- الأنفاس الأخيرة لبني أمية وسقوط الدولة الأموية
- كيف وصل العرب إسبانيا؟
- رحلة طارق بن زياد: بين الحقائق والخرافات
- شارل مارتل المطرقة الذي غير التاريخ العربي والأوروبي للأبد!
- عبد الرحمن الداخل من أميرٍ هارب إلى حاكم الأندلس
- ملوك الطوائف مرحلة ما بعد الخلافة الأموية في الأندلس
- المرابطون في الأندلس ما بين توحيد الأندلس وسقوطها
- من هو يوسف بن تاشفين وكيف استعاد الأندلس في الوقت المناسب؟
- رودريجو المحارب مرتزق أم بطل قومي؟
- الدولة الموحدة من توحيد الأندلس إلى نهاية الحكم الإسلامي
- المورسكيون في الأندلس رحلة المعاناة والبحث عن الاستقرار
- ما هي محاكم التفتيش الإسبانية وكيف حكمت؟
- كيف أثر لسان العرب في الثقافة الإسبانية؟
- كيف تأثر الغرب بعمارة الحضارة الإسلامية؟
نشأت الدولة الموحدة كطائفة دينية مستقلة، وهي طائفة أمازيغية، حكمت شمال أفريقيا والأندلس في القرن 12 الميلادي. دخل الموحدون الأندلس عام 1145 م، كما دخلها أسلافهم من المرابطين ليتصدوا إلى التوسع المسيحي في أراضي الأندلس. استوجب ذلك أن يتصدى الموحدون للمرابطين، لتخذالهم ودفعهم الجزية للمسيحيين لمساعدتهم وحمايتهم، وكأن التاريخ يعيد نفسه.
محتويات المقال :
نشأة الدولة الموحدة
نشأت الدولة الموحدة على يدي ابن تومرت، والذي لقب نفسه بالمهدي. وقد اتخذ لقب المهدي للتأثير على مبايعة الأمراء له. وانتصرت الدولة الموحدة على المرابطين عام 1147م، واستولت على المغرب وشمال أفريقيا، وبدأوا بتولي حكم إسبانيا في 1172م. [1, 2]
كيف اختلفت الدولة الموحدة عن دولة المرابطين؟
كان ابن تومورت معاديًا للمرابطين، يراهم زنادقة انحرفوا عن الدين الصحيح. لذلك أمر نائبه بأن يبعث إليهم إما الطاعة واتباع مذهبهم، وإما القتال. توفي ابن تومرت عام 1130 م، وخلفه مؤمن الكومي التلميذ النجيب لابن تومرت، وهو من انتصر على المرابطين عام 1147 م. [1]
كانت الدولة الموحدة أكثر تعصبًّا من دولة المرابطين، ومن أغرب ما قاموا به هو إنكار توحيد الأسماء والصفات. كان مبررهم أن تلك الأسماء لا تتماشى مع الله، وأنها أسماء بشرية. كان ابن تومرت ضد المذهب المالكي الذي حكمت به دولة المرابطين، وكان يراه مذهبًا متساهلًا، لذلك عمل بمذهب ابن تيمية. لم تكن التعاليم الدينية الصارمة التي أتى بها ابن تومورت تتناسب مع أوضاع المسلمين في الأندلس. ظنّ الموحدون أن طباعهم ستسري على الأندلسيين، ولكن رخاء الأندلس هو ما أثّر على الموحدين، كما أثر على أسلافهم. [1, 2]
تفادى الموحدون خطأ المرابطين في إهمالهم الأندلس، وجعلها تابعة إلى حكم مراكش بعد أن كانت مستقلة في عهد عبد الرحمن الداخل. لذلك جعل الموحدون إشبيلية مركزًا للحكم بقدر مراكش، مما أعاد للأندلس مكانتها. كما طمأن اهتمام الموحدون بالأندلس الأندلسيين أنفسهم وشعروا بأنهم مستقلين لا تابعين.
لكن لم يكن اطمئنانهم ليكتمل، إذ كان الموحدون أكثر تشدّدًا من المرابطين في تعاملهم مع غير المسلمين. فقد أجبر الموحدون الكثيرين على تغيير دينهم في مقابل بقائهم. جراء ذلك، هاجر العديد من المسيحيين واليهود إلى الشمال المسيحي، أو أراضي إسلامية متسامحة. ومنهم من هُجّر قسرًا إلى المغرب. لم يكن غير المسلمين وحدهم من عانوا من تشدد الدولة الموحدة، وكذلك ليسوا وحدهم من هجّروا قسرًا. ولكن هجّر كذلك العديد من المسلمين المخالفين للدولة الموحدة وتشددها. [1, 3]
كيف واجهت الدولة الموحدة الدول المسيحية؟
عندما دُعي المحدون إلى الأندلس، كان ذلك بغرض صد العدوان المسيحي على الأراضي الإسلامية في الأندلس. واجه الموحدون الجيوش المسيحية بقوة لا مثيل لها، وكان أبرز ما دار بينهم هي معركة الأرك عام 1195م. دارت معركة الأرك بين الجيوش الإسلامية التي قسمت إلى فرق من الأندلسيين والعرب والبربر، في مواجهة ألفونسو الثامن ملك قشتالة. حدثت تلك المعركة بالقرب من قلعة الأرك. وكانت معركة الأرك مدوية بحق، وخلّفت خسائر فادحة لدى جيوش ألفونسو.
لم تكن الأمور تسري بشكل جيد ومسالم بين الممالك المسيحية الخمس: قشتالة، وليون، ونافارا، والبرتغال، وأراجون. بل كانت الحروب بينهم لا تنتهي على الأراضي في الأندلس، ووصل الحال إلى مساعدة بعض نبلاء المسيحيين الدولة الموحدة في معركة الأرك. أما عما حدث في أعقاب هزيمة مملكة قشتالة في معركة الأرك، فقد استغل ملوك ليون ونافارا ذلك، وأغاروا على بعض مدن قشتالة. [1, 3]
عقد ألفونسو الثامن هدنة مع الدولة الموحدة بعد ما حدث في معركة الأرك. حيث استغل ألفونسو الثامن تلك الهدنة لصالحه. قام ألفونسو الثامن بتقوية جيشه، وعقد الصلح والتحالف مع جيرانه من الممالك المسيحية، وكذلك طلب العون من جارتهم فرنسا. فقد تأكد ألفونسو أن مواجهة الموحدين لن تتم إلا إذا اتحد مع جيرانه. كذلك برز في تلك الفترة الطوائف المسيحية التي تدعو لحماية الدين المسيحي، وكان أشهر تلك الطوائف هم فرسان الهيكل.
ظهرت تلك الطوائف بسبب انتصار المسلمين في القدس، مما شجع عودة الحملات الصليبية للرد على المسلمين والحد من انتشارهم. وقام البابا سلستين الثالث بإطلاق دعوة لعودة الحملات الصليبية في عام 1197 م، وخلفه إنوسنت الثالث بتكرار الدعوة عام 1206 م. كانت تلك الدعاوي مصحوبة بتهديدات بالحرمان الكنسي في حالة الامتناع عن تلبيتها، لذلك اختلطت الصراعات السياسية بالفتن الدينية. [3]
معركة العقاب
حدثت معركة العقاب في عام 1212م، عندما استجابت فرنسا، وإيطاليا، وأراغون، ونافارا للنداء الباباوي بشكل رسمي في تلك الحملة. أما مملكة ليون والبرتغال فلم يشاركا بشكل رسمي، لما كانو عليه من خلاف مع مملكة قشتالة. ولكن شاركت رعايا مملكتي ليون والبرتغال تحت لواء الكنيسة، ضد الدولة الموحدة في إسبانيا. وتعاطف رئيس أساقفة طليطلة مع ألفونسو الثامن، فانتقل فرسان الهيكل إلى طليطلة لتقديم العون والدعم.
دارت معركة العقاب بالقرب من مدينة جيان في جنوب إسبانيا، وكانت هزيمة ساحقة للموحدين، وكذلك للتواجد العربي والإسلامي في إسبانيا. [3, 4]
انطلقت الحملة الصليبية جنوبًا، وبعد أن أحرزت تقدمًا ملحوظًا، تراجعت القوات الفرنسية نظرًا لسوء الأحوال الجوية وارتفاع درجات الحرارة. في تلك الأثناء، حاول محمد الناصر أن يقطع الطريق على القوات المسيحية ويوقف تقدمهم، ولكن غيرت الجيوش المسيحية طريقها.
وصلت الجيوش المسيحية إلى المعسكرات الإسلامية وقاموا بتدميرها، وتابع ألفونسو تقدمه وبدأ بالسيطرة على بعض القلاع والمدن الإسلامية. [3, 4]
ازدادت في تلك الفترة النزاعات بين الأسرة الحاكمة للدولة الموحدة، مما أدى إلى إضعاف الدولة سياسيًّا وعسكريًا. تلا ذلك تقدم القوات المسيحية واستيلائهم على قرطبة، مما رفع الروح المعنوية المسيحية وأعاد للجيوش عزيمتها في التقدم.
توحدت قشتالة وليون مرة أخرى على يد فرناندو الثالث، واستطاع بذلك السيطرة على قرطبة في عام 1236 م. وبحلول عام 1248 م حبطت عزيمة المسلمين بسقوط إشبيلية بعد قرطبة خلال عقد من الزمان. [1, 3]
تحولت إسبانيا في فترة قصيرة، ولم يعد التواجد الإسلامي فيها ملحوظًا. فتحول جامع قرطبة الكبير الذي اشتراه وطوره عبد الرحمن الداخل إلى كاتدرائية يقام فيها القداس. وأعيدت الأجراس التي أزالها المنصور عام 997 م في فترة حكم الدولة الأموية للأندلس.
مرّت الأندلس بمراحل حكم إسلامية عديدة، بداية من الدولة الأموية الأولى على يد طارق بن زياد في بداية القرن الثامن. ووصولًا إلى الدولة الموحدة والتي انتهت في منتصف القرن الثاني عشر. ما تبقى للمسلمين بعد معركة العقاب هي مدينة غرناطة بقيت تحت حكمهم 250 سنة. تعاقب العديد من الحكام المسلمين على حكم غرناطة، ولكن بشكلٍ عام قضت معركة العقاب والتحالف المسيحي على التواجد الإسلامي. [3]
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :