواية أغنية الجليد والنار التي اقتبس منها مسلسل صراع العروش.

الحدث الأول: العشاء الأسود

كان الملك جيمس الثاني ملك اسكتلندا (1430 – 1460 م) من سلالة ستيوارت هو ابن الملك جيمس الأول وجوان بوفورت. خلف والده في السادسة من عمره بعد اغتيال الملك جيمس الأول عام 1437 م في نفق للصرف الصحي. وبسبب سنه الصغير، منحت الوصاية على الملك الصبي إلى أرشيبالد دوغلاس. ترأس أرشيبالد الحكومة الاسكتلندية بصفته حاميًا للمملكة خلال فترة حكم جيمس حتى عام 1439 م.[3]

في 24 نوفمبر 1440، كان ملك اسكتلندا جيمس الثاني يقاتل عشيرة بلاك دوغلاس، لكنه في النهاية مد يده لصنع السلام. ودُعى دوغلاس الشاب إلى قلعة إدنبرة وأقيمت له وليمة رائعة. وأثناء وجوده هناك، قبض عليه رجال كريشتون واتهموه ومن معه بالخيانة، وتم إعدامهم بإجراءات سريعة. وتشير المصادر إلى أن زوجات دوغلاس قد تم التخلص منهن على حين غرّة وبلا تهم واضحة. ومع ذلك، قام المؤرخون اللاحقون بتزيين هذه الرواية المجردة بشكل كبير، مدعين أن الإخوة كانوا يتناولون الطعام في حضور جيمس الثاني نفسه عندما وضع كريشتون رأس ثور (رمز لإعدام الخونة) على الطاولة. ثم تم جرهم إلى محاكمة صورية قبل قطع رأسهم على تل القلعة. [4]

الملك جيمس الثاني، ملك اسكتلندا

مذبحة غلينكو

حدثت مذبحة غلينكو، (13 فبراير 1692) في اسكتلندا أيضًا. وهي مذبحة قُتل خلالها أكثر من 30 شخص من أعضاء عشيرة جلينكو ماكدونالدز على يد قوات الحكومة الاسكتلندية، بحجة عدم ولائهم للملوك الجدد، ويليام الثاني وويليام الثالث وماري الثانية.

صعد تيار يدعى بتيار اليعاقبة في عام 1689 في اسكتلندا، لكنه لم يعد يمثل تهديدًا خطيرًا حتى مايو 1690. استمرت الاضطرابات في المرتفعات النائية التي استهلكت فيها الموارد خلال حرب التسع سنوات. وفي أواخر عام 1690، وافقت الحكومة الاسكتلندية على دفع 12000 جنيه إسترليني لعشائر اليعاقبة مقابل قسم الولاء. لكن احتدم النزاع بين رؤساء العشائر حول تقسيم الأموال، ولم يصلوا لتوافق بينهم. ونتيجة احتدام الصراع بين العشائر، قرر الملك معاقبة عشيرة المكدونالدز وذبحهم بطريقة وحشية، أخافت أعداءه ورسخت حكمه. [5]

رسم متخيل لضحية من ضحايا مجزرة غلينكو

محمد علي يذبح المماليك

كان محمد علي المقدوني الأصل والد مصر الحديثة. ذهب إلى مصر عام 1801 كقائد ثانٍ للوحدة الألبانية للجيش العثماني لاستعادة السيطرة على البلاد بعد الاحتلال الفرنسي. وسرعان ما قُتل قائده وخلِفه محمد علي. وبمزيج قوي من الدهاء والقسوة والسحر، شق طريقه سريعًا حتى عام 1805 حيث عيِّن والي العثمانيين على البلاد.

شقّ محمد علي طريقه بتشكيل تحالفات مع مجموعة من المعارضين المحتملين ضد الآخرين والقضاء على مجموعة تلو الأخرى. كان لديه عقبة رئيسية في المماليك.

بحلول عام 1811 كان محمد علي قوياً بما يكفي للتعامل مع المماليك. قام بتنظيم موكب احتفالي كبير في القاهرة دعا إليه حوالي 500 من أعيان المماليك.

وفجأة أغلقت البوابات في كل طرف وظهر جنود الوالي فوق الجدران وفتحوا نيران البنادق عليهم. وقُتل جميع المماليك أو ربما جميعهم باستثناء واحد. وسرعان ما تم مطاردة وقتل المزيد من المماليك في القاهرة وأماكن أخرى في مصر، ليصل العدد القتلى الإجمالي إلى 3000.[6]

محمد علي

يذهلنا التاريخ دائمًا بدمويته ويجعلنا شاخصي الأعين أمام مقدار العنف الذي يسيّره. لم يظهر الكاتب الهمجية في حكايته عن قبائل الدوثراكي وحدها، ولا حجم الخداع في معركة خليج بلاك ووتر فحسب. بل وصل إلى ذروة الأمرين في حلقة الزفاف الأحمر مبينًا جانبًا قبيحًا لا يؤتمن في خبايا النفس البشرية.

المصادر:

1- Red Wedding | Game of Thrones Wiki | Fandom
2- BBC Radio 4 – Radio 4 in Four – The real historical events that inspired Game of
3- BBC Radio 4 – Radio 4 in Four – The real historical events that inspired Game of Thrones
4- The Black Dinner – An event that inspired the “Red Wedding” in Game of Thrones – HeritageDaily – Archaeology News
5- Scottish History at a Glance: The ‘Black Dinner’ of 1440 (dundeescottishculture.org

6- https://www.historytoday.com/archive/mamelukes-are-massacred-egypt?fbclid=IwAR2_RA-bwJzlAcF8mbUuZzKhnGtC_4fVCSDoz8q9qnLs3nY_qnW9DyrtVVk

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


سياسة تاريخ فنون سينما ومسرح

User Avatar

Zeinab Afifeh

مترجمة وكاتبة محتوى علمي.


عدد مقالات الكاتب : 24
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق