Ad

ألهمت الجغرافية البريطانية الكاتب الأمريكي جورج آر آر مارتن في كتابة روايته أغنية الجليد والنار، التي اقتُبس منها مسلسل صراع العروش. لم يكن صراع العائلات البريطانية على الحكم كما ذكرنا في مقال سابق عنصر التشابه الوحيد، فقد ظهرت جليّا عناصر إضافية تُظهر تأثير الجغرافية البريطانية أيضًا في المسلسل. نذكر خريطة ويستروس على سبيل المثال، وهي القارة التي حدثت فيها أحداث المسلسل الشهير، ويقع الجدار العظيم فيهاأيضًا. وسنتعرف أكثر على هذا التشابه في مقالنا هذا:

الخريطة:

تستند خريطة الممالك السبع أو ويستروس في الرواية والمسلسل على خريطة الجزر البريطانية. فما عليك سوى تحريك أيرلندا أسفل إنجلترا وتوسيعها، ثم القيام بعكس صورة الجزيرة الرئيسية.[1] لتتجلّى أمامك ويستروس ومدنها، كما في الخريطة أدناه.

التشابه بين قارة ويستروس والجزيرة البريطانية وموقع جدار هاردين.

وقد كشف كاتب رواية أغنية الجليد والنار جورج آر آر مارتن عن نقاط التشابه بين جغرافية المملكة البريطانية والممالك السبعة. حيث أعاد رسم مقاطعة كري الإيرلندية بشكل مثالي. وقد وضّح أنّ بلدة دينغل الواقعة في تلك المقاطعة هي بحد ذاتها بلدة فنغرز (وهي البلدة التي تنتمي إليها شخصية ليتل فينغر في المسلسل)، وتقع في وادي آيرين في خريطة ويستروس.

كما أنّ موقع “كينغز لاندينغ” العاصمة الرئيسية في الرواية والمسلسل هي في مكان مقاطعة “غالواي” في إيرلندا. وخليج “دونيجال” هو بحر “دورن”. بينما عاصمة إيرلندا الشمالية “بلفاست” هي مدينة “أولد تاون”في المسلسل. وبالنسبة لمدينة “دبلن” فهي “كاسترلي روك”مقر عائلة اللانسترز. [2]

خريطة ويستروس كما ظهرت في المسلسل

تظهر أوجه تشابه مثيرة أخرى تظهِر تأثير الجغرافية البريطانية على صنّاع مسلسل صراع العروش، إذ إن هناك جدارًا حقيقيا عملاقًا بنِي في الجزيرة البريطانية لإبعاد الغزاة الشماليين.

الجدار:

يتجلى الجدار في الرواية كحاجز هائل من الجليد، يمتد غالبه عبر الحدود الشمالية للممالك السبع، ويفصلها عن الأراضي البرية وراءه. ويبلغ ارتفاعه مائة قدم؛ أي (ثلاثمائة ميل) في أغلبه. بينما يصل ارتفاعه لأكثر من سبعمائة قدم عند أعلى نقطة له.[3]

وقد صرّح الكاتب جورج آر آر مارتن أن تاريخ الإمبراطورية الرومانية كان أحد مصادر إلهامه. في الواقع، كان جدار هارديان الذي يبلغ طوله 117 كيلومترًا والذي بناه الإمبراطور هادريان في شمال إنجلترا في السنوات 120 بعد الميلاد هو ما منحه فكرة الجدار الموجود في المسلسل.[4]

الجدار العظيم كما صوّر في مسلسل صراع العروش

وكما كان الهدف من الجدار في الرواية حماية الحضارة المتمدنة من الهمجيين خلف الجدار. بنِي جدار هارديان لحماية الحدود الشمالية الغربية للإمبراطورية الرومانية من هجمات القبائل الغازية.

يعتبر جدار هادريان من بقايا التحصينات الحجرية التي بنتها الإمبراطورية الرومانية بعد غزوها لبريطانيا في القرن الثاني بعد الميلاد. وقد امتد هيكله الأصلي لأكثر من 70 ميلًا عبر الريف الإنجليزي الشمالي من نهر تاين بالقرب من مدينة نيوكاسل وبحر الشمال، وغربًا إلى البحر الأيرلندي. وتضمن جدار هادريان عددًا من الحصون بالإضافة إلى خندق مصمم للحماية من القوات الغازية. وما تزال بقايا الجدار الحجري مرئية في العديد من الأماكن.[5]

لماذا بنى الرومان جدار هارديان؟

حاول الرومان غزو الجزيرة البريطانية في عام 55 قبل الميلاد، في فترة حكم الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر، إلّا أنّ مناورتهم العسكرية فشلت في السيطرة عليها.

الأمر الذي لم يثن عزيمة الرومان عن احتلال هذه الجزيرة، إذ تمكنوا من ضمها لإمبراطوريتهم في عام 79م، في فترة حكم الإمبراطور أولوس بلوتيوس. ومع ذلك، كانوا ما يزالون يواجهون مقاومة شرسة من المحاربين السلتيك في ما يعرف الآن بشمال إنجلترا.

واظب الرومان على محاولة ضم اسكتلندا أيضًا لأراضيهم. غير أنهم واجهوا مقاومة شرسة من محاربيها الكاليدونيين. حتى تمكنوا أخيرا تحت قيادة يوليوس أجريكولا، من هزيمة الكاليدونيين. مما أسفر عن سقوط  حوالي 30.000 منهم في عام 81 م، آنذاك تمكنت الإمبراطورية الرومانية من السيطرة على جزء على الأقل من اسكتلندا.

ومع ذلك، هرب سكان كاليدونيا الذين نجوا من هجوم أجريكولا إلى التلال، وظلوا معارضين عنيدين للرومان.

بقايا جدار هارديان

على مدى العقود التالية، استمر سكان كاليدونيا في إزعاج الرومان، وشنوا هجمات عديدة عليهم في المنطقة الشمالية للإمبراطورية.

وفي عهد الإمبراطور هادريان بعد توليه سنة 117م، تحول هدف الرومان من توسيع أراضيهم. إلى حمايتها من هجمات سكان كاليدونيا وغيرهم.

لذا شرع حكام بريطانيا الرومان، بأوامر من هارديان في بناء الجدار الذي سمي لاحقًا على اسم الإمبراطور . وذلك للدفاع عن الجزء البريطاني الذي يسيطرون عليه من الهجمات. إذ رغبوا في “فصل الرومان عن البرابرة” في الشمال على حد تعبير هارديان.

كما يعتقد العلماء أيضًا أن الجدار ربما كان بمثابة وسيلة لتقييد الهجرة والتهريب من وإلى الأراضي الرومانية.[5]

لطالما ألهمت الوقائع والأماكن الحقيقية الفنانين وصنّاع الترفيه قديمًا وحديثًا. وهو أمرٌ جليٌ في مسلسل صراع العروش. رغم لا محدودية مخيلة الإنسان إلا إن تقاطع الخيال مع الواقع أحيانا كما في رواية الجليد والنار يعزز جمال الرواية وروعتها، ولا ينفي الإبداع عنها.

المصادر:

1- brilliantmaps

2- irishcentral

3- awoiaf

4- theconversation

5- history

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فنون سينما ومسرح جغرافيا تاريخ

User Avatar

Zeinab Afifeh

مترجمة وكاتبة محتوى علمي.


عدد مقالات الكاتب : 24
الملف الشخصي للكاتب :

شارك في الإعداد :
تدقيق لغوي : Chaimaebellahsaouia

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق