Ad

ملخص رواية “انقطاعات الموت” للكاتب جوزيه ساراماغو

تُعد راوية انقطاعات الموت رواية فلسفية موجعة يطرح فيها الكاتب أسئلة لا حصر لها عن علاقتنا بالزمن فنحن نموت دائمًا في النهاية، فماذا لو توقف الموت عن قتلنا؟ ما معنى الموت أصلًا؟ ولماذا نموت؟ في الرواية يتوقف الموت عن القتل ويصبح فيها منتهى آمال الناس وغايتهم، فهل من الممكن أن نمتن لما نخاف منه؟

تبدأ الأحداث في يوم من أغرب الأيام التي مرت على البشرية قاطبة، ففي ذلك اليوم لم يمت أحد!، أربع وعشرون ساعة دون أن تحدث حالة وفاة واحدة بمرض أو سقطة قاتلة أو حتى حالة انتحار، واستمر الوضع لعدة أيام متتالية وكأن الموت اختفى من البلاد وترك أرواح المتعبين والتعساء معلقة لا تتمنى إلا أن يعود الموت ويخلصها من عذابها.

باختفاء الموت بدأ الهلع والاضطراب يسري في جميع أنحاء البلدة وعَلت العناوين الرنانة والمرعبة صفحات الصحف اليومية، اهتزت الأجهزة المسؤولة في الدولة أمام تلك الظاهرة الفريدة من نوعها، فكيف للدولة أن تحل المشاكل المترتبة على اختفاء الموت؟ كيف تتحمل كل تلك النفقات؟ بدأت المشاكل تنهال على رأس الحكومة وكان بدايتها اعتراض مؤسسات التجارة الجنائزية على الوضع الراهن وتقدمهم بالشكاوى للحكومة، فقد فقدت تلك المؤسسات مادة تجارتها الأولية وأصبحوا أمام كارثة الإفلاس، حاولت الحكومة حل المشكلة عن طريق إلزام مربي الحيوانات الأليفة أن يقوموا بدفن وإحراق جثث حيواناتهم عندما تموت من خلال تلك المؤسسات، لم يكن الحل مرضيًا ولكنه كافيًا في الظروف الراهنة.

أما المستشفيات الخاصة والحكومية فقد بدأت تكتظ بالمرضى بعد أن توقفت العملية الدوارة المعهودة لمرضى يشفون ومرضى يموتون، ازدادت أعداد المرضى أصحاب الأمراض والحوادث الخطيرة التي كان من المفترض أن تودي بحياتهم، بدأت المستشفيات تضع المرضى في الممرات وبدأت تنفذ الأسرة ويسوء الوضع، وبناء على هذه الحالة المزرية أصدرت الحكومة أوامرها أن يتم نقل المرضى من هذا النوع إلى رعاية أسرهم بعد التأكد من انعدام الأمل في تحسنهم.

وبعد مرور عدة أشهر في تلك الأزمة جاء وقت السؤال الأقسى على الإطلاق “ماذا سيحدث للمسنين؟” فقد امتلأت دور المسنين عن آخرها وكادت تفيض، قررت الحكومة حل المشكلة عن طريق تصورات لبناء منشآت كبيرة يوضع فيها العجزة وكأنها مقابر للأحياء تلقى فيها الشيخوخة الوبيلة والمحتومة الرعاية مثلما يشاء الرب، لأنهم لا يدروا لمتى سيستمر هذا الوضع فأيامهم بلا نهاية.

كان وضع المرضى والعجزة المعلقة أرواحهم يفطر القلب فلا سبيل لخلاصهم سوى الموت، فكر أحد الأجداد الذي سأم من وضعه المحزن وأمر أهله أن ينقلوه خارج حدود البلاد حيث لا زال الموت موجودًا لتنال روحه الراحة، انصاعت الأسرة لأمر الجد وقاموا بنقله في الخفاء إلى خارج حدود البلدة وفاضت روحه إلى السماء ثم دفنوه أسفل شجرة وعادوا إلى بيتهم يلتهم الحزن قلبهم، وبرغم تكتمهم الشديد حول تلك العملية إلا أن جارهم قد علم بالأمر وسرعان ما انتشر الخبر في أرجاء البلاد كالنار في الهشيم، ولقت الأسرة أبشع الأوصاف والمسبات ونددت بهم كل الصحف ووصفوا تلك الحادثة بأنها انحطاط للقيم الأسرية.

بعد ثمان وأربعين ساعة من هذه الحادثة جرت ممارسات مماثلة على كل المناطق الحدودية للبلاد، فتزاحمت العربات والبغال وسيارات الإسعاف المزيفة تحمل الأجساد الهامدة لخارج حدود البلاد، مما أثار امتعاض البلدان المجاورة وأعلنوا المعارضة لانتهاك أراضيهم بهذا الشكل، واستجابت الحكومة لأوامر تلك البلدان بالرغم من أنها لم تكن تنظر بعين السوء لما يحدث، فذلك يخفف العبء عن عاتقها قليلًا.

انتشرت القوات على الحدود لتمنع مرور الجثث للبلدان المجاورة فلم تكن البلاد في حالة تسمح لها بدخول حرب مع أيا من تلك البلدان، وبعد مرور أيام من وجود القوات تلقت الحكومة تهديدًا من مؤسسة إجرامية تريد أن تنقل الراغبين في الموت لينالوا حقهم الطبيعي وهذا بالتأكيد يتم بمقابل مادي مغري جدًا، استجابت الحكومة لمطالب تلك المؤسسة بشرط عندما يحصد الموت الأرواح تعود الجثث وتدفن في البلاد وأن يظل الجنود في أماكنهم حتى لا يُثار غضب البلدان المجاورة، وكانت الحكومة متعاونة مع المؤسسة الإجرامية لدرجة أنها أرسلت بموظفين للعمل بدوام كامل لمصلحة تلك المؤسسة.

وفي تلك الفترة المشؤومة توالت عمليات الاستغلال والنهب، لم يكن كل شيء على هذا القدر من القذارة في تلك البلدة عندما كان هناك موت، أصبحت البلاد مقسمة بين الأمل في الحياة الدائمة والخوف من عدم الموت ففسدت الأرواح وتلطخ القليل المتبقي من مبادئ الزمن الغابر الحميدة.

وفي الجزء الأخير من الرواية يرمز الكاتب للموت بأنه كائن حي يستطيع أن يتواصل مع البشر ويراهم ويصدر أوامره لهم، ففي يوم كان هو نهاية تلك الأيام الغريبة التي مرت بها البلاد لسبعة أشهر وجد المدير العام للتلفزيون ذلك المغلف بنفسجي اللون على مكتبه، وعندما فتحه كاد قلبه يتوقف من الصدمة وأسرع بالتواصل مع الوزير الأول للبلاد وأطلعه على محتوى المغلف والذي هو رسالة من الموت تؤكد رجوعه من جديد.

أمر الوزير بإذاعة الخبر وأعلن حالة الطوارئ، ومع بداية اليوم الجديد كانت أكثر من مجزرة فخلال السبعة أشهر تراكم أكثر من ستين ألف محتضر فارقوا الحياة جميعًا في آن واحد تولى أمرهم مؤسسات التجارة الجنائزية التي كانت أسعد من استقبل خبر رجوع الموت، أما من رحبوا بالخلود في السابق فقد كانت صدمة عنيفة بالنسبة لهم لاع قلبهم بسببها، أما الصحف فكانت جميعها تحمل رسالة الموت مطبوعة وموقعة باسمه يعلن عن عودته ورجوع ميزان الحياة كما كان.

رجع الموت ولكن باستراتيجية عمل مختلفة فكان يبعث ذلك المغلف بنفسجي اللون إلى كل من انتهى دوره في هذه الحياة، بمجرد وصول المغلف إليه يكون أمامه أسبوعًا كاملًا حتى تقبض روحه، كانت هذه الاستراتيجية وبالا على الناس فأصبح الجميع في حالة من الخوف والقلق وأصبح اللون البنفسجي لونًا شيطانيًا بالنسبة لهم، وظنوا أن الموت ينتقم منهم بهذه الطريقة المخيفة لإنهاء حياتهم.

وفي إحدى المرات واجهت المنية صعوبة في إرسال المغلف لأحد البشر فكلما أرسلته عاد إليها مرة أخرى، فقررت أن تتحقق بنفسها أمر هذا البشري العنيد وعندما ذهبت إليه وجدته عازف بسيط، بل هو بسيط في كل شيء، شكله وملابسه وحتى بيته، وقعت المنية أسيرة عزفه وموسيقاه وفي كل مرة تجد نفسها عاجزة عن ممارسة سطوتها وقوتها أمامه، وكأن حدود الموت تنتهي أمام الفن.

للمزيد من ملخصات الكتب

ملخص رواية العمى لجوزيه ساراماغو

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فكر ملخصات كتب

User Avatar

Aya Gamal


عدد مقالات الكاتب : 36
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق