Ad

دور البحث العلمي في حل احتجاجات تشيلي

بعد ثوان قليلة من انفجار قنبلة الغاز المسيل للدموع بجانب مارسيلو جاك، أصبح التنفس عصيّاً وبدأت الجموع بالاختناق، فبدأ جاك – عالم فلك في جامعة لا سيرينا في تشيلي، بالركض مع زميله سعياً للأمان بعد أن سادت حالة الاختناق والإقياء أو الإغماء بين صفوف المحتجين. الاحتجاج الذي كان مخططاً أن يكون سلمياُ سرعان ما تم تفرقته بالقنابل المسيلة للدموع ورشاشات المياه من قبل الشرطة.

القشة التي قصمت ظهر البعير

في الثامن عشر من اكتوبر، اندلعت الاحتجاجات في مفترق مدن تشيلي تعبيراً عن الاحتجاج عن ارتفاع سعر تذكرة المترو في سانتياغو العاصمة بمقدار 30 بيزو، ما يعادل 0.04 دولاراً. ورغم سحب رئيس الجمهورية لهذا القرار بعد ثورة الشعب إلا أنها كانت القشة التي أنهكت الناس بعد عقود من عدم التساوي الاقتصادي-الاجتماعي والفساد الحكومي. كما كشف المحتجون عن فضائح بالرشاوي، وزيادة تكلفة التعليم والعناية الصحية، وعبروا أن الذل الذي يتعرض له المتظاهرون كأمثلة مصغرة عن قلة كرامة الشعب لدى حكومته الديكتاتورية التي استلمت السلطة في التسعينات.

إن سياسات الحكومة ساهمت في توسيع الفجوة بين التشيليين منذ 1990، إذ ما نسبته 1% من أثرياء البلد تكسب 33% من الدخل الوطني بينما يكسب %70 من العاملين شهرياً ما يعادل 500 دولار أو أقل ورواتب تقاعدية لا تتجاوز 150 دولار.
أن مسار الثورة أخذ طابعاً عنيفاً، وذلك لم يوقف المتظاهرين إلا أنه عزز الخوف بينهم. ومع إغلاق الجامعات ومشاركة الطلاب في الاحتجاج، نشر عالم فيزياء فلكية من جامعة لا سيرينا، فاكوندو غوميز، ورقة الكترونية احتجاجية مع زملائه بسبب احتجاز ثلاثة طلاب من جامعتهم وتعذيبهم وإهانتهم بالإضافة لتهديدهم بالرمي في النهر.

قوية علمياً، ضعيفة سياسياً

انضم الباحثون والعلماء أيضاً لثورة الشعب، ومن ناحية ثانية، أدركوا أن المجتمع العلمي في تشيلي لديه ميزة تغيير مجريات الأمور، ويتحمل بعض المسؤولية للمساعدة في حل الموقف الاجتماعي والسياسي الحالي. كان هذا حافزاً لبعض الباحثين بتنظيم لقاءات مع ممثلي الحكومة لحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية في تشيلي. خصوصاُ وأن الشارع يطالب بتغييرات عميقة وشاملة تصل إلى تغيير الدستور الذي أقرته الحكومة منذ تأسيسها.

يقترح الباحثون أن إعادة هيكلة تمويل الأبحاث العلمية قد يساعد في حل المشكلة، تناولت أحد الافكار تقييم العلماء للحصول على التمويل الحكومي، إذ تكون الأولوية للأبحاث التي يمكن أن تحسن المستوى المعيشي على المستوى المحلي والوطني، وهذا سيحفز الباحثين لتوجيه العمل على قضايا تهم السكان، كحل مشكلة أزمة المياه الحالية ودراسة فقر التجمعات السكانية المحيطة بالمدن الكبيرة من أجل مساعدتها.

تفتقر تشيلي للتكامل بالتخطيط على المستويين العلمي والسياسي، رجوعاً لعام 2015، مع موجة احتجاجات بين الباحثين إثر استقالة مسؤول التمويل لأكبر مؤسسة علمية في البلاد، وهي اللجنة الوطنية للبحث العلمي والتقني. صرح المسؤول المستقيل فرانسيسكو بريفا أن خططه لإنعاش الاستثمار المحلي في العلم باءت بالإحباط، بسبب البيروقراطية الخانقة على حد تعبيره. تعتبر تشيلي مصدراً لمخازن متنوعة للثروات الطبيعية واقتصادها قوي وثابت إلا أنها لا تعطي شأناً للموارد النافذة، وعلمياً، تركز على الفوائد القصيرة الأمد بدلاً من تطوير مناهج علمية تحسن إمكانيات البلاد بمجرد نفاذ النحاس والذهب ومنتجات الأسماك. تستثمر تشيلي أقل من 0.4% من ناتجها المحلي الإجمالي في العلوم، مقارنة مع 2.8% للولايات المتحدة و1.7% في البرازيل، عموماً، إن دولة البرازيل هي الوحيدة بين دول امريكا اللاتينية التي تستثمر أكثر من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي في البحث العلمي.

إلى الآن، تحدث أكثر من خمسين عالماً إلى أعضاء مجلس الشيوخ حول مناقشة المشاكل الاقتصادية الاجتماعية، والبعض الآخر يتساءل عن الميزانية الكافية للأبحاث، وهل هذا سيدفع فقط بعض المراكز العلمية للعمل بالدعم المحلي والدولي وماذا سيحلّ بالمراكز الأخرى.

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


تعليم علم اقتصاد احصائيات

User Avatar

Khuzama Wardeh


عدد مقالات الكاتب : 3
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق