تنتمي لغات العالم إلى عائلات لغوية (language families). والعائلة اللغوية هي مجموعة من اللغات المرتبطة ببعضها، والتي تطورت عن أصل مشترك (protolanguage) أو لغة سلف مشتركة (ancestral language). في أغلب الأحيان، لا تكون اللغة السلف معروفة بشكل مباشر، ولكن من الممكن اكتشاف بعضٍ من خصائصها عبر تطبيق دراسة منهجية مقاربة للغات المتفرعة عنها. فاللغة الأصلية أو السلف هي لغة كانت موجودة في فترة ما في التاريخ، ونشأت عنها مجموعة من اللغات الأخرى مع مرور الوقت [1].
محتويات المقال :
ما هي اللغة؟ وكيف نجد العائلات اللغوية؟
لنقف أولاً عند تعريف اللغة. وفق قاموس«Merriam Webster» تُعرّف اللغة على أنها نظام الكلمات أو الإشارات التي يستخدمها الناس للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم والتواصل مع غيرهم [2]. ومعظم اللغات التي نعرفها حالياً هي نسخٌ مطورةٌ من لغات أقدم منها. لكن عند وصفها بالمطورة، لا نقصد أنها أفضل من أسلافها، بل المعنى هنا أنه طرأ عليها تعديلاتٌ وتغييراتٌ نتيجة التأثر ببعضها عبر الانتقال إلى مناطق جغرافية أخرى.
عادة ما يدرس علم اللغويات التاريخي ارتباط اللغات ببعضها. وكما ذكرنا، عبر تطبيق دراسة منهجية مقاربة، يسعى اللغويون إلى إعادة صياغة اللغة الأصل لمجموعة اللغات المرتبطة. تعتمد هذه الطريقة على دراسة الكلمات الأقل عرضة للتغير في اللغات، ومنها الضمائر، والكلمات التي تدل على القرابة العائلية، والكلمات التي تدل على أسماء أعضاء الجسم. وقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في الكشف عن روابط بين لغات مختلفة، وبالتالي تتبع الأصل المشترك لها. ولكن من المهم أيضاً الانتباه إلى أن بعض التشابهات قد لا تكون نتيجة الاشتراك بالأصل. إذ من الوارد أن تستعير لغةٌ ما كلماتٍ من لغة أخرى حتى وإن لم تكونا من نفس السلف. وأحياناً يكون التشابه بمحض الصدفة لا غير [3].
تصنيف العائلات اللغوية
لا يخلو تقسيم العائلات اللغوية من الجدل حول آلية التصنيف وجمع لغات مع بعضها دون غيرها. إذ يرى البعض أنه من الأفضل تجميع عدد كبير من اللغات ضمن عدد قليل من العائلات. في حين يفضل آخرون التقسيم إلى عائلات أكثر وفق أسس أقوى تجمع اللغات ضمن العائلة الواحدة. بسبب هذا الاختلاف، ومع قلة عدد الأبحاث في دراسة لغات معينة، لا يوجد عدد ثابت ومتفق عليه للعائلات اللغوية. توجد عائلات لغوية لا تضم سوى لغة واحدة. في حين أنه من غير الممكن وضع لغات معينة مع غيرها، وعليه تصنف على أنها لغات معزولة لا تشبه غيرها [3].
تقسيم العائلات اللغوية
إذاً، فاللغات كالبشر، ترتبط ببعضها وتنقسم إلى عائلات، وتتشارك كل عائلة ببعض الصفات والخصائص. حسب موقع إثنولوج (Ethnologue)، توجد حوالي 142 عائلة لغوية مختلفة. والعائلات الستة الأساسية حسب تصنيف الموقع ذاته هي عائلة اللغات الهندو-أوروبية (Indo-European)، وعائلة اللغات الصينية التبتية (Sino-Tibetan)، وعائلة اللغات النيجرية الكنغوية (Niger-Congo)، وعائلة اللغات الأفريقية الآسيوية (Afroasiatic)، وعائلة اللغات الأسترونيزية (Austronesian)، وعائلة لغات ترانس غينيا الجديدة (Trans-New Guinea) [4].
تقسم العائلات اللغوية إلى وحداتٍ أصغر تدعى الأفرع أو المجموعات الفرعية. على سبيل المثال، تنقسم عائلة اللغات الهندو-أوروبية إلى مجموعات فرعية كمجموعة اللغات الجرمانية، ومجموعة اللغات الإيطاليكية، وغيرها. وحتى هذه الأفرع تنقسم بدورها إلى مجموعات أصغر، منها ما هو موجود حتى الآن، ومنها ما انقرض ولم يعد مستخدماً. بالعودة إلى اللغات الهندو-أوروبية، تضم المجموعة الفرعية التي تدعى الإيطاليكية مجموعاتٍ أصغر، من بينها اللغات الرومانسية. واللغات الرومانسية بدورها هي مجموعة من اللغات الفردية كالفرنسية والإسبانية والإيطالية والبرتغالية وغير ذلك الكثير [1]. وسيكون هذا موضوع مقالات أخرى.
هل يزيد عدد اللغات أم ينقص؟
لكن هذا التنوع اللغوي في أنحاء العالم غير ثابت. إذ يؤدي نقص عدد متحدثي اللغة – ومتعلميها – إلى اضمحلالها وانقراضها. حالياً، لا يزيد عدد متحدثي ربع لغات العالم على الألف شخص. ويتوقع بعض اللغوين أنه خلال القرن القادم، ستختفي حوالي نصف اللغات الموجودة. وهذا يعني أن خطر الانقراض يهدد نسبة من اللغات أكبر بكثير من تلك التي يهددها من الأنواع البيولوجية [5].
المصادر
World Languages
Merriam Webster
Introduction to language families
Ethnologue
How many languages are there in the world?
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :